Skip to main content

تأملات يومية

عبر مخاضة يبّوق

عبر مخاضة يبّوق"ثم قام في تلك الليلة وأخذ امرأتيه وجاريتيه وأولاده الأحد عشر وعبر مخاضة يبّوق" (تكوين 22:32). هناك عبر الوادي الكبير كان يعقوب ماشيا يتأمل في حياته منذ أن تصارع مع أخيه على البكورية وإلى ذهابه لبيت خاله وحيث لمس إختبارات الله اليومية معه، رغم أنه لم يكن أمينا وطائعا ومنسحقا، فبدأت الأفكار تجول حول كيفية تصحيح العلاقة الحميمة مع الله، وهناك وعبر مخاضة يبوق قدّم لنا أروع مثال بالعودة الحقيقية لأنه:

1- بقي منفردا: "أخذهم وأجازهم الوادي وأجاز ما كان له. فبقي يعقوب وحده" (تكوين 23:32). ألزم يعقوب نفسه بالبقاء وحيدا، فقد عبر بعائلته وكل مقتناه إلى الجهة الأخرى ثم بقي منفردا ليتأمل، وليراجع كل الأيام والسنين التي مرّت عليه، فأخذت أفكاره تدقق في سيرة حياته وجعل قلبه ينظر إلى فوق فأراد أن يتقابل جدّيا مع الله.

2- صارع مثابرا: "وصارعه إنسان حتى طلوع الفجر" (تكوين 24:32). وكما أن يعقوب كان يلهج للقاء الخالق، فبادر الله وصارعه، فعلم يعقوب أن نهر البركات نابع مباشرة من الذي يتصارع معه في ذلك الوادي، فقال له لن أتركك إن لم تباركن ، وهكذا حصل وأشبع الله اشتياق يعقوب بعد صراع كبير وجهاد حاد، فكان يعقوب بالفعل مثابرا في بحثه الروحي.

3- قابل الله مندهشا: "فدعا اسم المكان فنيئيل. قائلا لأني نظرت الله وجها لوجه ونجيت نفسي" (تكوين 30:32). إندهش يعقوب لأنه كان دائما ينظر إلى العلاء بين النجوم ليتكلم مع الله ليأخذ منه القوّة ليحيا بثبات وأمانة وليتقدم، ولكنه في هذا الوادي وفي ظل أشواكه تقابل مع الله وجها لوجه وهذا الأمر لم يحصل في العهد القديم إلا لأعداد قليلة من رجالات الله وكان بالفعل ليعقوب نصيبا في هذا الموضوع، فمن شدّة دهشته وإشتياقه سمى المكان فنيئيل.

صديقي العزيز، إذا كنت تشعر بالإشتياق إلى الله وإذا كنت تريد أن ترمم علاقتك المكسورة مع الخالق. الأمر ربما لا يحتاج إلى مخاضة يبّوق أو إلى جبال شاهقة، بل الأمر يحتاج أن تقف حيث أنت وتنسحق بتواضع وتطلب ترميم العلاقة، فالمسيح دائما حاضر لتصحيح هذا التصدّع لتكون دائما تحت ظلّ جناحيه القديرة. "اختبرني يا الله واعرف قلبي امتحني واعرف أفكاري. وانظر إن كان فيّ طريق باطل واهدني طريقا أبديّا" (مزمور 23:139و24).

  • عدد الزيارات: 7235