Skip to main content

الدرس الثامن

"21وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بِدُونِ النَّامُوسِ مَشْهُوداً لَهُ مِنَ النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءِ 22بِرُّ اللهِ بِالإيمان بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ إِلَى كُلِّ وَعَلَى كُلِّ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ. لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ. 23إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ 24مُتَبَرِّرِينَ مَجَّاناً بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ 25الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإيمان بِدَمِهِ لإِظْهَارِ بِرِّهِ مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ. 26لإِظْهَارِ بِرِّهِ فِي الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لِيَكُونَ بَارّاً وَيُبَرِّرَ مَنْ هُوَ مِنَ الإيمان بِيَسُوعَ. 27فَأَيْنَ الافْتِخَارُ؟ قَدِ انْتَفَى! بِأَيِّ نَامُوسٍ؟ أَبِنَامُوسِ الأَعْمَالِ؟ كَلاَّ! بَلْ بِنَامُوسِ الإيمان. 28إِذاً نَحْسِبُ أَنَّ الإنسان يَتَبَرَّرُ بِالإيمان بِدُونِ أَعْمَالِ النَّامُوسِ. 29أَمِ اللهُ لِلْيَهُودِ فَقَطْ؟ أَلَيْسَ لِلأُمَمِ أَيْضاً؟ بَلَى لِلأُمَمِ أَيْضاً؟ 30لأَنَّ اللهَ وَاحِدٌ هُوَ الَّذِي سَيُبَرِّرُ الْخِتَانَ بِالإيمان وَالْغُرْلَةَ بِالإيمان. 31أَفَنُبْطِلُ النَّامُوسَ بِالإيمان؟ حَاشَا! بَلْ نُثَبِّتُ النَّامُوسَ" (رومية 3: 21-31).

"لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ لاَ يَتَبَرَّرُ أَمَامَهُ. لأَنَّ بِالنَّامُوسِ مَعْرِفَةَ الْخَطِيَّةِ ". بهذه الكلمات انتهى الرسول بولس من الكلام عن فشل الإنسان في إرضاء الله بواسطة الأعمال وإن كانت الأعمال هذه مذكورة في الشريعة الإلهية ومطلوبة من الذين يعيشون تحت الشريعة. لم يكن الرسول يقلل بذلك من أهمية الشريعة الإلهية التي أعطيت لموسى النبي والتي ندعوها في اللغة الكتابية بالناموس. كان الرسول يشير إلى الحقيقة الصارخة بأن الإنسان لا يستطيع أن يقوم بجميع متطلبات الشريعة لأنه خاطيء للغاية بغض النظر عن كونه يهودياً أي من أهل الكتاب في أيامه أو يونانيا أي من عأبدي الأصنام. وليس ذلك فقط بل صارت الشريعة الإلهية تُظهر للإنسان خطيتَه لأنها وإذ تعلن له الإرادة الإلهية تُظهر له في نفس الوقت الفشل الذريع الذي يصحبه في حياته الدينية والأخلاقية التي لم تعد مطابقة لنواميس الشريعة.

هل أُغلِقَت جميع الأبواب في وجه الإنسان إذن؟ هل هناك أي منفذ للخلاص؟ هل عمل الله تدبيراً للخلاص يأخذ بعين الاعتبار حالة الإنسان الحاضرة، تلك الحالة التي يظهر فيها الإنسان عاجزاً عن القيام بمتطلبات الشريعة الإلهية. هذا هو جواب الرسول: "وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بِدُونِ النَّامُوسِ مَشْهُوداً لَهُ مِنَ النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءِ بِرُّ اللهِ بِالإيمان بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ إِلَى كُلِّ وَعَلَى كُلِّ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ ". طريق الإنقاذ بواسطة الأعمال مغلق ولكن الله فتح طريقاً آخر ألا وهو طريق الإيمان بعمل يسوع الفدائي الذي تم في ملء الزمن على صليب الجلجثة. هذه خلاصة الإنجيل وصلب الديانة المسيحية الكتابية: التبرير بالإيمان بيسوع المسيح. وسوف يبحث الرسول في هذه العقيدة الأساسية في بقية أعداد هذا الفصل وفي الفصول الباقية من رسالته مبتدئاً بالأمور العقائدية ثم مظهراً تطبيقها في حياة الذين يقبلون التبرير بالإيمان بيسوع المسيح.

1. إن بر الله الذي يهبه مجاناً للمؤمن هو بدون الناموس أي أنه بر غير متعلق بأعمال الشريعة التي يقوم بها الإنسان. ولكن هذا لا يعني أن هذه الطريقة هي جديدة بمعنى أنها لم تكن معروفة في أيام العهد القديم أي أيام ما قبل الميلاد. كلا إن بر الله هو مشهود له من الناموس والأنبياء وهذه عبارة كتابية تشير إلى الأسفار المقدسة التي تكون العهد القديم أو ما يسمى أحياناً بالتوراة. وفي أماكن أخرى من العهد الجديد نرى أن هذه العبارة هي: الناموس ( أو موسى) والأنبياء والمزامير. كان الله قد أشار إلى هذه الطريقة الوحيدة للتبرير في وحيه الفدائي الذي أعطاه لشعبه في أيام ما قبل المسيح. طبعاً لم تكن قد أظهرت بشكل واضح إلا متى تحقق الأساس الذي يبنى عليه التبرير ألا وهو مجيء يسوع المسيح إلى العالم وآلامه وموته وقيامته من الأموات.

2. هذا البر الذي يجعل الإنسان باراً أمام المحكمة السماوية يحصل عليه بالإيمان. ليس على الإنسان سوى قبول طريقة الله الفعالة للتبرير لكي يصبح خالصاً وهذه الهبة المجانية التي يمنحها الله هي للجميع بغض النظر عن أصلهم وفصلهم لأنه ليس عند الله محاباة ولأن الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله.

3. ليس إيمان الإنسان الأساس الذي يبنى عليه تبريره بل الأساس هو عمل يسوع الفدائي الذي قام به على الصليب. الإيمان ليس الا اليد الفارغة التي تستلم من الله الخلاص العظيم الذي أعده لبني البشر. "مُتَبَرِّرِينَ مَجَّاناً بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإيمان بِدَمِهِ "

4. قام الله بهذا التدبير العجيب لخلاص الإنسان من الخطية ومن عواقبها الوخيمة لإظهار بره أو قداسته وكذلك من أجل إنقاذ الإنسان من الموت الأبدي الذي ينتظره إن ظل ثائراً على الله ومستعبداً للشر.

5. ينقذ الله الإنسان من الموت ويعطيه جميع النعم التي يحتاجها من اجل الخلاص فلم يعد إذن أي مجال للافتخار. الله هو المخلص والإنسان يقبل الخلاص بالإيمان. طبعاً لو كان الخلاص بالأعمال لكان في مقدور الإنسان أن يفتخر لأنه يكون إذ ذاك سبب خلاصه.

6. خلاصة الأمر هي أن الإنسان يتبرر بالإيمان بدون أعمال الناموس. هذا مبدأ اساسي للديانة المبنية على تعاليم الكتاب. لا يتبرر الإنسان بواسطة أعمال الشريعة لأنه لا يقدر أن يقوم بجميع متطلباتها. يتبرر الإنسان بالإيمان بيسوع المسيح لأن الله أظهر هذه الطريقة الفريدة للتبرير.

7. ما هو مكان الناموس أو الشريعة في حياة المبرر؟ هل يعيش المؤمن بدون ناموس؟ كلا، المؤمن لا يستطيع أن يتجاهل الشريعة الإلهية لأنها تصدر عن إرادة الله، لكنه لا يتكل على الشريعة للخلاص بل ينظر إليها كدليل للحياة التي يجب أن يحياها أمام الله أو كدستور لحياته، ذلك الدستور الذي يلخص بمحبة الله ومحبة القريب. لا يلغي الإيمان بالشريعة بل يثبتها واضعاً إياها في المكان اللائق بها ضمن برنامج الله لخلاص البشرية.

  • عدد الزيارات: 8719