الفَصلُ السَّادِس وصفَةٌ لِلخَطِيَّة
أكبَرُ مُشكِلَةٍ لديَّ ولدَيكَ، وسواءٌ أكُنتَ نعرِفُ ذلكَ أم لا، هي الخَطيَّة. المُشكِلة الكُبرى التي يُعاني منها الناسُ في هذا العالم هي الخَطيَّة. الفَرقُ بينَ المُؤمنين وغير المُؤمِنين هُوَ أنَّ المُؤمِنين منَّا يعرِفُونَ أنَّ مُشكِلَتَنا الكُبرى هي الخَطيَّة، وأهلُ هذا العالم، الذين لم يُؤمِنُوا ولم يُولَدُوا ثانِيَةً، لا يَعرِفُونَ أنَّ الخَطِيَّةَ هي مُشكِلتُهُم الكُبرى.
إنَّ الكَلماتِ المُختَلِفَة التي يستخدِمُها الكتابُ المُقدَّسُ للخَطيَّة، تُعرِّفُ لنا الخَطيَّة. هذه الكلمات هي مفاهِيم مثل كسر قاعِدة ما، عدم فهم إشارَة مُعيَّنة، عدم الوُصُول إلى الهدف، الإنحراف نحوَ طريقنا الخاص، والتصرُّف بمَعزَلٍ عنِ الله. القَضِيَّةُ هي ما إذا كُنَّا سنعمَلُ مشيئَةَ الله، أم سنسلُكُ بِعِنادٍ في طريقِنا الخاص؟
إحدَى أعمَقِ الوصفات الكِتابِيَّة لإيجادِ حَلٍّ لمُشكِلَةِ الخطيَّة، نجدُها في رسالَةِ بُولُس إلى مُؤمني رُوما (رُومية 7: 15- 8: 13). النِّصف الأخير من رُومية 7 يُسَجِّلُ عظةَ بُولُس الشَّهيرة عن الصِّراع الذي عانَاهُ هُوَ شَخصيَّاً معَ مُشكِلَةِ الخَطيَّة. رَكَّزَ بُولُس على مُشكِلَةِ الخَطيَّة في قَلبِهِ وعقلِهِ. في هذا المقطَع، فتحَ بُولُس بابَ قلبِهِ، وعقلِهِ، وبشفافِيةٍ مُدهِشَةٍ، جعلَنا نرى الصِّراع الذي عانى منهُ معَ الخَطيَّةِ في قَلبِهِ وعقلِهِ. وبعملِهِ هذا، أعطانا بَصيرَةً لِنفهم قُلُوبَنا وعقُولَنا والصراع الذي نُعانِي منهُ معَ الخطيَّة.
قبلَ أن ننظُرَ إلى عظَةِ بُولُس وإلى حَلِّ الله، علينا أن نقُومَ بالمُلاحَظَةِ التَّالِية: إنَّ بُولُس لا يتعامَلُ هُنا بشكلٍ أساسيٍّ معَ الخطيَّة في حياةِ غير المُؤمن. بل سبقَ وعالَجَ هذه المُشكِلة وحلَّها في الإصحاحاتِ الأربَعة الأُولى من رسالتِهِ إلى أهلِ رُومية. في الإصحاحاتِ 5 إلى 8 من رسالةِ رُومية، يُركِّزُ بُولُس على قَضيَّةِ الخَطيَّة في حياةِ المُؤمن. قد يُضيفُ المُلاحَظَةَ التَّالِيَة: إنَّهُ يعالِجُ مُشكِلَةَ الخَطيَّة في حياةِ المُؤمن الذي يرغَبُ بالقَداسَة.
تُخبِرُنا كلمةُ اللهِ أنَّهُ علينا أن نَكُونَ قِدِّيسين لأنَّ اللهَ قدُّوس. وحدَهُ المُؤمنُ الذي يرغَبُ بأن يكُونَ قدِّيساً، هُوَ الذي يُقدِّرُ خُطُورَةَ سُلطَةِ وقُوَّةِ الخَطيَّة. فإن كُنتَ لا تُحاوِلُ أن تَعيشَ حياةً مُقدَّسَةً، لن تُفكِّرَ كَثيراً بالخَطيَّة؛ لأنَّها ليسَت مُشكلة بالنسبَةِ لكَ. ولكنَّكَ سوفَ تُقدِّرُ خُطَورَةَ الخطيَّةِ أكثر جداً، عندما تسعَى مثل بُولُس الرَّسول، نحوَ حياةِ القَداسة. رُغمَ أنَّ تَعليم بُولس حولَ هذا المَوضُوع مُطَوَّلٌ جداً، ولكنَّني أُريدُ أن أقتَبِسَ العظَةَ بكامِلها ووصفَةَ الخطيَّة التي تَليها. أنا أُؤمِنُ أنَّهُ لم يكُنْ هُناكَ وقتٌ في جسدِ المَسيح، إحتجنا فيهِ أن نفهَمَ هذه القضايا بمقدارِ ما نحتاجُ لفَهمِها اليوم. لدينا الكثير من الناس اليوم، الذي يعتَرِفُونَ بِكَونِهم أتباع ليسُوع المسيح، ولكنَّهُم لا يَعرِفُونَ شَيئاً عن هذه الوصفة العميقة التي شارَكها معنا بُولُس في رُومية 7: 14- 8: 13.
سِمفُونِيَّةٌ من عَدَمِ المُلاءَمَة
"لأنِّي لستُ أعِرفُ ما أنا أفعَلُهُ إذْ لستُ أفعَلُ ما أُريدُهُ بَلْ ما أُبغِضُهُ فإيَّاهُ أفعَلُ. فإن كُنتُ أفعَلُ ما لَستُ أُريدُهُ فإنِّي أُصادِقُ النَّامُوسَ أنَّهُ حَسَنٌ. فالآن لَستُ بعدُ أفعَلُ ذلكَ أنا بَلِ الخَطِيَّة السَّاكِنَة فيَّ. فإنِّي أعلَمُ أنَّهُ ليسَ ساكِنٌ فيَّ أي في جَسَدي شَيءٌ صالِحٌ. لأنَّ الإرادَةَ حاضِرَةٌ عندي وأمَّا أن أفعَلَ الحُسنى فَلَستُ أجِدُ. لأنِّي لستُ أفعَلُ الصَّالِحَ الذي أُريدُهُ بل الشَّرَّ الذي لستُ أُريدُهُ فإيَّاهُ أفعَلُ. فإن كُنتُ ما لَستُ أُريدُهُ إيَّاهُ أفعَلُ فلستُ بعدُ أفعَلُهُ أنا بَلِ الخَطيَّة الساكِنَة فِيَّ. إذاً أجِدُ النَّامُوسَ لي حينَما أُريدُ أن أفعَلَ الحُسنَّى أنَّ الشَّرَّ حاضِرٌ عندي. فإنِّي أُسَرُّ بنامُوسِ اللهِ بِحَسَبِ الإنسانِ الباطِنِ. وَلَكِنِّي أرى نامُوساً آخَرَ في أعضائِي يُحارِبُ نامُوسَ ذِهنِي ويَسبِيني إلى نامُوسِ الخَطيَّةِ الكائِن في أعضائِي. وَيحِي أنا الإنسانُ الشَّقِيُّ. من يُنقِذُني من جَسَدِ هذا الموت. أشكُرُ اللهَ بِيَسُوعَ المسيح رَبِّنا. إذاً أنا نَفسي بِذِهنِي أخدُمُ نامُوسَ الله ولكن بالجَسد نامُوسَ الخَطيَّة."
سمفُونِيَّةُ المُلاءَمَة
"إذاً لا شَيءَ من الدَّينُونَةِ الآن على الذينَ هُم في المسيحِ يسُوع، السَّالِكِينَ ليسَ حسبَ الجَسَد بَل حسبَ الرُّوح. لأنَّ نامُوسَ رُوحِ الحَياة في المسيحِ يسُوع قد أعتَقَني من نامُوسِ الخَطيَّةِ والمَوت. لأنَّهُ ما كانَ النَّامُوسُ عاجِزاً عنهُ في ما كانَ ضَعيفاً في الجسد فاللهُ إذ أرسَلَ إبنَهُ في شِبهِ جسدِ الخَطيَّةِ ولأجلِ الخَطيَّة، دانَ الخَطيَّةَ في الجَسَد. لِكَي يتِمَّ حُكمُ النَّامُوس فينا نحنُ السَّالِكينَ ليسَ حسبَ الجسد بل حَسَبَ الرُّوح. فإنَّ الذين هُم حسبَ الجَسد فبِما للجَسَدِ يهتَمُّونَ ولكنَّ الذين حسبَ الرُّوح فبِما للرُّوحِ. لأنَّ إهتِمامَ الجَسَدِ هُوَ مَوتٌ ولكنَّ إهتِمامَ الرُّوحِ هُوَ حياةٌ وسَلامٌ. لأنَّ إهتِمامَ الجسد هُوَ عداوَةٌ لله إذ ليسَ هُوَ خاضِعاً لنامُوسِ الله لأنَّهُ أيضاً لا يَستَطيعُ.
"فالذين هُم في الجَسَدِ لا يستَطيعُونَ أن يُرضُوا الله. وأمَّا أنتُم فلَستُم في الجسدِ بَلْ في الرُّوحِ إن كانَ رُوحُ اللهِ ساكِناً فيكُم. ولكن إن كانَ أحدٌ ليسَ لهُ رُوحُ المسيح فذلكَ ليسَ لهُ. وإن كانَ المسيحُ فيكُم فالجَسَدُ مَيِّتٌ بِسَبَبِ الخَطِيَّة وأمَّا الرُّوحُ فحياةٌ بِسببِ البِرّ. وإن كانَ رُوحُ الذي أقامَ يسُوعَ من الأموات ساكِناً فيكُم، فالذي أقامَ المسيحَ من الأموات سيُحيِي أجسادَكُم المائِتَة أيضاً بِرُوحِهِ الساكِنِ فيكُم. فإذاً أيُّها الإخوة نحنُ مَديُونُونَ ليسَ للجَسَدِ لِنَعِيشَ حسبَ الجَسد. لأنَّهُ إن عشتُم حسبَ الجَسَدِ فستَمُوتُون. ولكن إن كُنتُم بالرُّوحِ تُمِيتُونَ أعمالَ الجَسَدِ فسَتَحيَون."
يُقدِّمُ بُولُس وصفاً رائِعاً أكثَرَ من أيِّ مكانٍ آخر في الكتابِ المُقدَّس، لمُشكِلَةِ الخطيَّةِ والوصفة الإلهيَّة العظيمة لحَلِّ مُشكِلةِ الخَطيَّة في حياةِ المُؤمن. قد تقُولُ أنَّ الكتابَ المُقدَّسَ بكامِلِهِ قد يُسمَّى "وصفَةً ضِدَّ الخَطِيَّة." فالصَّليبُ هُوَ رَمزٌ لوصفَةِ وحَلِّ اللهِ لمُشكِلَةِ الخطِيَّة في حياةِ غَيرِ المُؤمنِين، وهُوَ يستَمِرُّ بكونِهِ مِفتاحَ إنتِصارِ المُؤمِن على الخطيَّة. هذا ما يتكلَّمُ عنهُ الكتابُ المُقدَّسُ بجُملتِهِ.
الوصفَةُ للخَطِيَّةِ في حياةِ المُؤمنين، الذي يُريدُونَ أن يعيشُوا حياةً مُقدَّسَةً، تُوصَفُ بعدَّةِ طُرُقٍ وفي عدَّةِ أماكِن في الكتابِ المُقدَّس، ولكنَّكَ لن تجِدَها موصُوفَةً بشكلٍ أفضَل ممَّا تمَّ وصفُها بهِ في هذه المقطَع الذي إقتَبَستُهُ أعلاهُ. أحدُ أشهَرِ مُفَسِّري الكتابِ المُقدَّس، الدكتُور وِليم باركلي، الذي كانَ لمُدَّةِ أربَعينَ سنَةً أُستاذاًَ للكتابِ المُقدَّسِ في جامِعَة إدنبره في سكُوتلندا، يُسمِّي تعليمَ بُولُس عن الخطيَّة "سمفُونِيَّة عدَم المُلاءَمَة."
بينما يُشارِكُنا هذا الرَّسُولُ المحبُوب بشفافِيَّةٍ صادِقة عن صراعِهِ معَ الخطيَّة، يُخبِرُنا أنَّ بعضَ الوصفاتِ ضِدَّ الخطيَّة هي غَيرُ مُلائِمة. يُرينا هذا المقطَعُ مثلاً عدمَ مُلاءَمَةِ وصفَةٍ جسديَّةٍ محضَةٍ ضدَّ الخَطيَّة. عندما يستَخدِمُ بُولُسُ عبارَة "في جَسَدِي،" أو "في الجَسَد،" يقُولُ لنا باركلي أنَّهُ يعني، "في طَبيعَتي الجَسَديَّة، بمِعزَلٍ عنِ اللهِ، وبدُونِ مُساعَدَةِ الله."
بعدَ أن بدأتُ سلسِلَةَ الرَّسائِل هذهِ حولَ وصفاتٍ للمشاكِل، دَعَوتُ مُستَمِعيَّ وقُرَّائي ليكتُبُوا لي عن مشاكِل يُرِيدُونَني أن أُعالِجَها. فأرادَني أحدُهُم أن أُعالِجَ مُشكِلَةَ "المَسيحيّ الجَسَدِيّ." كانَ السؤالُ حرفِيَّاً: "لماذا أصبَحَ الكَثيرُونَ من الذين يعتَرِفُون أنَّهُ مسيحيُّونَ مُؤمِنُون، لماذا أصبَحُوا مسيحيِّينَ جَسَدِيِّين؟"
إنَّ عبارَة "مسيحيّ جسَدِيّ" هي تناقَضٌ واضِحٌ في المعنى. فكلمة "جسديّ" تأتي من الكلمة اليُونانِيَّة "جسد." وكلمة "مسيحي" تعني حرفِيَّاً، "شخصاً يُشبِهُ المسيحَ تماماً." فإن كانَ شخصٌ ما شَبيهاً بالمسيح، لن يكُونَ جَسَدِيَّاً، ولن يعيشَ في طبيعتِهِ الجَسَدِيَّة بدُونِ مُساعَدَةِ اللهِ. وليسَ بإمكانِنا بتاتاً أن نُطَبِّقَ مفهُومَ الحياةِ هذا على الحياةِ التي عاشَها يسُوعُ المسيحُ هُنا على الأرض.
الذي نُسمِّيهِ مسيحيَّاً جسدِيَّاً هُوَ شخصٌ يعتَرِفُ بإيمانِهِ المسيحيّ، وهُوَ الذي لم يكتَشِفْ بعد وصفةَ اللهِ لحَلِّ مُشكِلَةِ الخطيَّة في حياةِ المُؤمن، بالطريقَةِ التي يَصِفُها بها بُولُس الرَّسُول. وإن كانَ قدِ إكتَشَفَها، فإنَّهُ لا يفهَمُها، وإن كانَ قد فَهِمَها، فإنَّهُ لا يعرِفُ كيفَ يُطَبِّقُها. لرُبَّما حتَّى لم يكتَشِفْ أنَّ أكبَرَ مُشكِلَة لدَيهِ، كونَهُ مُؤمِناً، هي مُشكلَةُ الخطيَّة.
إنَّ إعتِرافَ بُولُس بصِراعِهِ معَ الخطية بالطريقة التي يُعبِّرُ عنها في هذا المقطَع، يُشكِّلُ مُعضِلَةً بالنسبَةِ للعديدِ من المُفسِّرين الذين يقُولُونَ أنَّهُ من غيرِ المُمكِن أنَّ بُولُس كانَ يتكلَّمَ عن نفسِهِ عندما كتبَ هذا الإعتِراف الصَّادِق عن صراعِهِ معَ الخطيَّة. يَظُنُّونَ أنَّ الرَّسُولَ الناضِجَ بُولُس، لم يكُنْ مُمكِناً أن يكتُبَ هكذا أُمورٍ كتلكَ التي تحدَّثَ عنها في معركَتِهِ معَ الخطيَّة.
هذا المقطَعُ هُوَ واحِدٌ من أكثَرِ المقاطِع التي أُسيءَ فهمُها وتطبيقُها في كتابَاتِ بُولُس. لقد سمِعتُ أشخاصاً يقُولُونَ، بعدَ قِراءَةِ هذا المقطَع، أنَّهُ إن كانَ لدى بُولُس هكذا صُعوبَةً معَ الخطيَّة، فهذا يعني أنَّنا عندما نتجرَّبُ نحنُ معَ الخَطيَّة، علينا أن نستَسلِمَ مُباشَرَةً ونتجنَّبَ الصِّراع. آخرُونَ من الذين قرَأُوا هذا المقطع، يقُولُونَ أنَّهُ بِناءً على هذا التصريح الذي قدَّمَهُ بُولُس، من المُستَحيل الإرتِقاء فوقَ الخَطيَّة. بإمكانِي أن أرَى كيفَ توصَّلُوا إلى هذا الإستِنتاج، إذا توقَّفُوا عندَ نهايَةِ الإصحاحِ السَّابِع. فالإصحاحُ السَّابِع يُقدِّمُ الأخبار السَّيِّئة. أمَّا الأخبارُ السّارَّة فتَبدَأُ في الإصحاحِ الثَّامِن.
بالنسبَةِ لي، الكلمة العامِلَة هُنا هي كلمة "جسد." يقُولُ بُولُس بِبَساطَةٍ، "بمِعزَلٍ عنِ اللهِ، وبدُونِ مُساعَدَتِهِ، أوصَلَني صِراعِي معَ الخَطيَّة إلى حيثُ إعتَبَرتُ نفسي نِفايَةً." إن لم تكُن قد حقَّقتَ إنجازاتٍ على الصَّعيدِ الرُّوحي، فقد يكُونُ من الأسهَلِ لكَ أن تتَعلَّمَ بعضاً من هذه الأُمُور. أمَّا على الذين يُحَقِّقُونَ الإنجازات الرُّوحِيَّة، فمن الأصعَبِ عليهِم أن يتعلَّمُوا هذا. لقد كانَ بُولُس مُحقَّقَ إنجازاتٍ رُوحِيَّةٍ من الطِّرازِ الأَوَّل، لهذا تطلَّبَهُ الأمرُ وقتاً طَويلاً. ولهذا إجتازَ في هذا النَّوع من الصِّراع.
فليسَ هُناكَ من جرَّبَ أن يَعيشَ حياةَ البِرّ والقَداسَة والخلاص بمِعزَلٍ عن الله، وبدُونِ مُساعَدَةِ اللهِ، أكثَر من شاوُل الطَّرسُوسِي. ولكن، بينَما جَرَّبَ أن يجدَ حَلاً لمُشكِلةِ خطيَّتِهِ بمعزَلٍ عنِ الله، وبدُونِ مُساعَدَةِ الله، وجدَ نفسَهُ في توتُّرٍ رَهيبٍ وإنفِصامٍ مُريعٍ، ممَّا أوصَلَهُ إلى حيثُ قالَ عن نفسِهِ، "وَيحي أنا الإنسانُ الشَّقِي."
لقدِ إستَخدَمَ إستِعارَةً مُقرِفَة. صرخَ قائِلاً، "من يُنقِذُني من جسدِ هذا المَوت؟" ففي جوارِ المنطَقَة التي تربَّى فيها شاوُل الطرسُوسي، مارسَ الفاتِحونَ الرُّومان القُساة أُسلُوباً مُريعاً من حُكمِ الإعدام. فعندما كانَ يُحكَمُ على شَخصٍ ما بالإعدام، كانُوا يُعَرُّونَهُ من ثِيابِهِ. وكانُوا يأتُونَ بجُثَّةِ الضحيَّة التي قتلَها المُجرِمُ المحكُومُ بالإعدام، ويُقيَّدُونَها بسلاسِل إلى جسدِ المُجرِم، ظهراً على ظهَر، راِبطينَ إياهُما بسلاسِل عندَ الكاحِلَين والرُّكبَتَينِ والفَخذَينِ، وباقي أجزاءِ الجسد. وكانُوا يُرسِلُونَ المُجرِمَ على هذا الشكل إلى البَرِّيَّة. فكانَت جُثَّةُ الضَّحيَّةِ المُتآكِلة تُصيبُ جسدَ المُجرِمِ بالأمراض، وتتسبَّبُ بمَوتِهِ بشكلٍ مُريع.
هذا ما يقُولُهُ بُولُس في نهايَةِ هذا المقطَع في الإصحاحِ السابِع. إنَّهُ يُحاوِلُ أن يُخبِرَنا كيفَ جرَّبَ، بمعزَلٍ عنِ اللهِ وبدُونِ مُساعَدَتِهِ، أن يكُونَ قدِّيساً ويربَحَ معركَتَهُ معَ الخَطيَّة. قالَ، "من يُنقِذُني من جسدِ هذا الموت؟" وقصدَ حَرفِيَّاً، "هذه الجُثَّة التي قُيِّدتُ إليها؟"
بِحَسَبِ تعليمِ بُولُس عن الخطيَّة أو سمفُونيَّة عدم المُلاءَمة، التي قادتهُ إلى سمفُونيَّةِ المُلاءَمة، إنَّ حلَّ مُشكِلَةِ الخَطيَّة لن نجِدَهُ داخلَنا؛ بل ينبَغي أن يأتِيَ من خارِجِ نفُوسِنا. إنَّ نظرَةَ بُولُس إلى الخَطيَّةِ في هذا المقطَع، يُظهِرُ لنا عدم مُلاءَمَة الوصفة الجسديَّة المحضَة للتَّغلُّبِ على مُشكِلَةِ الخطيَّة. إنَّ الإنتِصار على مُشكِلَةِ الخَطيَّة يُمكِنُ فقط أن يُوجدَ في وصفَةِ اللهِ القائِلة، "لا دَينُونَة الآن على الذين هُم في المسيحِ يسُوع، السَّالِكِينَ ليسَ حسبَ الجسد، بل حسبَ الرُّوح." (رُومية 8: 1).
فإن كُنتَ تُحاوِلُ، مثلَ بُولُس، أن تُعالِجَ مُشكِلَةَ الخطيَّةِ بقُوَّتِكَ الذَّاتِيَّة، عليكَ أن تقبَلَ وصفَةَ اللهِ اليوم وفي كُلِّ يومٍ آخر.
- عدد الزيارات: 7601