Skip to main content

الفصل الثاني عشر - وقت النهاية - الضيق العظيم

الصفحة 3 من 6: الضيق العظيم

الضيق العظيم

"ويكون زمان ضيق لم يكن منذ كانت أمة إلى ذلك الوقت" ولقد قال بعض لبمفسرين أن هذا الضيق حدث إبان حكم أنتيوخوس أبيفانس، وتفسير كهذا لا يتفق مع كلمات ربنا يسوع، فأنتيوخوس عاش قبل المسيح، ولكن المسيح في حديثه النبوي الجليل على جبل الزيتون أكد أن الضيق العظيم ما زال مستقبلاً فقال: لأنه حينئذ يكون ضيق عظيم لم يكن مثله منذ ابتداء العالم إلى الآن ولن يكون" (متى 24: 21) وهي كلمات تنطبق تماماً على ما يقوله الملاك في سفر دانيال..

وقال آخرون أن الضيق العظيم قد وقع وقت خراب أورشليم، وهو قول مردود لأن خراب أورشليم حدث سنة 70 ميلادية بينما ذكر يوحنا أحداث الضيق العظيم في سفره النبوي الذي كتبه سنة 94 ميلادية.

الضيق العظيم سيكون في المستقبل، وهو خاص باليهود من جهة، ولكنه أيضاً سيأتي على العالم كله من جهة أخرى. الضيق العظيم خاص باليهود كما يقول إرميا النبي "آه لأن ذلك اليوم عظيم وليس مثله. وهو وقت ضيق على يعقوب ولكنه سيخلص منه" (إرميا 30: 7)، وهو سيأتي عل العالم كله من جهة أخرى كما نقرأ في سفر رؤيا يوحنا في كلمات المسيح لملاك كنيسة فيلادلفيا "لأنك حفظت كلمة صبري أنا أيضاً سأحفظك من ساعة التجربة العتيدة أن تأتي على العالم كله لتجرب الساكنين على الأرض" (رؤيا 3: 10).

خلال هذا الضيق العظيم نجد نوعين من الغضب، غضب الله، وغضب إبليس. غضب الله سينصب على الوحش وعلى مملكته وعلى أشرار الأرض، وغضب إبليس سينصب على المؤمنين الموجودين على الأرض سواء كانوا من الأمم أو من اليهود.

غضب الله مذكور في هذه الكلمات "لأنه قد جاء يوم غضبه العظيم ومن يستطيع الوقوف" (رؤيا 6: 17) "إن كان أحد يسجد للوحش ولصورته ويقبل سمته على جبهته أ على يده. فهو أيضاً سيشرب من خمر غضب الله المصبوب صرفاً في كأس غضبه ويعذب بنار وكبريت أمام الملائكة القديسين وأمام الخروف" (رؤيا 14: 9 و 10).

غضب إبليس مذكور في الكلمات "ويل لساكني الأرض والبحر لأن إبليس نزل إليكم وبه غضب عظيم عالماً أن له زماناً قليلاً" (رؤيا 12: 12) "فغضب التنين على المرأة وذهب ليصنع حرباً مع باقي نسلها الذين يحفظون وصايا الله وعندهم شهادة يسوع المسيح" (رؤيا 12: 17).

وبما أن "باقي نسل المرأة" قيل عنهم "الذين يحفظون وصايا الله وعندهم شهادة يسوع المسيح".. فالمرأة إذاً هي الكنيسة، ونسلها المؤمنين الذين سيحضرون الضيقة أن "عندهم شهادة يسوع المسيح"، أما ابنها البكر الذي اختطف إلى الله وإلى عرشه فهو يمثل جماعة المؤمنين الأقوياء الغالبين، وهؤلاء وحدهم هم الذين سيختطفون قبل الضيق العظيم. (رؤيا 12: 1- 5)

ولأن الشيطان سيصب غضبه على لمؤمنين الذي سيوجدون على الأرض أثناء الضيق العظيم، يقول يوحنا "وسمعت صوتاً من السماء قائلاً لي اكتب طوبى للأموات الذين يموتون في الرب منذ الآن. نعم يقول الروح لكي يستريحوا من أتعابهم وأعمالهم تتبعهم" (رؤيا 14: 13).

ويجدر بنا أن نقول هنا أن الله لن يصب غضبه على المؤمنين الذين سيوجدون على الأرض أثناء الضيق العظيم "لأن الله لم يجعلنا للغضب بل لاقتناء الخلاص بربنا يسوع المسيح" (1 تسالونيكي 5: 9).

ولقد صب الله غضبه في القديم على أرض مصر لكنه حفظ شعبه القديم من هذا الغضب كما نقرأ "إلا أرض جاسان حيث كان بنو إسرائيل فلم يكن فيها برد" (خروج 9: 26)، (خروج 8: 20 - 24) وكما نقرأ كذلك "ولكن جميع بني إسرائيل كان لهم نور في مساكنهم" (خروج 10: 23).

سيكون اليهود، والمؤمنون بالمسيح هدف غضب إبليس، وسيتألم المؤمنون ولكن الله سيعطيهم نعمة لتحدي الشيطان، ورفض سمة الوحش ليظهر فيهم نصرته، وينقي ويطهر حياتهم من الزغل ليصيروا آنية صالحة لخدمته ومجده.

وقت الضيق العظيم موصوف بالكلمات "ويكون زمان ضيق لم يكن منذ كانت أمة إلى ذلك الوقت" وبكلمات ربنا "لأنه يكون حينئذ ضيق عظيم لم يكن مثله منذ ابتداء العالم إلى الآن ولن يكون" (متى 24: 21).

وفي إنجيل متى الإصحاح الرابع والعشرون أعلن ربنا ترتيب الحوادث التي ستحدث في الأسبوع السبعين، وهو الأسبوع الأخير المذكور في دانيال 9: 27.

فالأسبوع الأخير من أسابيع نبوة دانيال (إصحاح 9: 24 - 27) سينقسم إلى قسمين. القسم الأول تحدث فيه أحداث مبتدأ الأوجاع التي ذكرها الرب في (متى 24: 4 - 7) وقال عنها "ولكن هذه كلها مبتدأ الأوجاع" (متى 24: 8). القسم الثاني: ومدته ثلاث سنين ونصف (دانيال 7: 25)، اثنان وأربعون شهراً (رؤيا 13: 5)، ألفاً ومئتين وستين يوماً (رؤيا 11: 3).

في إنجيل متى الإصحاح الرابع والعشرين تحدث ربنا كما قلنا عن ترتيب الحوادث.

أولاً: مبتدأ الأوجاع (متى 24: 4 - 14)

ثانياً: الضيق العظيم (متى 24: 15 - 28)

ثالثاً: ما بعد الضيق العظيم (متى 24: 29 - 31)

ويعطي الرب في متى 24: 15 علامة بدء الضيق العظيم فيقول "فمتى نظرتم رجسة الخراب التي قال عنها دانيال النبي قائمة في المكان المقدس. ليفهم القارئ... لأنه يكون حينئذ ضيق عظيم لم يكن مثله منذ ابتداء العالم إلى الآن ولن يكون" (متى 24: 15 و 21).

ما هي رجسة الخراب التي قال عنها دانيال النبي؟

لقد قرأنا في دانيال 11: 31 "وتقوم منه أذرع وتنجس المقدس الحصين وتنزع المحرقة الدائمة" وقلنا أن أنتيوخوس أبيفانس نجس بقواته العسكرية الهيكل إذ بنى مذبحاً فوق مذبح المحرقة وذبح فوقه خنزيراً... وقلنا كذلك أن أنتيوخوس كان رمزاً باهتاً للوحش الطالع من البحر، الحاكم العالمي القادم وهو سيقيم رجسة الخراب في الهيكل الذي سيبنيه اليهود في أورشليم، وإقامة رجسة الخراب هذه ستكون في وقت النهاية كما نقرأ في الكلمات "ومن وقت إزالة المحرقة الدائمة وإقامة رجس المخرب ألف ومئتان وتسعون يوماً" (دانيال 12: 11).

ورجسة الخراب في وقت النهاية ستكون جلوس الوحش الطالع من البحر، الأثيم، إنسان الخطية، الحاكم العالمي القادم، في هيكل الله مظهراً نفسه أنه إله كما يقول بولس الرسول للمؤمنين في تسالونيكي "ثم نسألكم أيها الأخوة من جهة مجيء ربنا يسوع المسيح واجتماعنا إليه. لا تتزعزعوا سريعاً عن ذهنكم ولا ترتاعوا لا بروح ولا بكلمة ولا برسالة كأنها منا أي أ، يوم المسيح قد حضر. لا يخدعنكم أحد على طريقة ما. لأنه لا يأتي إن لم يأت الارتداد أولاً ويستعلن إنسان الخطية ابن الهلاك. المقاوم والمرتفع على كل ما يدعى إلهاً أو معبوداً حتى أنه يجلس في هيكل الله كإله مظهراً نفسه أنه إله" (2 تسالونيكي 2: 1 - 4).

جلوس الأثيم في هيكل الله. وإعلانه إلهاً مكان الله هو رجسة الخراب، وهو بدء علامة الضيق العظيم. ويسمي بولس الرسول هذا "الأثيم" "ابن الهلاك" لأنه سيمضي إلى الهلاك كما نقرأ عنه "الوحش الذي رأيت كان وليس الآن وهو عتيد أن يصعد من الهاوية ويمضي إلى الهلاك" (رؤيا 17: 8).

هذا الضيق العظيم لم يكن منذ كانت أمة، ولن يكون... وأحداثه المفزعة الرهيبة مسجلة بالتفصيل في سفر رؤيا يوحنا.

في هذه الحقبة المظلمة من تاريخ الإنسانية، سيسجل الإنسان أسود صفحات التاريخ بأعماله المشينة. ستكون العبادة السائدة هي عبادة الشيطان مع ما يرتبط بها من جرائم ونجاسات. وسيسجد الناس لأصنام الذهب والفضة والنحاس والحجر والخشب التي لا تستطيع أن تبصر ولا تسمع ولا تمشي، وسيعني هذا مع حرفيته سيادة عبادة المادة وكل ما هو منظور. وسينتشر القتل، والسحر، والزنا، والسرقة، ويكثر شر الإنسان على الأرض كأيام نوح، ويمارس الناس بكثرة الشذوذ الجنسي كأيام لوط. (رؤيا 9: 20 و 21 ومتى 24: 37 و 38 و 39 ولوقا 17: 28 - 30).

أما حكومة "الوحش الطالع من البحر" فستحد من الحريات الشخصية، وتستخدم الكومبيوتر والأجهزة الإلكترونية لتسجيل كل تحركات وتنقلات الأفراد.

في تلك الفترة الرهيبة تتم الكلمات التي قالها ربنا يسوع عن اليهود "وويل للحبالى والمرضعات في تلك الأيام لأنه يكون ضيق عظيم على الأرض وسخط على هذا الشعب. ويقعون بفم السيف ويسبون إلى جميع الأمم. وتكون أورشليم مدوسة من الأمم حتى تكمل أزمنة الأمم" (لوقا 21: 23).

وهذا ما سجله يوحنا في سفر الرؤيا "ثم أعطيت قصبة شبه عصا ووقف الملاك قائلاً لي قم وقس هيكل الله والمذبح والساجدين فيه. وأما الدار التي هي خارج الهيكل فاطرحها خارجاً ولا تقسها لأنها قد أعطيت للأمم وسيدوسون المدينة المقدسة اثنين وأربعين شهراً" (رؤيا 11: 1 و 2).

بعد مدة الاثنين وأربعين شهراً تكمل أزمنة الأمم، وتنتهي دياسة الأمم لأورشليم، يأتي الرب يسوع، الملك العظيم ليملك فيها كما قال لتلاميذه "لا تحلفوا البتة. لا بالسماء لأنها كرسي الله. ولا بالأرض لأنها موطئ قدميه. ولا بأورشليم لأنها مدينة الملك العظيم" (متى 5: 34 و 35) [اقرأ أيضاً لوقا 1: 30 - 33].

نجاة المكتوبين في السفر من الشعب القديم
الصفحة
  • عدد الزيارات: 24389