Skip to main content

بشارة يوحنا: المسيح ابن الرفيق الإلهي

كتب يوحنا بشارته ليعلن لنا ابن الله كصديقنا الإلهي فالإصحاح الأول يدل على انه "ابن الله الوحيد الذي هو في حضن الآب"؛ ويدل الإصحاح الأخير أن "التلميذ الذي كان يسوع يحبه" "اتكأ على صدره". فنرى من بداية هذه البشارة ونهايتها أن المسيح حلقة الاتصال بين قلب الله وقلب الإنسان.

"حملتكم على أجنحة النسور وجئت بكم إلي" (خر 19: 4). تصلح هذه الآية أن تكون موضوع بشارة يوحنا التي تظهر لنا أن يسوع حملنا على أجنحته الإلهية إلى محضر أبيه "أيها الآب أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي حيث أكون أنا لينظروا مجدي الذي أعطيتني لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم" (يو 17: 24).

إن هذه الآية تقود أفكارنا إلى ديباجة هذه البشارة في حق يسوع "في البدء كان الكلمة" فنرجع هنا القهقرى إلى بدء التكوين ونقرن بين إبداع المخلوقات وبين ذلك الإعلان المجيد عن ابن الله "وكان الكلمة الله" "وكل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان" المسيح خالق كل الأشياءن ويقدم لها احتياجاتها، وفوق ذلك أعطى نفسه للجنس البشري صديقاً حميماً قديراً.

وإحدى ميزات بشارة يوحنا أنها تصف لنا مقابلة يسوع – صديق الجنس البشري – لبعض أفراد هذا الجنس وحديثه معهم حديث صديق إلى صديقه. ومن ضمن ذلك مقابلته لتلاميذه الأولين (ص 1)، ولنيقوديموس، والمرأة السامرية، ولآخرين. وفي ختام البشارة ورد أنه أعلن نفسه لتوما، وقال لبطرس "أتحبني". هذه كلها دلائل على صداقة يسوع لنفوسنا. وأبلغ من ذلك ما ورد في هذه البشارة من صلة القرابة بينه وبين كنيسته وتشبيهها بالصلة بين العريس وعروسه (3: 25 – 29) وبالرابطة التي بين الكرمة والأغصان حتى أنها اشتركت في جسده ودمه (15: 1 و 6: 48 – 57) وفي الماء الحي الفائض من قلبه.

وظهرت هذه "الصلة الودية" بينه وبين التلميذ المحبوب، كما ظهرت في منـزل لعازر ببيت عنيا. وظهرت في حديثه النهائي مع تلاميذه وعبر عنا البشير بقوله "إذ كان قد أحب خاصته الذين في العالم أحبهم إلى المنتهى" "ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه. أنتم أحبائي إن فعلتم ما أوصيكم به". وأعلن هذه المحبة في صلاته الوداعية حيث كانت رغائبه منصرفة نحو ضم الذين له في العالم إلى نفسه وصيرورتهم معه واحداً. حقاً إن محبة المسيح شاملة كاملة غير محدودة!

وفي هذه البشارة شرح وافٍ بأن المسيح – دون سواه – يسد احتياجات العالم

"أنا هو" أي المسيح (4: 26). يملأ فراغ احتياجنا إلى مخلص إلهي هو أيضاً إنسان مثلنا.

"أنا هو خبز الحياة" (6: 35) طعام نفوسنا الروحي.

"أنا هو نور العالم" (8: 12) ينير ظلامنا.

"أنا باب الخراف" (10: 7) يأوي غربتنا.

"أنا هو الراعي الصالح" (10: 11) يبذل نفسه عنا.

"أنا هو القيامة والحياة" (11: 25) به ننتصر على الموت.

"أنا السيد والمعلم" (13: 13) ليس لنا سيد ومعلم سواه.

"أنا هو الطريق والحق والحياة" (14: 6) عدتنا للخلاص.

"أنا الكرمة الحقيقية" (15: 1) يجعلنا متحدين معه.

"يسوع الناصري ... أنا هو" (18: 5) يسد حاجتنا إلى مخلص يكون إلهاً وإنساناً معاً.

وهذه العبارة "أنا هو" المكررة مراراً كثيرة في هذه البشارة هي ذات العبارة التي ترجمت إلى كلمة يهوه اسم الجلالة الذي أعلنه الله لموسى حينما ظهر له في عليقة النار, وهي المترجمة في غير موضع "أنا كائن" في قوله "قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن". وقد فهم اليهود من إسناد هذه العبارة إلى نفسه دعوه اللاهوت فقالوا إنه جدف ووجب رجمه كما يظهر من احتجاجهم عليه عند بيلاطس وهو عازم على إطلاقه إذ قالوا له "لنا ناموس وحسب ناموسنا يجب أن يموت لأنه جعل نفسه ابن الله".

كتب يوحنا بشارته حتى يؤمن الناس أن يسوع هو المسيح ابن الله ولكي يكون لهم إذا آمنوا حياة باسمه (20: 31). وعليه نجد كلمة الإيمان وما في معناها مكررة في هذه البشارة نحو مائة مرة، وكلمة شهادة نحو خمسين مرة أوردها البشير ليبرهن بها صحة دعوى يسوع (انظر 5: 31 – 40).

  • عدد الزيارات: 3034