الفصلُ الخامِس عشر كلماتُ الحَياة
نُتابِعُ معاً دِراسَةَ قِيَمِ يسُوع المَسيح. فبَينما نراهُ يُحدِّدُ ما هُوَ مُهِمٌّ بالنسبَةِ لهُ، نُواجِهُ تحدِّي السؤال التالي، "هَل لدَينا قِيَم المسيح في إختِبارِ حياتِنا؟" في هذه الدِّراسَة، أودُّ أن ننظُرَ إلى بعضِ الأعداد حيثُ يُقدِّمُ يسُوعُ تصريحاتٍ مُحَيِّرَة عن قِيَمِ تَعليمِه.
أوَّلاً، تأمَّلُوا بهذا التصريح العَميق ليسُوع عن تعليمِهِ: "الكلامُ الذي أُكَلِّمُكُم بهِ هُوَ رُوحٌ وحَياة. الرُّوحُ هُوَ الذي يُحيِي. أمَّا الجَسَد فلا يُفيدُ شَيئاً." (يُوحنَّا 6: 63) تعني كلمةُ "جسد" في الأسفارِ المقدَّسة: "الطبيعة البَشَريَّة بدونِ مُساعَدَةِ الله،" أو ما نُسمِّيهِ اليوم، "طَبيعَتنا البَشَريَّة." فماذا يقصُدُ بإخبَارِنا أنَّ جسدَنا لا يُفيدُ شيئاً؟ لقد كانَ يقُولُ الشيءَ ذاتَهُ عندما قالَ، "بدُوني لا تَستَطِيعُونَ أن تعمَلُوا شيئاً." (يُوحنَّا 15: 5) فبِدُونِ الرُّوح، تُصبِحُ طبيعتُنا البَشريَّة بدُونِ مُساعَدَةِ الله، وبالتالي لا تُفيدُ بِشَيء. وكلامُهُ هُوَ رُوحٌ، ويمنحُنا الحَياة التي بدُونِها، جسدُنا لا ينفَعُ.
ولقد قدَّمَ يسُوعُ عدَّةَ تصريحاتٍ أُخرى عن تعليمِهِ: "الكلامُ الذي أُكَلِّمُكُم بهِ ليس هُوَ من ذاتِي، بل الآب الحال فيَّ هُوَ يعمَلُ الأعمال [عندما أتَكَلَّمُ]." إنَّهُ يضعُ قيمَةً كُبرى على تعليمِهِ عندما يقُولُ، "الكلامُ الذي أُكلِّمُكُم بهِ هُوَ رُوحٌ وحَياة. الآبَ الحالَّ فيَّ هُوَ يعمَلُ الأعمال [عندَما أتَكَلَّمُ]." (يُوحنَّا 14: 10)
أعتَقِدُ أنَّ يسُوع يقصُدُ القَولَ لنا، "عندما تسمَعُونَ كلامي، وتتجاوبُونَ معهُ بالطريقَةِ الصَّحِيحَة، سيحدُثُ شيءٌ لكُم – شيءٌ رُوحِيّ. وهذا الحَدَثُ الرُّوحِيُّ يُنتِجُ حياةً رُوحيَّةً تنمُو فيكُم." قد يكُونُ هذا ما كانَ بُولُس الرَّسُول يقُولُهُ لنا، عندما علَّمَ أنَّ الإيمان يأتي بالخَبَر، وبالتجاوُب بطريقَةٍ صَحيحَةٍ معَ كلمةِ الله (رُومية 10: 17). هذا التصريح يضَعُ قيمَةً كُبرى على تعليمِ يسُوع.
تأمَّلُوا أيضاً بتصريحٍ آخر وضعَ فيهِ يسُوعُ قيمَةً كُبرى على تعليمِهِ: "إن ثَبَتُّم فِيَّ وثبتَ كَلامي فيكُم تطلُبُونَ ما تُريدُون فيَكُونُ لكُم." (يُوحنَّا 15: 7، و10) رُغمَ أنَّ هذا يبدُو وكأنَّهُ بابٌ مفتُوحٌ لكُلِّ من يشاء، ولكنَّنا إذا تفحَّصنا هذا الوَعد عن كَثَب، سنفهَمُ تصريحَ يسُوع هذا، الذي يضَعُ قيمَةً كُبرى على تعليمِه. إنَّهُ يقُولُ بِصراحَةٍ أنَّ تعليمَهُ سوفَ يُؤسِّسُ إنسجاماً بينَ إرادَتِكُم وأفكاركُم، وبينَ إرادَةِ وأفكارِ الله. عندما يحدُثُ هذا، ستحدُثُ مُعجِزاتٌ عَظيمَة في حياتِكُم.
يُشارِكُنا النبيُّ إشعياء بفلسَفَةِ كِرازَتِهِ. يقُولُ إشعياءُ ما معناهُ، "أنا أكرِزُ بكلمةِ اللهِ لأنَّ أفكارَ اللهِ وطُرُقَهُ ليسَت كأفكارِ الإنسان وطُرُقِهِِ. هُناكَ الكَثيرُ من الفرق بينَ طريقَة تفكير الله وعملِهِ وبينَ طريقَةِ تفكير الإنسان وعملِهِ، مثل الفرق بينَ السماءِ والأرض. لِهذا، أنا أكرِزُ بكلمةِ اللهِ، وسوفَ تُحدِثُ كَلِمَةُ اللهِ إنسجاماً بينَ أفكارِ وأعمالِ الإنسان، وبينَ أفكارِ وأعمالِ الإنسان. وعندما تنسجِمُ أفكارُ الإنسان وإرادَتُهُ وطُرُقُهُ معَ أفكارِ وإرادَةِ وطُرُقِ الله، عندما ستحدُثُ أُمُورٌ عجيبَةٌ رائِعة. لهذا أنا أكرزُ لكُم بكلمةِ الله. هذه هي فلسفتي في الكرازة." (إشعياء 55: 8- 11)
بالواقِع، لقد علَّمَ يسُوعُ هذه الحقيقة بعَينِها. لقد علَّمَ بما معناهُ: "إن كانَت كلماتي على قُلُوبِكُم، عندها سيكُونُ هُناكَ إنسجامٌ بينَ إرادَةِ اللهِ وبينَ إرادَتِكُم. وستُصبِحُ أفكارُ اللهِ أفكارَكُم، وطُرُقُ اللهِ طُرُقَكُم. وعندها، عندما تُصَلُّون، سيكُونُ بإمكانِكُم أن تطلُبُوا ما تشاؤُون، وسيكُونُ لكُم، لأنَّكُم ستطلُبُونَ بحَسَبِ مشيئَةِ الله.
فهل ستعتَرِفُونَ بالقيمةِ التي وضعها يسُوعُ على تعليمِه، بالإقتِراب من كلمتِهِ، جاعِلينَ إيَّاها تحيا فيكُم بالفعل، لكي تُصبِحَ أفكارُكُم أفكارَ الله وإرادَتَكُم مُنسَجِمَةً معَ إرادَةِ الله؟ إذا إعتَرَفتُم بهذه القِيمة لِيَسُوع، ستكتَشِفُونَ الحقيقة أنَّ كلامَهُ هُوَ رُوحٌ وحياة.
- عدد الزيارات: 2845