Skip to main content

هل يسوع في بيتك؟ (تتمة)

1ثُمَّ دَخَلَ كَفْرَنَاحُومَ أَيْضاً بَعْدَ أَيَّامٍ فَسُمِعَ أَنَّهُ فِي بَيْتٍ. 2وَلِلْوَقْتِ اجْتَمَعَ كَثِيرُونَ حَتَّى لَمْ يَعُدْ يَسَعُ وَلاَ مَا حَوْلَ الْبَابِ. فَكَانَ يُخَاطِبُهُمْ بِالْكَلِمَةِ. 3وَجَاءُوا إِلَيْهِ مُقَدِّمِينَ مَفْلُوجاً يَحْمِلُهُ أَرْبَعَةٌ. 4وَإِذْ لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَقْتَرِبُوا إِلَيْهِ مِنْ أَجْلِ الْجَمْعِ كَشَفُوا السَّقْفَ حَيْثُ كَانَ. وَبَعْدَ مَا نَقَبُوهُ دَلَّوُا السَّرِيرَ الَّذِي كَانَ الْمَفْلُوجُ مُضْطَجِعاً عَلَيْهِ. 5فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ إِيمَانَهُمْ قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: «يَا بُنَيَّ مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ». 6وَكَانَ قَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ هُنَاكَ جَالِسِينَ يُفَكِّرُونَ فِي قُلُوبِهِمْ: 7«لِمَاذَا يَتَكَلَّمُ هَذَا هَكَذَا بِتَجَادِيفَ؟ مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَغْفِرَ خَطَايَا إلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ؟» 8فَلِلْوَقْتِ شَعَرَ يَسُوعُ بِرُوحِهِ أَنَّهُمْ يُفَكِّرُونَ هَكَذَا فِي أَنْفُسِهِمْ فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا تُفَكِّرُونَ بِهَذَا فِي قُلُوبِكُمْ؟ 9أَيُّمَا أَيْسَرُ: أَنْ يُقَالَ لِلْمَفْلُوجِ مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ أَمْ أَنْ يُقَالَ: قُمْ وَاحْمِلْ سَرِيرَكَ وَامْشِ؟ 10وَلَكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لاِبْنِ الإِنْسَانِ سُلْطَاناً عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ الْخَطَايَا» - قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: 11«لَكَ أَقُولُ قُمْ وَاحْمِلْ سَرِيرَكَ وَاذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ». 12فَقَامَ لِلْوَقْتِ وَحَمَلَ السَّرِيرَ وَخَرَجَ قُدَّامَ الْكُلِّ حَتَّى بُهِتَ الْجَمِيعُ وَمَجَّدُوا اللَّهَ قَائِلِينَ: «مَا رَأَيْنَا مِثْلَ هَذَا قَطُّ!».

(مرقس 2: 1- 12)

في الفصل السابق قدمت لكم القسم الأول من موضوع "هل يسوع في بيتك" وقد دار الكلام ثلاث نقاط. قلت:إن البيت الذي يحل فيه المسيح يتصف أولاً بالإيمان وثانياً بالأمان وثالثاً بالسلطان. والآن أتابع الكلام في الموضوع نفسه واستهلته بالصفة الرابعة للبيت الذي يوجد فيه يسوع ألا وهي الإذعان, أي الطاعة والخضوع. ففي البيت المسيحي لا عناد ولا عصيان ولا تمرد. فالزوجة تخضع لزوجها والأولاد يخضعون لوالديهم وكل العائلة تخضع لله وتطيعه بفرح. والطاعة داخل البيت تظهر بسهولة خارج البيت – تظهر في خضوعنا للسلطات المدنية, تظهر في خضوعنا لمديرينا وسادتنا في العمل والمدرسة, وتظهر في طاعتنا لمرشدينا وخدام الرب الحقيقيين! فإذا حاولنا أن نعكس الأمور – أي إذا حاولت الزوجة أن تُخضع زوجها بدلا من أن تخضع له, وإذا حاول الأولاد أن يُخضعوا والديهم بدل أن يخضعوا لهم تبين أن ثمة علة كبيرة في الحياة والمواقف والمفاهيم.

سُئلت أم جورج واشنطن عن سر نجاح ابنها وعظمته فأجابت قائلة: "علمته الطاعة"! فهل أنت تطيع وتكرم والديك؟ هل أنتِ تطيعين زوجك وتحترمينه وتعملين على كسب ثقته؟ وهل أنتم جميعاً تطيعون الرب وكلمته المقدسة؟ حذار تقليد الغربيين والغربيات! حذار الانقياد وراء المدنية الزائفة! حذار التمسك بأي تعليم خارج الكتاب المقدس! حذار الصرعات التي تظهر بين الفينة والأخرى – التي إن دلت على شيء فهي تدل على انحراف الطبيعة البشرية وشر قلب الإنسان الذي لا يستطيع تغييره إلا نعمة الله.

من أجمل ما قرأت عن طاعة الوالدين تلك القصة التي أوردها إرميا النبي في الأصحاح الخامس والثلاثين من نبوته. يقول هنا أن الرب أمره قائلاً: "اذهب إلى بيت الركابيين وكلمهم وادخل بهم إلى بيت الرب... واسقهم خمراً". ويقول أرميا "فدخلت بهم إلى بيت الرب... وجعلت أمامهم طاسات ملآنة خمراً وأقداحاً وقلت لهم اشربوا خمراً. فقالوا لا نشرب خمراً لأن يوناداب بن ركاب أبانا أوصانا قائلاً: لا تشربوا خمراً أنتم ولا بنوكم إلى الأبد. فسمعنا لصوت أبينا وكل ما أوصانا به أن لا نشرب خمراً في كل أيامنا نحن ونساؤنا وبنونا وبناتنا".

تصور يا أخي أنهم بقوا خاضعين لوصية أبيهم حتى وهم متزوجون. وهذا يتفق مع تعاليم الكتاب المقدس كله فيما يتعلق بإكرام الوالدين وطاعتهم فهل أنت مذعن مطيع؟

بعد الإذعان هناك الشكران. فالبيت الذي يعيش فيه يسوع هو بيت عامر بالشكر والتقدير للرب أولاً وللناس ثانية.فالتذمر والتأفف والشكوى من الأمور التي تحزن قلب الله وتثير استيائه وغضبه. ولهذا نجد الرسول بولس في رسالته الأولى إلى كنيسة كورنثوس يحذرنا من الوقوع في فخ التذمر الذي وقع فيه الإسرائيليون بعد خروجهم من أرض مصر, قائلاً: "ولا تتذمروا كما تذمر أيضاً أناساً منهم فأهلكهم المهلك". ثم يستأنف قائلاً: "فهذه الأمور جميعها أصابتهم مثالاً وكتبت لإنذارنا نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور". فهل نقبل الإنذار والتعليم والنصح والإرشاد؟

يخبرنا العهد الجديد أن الرب يسوع شفى ذات يوم عشرة رجال برص وكم أثلج سطره عندما شاهد واحد منهم يعود إليه لكي يشكره على صنيعه ويمجد الله. ولما سأل يسوع "أين التسعة" الباقون فقد كان يتوقع من أولئك أيضاً أن يعترفوا بفضل الله عليهم ويشكروه ولكنهم لم يفعلوا!

كان يسوع يحب الشكر ويحيا حياة الشكر. فإن أحداً لم يقرأ أو يسمع أنه تذمر أو تأفف مرة واحدة. ففي صلواته اليومية كان يشكر, وقبل الطعام كان يشكر, وحتى في الليلة التي اسلم فيها "أخذ خبزاً فشكر".

هل هذا هو أن بيتك؟ هل هذه هي الروح التي تسود جميع أفراد العائلة؟هل ابتسامة الشكر والتقدير بادية دائماً على محياك؟ هل أنت تشكر على كل شيء وفي كل حين باسم ربنا يسوع المسيح؟ إن كنت من الشاكرين فأنت سعيد ومغبوط, أما عن كنت شكّاء بكّاء فلا يسعني إلا أن أخاطبك بكلمات أمير شعراء المهجر إيليا أبو ماضي: "أيها ذا الشاكي وما بك داء كيف تغدو إذا غدوت عليلاً؟" ويختم قصيدته هذه بقوله: "أيها ذا الشاكي وما بك داء كن جميلاً تر الوجود جميلاً". أي كن شاكراً في كل حين تستلذ عيشتك وإلا عشت تعيساً كل أيام الحياة.

آتي الآن إلى الصفة الثالثة للبيت الذي يحل فيه الرب, ألا وهي النكران.

وأعني نكران الذات والتخلي عن الامتيازات والحقوق الشخصية. هذا ما فعله الرب يسوع بالذات. فقد "أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائر في شبه الناس. وإذ وجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه حتى الموت موت الصليب".ولماذا أخلى نفسه ووضع نفسه؟ لأنه أنكر نفسه من أجلنا. فهو لم يتمسك بما له غير آبه بنا وبخلاصنا. وقد طلب من أتباعه أن يحذوا حذوه قائلاً: "إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم ويتبعني". عدم إنكار الذات هو الأنانية بالذات, وحيث الأنانية فهناك الخصام والانقسام. ومتى تم الانقسام قل على الدنيا السلام. قال الرب يسوع: "كل بيت منقسم على ذاته يخرب".

إذاً نكران الذات معناه التنازل عن الحقوق والامتيازات الشخصية في أحايين كثيرة. معناه التواضع والوداعة. معناه محبة القريب كالنفس. معناه البذل وتقديم التضحيات الكثيرة – كالتضحية بالوقت والراحة والمال وسواها. هل تذكر كيف جاء أربعة من المؤمنين يحملون مفلوجاً إلى يسوع لكي يشفيه؟ وهل تذكر كيف نقبوا السقف ودلوا المفلوج إلى حيث كان الرب؟

فماذا فعل بطرس عندما رأى سقف منزله يفتح والتراب ينهال عليه وعلى سواه؟ هل قال "لقد خرب بيتي؟ أو للخسارة الكبيرة؟" كلا البتة. لماذا؟ لأنه كان يعتبر أن بيته هو للرب وأن من حق الرب أن يتصرف فيه (وبه) كيف يشاء. ولذلك فرح عندما رأى ذلك الاقبال الشديد على يسوع. ولعله شكر الله من أعماق قلبه لأن الثغرة المفتوحة في السقف وفرت له وللحاضرين نوعاً من التهوية الطبيعية في وسط ذلك الزحام والجو الخانق.

نعم تكبد بطرس شيئاً من الخسارة المادية ولكن الماديات لا تقاس بحضور يسوع في البيت. فالمسيح فوق كل شيء وقبل كل شيء.

نأتي الآن إلى الصفة الأخيرة للبيت الذي يسكنه يسوع – أعني الألحان.

وأسارع إلى القوال بأن المقصود هنا ليس الألحان العصرية والموسيقى الراقصة الخليعة بل بالحري الترانيم والأغاني الروحية مع ما يرافقها من ألحان مقدسو سماوية. يقول يعقوب في رسالته: "أمسرور أحد بينكم فليرتل".لاحظ انه لا يقول "فليغن" بل "فليرتل". فالأغاني العالمية والغرامية الخليعة لا تمت بالصلة إلى الحياة المسيحية الحقة. وكل بيت يسمح لأمور كهذه أن تدخله فهو يسمح للشيطان أن يتربع فيه. يخبرنا الإنجيل أن هيرودس الملك سمح لفتاة خليعة أن ترقص في عيد ميلاده. ومن الطبيعي أن يرافق الرقص عزف على الآلات الموسيقية. ولكن ماذا كانت النتيجة؟ جاءت تلك الراقصة وطلبت رأس يوحنا المعمدان على طبق. فاغتم الملك ولكن عل ينفع الندم بعد العدم...؟

أخي, إن كان يسوع في بيتك فلا تدع للشيطان مكاناً أو مجالاً للدخول. تعلم من داود كيف ترنم وتسبح الله. اقرأ سفر المزامير ورسالة فيلبي وتعلم كيف تفرح في الرب كل حين.تعلم الترنيم من الرب يسوع الذي يقول عنه الإنجيل أنه سبح مع تلاميذه قبل خروجه إلى جبل الزيتون. انظر إلى طيور السماء وتعلم منها الترتيل وتسبيح الخالق واجعل بيتك مغموراً بفرح الرب وألحان السماء.

أعود الآن فأكرر عليك السبع الصفات التي يجب أن تتوفر في بيتك لكي يحل فيه المسيح. أولاً: الإيمان, ثانياً: الأمان, ثالثاً: السلطان, رابعاً: الإذعان, خامساً: الشكران, سادساً: النكران, وسابعاً: الألحان.

صلّ قائلاً: يا رب ادخل إلى قلبي وبيتي باسم يسوع. آمين.

  • عدد الزيارات: 3766