Skip to main content

ضيف عند الباب

(رؤ 3: 20)

في هذه الآية أمور عدة تحتاج إلى تفكير من جانبنا:

أولا، حالة الباب .

أنه مغلق، والا لما كان هناك ضرورة للوقوف أو القرع.

ثانيا، الواقف على الباب .

ليس فقيرا يستعطي أو فضوليا ثقيل الظل بل كما تقول الترنيمة:

شخص شريف واقف في الباب يقرع

فافتح له يا خائف فالخوف ينـزع

أنه الرب يسوع المسيح المحب.

ثالثا، ماذا يفعل؟ .

أنه واقف، لربما مر عليه وقت طويل على هذه الحال وهو يقرع و ينادي النفس قائلا: "افتحي لي يا حبيبتي، و يا كاملتي، لأن رأسي قد امتلأ من الطل و قصصي من ندى الليل".

أخي، هب عظيما طال به الوقوف يقرع على باب بيتك، أفما كنت تهب و تفتح الباب و تعتذر عن تأخرك؟ فلماذا لا يكون هذا الموقف موقفك من يسوع؟ أم أنك تستهين بغنى لطفه وامهاله؟ صحيح أنه لا يفرض نفسه على أحد ولكن هذا لا يعني أن تستخف به أ وان تبقيه خارجا كما لو انه هو محتاج إليك لا أنت إليه.أنه يقرع منتظرا منك أن تستجيب لكي يدخل إلى قلبك و يجري فيك تغييرا ثوريا و يسكن في حياتك و يمنحك حياة فضلى.بكلام آخر أنه ينتظر:

أولا، أن تفتح أذنك . أي أن تسمع صوته.يقول الرب: "أن سمع أحد صوتي .." و "أن" أداة شرط، لأن المسيح يشترط في من يريد استقباله أن يفتح باب أذنه دون ضغط أو اكراه.ولكم شدد الرب أهمية السمع في موضوع خلاص النفس و بنيانها.ومن أقواله: "من له أذنان للسمع فليسمع"."من يسمع كلامي و يؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية"."طوبى للذين يسمعون كلام الله و يحفظونه"."من يسمع كلامي و يعمل به أشبِّهه برجل بنى بيته على الصخر ." ثم هناك أمثلة في الكتاب المقدس عن أناس فتحوا آذانهم للكلمة واذا بها تثمر في حياتهم و تلدهم من جديد.و من جملة هؤلاء الآلاف التي كانت حاضرة في يوم الخمسين.يقول سفر أعمال الرسل عنهم "فلما سمعوا نخسوا في قلوبهم .. و قبلوا كلامه بفرح ." مثال آخر هو ليدية بائعة الأرجوان التي قيل عنها "فكانت تسمع أمراة اسمها ليدية بياعة أرجوان من مدينة ثياتيرا" و كانت النتيجة أن فتح الرب قلبه لتصغي و تفهم و تعي و تنال الخلاص بالإيمان بالمسيح . و يصح الشيء نفسه على القائد الروماني كرنيليوس الذي لما حضر الرسول بطرس إلى بيته قال: "والآن نحن جميعا حاضرون لنسمع ..." أهذا هو موقفك واستعدادك يا عزيزي أم أنك تصم أذنيك عن سماع صوت الرب؟ أن كنت ممن يريدون الاستماع _وارجو ان تكون كذلك _ فأني أحذرك من أن يكون سماعك من النوع الأفقي.أي أحذرك من أن تدخل الكلمة من أذن و تخرج من الأخرى.هذا ما أعنيه بالسماع الأفقي، هذا السماع لا يجدي نفعا بل بالعكس يكون دينونة عليك في الدنيا والآخرة.أن نوع الاستماع الذي اشدد عليه هو الاستماع العمودي، أعني أن تسمع كلمة الإنجيل و تفسح لها مجالا في حياتك بحيث تستقر في قلبك و تسكن فيه بغنى، على حد قول الرسول بولس.

إذا الشرط الأول هو ان تفتح أذنك.

أما الشرط الثاني فهو: أن تفتح قلبك .

قال الرب "أن سمع أحد صوتي و فتح الباب .." ما السبب يا ترى في أن الرب لا يفتح الباب بنفسه؟ أعتقد أن هناك سببين على الأقل: الأول هو ان الرب يحترم الإنسان وارادته الحرة المعطاة له منه (أي من الله).والثاني هو ان الرب لا يرضى ولا يسر بأن يكون موجودا في مكان لا يرغب بوجوده فيه.فما عليك إذا إلا أن تصرح للرب بقبولك به و تفتح له باب قلبك على مصراعيه و تقول له: أدخل يا رب واجلس في محراب فؤادي و كن أنت مخلصا و ربا لحياتي.و قبولك هذا له أهميته لأنك تربط نفسك به وهو بك إلى الأبد.يذكرني هذا بوقفة العروسين في حفلة الزواج.فبمجرد أن يعبر كل من العروسين عن قبوله بالآخر يرتبطان معا مدى الحياة.أفتح قلبك بمحض إرادتك و بكل عزمك و تصميمك لأجل خير نفسك أنت.و متى فعلت ذلك تتم الأشياء التالية:

1-يدخل يسوع – أنه يقول "أن سمع ... فتح ... أدخل إليه".و بدخول يسوع إلى القلب ليس بالشيء العادي الذي لا يؤبه له.نقرأ في العهد الجديد أن الرب لما دخل إلى أورشليم اهتزت المدينة. ولما دخل إلى الهيكل قلب وضعه و طهره من التجار والفجار.هكذا يفعل يسوع عند دخوله إلى القلب.أنه يغير الأوضاع و يجري انقلابا في الحياة و يصبح هو السيد الآمر فيها .

2-يقيم وليمة – فهو يقول في الآية ذاتها "أدخل إليه واتعشى معه ." و طبعا العشاء هنا يشير إلى الفرحة الكبرى التي تتم في القلب المفتوح للرب. أليس هذا ما يجرى لجميع الذين تقابلوا مع يسوع و قبلوه؟ أننا نقرأ عن زكا أنه قبل الرب فرحا،و نقرأ عن سجان فيلبي أنه تهلل مع جميع بيته إذ كان قد آمن بالله، و نقرأ عن الوزير الحبشي أنه مضى في طريقه فرحا،و عن مدينة في السامرة، حين ذهب فيلبس ليبشر بيسوع، نقرأ هذه الكلمات "فكان فرح عظيم في تلك المدينة".لماذا؟ لانهم قبلوا يسوع مخلصا شخصيا لهم.

3-يصبح رفيقك، إلى ما لا نهاية.يقول الرب "أتعشى معه وهو معي" و هذه إشارة إلى الشركة الدائمة بين المؤمن والمخلص، وما أحلاها وما أغلاها وما أعلاها شركة.

أختم كلمتي هذه بما قال صاحب الترنيمة التي اقتبسنا بيتا منها في بداية هذه الرسالة :

فلتنفتح قلوبنا ليدخل الأمين

كي يغفر ذنوبنا بدمه الثمين

و لقد قيل قديما في المزامير: افتحوا البواب الدهرية ليدخل ملك المجد.

وانا أقول لك: افتح بابي أذنك و قلبك لكي يدخل الملك والمخلص يسوع الحبيب.له المجد والكرامة إلى الأبد الآبدين.آمين.

صـــلاة: نشكرك يا رب لأجل لطفك و تنازلك ولانك ما زلت تقرع أبواب قلوبنا.و في الوقت نفسه نرجو ان تسامحنا لأننا أبقيناك طويلا في الخارج وانت تنادينا "هأنذا واقف على الباب واقرع .." ساعد كلا منا أن يفتح أذنه و قلبه لك و يدعك تدخل و تحتمل الصدارة في الحياة لكي تغيرنا و تطهرنا حسب قلبك.باسم الفادي ربنا يسوع المسيح.آمين .

  • عدد الزيارات: 4909