Skip to main content

الفصل الأول: الله في اختبار الفرد - الله في اختبار الفرد

الصفحة 4 من 4: الله في اختبار الفرد

الله في اختبار الفرد

إذا كان العلم يثبت وجود الله، والكتاب يعلن صفات الله، فإن اختبار الفرد هو الدليل الملموس في حياة الإنسان لحقيقة وجود الله ويقيناً أن قضية إثبات وجود الله هي قضية اختبارية فوق أنها قضية علمية وفلسفية ..

يحدثنا التاريخ عن ملحد انجليزي اسمه مستر برادلاف أرسل رسالة لرجل الله الأشهر الدكتور تشارلس برايس يتحداه فيها أن يناظره علناً في موضوع وجود الله، لكن الدكتور برايس رد عليه هذا التحدي بتحدي من نوع آخر إذ كتب له رسالة قال فيها ما يلي:

"يا مستر برادلاف! إن المناظرة ما هي إلا مصارعة ذهنية ينطبق عليها القول المأثور، اقنع الإنسان ضد إرادته يبقى على رأيه لا يتحول عنه، فدعنا من المناظرة الكلامية، وبدلاً منها فسأحضر معي إلى صالة المناظرة التي يقع عليها اختيارك مئة شخص يشهدون بأن الإيمان بالله قد رفعهم من الحضيض الأدبي إلى المجد الروحي، وأحضر أنت معك مئة شخص يشهدون بأن الإلحاد قد غير حياتهم، وسما بعواطفهم، وأسعدهم، وإن لم تستطع إحضار مئة شاهد فأنا اكتفي منك بخمسين، وإن لم تستطع إحضار خمسين أكتفي منك بعشرين يشهدون والسرور يشع من عيونهم ويبدو في نبرات صوتهم – كما يشهد المؤمنون بالله – بأن الإلحاد رفع قدرهم وخلص حياتهم، وضمن مستقبلهم، وإن لم تستطع إحضار عشرين أكتفي منك بعشرة فقط, لا بل أخفض الرقم إلى واحد فقط ما مستر برادلاف يشهد بنفس هادئة مطمئنة مقدرة فرحة متأثرة بأن الإلحاد أسبغ عليه كل هذه النعم" وأمام هذا التحدي القائم على الاختبار الشخصي، تنحى مستر برادلاف عن المناظرة، وانتصرت قوة الإيمان بالله على منطق الإلحاد السقيم .. فهل لك اختبار شخصي مع الله؟ وهل أدركت ما يفعله الله للفرد؟ تعال بنا لنرى ماذا يفعل الله للفرد!

1- إن الله يعرف الفرد:

وهذا هو ما يؤكده اختبار داود الذي سجله في قوله "يا رب قد اختبرتني وعرفتني. أنت عرفت جلوسي وقيامي فهمت فكري من بعيد ... لأنه ليس كلمة في لساني إلا وأنت يا رب عرفتها كلها" مزمور 139: 1 – 3 بل هذا ما قاله الرب لموسى "لأنك وجدت نعمة في عيني وعرفتك باسمك" خر 33: 17، وما قاله السيد له المجد "خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها فتتبعني" يو 10: 27، ولما يتيقن الفرد من أن الله يعرفه بالذات، ويرعاه ويهتم به، يستريح قلبه!!

أجل لقد عرف الرب سمعان بطرس باسمه، وعرف شمشون قبل أن يولد، وعرف موسى قبل أن يأتي إلى الأرض، وعرف مريم المجدلية وشاول الطرسوسي، وهو يعرف كل فرد في هذا الوجود، ويفرح برجوع الخاطيء التائب "إنه هكذا يكون فرح في السماء بخاطيء واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين باراً لا يحتاجون إلى توبة" لوقا 15: 17 بل هو يعرف أعمال كل فرد "أنا عارف أعمالك ومحبتك وخدمتك وإيمانك وصبرك" رؤ 2: 19

يحدثنا رجل من رجال الله عن موظف من موظفي الإحصاء ذهب إلى منزل امرأة فقيرة ليسجل عدد أفراد عائلتها وكان للمرأة ستة عشر ولداً وبنتاً قال موظف الإحصاء للمرأة: كم عدد أولادك يا سيدتي؟ أجابت: بناتي هن رفقة، وراحيل، وثامار، وراعوث، وابيجايل و... وأرادت أن تستمر لكن الرجل قاطعها قائلاً: أريد جملة العدد لا أسماء الأفراد وابتسمت الأم التي تعرف أولادها وقالت: أنا هنا أعرف كل واحدة وكل واحد باسمه فينبغي إن أردت معرفة عددهم أن تنصت لي.

وهذا هو ذات ما يفعله الله، بل أقل مما يفعله الله لأنه قال "هل تنسى المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها حتى هؤلاء ينسين وأنا لا أنساك هوذا على كفي نقشتك، أسوارك أمامي دائماً" أش 49: 15 و 16 "اسمعوا لي يا بيت يعقوب وكل بقية بيت اسرائيل المحملين على من البطن المحمولين من الرحم. وإلى الشيخوخة أنا هو وإلى الشيبة أنا أحمل. قد فعلت وأنا أرفع وأنا أحمل وأنجي. بمن تشبهونني وتسوونني وتمثلونني لنتشابه" أش 46: 3 – 5

2- إن الله يعين الفرد:

هذا هو الحق الذي أعلنه موسى في كلماته "ليس مثل الله يا يشورون. يركب السماء في معونتك والغمام في عظمته الإله القديم ملجأ والأذرع الأبدية من تحت" تث 23: 26 و 27 وهذا ما نقرأه في كلمات يعقوب لابنه يوسف ساعة احتضاره "يوسف غصن شجرة مثمرة. غصن شجرة مثمرة على عين. أغصان قد ارتفعت فوق حائط. فمررته ورمته واضطهدته أرباب السهام. ولكن ثبتت بمتانة قوسه وتشددت سواعد يديه. من يدي عزيز يعقوب من هناك من الراعي صخر إسرائيل. من إله أبيك الذي يعينك ومن القادر على كل شيء الذي يباركك" تك 49: 22 – 25

ومع هذه الكلمات الحلوة، نقرأ شهادة بولس أمام اغريباس حين قال "فإذ حصلت على معونة من الله بقيت إلى هذا اليوم شاهداّ للصغير والكبير" أعمال 26: 22، فالله إذاً يعين الفرد، ويناديه "لا تخف أنا أعينك" أش 41: 13، فثق في هذه المواعيد وردد مع داود مزموره الحلو "الرب راعي فلا يعوزني شيء" مزمور 23: 1

3- إن الله يدبر كل ظروف الفرد:

اجتاز يعقوب في حياته ثلاثة اختبارات هامة، الاختبار الأول هو اختبار بيت إيل، والاختبار الثاني هو اختبار محنايم، والاختبار الثالث هو اختبار فنيئيل، وفي اختبار بيت إيل أدرك يعقوب أن الله يدير كل ظروف الفرد وسمع صوت الله قائلاً "أنا معك وأحفظك حيثما تذهب وأردك إلى هذه الأرض لأني لا أتركك حتى أفعل ما كلمتك به" تك 28: 15، وفي اختبار محنايم لاقاه ملائكة الله فعرف أن الله يحرسه بقوى غير منظورة، وفي اختبار فنيئيل تصارع مع الله وجهاً لوجه، وحطم الله الذات التي فيه ونجى نفسه!!

وهناك اختبار رائع في حياة إبراهيم يوم سأله ابنه وهو في طريقه إلى الذبح "هو ذا النار والحطب ولكن أين الخروف للحرقة؟" فقال إبراهيم "الله يرى له الخروف للحرقة يا ابني"، ولما وصل إبراهيم للحظة الصفر وأنقد الله ولده، وأراه كبشاً ممسكاً في الغابة بقرنيه قدمه عوضاً عن ابنه، دعا اسم ذلك الموضع "يهوه يرأه" واسم "يهوه" هو اسم الرب الذي لا يترفع عن خلائقه ويتركهم لشأنهم، بل يرى أعواز شعبه ويتنازل ليخلصهم، وقد ورد هذا الاسم الجليل مقترناً بالأعمال التي يعملها الله لكل فرد يتكل عليه ويثق فيه. فلنتأمل إذاً في هذه الأعمال العظيمة.

1- يهوه رأفا: أي الرب الشافي خر 15: 26 وهذا هو الاسم المريح لكل طريح على فراش المرض "الرب يعضده وهو على فراش الضعف مهدت مضجعه كله في مرضه" مز 41: 3

2- يهوه نسى: أي الرب رايتي خر 17: 8 – 15 وهذا هو الاسم المعزي لمن يضايقه العدو.

3- يهوه شالوم: أي الرب سلام قض 6: 24، وهذا هو الاسم المفرح لكل خائف ومضطرب.

4- يهوه رعا: أي الرب راعي مزمور 23: 1، وهذا هو الاسم الجميل لكل غريب ونزيل.

5- يهوه تصدقينو: أي الرب برنا أرميا 23: 16 وهذا هو الاسم البهيج لكل شاعر باحتياجه إلى بر الله.

6- يهوه يرأه: أي الرب يرى ويدبر تك 22: 14، وهذا هو الاسم الحلو لكل من لا مخرج له في ضيقات الحياة.

7- يهوه شمه: أي الرب هناك: حزقيال 48: 35، وهذا هو الاسم المبارك لكل من يتوقع مجيء ملكوت الله على الأرض.

فهل بعد كل هذه الإعلانات تحس بوحدتك في هذه الأرض، أو تشعر بأن الله معك في كل الطريق؟!

أصغ إلى كلمات أشعياء المشجعة "لماذا تقول يا يعقوب وتتكلم يا إسرائيل قد اختفت طريقي عن الرب وفات حقي إلهي. أما عرفت أم لم تسمع. إله الدهر الرب خالق أطراف الأرض لا يكل ولا يعيا. ليس عن فهمه فحص. يعطي المعيي قدرة ولعديم القوة يكثر شدة. الغلمان يعيون ويتعبون والفتيان يتعثرون تعثراً. وأما منتظرو الرب فيجددون قوة. يرفعون أجنحة كالنسور يركضون ولا يتعبون يمشون ولا يعيون" أش 40: 27 – 31 وقل اليوم مردداً مع أيوب "بسمع الأذن قد سمعت عنك والآن رأتك عيني لذلك أرفض وأندم في التراب والرماد".

الصفحة
  • عدد الزيارات: 11297