Skip to main content

الفصل الثالث: اختبار خلاص الله - نوال الخلاص

الصفحة 2 من 3: نوال الخلاص

نوال الخلاص

يسبق نوال اختبار الخلاص خطوات جوهرية نوردها فيما يلي

1- الخطوة الأولى اليقظة الروحية:

ونجد هذه الخطوة في اختبارات المخلصين بصورة واضحة، فلا بد من يقظة روحية للفرد تشعره بحقيقة حالته أمام الله، وبهلاكه الذي لا مندوحة عنه إذا بقي في خطاياه، وقد تحدث هذه اليقظة من مؤثرات متنوعة، فقد يستيقظ الإنسان بعد أن تتحطم آماله البشرية التي وضعها في الناس فيتجه بقلبه إلى الله، كما حدث مع أشعياء حين مات عزيا الملك الذي كان موضع آماله فقال "في سنة وفاة عزيا الملك رأيت السيد جالساً على كرسي عال ومرتفع وأذياله تملأ الهيكل ... فقلت ويل لي إني هلكت لأني إنسان نجس الشفتين ... لأن عيني قد رأتا الملك رب الجنود" أش 6: 1 و 5، وقد تحدث هذه اليقظة من جراء معجزة يجريها الله أمامنا كما حدث مع بطرس عند صيد السمك الكثير بعد ليلة فشل مرير "فلما رأى سمعان بطرس ذلك خر عند ركبتي يسوع قائلاً أخرج من سفينتي يا رب لأني رجل خاطئ" لوقا 5: 8، وقد تستيقظ النفس بسبب كارثة مفاجئة كما حدث مع حافظ سجن فيلبي عندما تزعزعت أساسات السجن، وانفتحت الأبواب كلها. وظن الرجل أن المسجونين قد هربوا وكان مزمعاً أن يقتل نفسه لولا أن ناداه بولس قائلاً "لا تفعل بنفسك شيئاً ردياً لأن جميعنا ههنا" أع 16: 28 وعندئذٍ اندفع الرجل قائلاً "يا سيدي ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص؟" أعمال 16: 20، وقد تأتي اليقظة للنفس نتيجة سماع كلمة الله من شخص ممتلئ من الروح القدس كما حدث يوم الخمسين عندما وعظ بطرس الجموع "فلما سمعوا نخسوا في قلوبهم وقالوا لبطرس ولسائر الرسل ماذا نصنع أيها الرجال الإخوة" أعمال 2: 27 وهذه اليقظة الروحية هي أول خطوة في طريق اختبار خلاص الله.

منذ وقت ليس ببعيد وقفت مسز كولين تونسند ايفانز - وقد كانت نجمة سينمائية لامعة في طريقها للمجد العالمي - أمام إحدى عشر ألفاً من سكان مدينة لندن، حضروا اجتماعات الحملة التبشيرية التي قام بها بلى جراهام، وسردت اختبارها لهذا الجمع الحاشد معلنة كيف استيقظت نفسها، فطوحت بكل مجدها وآمالها وطموحها لتكرس حياتها للمسيح.

قالت مسز كولين "منذ ست سنوات كنت في مركز من الغنى والسعادة والشهرة يحسدني عليه الكثيرون حتى أعز أصدقائي؛ وكنت المرأة الوحيدة التي انفردت بعقد أكبر اتفاق مع أكبر شركات السينما في هوليود؛ وكان المال الذي وعدوني به أكثر مما كنت أحلم أو أفكر ... وكانت الشهرة تسعى إلي، وكنت أتمتع بمكانة ممتازة في مهنتي ... ومع كل المباهج التي كانت تحيط بي؛ إلا أنني اعترف أنه في اللحظات التي كنت أخلو فيها إلى نفسي؛ كنت أفزعسس من قلق داخلي ناجم عن حاجة ملحة في قلبي .. إلى شيء أكثر أهمية من الشهرة والمال؛ والمجد؛ والمطامع الذاتية ... وتقابلت مرة مع بعض شابات من كنيسة هوليود وسمعت منهن أجمل قصة عرفتها في حياتي؛ قصة مصالحة الله للخطاة بواسطة ابنه يسوع المسيح.

لقد ذهبت إلى الكنيسة مراراً كثيرة، وسمعت هذه القصة مرات ومرات، لكنني لم أدركها بطريقة واضحة، ولم أفهم ما يقصده الإنجيل من ورائها، لأنها قدمت إلى بطريقة عسيرة غير مشوقة ... أما هؤلاء الشابات فقد قدمن إلي القصة بأسلوب عجيب مؤيدات إياه بالآيات الكتابية الحلوة كقول السيد له المجد "أنا هو الطريق والحق والحياة ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي" وكان الشيء الذي أثار انتباهي، وأيقظ ضميري هو سلوك أولئك الشابات الذي يتفق تمام الاتفاق مع أقوالهن التي لم تكن مجرد كلمات جوفاء. بل تعاليم غيرت مجرى حياتهن وبدلت كل ما يتعلق بهن .. أحسست بجوع شديد لما يتمتع به هؤلاء الشابات من سلام، ورافقتهن لحضور أحد المؤتمرات، وانشغل فكري بمطالب الرب يسوع، وبشخصه المبارك العجيب، وفي صباح يوم أحد استيقظت مبكرة وخرجت للنزهة، لكنني كنت أسمع صوتاً يتردد داخل قلبي قائلاً "أعط الله فرصة في حياتك" ومع معرفتي القليلة بالصلاة جثوت وصليت، وقلت لله: "إن كانت الرسالة التي سمعتها عن يسوع حقيقة، وإن كان يسوع شخصية حقة، وإن كان في استطاعته عمل ما قالته أولئك الفتيات، فإني أود أن أمنحه حياتي كلها ... إني أريد مخلصاً يحررني منالذات التي تأكل قلبي، ومن المطامع الشخصية التي سادت على حياتي! إني أود أن يكون يسوع هو سيد حياتي وأن ينزع مني كل شيء ويهبني الغبطة التي وهبها لأولئك الشابات".

وفي اللحظة التي قلت فيها للرب يسوع "ادخل قلبي يا ربي" حدث أمر عجيب، لم يكن هناك أي حركة للعواطف، ولم أر رؤى، ولم أسمع صوتاً، ولكن لأول مرة في حياتي صار الله حقيقة ملموسة لي، وعرفت أن المسيح له المجد قد غيرني، وجعلني شخصية جديدة، طاهرة لطيفة، وتذوقت طعم السلام الحقيقي الذي كنت أتمناه، وأشهد إنني وجدت في يسوع سلاماً فياضاً وبهجة دائمة لم أجدهما في المال الوفير، أو الشهرة الواسعة، أو المركز الكبير!!

وهكذا استيقظت هذه المرأة لتقابل الرب وتسعد به، ولا بد لكل فرد أن يستيقظ يقظة روحية قبل نواله الخلاص "لذلك يقول استيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيضيء لك المسيح" أفسس 5: 14.

2- الخطوة الثانية التوبة الحقيقية:

وقف بولس الرسول يعظ فيلكس الوالي برسالة الله "وبينما كان يتكلم عن البر والتعفف والدينونة العتيدة أن تكون ارتعب فيلكس وأجاب أما الآن فاذهب ومتى حصلت على وقت أستدعيك" أع 14: 25، وهذا الرجل هو صورة للشخص الذي يستيقظ ضميره ليواجه الله، ولكنه لا يخطو الخطوة الثانية، خطوة العزم القلبي على ترك خطاياه، ففيلكس قد ارتعب من تأثير الكلمة، واهتز كيانه أمام الحقائق الأبدية، لكنه قال لبولس، "اذهب الآن ومتى حصلت على وقت أستدعيك"، وبهذا وضع أمر خلاصه بعد قضاء مآربه ولذاته، فقد عرف الرجل أن الخلاص يتطلب منه ترك دروسيلا المرأة غير الشريفة التي كان يحيها، وترك الرشوة التي فتح يده لقبولها، وترك الشرور التي كان يرتكبها، لكنه لم يكن يريد ترك الأوزار فهدأ يقظة ضميره بالتأجيل ومات في خطاياه.

فاليقظة الروحية لا بد أن يعقبها توبة حقيقية لنوال الخلاص، ونحن نرى هذا بوضوح فيما حدث يوم الخمسين، فبعد أن نخست قلوب الناس في ذلك اليوم من تأثير الكلمة، سلألوا بطرس وسائر الرسل "ماذا نصنع أيها الرجال الأخوة؟" فقال لهم بطرس "توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا" ولقد كانت التوبة هي الرسالة الجوهرية في خدمة الأنبياء والرسل والرب يسوع نفسه، فأشعياء يقول "ليترك الشرير طريقه ورجل الإثم أفكاره وليتب إلى الرب فيرحمه وإلى إلهنا فإنه يكثر الغفران" أش 55: 6، ويوحنا يعظ الجموع قائلاً "توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السموات" متى 3: 2، والرب يسوع يحذر المهملين بالقول "إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون" لو 13: 3، وبطرس يردد للجماهير التي سمعته "فتوبوا وارجعوا لتمحى خطاياكم لكي تأتي أوقات الفرج من وجه الرب" أع 3: 19. وبولس ينادي للأثينيين برسالة التوبة قائلاً "فالله الآن يأمر جميع الناس في كل مكان أن يتوبوا متغاضياً عن أزمنة الجهل" أع 17: 30. فالتوبة إذاً هي مفتاح نوال اختبار الخلاص.

لكن ما هي التوبة؟ وقف دكتور في اللاهوت في اجتماع حافل يعظ عن التوبة. لكنه بدلاً من أن يشرح معنى التوبة. حاول أن يتكلم في لغة رفيعة وفلسفة عالية حتى أن الجمهور لم يفهم ما هي التوبة وكان حاضراً أحد القسوس المختبرين. وكان شيخاً وقوراً. فطلب من الدكتور الجليل أن يسمح له بالحديث إلى الجمهور خمس دقائق. وصعد القسيس الشيخ فوق المنبر وعصاه بيده ثم واجه الجمهور قائلاً "هذه هي التوبة!! وبينما كان الجمهور ينتظر ما سيقول، نزل من فوق المنبر، وسار في ممر الكنيسة وهو يضرب على الأرض بعصاه ويردد العبارة "أنا ذاهب إلى الجحيم ... أنا ذاهب إلى الجحيم ... أنا ذاهب إلى الجحيم" وكان الجمهور يتأمله في ذهول وهو يردد هذه الكلمات، حتى وصل إلى منتصف الممر ثم أدار وجهه نحو المنبر وشرع يضرب بعصاه على الأرض ويقول "أنا ذاهب إلى السماء، أنا ذاهب إلى السماء" ثم ارتقى المنبر وتكلم للجمهور قائلاً: هذه هي التوبة الحقيقية ... كنت في طريقي للجحيم، فعزمت على ترك الطريق القديم، والعودة إلى الله. كنت في طريق مخالف لإرادة الله، فعدت إلى طريق طاعة الله. إن التوبة تعني ترك الطريق الملتوي الأثيم، وترك أفكار الشر والرجوع إلى الرب لطلب الرحمة الغفران .. لكن من أسف أن كثيرين يتوبون في ساعة الضيق كتوبة فرعون ثم لما يأتي الفرج يقودون إلى خطاياهم من جديد، بينما التوبة بحسب إرادة الله تعني تغيير الفكر عن الخطية وعدم الاستهانة بها، فيحس المرء من ناحية الخطية بذات إحساس الله من جهتها، والدليل القاطع على التوبة الحقيقية هو الانقطاع الإرادي عن الخطية، لأن الفرد يجد شبعه وسعادته في الرب.

3- الخطوة الثالثة الاعترافات الشخصية:

الاعتراف أمر جوهري وخطوة لازمة لنوال الخلاص، لذلك يتكلم هوشع قائلاً "خذوا معكم كلاماً وارجعوا إلى الرب. قولوا فه ارفع كل إثم واقبل حسناً فنقدم عجول شفاهنا" هو 14: 2، وداود يتحدث عن أهمية الاعتراف قائلاً "لما سكت بليت عظامي من زفيري اليوم كله ... اعترف لك بخطيتي ولا أكتم إثمي. قلت أعترف للرب بذنبي وأنت رفعت آثام خطيتي" مز 32: 3 – 5 ومعنى هذا أن داود لم يجد راحة من آثامه إلا بالاعتراف، فالاعتراف هو طريق راحة القلب من ثقل الخطية، وهو وسيلة راحة النفس من عقدة النقص التي تنغص الحياة، وهو الدليل الملموس للعزم على ترك الخطية، ولذلك فنحن نقرأ عن الابن الضال أنه لما أراد أن يعود إلى أبيه قال "أقوم وأرجع إلى أبي وأقول له يا أبي أخطأت إلى السماء وقدامك ولست مستحقاً بعد أن أدعي لك ابناً"، وليس شك أن اعتراف الابن الضال لأبيه قد أزاح عن كاهله حمل خطاياه، ولذا فصاحب الأمثال يقول "من يكتم خطاياه لا ينجح ومن يقرّ بها ويتركها يرحم" أم 28: 13 ويوحنا الحبيب يكتب قائلاً "إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم" 1 يو 1: 9 وهذه الكلمات تعني أننا لما نعترف لله بخطايانا نعترف للأمين الذي لا يفشي أسرارنا، ولا يفضح أعمالنا، وللعادل الذي أخذ عقاب هذه الخطايا في الصليب، وهو لذلك "يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم".

ومع الاعتراف لله، ينبغي أن نعترف للناس بالزلات التي ارتكبناها في حقهم، وبالاساءات التي وجهناها إليهم كما يقول يعقوب الرسول "اعترفوا بعضكم لبعض بالزلات" يع 5: 16 وكما أوصانا رب المجد "فإن قدمت قربانك إلى المذبح وهناك تذكرت أن لأخيك شيئاً عليك. فاترك هناك قربانك قدام المذبح واذهب أولاً اصطلح مع أخيك وحينئذٍ تعال وقدم قربانك" متى 5: 23 و 24

إن إلهنا ليس جائعاً إلى قرباننا، ولكنه جائع إلى القلوب الغافرة الصافية التي تصفح عن الآخرين، وتعترف بالإساءات لمن آذتهم بإساءاتها.

عاش منذ زمن ليس ببعيد رجل اسمه هوكمان، عزم على أن يعيش لله، وكان روح الله يعمل في قلبه ويطالبه بأن يكتب إلى ستة أشخاص في بلاد بعيدة كان قد أساء إليهم منذ وقت طويل، ولم يسترح هو كمان إلا بعد أن كتب ستة خطابات لهؤلاء الأشخاص، ويقول الرجل في اعترافه "أحسست بأن سلام الله ملأ قلبي عندما اصطدمت الخطابات بقاع صندوق البريد".

4- الخطوة الرابعة الثقة القلبية:

هذه هي النقطة المركزية لنوال الخلاص، وهي خطوة الإيمان في عمل المسيح الذي أجراه على الصليب، وكم من أشخاص يتصورون أن الإيمان بالمسيح مسألة معقدة، مع أنه أمر بسيط للغاية ... لما سأل حافظ سجن فيليبي بولس وسيلاً "يا سيدي ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص؟" قالا ""آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص" ومعنى هذا أنهما طلبا إلى حافظ السجن أن يؤمن بالمسيح رباً "آمن بالرب"؛ وأن يؤمن به مخلصاً "بالرب يسوع" "وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم"؛ وأن يؤمن به ممسوحاً من الله لخلاص البشر "آمن بالرب يسوع المسيح"؛ ونتيجة هذا الإيمان نوال الخلاص كما يقول بولس "لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم. هو عطية الله. ليس من أعمال كيلا يفتخر أحد" أفسس 3: 8 و 9

سئل شخص مخلص: كيف نلت الخلاص؟ فأجاب: كان الأمر غاية في البساطة فقد اتخذت مكان باراباس! فسئل: وما معنى هذا؟ أجاب: كان باراباس سجيناً في أورشليم ينتظر حكم الإعدام، كان مجرماً، قاتلاً، لصاً، ولو اتخذت العدالة مجراها فيه لصلبوه على الصليب الذي صلب عليه يسوع، لكن يسوع جاء في طريق ذلك الرجل، فحكموا عليه وهو البريء بالصلب، وأطلقوا باراباس المجرم حراً ... ولا شك أن أحد الضباط ذهب إلى باراباس ليبشره بالإفراج عنه وأتخيل أنه جرت بينهما المحادثة التالية:

الضابط: أبشر يا باراباس أنت اليوم حر، حكم بيلاطس بإطلاقك.

باراباس: حر! لا تتهكم عليّ أيها الضابط، أنا في طريقي إلى الموت!

الضابط: لو سار العدل في طريقه لكنت اليوم تساق إلى الصليب لكن رجلاً بريئاً اسمه يسوع الناصري أخذ مكانك هناك، وسيموت هو لكي تخرج أنت حراً ...

ويخرج باراباس، وأتخيله مسرعاً إلى موضع الجلحثة حيث صلبوا يسوع، وهناك يرى الرجل بديله البار معلقاً على الصليب ويسمع صلاته لأجل أعدائه "يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون"، واعتقد أن باراباس تأثر وركع هناك في احد الأركان مكرساً حياته لمن مات بدلاً عنه ... وهذا ما فعلته أنا, رأيت مخلصي والجروح في يديه، وإكليل الشوك على رأسه، وأثر الحرية في جنبه المطعون، وعرفت أنه "مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا" أش 53: 5 فوثقت فيما عمله لأجلي، وقلت مع بولس "ابن الله الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي" وبهذا الإيمان البسيط نلت الخلاص.

يقين الخلاص
الصفحة
  • عدد الزيارات: 10142