Skip to main content

الفصل السادس: الزواج والاختبار

نشرت مجلة "كورنت" القصة التالية "قضى أحد الفنانين بضع سنوات يسجل بريشته الجمال حيث كان، ولكنه لم يقنع بما رسمه من لوحات. فراح يبحث عن أجمل شيء في الوجود ليرسمه. وأثناء بحثه قابل رجلاً من رجال الدين فحدثه عن فكرته وسأله عن رأيه: فقال رجل الدين "إن أجمل ما في الوجود يا ولدي هو الإيمان، فإنك تجد ما يغنيك في الله المحب الحنان". وواصل الفنان بحثه، فصادف زوجين حديثي العهد بالزواج، فوجه إليهما نفس السؤال، فأجابا "إن أجمل ما في الوجود هو الحب، فالحب يحيل الفقر ثروة، والظلمة نوراً، والدموع فرحاً، فلا جمال في الحياة بغير الحب" وسار الفنان في طريقه يواصل البحث فرأى جندياً متعباً، عائداً من القتال، فوجه إليه سؤاله، فأجاب الجندي: "إن أجمل شيء في الوجود يا سيدي الفنان هو السلام، وحيث يوجد السلام لا شك أنك ستجد الجمال في أروع صوره وأعلى درجاته"

ومضى الفنان في طريقه وهو يهمس لنفسه "الإيمان ... والحب والسلام، ترى كيف أصورها؟" وعاد إلى بيته وهو مكدور الذهن من التفكير، ولكنه ما إن دخل البيت حتى وجد بغيته، ففي عيون أطفاله رأى الإيمان مجسماً، وفي ابتسامة زوجته وجد الحب ناطقاً وفي أرجاء بيته الهادئ رأى السلام المقيم .... فرسم الفنان العظيم صورة "أجمل شيء في الوجود" وعندما فرغ منها سماها "البيت السعيد"

وليس شك في أن البيت السعيد هو "أجمل شيء في الوجود"، هو أمل كل شاب يبحث عن زوجة، وأمل كل فتاة تتطلع إلى فتى أحلامها.

ويجدر بنا ونحن بصدد الحديث عن البيت السعيد أن نتحدث أولاً عن:


كيف تختار زوجتك؟

إن زيجات كثيرة قد تحطمت على صخرة الاختيار الخاطئ والشاب العاقل هو الذي لا يقدم على الزواج إلا بعد تأمل وانتظار وتفكير.

حدثنا أحدهم عن شاب أراد الزواج، فأرشده صديق له إلى رجل كان له سبع بنات جميلات، كن يملأنا البيت روعة وجلالاً، وكان اسم الفتاة الأولى "الجمال" واسم الثانية "الأنوثة" واسم الثالثة "الخفة" واسم الرابعة "الحنان"، واسم الخامسة "الوفاء" واسم السادسة "الصحة"، واسم السابعة "العقل"، لكن الشاب مضى وراء عينيه، فلم يختر الوفاء، ولم يختر العقل، ولم يختر الحنان، وإنما اختار "الجمال"، فلما أخذ عروسه وذهب بها إلى بيته وهو يظن أنه أسعد من في الوجود، إذا به يرى ذلك الجمال وقد ذبل وانهار وتحول إلى تمثال من الملح البارد الجامد الخالي من كل عاطفة أو إحساس.

منذ وقت ليس ببعيد أبدى مستر جورج ايفالدي، وهو أحد رجال الصناعة في فيلادلفيا استعداده للتنازل عن كل ثروته للمرأة المثالية على شرط أن توجد هذه المرأة.

لكن ما هي شروط المرأة المثالية؟ هل هي التي تقوى فيها عاطفة الأمومة؟ أم هي المرأة الوفية؟ أم هي المرأة الصبورة المحتملة؟ في اعتقادي أن المرأة المثالية هي المرأة التي تسعد الرجل الذي تتزوجه، وتنشر الهناء في المحيط الذي تعيش فيه، وتحمل معها الحنان، والحب، والعطف، أينما ذهبت، وتجعل العطاء قاعدة حياتها إنها المرأة التي تشعر زوجها بالحياة في شبابه، وتكون صديقته إذا انتصف به العمر، وممرضة له إذا وهن منه العظم.

فهل يمكن أن يجد الشاب هذه الزوجة؟ هناك بعض إرشادات تقي كل مقدم على الزواج من الاختيار الخاطئ نذكرها فيما يلي:

1- لا تتزوج بفتاة غير متجددة بحجة أنها قد تتجدد مستقبلاً:

إن أمر الرب "لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين" 2 كو 6: 14 وكل تعد لهذا القانون يجر على صاحبه الشقاء.

ذهب أحد الشبان إلى راعي كنيسته يسأله رأيه في أمر زواجه قال: "ما رأيك في الآنسة افلين، إنها شابة جميلة، ومثقفة ومن عائلة عريقة، فهل توافق على أن أطلبها من أبيها؟" سأله الراعي: "هل هي مولودة من الله يا ابني؟" أجاب: "كلا! إنها مؤدبة ومتدينة، ولطيفة جداً". وهنا ارتسمت علامات الجد على وجه الراعي الوقور ثم قال: "أنت يا ابني ابن الله، فأنت تسير على شاطئ نهر الحياة الأبدية، وهي ليست ابنة لله، فهي تسير على حافة الجحيم الأبدي، فكيف يكون بينكما توافق وانسجام؟ قد تسعدا في الشهور الأولى يا ولدي، لكن سعادتكما ستكون في عمر الزهر، ثم تتسع شقة الخلاف بينكما، وتنقلب سعادتكما إلى أشجان، ولن يكون هناك علاج بعد فوات الأوان ... واذكر يا ولدي أن "كل بيت منقسم على ذاته لا يثبت" مت 12: 26 .

فحاذر أيها الشاب عندما تختار فتاتك، أن تختار فتاة غير متجددة إن معنى هذا أنك ستعيش في شقاء مقيم. وما نقوله للشاب نقوله للفتاة "خير ألف مرة أن تنتظر الفتاة بغير زواج من أن تتزوج شاباً ينغص عليها حياتها، ويفسد إيمانها، ويقودها إلى الخطية".

2- تأكد قبل زواجك من التوافق التام بينك وبين الفتاة التي ستتزوجها:

ليس الإيمان هو كل شيء في الزواج، فليس كل شاب مؤمن يصلح لكل شابة مؤمنة، فلا بد إذاً من الانسجام في الأشياء الآتية:

أ- العمر: والعمر أمر هام في الزواج، فاحذر أن تتزوج فتاة تصغرك بعشرين عاماً، إن طبيعة الحياة تنفر من هذا، فالربيع لا يعيش مع الشتاء، والمال، والأثاثات الجميلة، والقصر الملآن بكل معدات المدنية المريحة لا يمكن أن تعوض ربيع العمر وقوة الشباب، لذلك فلا بد من أن يكون السن متقارباً، لقد كان الترتيب الإلهي أن يكبر آدم حواء في حساب الزمن، وأقصى مدة معقولة للفرق في السن بحسب آراء المفكرين هي سبع سنوات.

ب – الثقافة والعقلية: لا بد مع توافق العمر، من التناسب في الثقافة والعقلية، ولا ضير في أن يكون الزوج أكثر ثقافة من زوجته، فطبيعة الحياة لا تأبى ذلك، لكن الأمر الهام هو توافق العقلية والمزاج، فمن الصعب أن تعيش امرأة مع رجل غبي، أو يعيش رجل مع فتاة بلهاء ولو كانت في جمال "فينوس"

جـ - البيئة والعائلة: يجب أن تعرف البيئة التي نشأت فيها الفتاة التي ستصبح أماً لأولادك، وشريكة لحياتك. سل أين تعلمت، فبعض الشبان تعجبهم الثقافة الفرنسية، وبعضهم يحبون الثقافة الأمريكية، وآخرون يرغبون الثقافة الشرقية، والبيئة التي تعلمت فيها زوجتك هي التي صنعت منها المرأة التي ستعيش معك.

ومع دراسة البيئة ادرس عائلة الفتاة، إن أخاها هو خال أولادك العتيد، ووالدها هو جدهم، وأختها هي خالتهم، فلا بد إذاً من أن تحسن اختيار الأسرة التي ستأخذ منها فتاتك، ولا بد من التناسب بين عائلتها وعائلتك حتى لا يكون هناك أي مجال للتفاخر والغرور.

وأخلاق الأهل، في معاملتهم، وحسن تصرفهم، وكياستهم في تصريف الأمور، ومحبتهم، وعواطفهم، وقلوبهم المتسعة لها أهميتها ففكر في هذه الأمور وأنت مقدم على الزواج.

3- حاذر من زواج البرق، فالزواج القائم على الأساس الجسدي المحض زواج فاشل:

إن الأشياء الروحية لها البقاء بلا شك، لهذا قال لموئيل ملك مسه "الحسن غش والجمال باطل. أما المرأة المتقية الرب فهي تمدح" أم 31: 30

كتبت إحدى الفتيات في اعترافاتها هذا الاختبار "أحببت رجلاً لي من زملاء الدراسة من على بعد، راعني جماله، ورشاقة جسمه، وخفة حركاته، وتمنيت في قلبي أن أصير له زوجة، ومرت الأيام وحبه كامن في قلبي، حتى جاء اليوم الذي دعاني فيه إلى نزهة فأحسست بالسعادة تغمرني، وسرت معه وأنا أحس بأن الدنيا لا تسعني، لكنه عندما بدأ يتكلم أحسست أن هناك شيئاً ناقصاً في ذلك التمثال الجميل، فقد كان حديثه خالياً من العاطفة، وكانت أنفاسه تفوح منها رائحة الخمر، وبدا أمامي كأنه قبر من المرمر، وكانت هذه الدعوة هي أول لقاء وآخر لقاء، وقد تعلمت من ذلك اليوم ألا أحلق في وادي الخيال أو أتعلق بالأوهام",

فاحترس يا أخي من أن يجذبك الجمال وحده، أدخل إلى الأعماق لترى ما وراء الحسن، فإن العاطفة الحارة، والحنان الدافق في وجه امرأة متوسطة الجمال، أحسن ألف مرة من الجمود والقسوة في قلب امرأة جميلة.

4- اطلب وجه الرب للإرشاد بإخلاص:

يقول سليمان الحكيم "البيت والثروة ميراث من الآباء. أما الزوجة المتعقلة فمن عند الرب" أم 19: 14، ولاحظ أن الزوجة المتعقلة من عند الرب! أما الزوجة غير المتعقلة فليست من عنده بحال من الأحوال!! لذلك يجب أن تصلي كثيراً قبل الزواج بإخلاص من القلب، وتقول للرب أن يختار لك شريكة الحياة. لما صلى عبد إبراهيم أرشده الله إلى رفقة وكانت خير زوجة لاسحق. والرب ما زال مستعداً أن يرشد من يطلب وجهه بلا غرض، ففي صلاتك فرغ نفسك من كل الأغراض المادية، واحذر أن يكون غرضك في الزواج، هو المال، أو وظيفة زوجتك، أو مركز عائلتها، فالزواج التجاري لا يعيش.


كيف تحتفظ بالسعادة الزوجية؟

في العلاقات الزوجية كما في كل العلاقات البشرية، ليست السعادة هبة تمنح، ولكنها نتيجة مجهود يبذل، فالزواج فن، وكل فن لا بد له من الوقت والصبر والمثابرة للتجويد والإبداع فيه، وعلى قدر معرفتنا لفن السعادة الزوجية، نضمن الاحتفاظ بهذه السعادة داخل بيوتنا.

وسأهمس في هذا الفصل ببضع كلمات في أذن كل من الزوجة والزوج على انفراد ...

اسمعي يا سيدتي!!

هل تريدين أن تحتفظي بحياتك الزوجية في ملء سعادتها؟ كتب كاتب اجتماعي كبير يقول: "تستطيع المرأة أن تحفظ بيتها سعيداً، إذا أحبت زوجها أكثر مما تحب نفسها، وإذا أحبت عمله أكثر مما تحب أحاديث الجيران، وإذا أراحته فأخفت عنه الأخبار السيئة، وإذا أضاءت له شمعة الأمل في فترة ظلام اليأس، وإذا قدمت له طعاماً نظيفاً في مواعيد منتظمة، فالطعام النظيف الصحي يحفظ الجسم، ويضمن هدوء الأعصاب. وإذا اعتنت بأناقة بيتها كما تعتني بأناقة ملابسها، وإذا غيرت وبدلت في نظام بيتها حتى لا يشعر بالسأم، وإذا جددت في حديثها، فقرأت كل شيء جديد، وحاولت أن تلخص له الموضوعات التي لم يتسع وقته لقراءتها وإذا لم ينسها حبها لأولادها حبها له، وإذا لم تكذب عليه، وإذا احترمته أمام ا لناس، فلا تسخر منه ولا تهزأ بآرائه بل تشعر الناس أنها تزوجت رجلاً مفكراً، وإذا غضبت منه فلا تخاصمه، فالخصام الطويل يوجد التوتر في البيت، وإذا صالحته فلا تذكره بمعارك الماضي؛ لأن الرجل سريع النسيان، فإذا ذكرته زوجته بالأزمات التي وقعت بينهما أوحت إليه أن زواجهما لا يمكن أن يدوم لكثرة ما فيه من خناقات وأزمات. إذا فعلت المرأة ذلك رفرفت السعادة على بيتها دوماً"

اذكري يا سيدتي أنك تصنعين زوجك! منذ بضعة شهور وضعت مس بركيتر وزيرة العمل الأمريكية كتاباً عن الرئيس روزفلت، وعلق أحد كبار الكتاب على فصل هام في فصول الكتاب قال: "استوقف نظري الفصل الذي كتبته مس بركيتر عن إصابة روزفلت وهو في الأربعين من عمره بشلل الأطفال، كيف استحال هذا الشاب المتحرك إلى جثة مسجونة في الفراش! رجل يتحول إلى طفل، يجب أن يحمل من غرفة إلى غرفة، لا يستطيع أن يتناول طعامه بيده، لا يستطيع أن يدخل وحده إلى الحمام، وأحس روزفلت أن حياته تحطمت، وآماله أصبحت رماداً وأنه سيعيش باقي حياته مقعداً كسيحاً يحمل على نقالة، أو يوضع في كرسي متحرك. شأنه شأن الشحاذين الذين كان يراهم يتجولون في شوارع نيويورك! ... ثم جاءت زوجته واستطاعت أن تقوم له بوظيفة الساقين واليدين! كانت تذهب إلى المجتمعات وتجيء له بصورة كاملة لما يجري فيها، وكأنه كان هناك! كانت تشهد الاجتماعات الكبرى وتقص على زوجها ما رأته وسمعته، فيراها بعينيها ويسمعها بأذنيها! ثم لاحظت أن الوحدة تقتله فكانت تجيء له بكبار الشخصيات لتجتمع به وتتحدث إليه، في يوم تأتي له بمؤلف، أو بمحاضر عظيم أو برسام ممتاز، أو بسياسي كبير ... ولم يلبث أن شعر روزفلت أنه لم يخرج من الدنيا، وأن صلته بالعالم مستمرة، وراحت هذه المرأة تملأ حياة زوجها مرحاً، ومع المرح جاءت الثقة بالنفس، ومع الثقة بالنفس بدأت محاولة روزفلت أن يتغلب على المرض وأن يحتقره ... لم تذكر له يوماً أنه مريض وأنه يحتاج إلى الراحة، بل أشعرته أنه قوي ويستطيع وهو مشلول أن يفعل ما لا يفعله الأقوياء وصحبته إلى مشتى وراحت تدربه على السباحة وهو مقعد! واشترت له سيارة يستطيع أن يقودها بغير أن يستعمل قدمه، وأزالت من نفسه مركب النقص بأنه لا يستطيع أن يظهر في مجتمع وهو يستند إلى عكازين! وذات يوم اقترح عليه احد أصدقائه أن يرشح نفسه محافظاً لنيويورك وهو أعظم منصب في أمريكا بعد رئيس الجمهورية وتردد روزفلت فإن هذا الترشيح يستوجب عليه أن يطوف بجميع الشوارع ويحضر جميع المجتمعات، فكيف يفعل ذلك وهو مقعد كسيح! ولكنها قالت له "تستطيع أن تفعل ذلك".

وذهب إلى الاجتماع الأول! ورفضت الزوجة أن يحمل زوجها إلى الاجتماع قبل أن يحضر الناخبون حتى لا يرونه وهو يزحف على بطنه إلى منصة الاجتماع! وأصرت أن يحدث هذا في وجود جميع الناخبين! وحملوا روزفلت على نقالة إلى الاجتماع ... وأدخلوه من احد أبواب الصالة، وبدأوا ينقلونه إلى المسرح، ولهث الناس وهم يرون هذا المنظر المؤثر الحزين! وبدأ روزفلت يزحف حتى وقف مستنداً إلى ذراع أحد الرجال، ثم استند إلى المنصة، ثم رتب شعره المنكوش أثناء النقل. ثم ابتسم كأن شيئاً لم يحدث على الإطلاق، عندئذٍ دوت القاعة بالتصفيق! هذه الابتسامة كان فيها معنى النصر على المرض والشلل، هذه الابتسامة جعلت كل من في القاعة يؤمن بأن هذا الرجل الذي يقابل كل هذا الهوان بابتسامة لا بد أنه رجل عظيم! وشعر كل رجل ضعيف أنه هذا المرشح! بعضهم مشلول بالفقر، وبعضهم مشلول بالمرض، وبعضهم مشلول بالوحدة، وبعضهم مشلول بخيبة أمل في حب أو عمل! هذا المنظر أعطى كل واحد منهم ثقة في نفسه وثقة في هذا الرجل الذي تقدم للانتخاب! وفاز روزفلت في انتخابات محافظ نيويورك، وبعد سنوات فاز في انتخابات رياسة الجمهورية، واستطاع هذا الرجل المقعد أن يحكم أمريكا ستة عشر عاماً، وأن يطوف العالم، وأن يزور ميادين القتال وأن يقود الحرب العالمية الكبرى ... وهو مستند إلى عكاز ... وكان هذا العكاز هو "زوجته المؤمنة" وأنت يا سيدتي تستطيعين أن تكوني هذه الزوجة! وهمسة أخرى قبل أن أنهي حديثي معك امدحي زوجك، واخضعي له، في سنة 1952، نشرت إحدى المجلات الكبرى قصة الدكتور شاخت "العبقرية الطائرة" في عالم المال، وسامع حديث شاخت عن زوجته: "إن زوجتي تقول إنها إذا تحدثت عني فلن يصدقها أحد، إذ أنها لا ترى فيّ غير المحاسن، إننا متزوجان منذ سنين، وقد أصبحت زوجتي شديدة التعلق بي، بحيث لم تعد ترى في تصرفاتي ما لا يرضي" فليتك تتصرفين هكذا مع زوجك!!

في حياة الملكة فيكتوريا ملكة الإنجليز السابقة قصة لطيفة، فقد تشاجرت في يوم ما مع زوجها "ألبرت" وكان من عادته عندما يغضب منها أن يدخل حجرته ويغلق بابها من الداخل وينشغل في رسم صور زيتية، وأرادت الملكة أن تتصل بزوجها فذهبت إليه وقرعت الباب، وأجاب هو من الداخل قائلاً "من الطارق؟" قالت أنا ملكة إنجلترا وإمبراطورة الهند" فم يجبها بكلمة، وعادت الملكة تقرع الباب وأجاب ألبرت: "من الطارق؟" قالت أنا ملكة إنجلترا" فلم يرد جواباً، وللمرة الثالثة قرعت الملكة الباب وسأل ألبرت "من الطارق؟" وفي تواضع أجابت الملكة "افتح يا ألبرت أنا زوجتك" وفتح الرجل الباب.

بقي أن أهمس في أذنك يا سيدتي بهذه العبارة: "ادفعي زوجك للذهاب إلى بيت الله، ادفعيه أن يحب الله، والكتاب المقدس، فإن الرجل الذي يحب الله، يحب بيته وزوجته".

واسمع الآن يا صديقي الزوج العزيز!!

إن في وسعك أن تجعل بيتك فردوساً أرضياً، وذلك بأمور بسيطة للغاية!! أولها أن تغدق على زوجتك من حبك، وحنانك، وعطفك ... بحق قال رسول الأمم "أيها الرجال أحبوا نساءكم كما أحب المسيح الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها" فمقياس حب الرجل لامرأته هو مقياس حب المسيح للكنيسة، وأي رجل في الوجود يحب زوجته بهذا المقياس الرفيع ... إن الحب يجعلك ترى محاسن زوجتك.

كتب كاتب فرنسي نصيحة للأزواج قال فيها: "إذا كانت زوجتك جميلة لا تقل لها ذلك فإنها تعرف أنها جميلة، قل لها إنها ماهرة ... وإذا لم تكن جميلة، قل لها أنها حسناء في عينيك وعندها ستحمد الله أنها تزوجت من رجل يرى الجمال بروحه لا بعينيه ولذلك ستحبك إلى الأبد".

وكلمة أخرى أهمس بها في أذنك، حاذر من أن تسمح لأهلك بالتدخل بينك وبين زوجتك، إن معظم الحموات – وليسامحنني في هذا الكلام – لا يرفقن بزوجات أولادهن، والكثيرات منهن عندهن عقدة نقص تدفعهن إلى تنغيص حياة أولادهن عن حسن نية، والرجل العاقل هو الذي لا يسمح لأهله أو لأهل زوجته أن يتدخلوا في علاقاته مع زوجته، أو يرشده إلى كيفية معاملتها! لقد قال السيد له المجد "أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكراً وأنثى وقال. من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسداً واحداً. إذاً ليس بعد اثنين بل جسد واحد. فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان" متى 19: 4 – 6 فلتكن هذه الكلمات عصائب بين عينيك حتى تحفظ لك سعادتك الزوجية.

ودعني أهمس في أذنك بكلمة هامة؟ كن سياسياً في داخل بيتك: لقد كان جلادستون المنافس الأكبر لدزرائيلي رجلاً عنيداً، ولكنه كان ينقلب إلى حمل عندما يحتويه البيت، كان إذا نزل البهو لتناول إفطاره واكتشف أن سائر أهل المنزل ما زالوا نياماً صاغ تأنيبه في أسلوب فكه طريف إذ جعل يصيح بأعلى صوته، ويملأ جو البيت بنغمات نشاز مشوشة تذكر أهل البيت بأن أكثر الرجال ازدحاماً بالعمل في الإمبراطورية ينتظر إفطاره! نعم كان جلادستون في البيت سياسياً كيساً لا يقدم على النقد إطلاقاً، ولا يسوق اللوم صريحاً. فاعمل بنصيحتي يا صاحبي ولا تنتقد.

وهناك همسة ضرورية اعمل بها لتسعد في زواجك وهي أن تمنح زوجتك التقدير المخلص. إنك تريد منها أن تشبع غرورك، ولا بد أن تشبع أنت أيضاً كرامتها ... كتب أحدهم عن زوجته قال "إنني مدين لزوجتي بالشيء الكثير، فقد عاونتني على شق طريقي في الحياة، وادخرت كل قرش أمكن ادخاره، وجعلت لي من ذلك ثروة تنفع في الأيام السود، وقد أنجبنا خمسة أطفال فأحسنت تربيتهم، ووسعها أن تهيء لي من البيت جنة فيها النعيم المقيم، فلو أنني بلغت في الحياة شأواً مذكوراً، فالفضل كل الفضل يرجع إليها" فهل تذكر لزوجتك جميل صنعها. افعل هذا فتسعد!!

أخيراً خذ هذه الباقة من الزهور وجمل بها بيتك، لا تختلق النكد لأتفه الأسباب، ودع شريكة حياتك تنطلق على سجيتها وتحس أنها في بيتها، ولا تنتقد، وامنح زوجتك التقدير، ولا تهمل أبداً إعجابك بالفستان الذي تلبسه والطعام الذي صنعته بيديها وكن سياسياً، وحاذر من أن تفرق في معاملتك بين أولادك فتمنح الذكور التقدير وتغمط الإناث حقهم من العطف. لئلا توجد عقد نقص في حياة بناتك، وتولد الحسد والغيرة في قلوبهن وتدفعهن إلى البحث عن الحب خارج البيت، أو إلى الحزن والانطواء. واقرأ كتاباً محترماً من الناحية الجنسية، وادرس في روح الصلاة الإصحاح السابع من رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس ... ثم اسمع في الختام هذه الكلمة:

اجعل الرب يسوع ملك بيتك:

فوجود المسيح في البيت يمنع عن البيت كل شر، ويطرد منه الصور الخليعة، والروايات الماجنة، وزجاجات الخمر، وأوراق اللعب، وعلب السجائر، ويسكت أصوات الأغاني لتحل محلها الترانيم، ويجعل من بيتك سماء صغيرة على الأرض.

يسجل لنا يوحنا في بشارته صورة للتلاميذ في السفينة في ظلام الليل البهيم، والبحر في هياج من ريح عظيمة تهب، والتلاميذ يحاولون أن يحتفظوا بالسفينة في أمان ولا يقدرون. هذه صورة كل بيت خال من المسيح، فهو عرضة لرياح المشاجرات، وزوابع المخاصمات، وقارص الكلمات، بل هو مسرح لأقسى العذابات، وكل محاولة لإسعاد بيت كهذا تضيع مع الريح ... لكن يوحنا يختتم قصته بمجيء الرب يسوع، فلما جاء "رضوا أن يقبلوه في السفينة وللوقت صارت السفينة إلى الأرض التي كانوا ذاهبين إليها" يو 6: 21.

أجل عندما ترضى بقبول الرب في بيتك، يدخل بدخوله السلام المقيم، وعندئذٍ تستطيع أن ترى أن:

وجه يسوع هو نور البيت

وحضور يسوع هو فرح البيت

واسم يسوع هو أنشودة البيت

وعمل يسوع هو موضوع مشغولية البيت

وخدمة يسوع هي شغل البيت

ويسوع نفسه هو رب البيت.

وهذا هو السر الأعظم للسعادة الزوجية.

  • عدد الزيارات: 11404