Skip to main content

الفصل السابع: الزيارات- واسطة نمو ونشاط

للزيارات علاقة بكل عمل من أعمال مدرسة الأحد. فهي العامل الرئيسي في نمو المدرسة والعمل التبشيري فيها. إنها عامل فعال في تنمية المؤمنين وخطوة جوهرية للاتصال بالناس وتسجيلهم والاتيان بهم إلى المدرسة. يمكن أن يكون لمدرسة الأحد مكان متسع، وصفوف ودوائر كافية، وتعليم جيد، وبرامج تعبدية جذابة- وكل هذه الأمور حيوية- ولكنها إذا خلت من الزيارات فلن يتم الاتصال بالناس وبالتالي لن يستفيدوا منها بشيء.

الأساس الكتابي للزيارات:

نجد أساس الزيارات في قلب الكتاب المقدس. فلقد أوضحها يسوع بقدوة حياته وشدد عليها بوصاياه، وعظمها بتعليمه، ومارسها تلاميذه الأولون. ونظراً للنتائج الرائعة التي جناها منها المؤمنون الأولون، فقد تبناها المسيحيون واستخدموها في كل مكان.

إن مصدر السلطة في الزيارات هو الكتاب المقدس، والدافع لها هو حالة الضلال التي تتخبط فيها الجماهير. فكلمة "الزموهم" في مثل العشاء العظيم، و"لجاجة" الصديق الذي طلب خبزاً في نصف الليل، و "حتى يجده" في قصة الخروف الضال، و "تأتي دائماً" في قصة القاضي الظالم، و "تفتش باجتهاد حتى تجده" في مثل الدرهم الضائع- هذه كلها تعلم العاملين في مدرسة الأحد سر نجاح من يقوم بالزيارات لأجل خلاص النفوس.

إن ضعف الطبيعة البشرية والميل إلى الراحة والتكاسل جعلا الكثيرين من العمال المسيحيين يبتعدون عن طريقة يسوع وطريقة التلاميذ الأولين.


الدافع للزيارات:

إذا ما أراد الموظفون والمعلمون أن يثابروا على عمل الزيارات فإنهم يحتاجون إلى محرّك داخلي. وهذا المحرك يجب أن يكون قائماً على دوافع سامية وقوية.

1-حالة النفس الضالة:

إن حاجات النفوس الهالكة هي التي حدت بيسوع للمجيء إلى هذه الأرض. ونفس هذا الدافع هو الذي حرّك بولس ليذهب ويقاسي الصعاب كجندي صالح ليسوع المسيح، واقتاد كارى إلى الهند، ولفنجستون إلى أفريقيا، كما أنه يقود رجالاً عظاماً ونساء طيّبات ليعيشوا للمسيح. ولاشيء أقل من معرفة حالة النفس الضالة يدفع الموظفين والمعلمين وأعضاء الصفوف للسعي وراء الآخرين باستمرار.

2-قيمة حياة واحدة:

لا تقتصر زيارات العاملين في مدرسة الأحد على الهالكين فقط، بل هم يزورون المخلّصين أيضاً ليعرفوهم أن المسيح يطلب الحياة بكاملها. لقد أعطى يسوع الحياة- حياة واحدة- قيمة كبرى حين قال: "ماذا يعطي الإنسان فداء عن نفسه؟" وكما هو معلوم فإن قدرة الإرادة البشرية لا حدود لها، وسعة الذاكرة لا قيود لها، والخيال يتوقف فقط عند حدود الكون، والقلب البشري في عمقه وعرضه وعلوه في حيّز المحبة والشفقة لا يعرف حدوداً أو سدوداً، ونمو النفس الروحي يبلغ كماله فقط في ذاك الذي "كله مشتهيات". فقط علم الحساب السماوي يستطيع أن يقيس تأثير حياة واحدة. وهذه الطاقات والامكانات والتأثيرات غير المحدودة تعتمد، في توجيهها وتكييفها واستخدامها لأجل المسيح، على عمل موظفي ومعلمي مدرسة الأحد- ويا للعمل المجيد! إن مفهوماً كهذا عن الحياة لا بد أن يحول الزيارات من عمل شاق إلى امتياز مبارك ومفرح.

3-امتياز خدمة يسوع:

مريم ويوّنا وسوسنة كن يخدمن يسوع بأنفسهن. كيف يستطيع المؤمنون أن يخدموا يسوع اليوم؟ فهو يقول: "كل ما فعلتم بأحد أخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم" (مت25: 4).

4-قدوة المسيحيين الأولين:

إن طريقة الزيارات في العهد الجديد مذكورة على النحو التالي: "وكانوا لا يزالون كل يوم في الهيكل وفي البيوت معلمين ومبشرين بيسوع المسيح". ليس في فترات متفاوتة بحكم الواجب أو العادة، بل كل يوم يجب أن تتم الزيارات بدافع محبة المسيح في القلب، وبدافع حالة النفس الهالكة، وبقدر ما يعطي الرب من شجاعة للنفس وحركة لليدين والقدمين.


فوائد الزيارات:

إن الزيارات الفردية على طريقة يسوع هي مجلبة لبركات غنية لا يمكن الحصول عليها بطريقة أخرى أو من مصدر آخر.

1-تزوّد المعلم بمعلومات قيّمة:

تجعل الزيارات المعلمين يقفون وجهاً لوجه أمام حاجات الطلاب التي تشكل حافزاً قوياً لهم. لأن الحاجة البشرية الحقيقية تتجاذب قلب المسيحي. فالاتصال الشخصي بأحد أفراد الصف، لاسيما الذي ألمت به المصاعب والمصائب، تضفي على التعليم عمقاً ودفأً وعطفاً وحنيناً.

إن وقتاً كافياً يصرف في زيارات محددة الأهداف يساعد جداً في إعداد المعلم فكرياً وروحياً في عمله الهام ألا وهو قيادة أفراد الصف في دراسة حقيقية للكتاب المقدس صباح يوم الأحد.

2-تكسب الاحترام والمحبة والثقة:

إذا لم يحظ المعلم باحترام التلميذ ومحبته وثقته فيكون عمله نحاساً يطن وصنجاً يرنّ. فالتعليم يكون أكثر تأثيراً إذا ما تمت الزيارات بشكل منظم ومعقول.

في الغالب، يجد المعلمون والموظفون الحارون والمندفعون أناساً حارين ومهتمين للعمل معهم. ومتى كان خير الفرد هو غرض المعلمين، فلا بد أن يحظى ذوو الحاجات الماسة بعناية ممزوجة باللطف والصلاة. وعناية كهذه كفيلة بأن تلمس قلب أكثر الناس إهمالاً ولا مبالاة.

الزوار المسيحيون هم سفراء المسيح. فإنهم يسعون لتمثيل يسوع عند الذين لا يعرفونه. إنهم يحملون رسالة مقدسة، وهذا يتطلب أيد نظيفة وعقولاً واعية وقلوباً حساسة.

3-تدفع الناس إلى حضور مدرسة الأحد:

إن أكثر الناس حاجة إلى مدرسة الأحد لا يحضرونها طوعاً بل يحتاجون إلى من يجلبهم إليها. فحيث يوجد معلمون وموظفون ذاهبون فيكون هناك تلاميذ آتون. لذلك يتوقف ازدياد الحضور المستمر إلى مدرسة الأحد على الزيارات المنظمة من قبل الموظفين والمعلمين وأفراد الصفوف.


قيادة المؤمنين للقيام بالزيارات:

الأساليب الصحيحة تقود المؤمنين حتماً للقيام بالزيارات. وهاكم بعض الاقتراحات التي تساعد المدير والراعي على قيادة المؤمنين للاستمرار بالزيارات بكل أمانة ومحبة إلى أن يصبح الفرد عضواً في مدرسة الأحد، ويشترك في درس الكتاب المقدس، وأخيراً يقبل المسيح مخلصاً ورباً له.

1-كن قدوة:

ما من راع أو مدير أو معلم يقدر أن يقود الآخرين للقيام بالزيارات بانتظام وأمانة ما لم يدفعه أولاً قلبه الحنون لزيارة الناس. فالمدير يزور من هم مرشحون للعمل بالإضافة إلى العمال الذين يحتاجون إلى نصح وتشجيع. وبإمكانه أن يصطحب آخرين معه في بعض الحالات الخاصة والظروف المعقدة. ويزور أيضاً الهالكين وغير المسجلين في مدرسة الأحد.

2-حدّد وقتاً:

يجب اختيار أنسب وقت ممكن والتقيد به. ففي بعض الأحياء يفضّل أن يكون في بعد ظهر أحد أيام الأسبوع. وبعض الأفراد يفضلون الزيارة المسائية. وفي بعض الأحياء الأخرى لا تناسب الزيارات إلا بعد ظهر يوم السبت. وهذا أقرب وقت ليوم الأحد، الأمر الذي يجعل الزيارة أكثر نفعاً وتأثيراً.

من المستحسن أن يجتمع العمال في مبنى الكنيسة قبل موعد الزيارات بنصف ساعة. وعلى المدير أن يتحدث إليهم ليتأكد من أن كل شيء على ما يرام.

3-عيّن المسؤوليات:

قبل الانطلاق من مبنى الكنيسة يتوجب على كل عامل أن يعرف على وجه التحديد كم من الغائبين والمرشحين يجب أن يزور. ويجب أن تناط مسؤولية المتغيبين في كل صف بموظفي ومعلمي ذلك الصف. وعلى المدير العام أن يضع قائمة بهؤلاء كل صف صفه. فالعمل المخطط جيداً هو الذي يأتي بنتائج وثمار.

إن تعيين المسؤولية يجعل من الزيارة زيارة شخصية، إذ يتصل أحد العمال بشخص معين لغرض معين. والزيارة الشخصية، كقاعدة، تبرهن ولاشك أنها أكثر نفعاً وتأثيراً من الزيارة العامة.

ثم إن تعيين المسؤولية يضع هدفاً محدداً لكل زيارة. وقد يكون الهدف تأمين حضور المرء، أو ربحه إلى المسيح، أو قيادته إلى عضوية الكنيسة، أو تجنيده كعامل، أو تكليفه بقسم من برنامج، أو لامتداحه وتقديره بإخلاص، أو لزيارته كمريض.

4-اجمع التقارير:

يجب تقديم التقارير إما في اجتماع الموظفين والمعلمين أو في الاجتماع الذي يسبق موعد الزيارات. ومن المفيد جداً أن يتحدث العمال عن بعض نتائج زياراتهم. وتقرير عن غائب رجع، أو مرشح ربح. أو فرد اقتيد لقبول المسيح، أو مؤمن طلب الانضمام إلى الكنيسة، يكون مجلبة للفرح ويزيد من اهتمام كل العمال.

5-درّب الزائرين:

على الراعي والمدير العام أن يتأكدا من أن العمال قد تدربوا على الزيارات. ففي كثير من الكنائس لم يتعود معظم الموظفين والمعلمين وأعضاء الصفوف على القيام بزيارات. وتدريب هؤلاء على الزيارات الأسبوعية يتطلب أسابيع وشهوراً من الوقت. ويمكن عمل ذلك باصطحاب عامل واحد في كل مرة، وبالتنبير عن المنبر، وبالقدوة وأيضاً بامتداح الذين يزورون.

إن دراسة تعاليم الكتاب المقدس بشأن العمل الفردي تبدو نافعة جداً في إعداد الموظفين والمعلمين ليقوموا بالزيارات وليقودوا هم بدورهم أفراد صفوفهم لنفس الخدمة.


نتائج مضمونة:

الزيارات هي الطريقة التي استخدمها يسوع. "لأن ابن الإنسان قد جاء ليطلب ويخلص ما قد هلك". وهي الطريقة التي أمر يسوع أتباعه أن يستخدموها. "كما أرسلني الآب أرسلكم أنا". وهي الطريقة التي استعملها التلاميذ الأولون. "كل يوم من بيت إلى بيت". ثم هي الطريقة التي يتوجب على عمال مدرسة الأحد في كل مكان أن يستعملوها لأجل بنيان مدارس كتابية عظيمة والحفاظ عليها.

في استطاعة كل مدرسة أحد تقريباً أن تضاعف معدل الحضور فيها وذلك بزيادة عدد الموظفين والمعلمين الحالي، وبالقيام بزيارات فردية بدافع المحبة المسيحية. والمسؤولون عن تنفيذ هذه الأمور الراعي والمدير العام وخادم الثقافة الدينية- إذ وجد. فإذا لم يفعلوا فسيبقى الأمر دون تنفيذ.

إن خطة بسيطة عملية للزيارات تنتج رابحي نفوس إذا ما اتبعت بأمانة. فهي تبقي روح التبشير متأججة في الكنيسة، كما أنها تنمي روح العمل الإرسالي. وبالتالي تصل إلى الهالكين وتملأ أية كنيسة في أي بلد إلى حد الفيضان.

  • عدد الزيارات: 10257