Skip to main content

أهمية الصلاة وضرورتها

لو تأملنا بالرب يسوع أو ببولس الرسول لوجدنا أن الصلاة لعبت دورا كبيرا، وهاما جدا في حياة كل منهما. كانت زيارة بولس إلى تسالوكيني ناجحة جدا، و في رسالته لهذه الكنيسة الحديثة يلمح إلى أهمية الصلاة في خدمته إذ يقول " طالبين ليلا ونهارا أوفر طلب أن نرى وجوهكم ونكمل نقائص إيمانكم " (1 تسالونيكي 3، 10) يجب أن تكون الصلاة متبادلة فبينما صلى بولس لأهل تسالونيكي طلب إليهم أن يصلوا هم أيضا من أجله كي تتم الخدمة فكتب أخيرا أيها الأخوة صلوا لأجلنا لكي تجري كلمة الرب و تتمجد كما عندكم أيضا، و لكي ننقذ من الناس الأردياء الأشرار، لأن الإيمان ليس للجميع (2 تسالونيكي 3، 1و2) و كذلك الأمر مع المؤمنين في كولوسي فقد دعاهم إلى الصلاة المتواصلة، و السهر و الشكر " واظبوا على الصلاة ساهرين فيها بالشكر، مصلين في ذلك لأجلنا نحن أيضا ليفتح الرب لنا بابا للكلام لنتكلم بسر المسيح الذي من أجله أنا موثق أيضا، كي أظهره كما يجب أن أتكلم (كولوسي 4، 2-4).

أما الرب يسوع فكثيرا ما صرف أوقاتا طويلة في الصلاة كما نعرف من البشائر الأربعة و لكننا سنركز على واحدة منها، تلك التي في الإصحاح الأول من إنجيل مرقس. عليك أن تفتح هذا الإصحاح و تقرأ بتمعن و إدراك الإعداد 21- 45 منه.

لقد قضى الرب يسوع نهارا حافلا، صرفه كله بالعمل دخل الهيكل فانتقد الفريسيون و الكهنة أعماله كلها. قابله إنسان به روح نجس فشفاه وأخرج منه الروح. ومن عدد 29نراه ينغمس بأعمال أخرى. إذ خرج من الهيكل و دخل بيت سمعان بطرس، فوجد حماته مريضة و محمومة. و للحال شعر الرب بالمسؤولية فشفاها. ومن عدد 32 نرى المدينة كلها تجمعت حول بيت بطرس على الباب (عدد33) يا له من جمهور... فشفى كثيرين كانوا مرضى بأمراض مختلفة وأخرج شياطين كثيرة.... (عدد 32-34) كلفته هذه الأعمال نشاطه وقوته و مع ذلك دأب على عمله يوما بعد يوم بلا خلوة أو راحة إلى أن شعر بالحاجة إليهما.... و في الصبح باكرا جدا قام و خرج إلى موضع خلاء وكان يصلي هناك. (عدد 35) هذا الدرس عظيم لنا إذ وضع الرب يسوع الصلاة قبل النوم. قد لا نتمكن من هذا العمل على المدى الطويل لأن العمل بلا نوم أو راحة مرهق ويكاد يكون مستحيلا. وقد يشل خدمتنا و لكن المقصود هنا أن الصلاة ضرورية جدا للعمل الناجح لا سيما في حقل الرب، و أنها و الراحة مهمان للعمل. و هناك درس آخر في هذه الأعداد، قد لا ينتبه إليه الكثيرون " فتبعه سمعان و الذين معه ولما وجدوه قالوا له أن الجميع يطلبونك" (عدد 35-37) أي بكلمات أخرى خرج يسوع إلى الموضع الخلاء ليصلي في المساء في آخر النهار، وقبل الفجر جاء الجميع ينظرون. أما سمعان و الآخرين، فقد فعلموا أين يجدونه فخرجوا إليه و كأني بهم يقول له " يا رب أنت هنا وحدك في الخلاء والناس يتزاحمون ليروك ويسمعوا كلماتك " ماذا قال لهم يسوع؟ " لنذهب إلى القرى المجاورة لأكرز هناك أيضا لأني لهذا خرجت"(عدد 38).

لم يستعجل العودة إلى الجمع. مع علمه أنهم يحتاجون إليه و لكن الصلاة بالنسبة له أخذت القسط الأوفر و الأهم. علم الرب أن عمله عظيم وود لو يقدر أن يشفي جميع مرضاهم و لكن بدون صلاة يستحيل العمل. علينا أن نتمسك بهذا المبدأ و نعيره أكبر اهتمام. كثيرا ما تكون الصلاة أهم من العمل حتى عمل الرب ومن المؤسف أن العمل، و الانهماك حتى في حاجات المؤمنين يقف عائقا في طريق صلواتنا، لا وقت للصلاة لأن العمل كثير؟ و الحق أن كثيرا منا يجدون الصلاة أمرا صعبا و القليلون يجدون لذة فيها. أليس من المؤسف أن نهمل واجبا دعانا إليه الله بإلحاح ونحن نعلم أنه يسر به؟ قد نلقي اللوم على إبليس و ندعي أنه بطرقه الخبيثة يضع أمامنا عدة معاثر تعيقنا عن الصلاة. هذا صحيح و لكن لا يجوز أن نضع عليه كل اللوم. ما هي الأسباب يا ترى التي تعيقنا عن الصلاة التي هي أهم شيء في حياة المؤمن؟ هل نقدر أن نعددها فنحاول تلافيها؟ لأن العمل المسيحي بدون صلاة فاشل.

أعطى الله مواهب مختلفة لأشخاص مختلفين. لقد قرأت سيرا كثيرة لرجال الله العظام، وكم كان خجلي عندما قرأت سيرة جورج مولر الذي عن طريق الصلاة حصل على ملايين من الدولارات لميتمه، أو عن هدسون تايلور الذي ما بزغت يوما الشمس في الصين إلا وهو جاثيا على ركبتيه. أليست هذه السير بركة لنا، إنما لنتذكر دائما أن الواحد منا يختلف اختلافا تاما عن الآخر. و ما وهبه الله لواحد لم يهبه للجميع فخطة الله لهدسون تايلور، تختلف عن خطته لي، وهو يتعامل بوسائل مختلفة مع كل واحد حسب قصده- فما هي إذا إرادة الله لي أنا؟

منذ بضعة سنوات قرأت سيرة هنري فروست h. Frost فتأثرت من صلواته التي كانت أكثر دقة من صلاتي. قرأت أنه صلى بشكل خاص كي يرسل الله مرسلين أكثر فأرسلهم. اقتداء بما قرأت ركزت صلاتي على طلب مبلغ معين من الله كانت إرساليتي يومئذ بحاجة ماسة إليه ووثقت تمام الثقة أن الله سيستجيب و يرسل المبلغ المطلوب. فهل يمكنك أن تتصور مقدار خجلي و فشلي لأن الرب لم يستجب و لم يرسل المبلغ الذي صليت لأجله؟ على كل حال حتى الصلاة غير المستجابة لا تخلوا من البركة. فقد تعلمت من اختباري هذا أن ادقق أكثر وأفهم فهما أعمق معنى خدمة الصلاة. و النتيجة التي استخلصتها هي كما أن الله أعطى البعض موهبة خاصة للوعظ، لذلك أعطى غيرهم موهبة الصلاة و هذه النتيجة واضحة وصحيحة كما يقول بولس "فأنواع مواهب موجودة و لكن الروح واحد. و أنواع خدم موجودة و لكن الرب واحد. و أنواع أعمال موجودة و لكن الله واحد الذي يعمل الكل في الكل. و لكنه لكل واحد يعطي إظهار الروح للمنفعة. فإنه لواحد يعطي بالروح كلام حكمة. ولآخر كلام علم بحسب الروح الواحد ولآخر إيمان بالروح الواحد. (كورنثوس 12، 4-9) يبدو أن الله بعد الإيمان، عين لكل مؤمن موهبة خاصة. ويلخص بولس هذا الإصحاح موضحا أن الله وضع مواهب متعددة و أعمالا متعددة في الكنيسة فيسأل " العل الجميع رسلا؟ العل الجميع أنبياء؟ العل الجميع معلمون؟ العل الجميع أصحاب قوات؟ (عدد 29).

انطلاقا من هذا المنطق لأسال نفسي. هل أعطيت موهبة الإيمان نفسها لكل مؤمن؟ يبدو مما ذكرت سابقا أن موهبة الإيمان التي أعطيت لجورج مولر مثلا ليست ذاتها التي أعطيت لي مع أني لا أنكر بل أشكر على المواهب الروحية التي أعطانيها الله. إذا ليس من الضروري أن أختبر الاختبارات نفسها التي اختبرها جورج مولر، و ليس كم الضروري أن أتبع منهاج صلاته بالذات، غير أن هذا لا يعني أنني لست بحاجة إلى الصلاة، أو أن أقنع نفسي أن الصلاة غير ضرورية. بالعكس لا حياة ولا نجاح في الحياة بدون صلاة و بدون علاقة مع الله الذي هو رب العمل عن طريق الصلاة.

و أخيرا لنسمع ما يقوله بولس الرسول عن موهبة الإيمان " جدوا للمواهب الحسنى "

(1 كو 12، 31) لذلك فأول شيء يطلبه بعض العمال في الحقل المسيحي من الله هو أن يمنحهم هذا الإيمان ويمّن عليهم بالرؤيا المسيحية كي يتمكنوا من خدمته و نشر رسالته في بلاد غريبة، بعيدة قد لا يصلون إليها قطعا. و الشيء الثاني هو أن البعض لا يعرفون أن الصلاة يجب أن تكون متنوعة – هنالك ستة أشكال لها وعندما لا نذكر هذا الأمر، تصبح صلواتنا روتينية لا تنويع فبها ولا تجديد، مما ينتهي في العقم و الخيبة.

كان في الجيريا حيث كنت أخدم خلال الحرب العالمية الثانية، صبي يدعى" كديمس" لا أظنه الاسم الذي أطلقه عليه والده، و لكنه عرف به وخصوصا عند الطيارين الذين احتك بهم اكثر أوقاته. طبعا لم يكن يتكلم الإنكليزية و لكنه اعتاد أن يلحق أحدهم قائلا "كديمس" سيجارة يا جوني " كديمس " حلوى يا جو "كديمس" – بنطلون يا طوني لذا عرف بكديمس و هكذا كثير من المؤمنين المسيحيين لديهم هذه الروح للصلاة. يحسبون الصلاة طلبات من الله و حسب – فلغتهم ليست إلا أعطني، أعطني، أعطني لا غير – غافلين أن الله ينتظر غير الطلبات.

  • عدد الزيارات: 19518