Skip to main content

الإصحاح السادس والثلاثون: معاملات الله مع الناس - هدف الضيق

الصفحة 4 من 10: هدف الضيق

(ع 8- 15) هدف الضيق.

إذاً فلماذا الضيق؟ هؤلاء الأبرار الذين هم أهداف عناية الله، كم ذا "يوثقون بالقيود ويؤخذون في حبالة الذل؟" فهل هذا مناقض لما قاله أليهو؟ هو كذلك بالنسبة لأيوب إذ لم يستطع أن يتبين في قلبه إمكانيات الشر، تلك الكبرياء التي هي معصية حقيقية مثل المساوئ والشرور البارزة التي حاول الأصحاب أن ينسبوها إلى أيوب ظلماً. على أن مقصد الله من الذل والتأديب هو يطّلع الإنسان على مجفوء قلبه الشرير، ويفتح أذنيه لإنذاراته ويحوله عن الكبرياء. فإن قبلوا واتضعوا فإن آلامهم – إن آجلاً أو عاجلاً لابد أن تنتهي، حتى في هذه الحياة. وإلا فالتأديب يلازمهم إلى النهاية، فيضربون كما بحربة يده.

طبيعي أن أليهو لا يستطيع أن يتجاوز الحياة الحاضرة. لأن الحجاب لم يرفع بعد. ذاك الذي يفصل الحاضر عن المستقبل، أما نحن فنستطيع بالنور الذي لنا أن نتحدث عن "خفة ضيقتنا الوقتية" ولو ظلت طيلة العمر. إن الآلام التي من أجل البر، التي من أجل المسيح، عوض أن تكون سحاباً وظلاماً، فإنها "روح المجد والله" (1 بطرس 4: 14). إن أليهو – بالضرورة – لم يكن في مقدوره أن يتكلم عن هذا. إنما هو يشير إلى المبادئ العظيمة التي تحكم البؤس الحاضر: أي رفض المرائي الذي يغذي غضبه بدلاً من أن يصرخ إلى الله باتضاع في طلب الرحمة، هو إنما يضاعف الغضب والمحتقر سوف يلاقي قضاءه مع كل الدنسين، لكن الله يخلص المتألم المتضع. ينجيه في ذله، والذل "ينشئ" له بركة، "إنه لا يحي الشرير" فالإنسان هو موضوع عنايته الكبرى، ولكنه يهتم بكل شيء آخر. "بل يجري قضاء البائسين. لا يحول عينيه عن البار". وهذه العبارة الأخيرة هي محور هذا الإصحاح.

ففي (ص 33) كان الموضوع "الإنسان" بصفة عامة أما هنا فالموضوع هو الإنسان "البار" بصفة خاصة. فالتدريب الذي يجريه الله مع الإنسان يحيطه به لكي يريحه ويقربه إلى نفسه يتجه بصفة خاصة نحو الإنسان البار لكي يحفظه مستقيماً حتى يثبت أنه إن كان الله قد برره فلا يكون ذلك لإهانته وجلب العار على مجده، لأنه في الواقع شيء مريع أن يضل قديسي الله. "لا يحول عينيه عن البار بل مع الملوك يجلسهم على الكراسي (أو العرش). فيرتفعون "إن أوثقوا بالقيود، إن أخذوا في حبالة الذل فيظهر لهم أفعالهم. ومعاصيهم لأنهم تجبروا" وأحياناً يقع الملوك فعلاً في مثل هذه الأحوال المذلة "ويفتح آذانهم للإنذار" والكلام هنا يدور حول الملوك بصفة خاصة. فيقول: "أما فجار القلب فيذخرون غضباً، لا يستغيثون إذا هو قيدهم، تموت أنفسهم في الصبا، وحياتهم بين المأبونين".

التطبيق على أيوب
الصفحة
  • عدد الزيارات: 18438