Skip to main content

من تفسير يوحنا داربي لرسالة كولوسي ص1

في هذا الإصحاح يُعلن لنا الابن كالخالق، لكن ليس بالاستقلال عن قوة الآب أو عمل الروح. فكلهم واحد، لكن الابن هو البارز أمامنا في هذا الإصحاح. في الإصحاح الأول من إنجيل يوحنا نراه كالكلمة الذي كل شيء به كان وهنا، كما في الإصحاح الأول من رسالة العبرانيين، نراه كالخالق لكل شيء كالابن، وهو هو الكلمة أيضاً. فهو كلمة الله المُعبّر عن فكره وعن قدرته. به يعمل الله وبه يعلن ذاته.

هو أيضاً ابن الله، وبصفة خاصة ابن الآب. هو يعلن الله، ومن رآه فقد رأى الآب. وبما أنه ولد في هذا العالم بعمل الله بواسطة الروح القدس فهو لذلك ابن الله (مز2: 7، لو1: 35) لكن هذا حدث في عرض الزمان أي بعد أن صارت الخليقة مشهداً لإعلان طرق الله ومشوراته.

على أن لفظة "الابن" هي أيضاً اسم النسبة الخاصة التي بين شخصه المجيد وبين الآب قبل كون العالم. وبصفته هذه خلق كل شيء. ويجب أن يتمجد الابن كما يتمجد الآب ويجب أن يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب.

والذي تطالعنا به رسالة كولوسي بصفة خاصة هو مجد شعبه الذاتي كالابن قبل كون العالم، فهو الخالق باعتبار كونه الابن. هذه ينبغي ملاحظتها. على أن أقانيم اللاهوت غير مستقلين في أعمالهم. فإذا كان الابن يعمل معجزات على الأرض فإنه بالروح كان يخرج الشياطين والآب الذي كان حالاً فيه (أي في الابن) هو الذي عمل الأعمال.

ثم يجب أن نذكر أيضاً أن هذا الذي قيل عنه، وهو ظاهر في الجسد أي في شخصه الكامل كإنسان على الأرض. ليس المراد أننا لا نفرق في أذهاننا بين اللاهوت والناسوت ولكن حتى ونحن نفرق بينهما إنما نفكر في الشخص الواحد الذي جمع في نفسه بين اللاهوت الناسوت. فنحن نقول أن المسيح هو الله وأن المسيح هو إنسان لكن المسيح هو الاثنان معاً. أنا لا أقول هذا بلغة علماء اللاهوت ولكن أقوله لأستلفت نظر القارئ إلى هذا الاصطلاح العجيب "لأنه فيه سرّ أن يحل كل الملء" أعني أن كل ملء اللاهوت كان في المسيح.

  • عدد الزيارات: 5260