Skip to main content

الفصل الخامس: اختبار قيادة الله - وسائط القيادة الإلهية

الصفحة 3 من 4: وسائط القيادة الإلهية

وسائط القيادة الإلهية

1- الواسطة الأولى للقيادة الإلهية هي الكلمة المقدسة:

"إلى الشريعة وإلى الشهادة إن لم يقولوا مثل هذا القول فليس لهم فجر" أشعياء 8: 19 و 20، فالشريعة والشهادة هما الواسطة الأولى لإرشادنا وقيادتنا "كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر لكي يكون إنسان الله كاملاً متأهباً لكل عمل صالح" 2 تي 3: 16 و 17 "فتح كلامك ينير يعقل الجهال" "سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي" وهذا يعني أن الكتاب المقدس هو وسيلة قيادتنا، ويجدر بنا أن نضع في أذهاننا هذه الحقيقة: إن كل موضوع قد أعلن الكتاب المقدس رأى الله فيه بوضوح لا يجب الصلاة من أجل معرفة إرادة الله فيه بل يجب طاعته ... فالله قال "لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين لأنه أية خلطة للبر والإثم وأية شركة للنور مع الظلمة وأي اتفاق للمسيح مع بليعال وأي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن" 2 كو 6: 14، 15 وهذا إعلان إلهي صريح يأمرنا بالابتعاد عن أية شركة عالمية فإذا تقدم إليك شخص غير مؤمن يريد أن يدخل معك في شركة تجارية فحاذر أن تصلي لأجل هذا الموضوع، إذا أن الصلاة لن تفيدك، والله لن يقودك، لأنه سبق وقال "لا" في كلمته "وليس الله إنساناً فيكذب أو ابن إنسان فيندم"، وستكون صلاتك إذا جربك الشيطان أن تصلي كصلاة بلعام بعد أن قال له الله "لا تذهب مع رجال بالاق" لكنه عاد وصلى لله وسأله عن إرادته تحت إغراء الذهب والربح القبيح مع أن الله سبق أن أعلن له مشيئته. وكما في الشركات التجارية والعالمية، كذلك في شركة الزواج، احترس من أن تصلي حتى يعطيك الرب فتاة جميلة غير متجددة يكون قلبك قد انجذب بجمالها، وحاذري أيتها الأخت أن تصلي حتى يرتب الرب زواجك من شاب غير مؤمن أحبه قلبك، فإن هذه الصلاة تكون بمثابة كلمات مشبعة بالأوهام، ومغلفة بالغيوم، لن يسمعها ساكن السماء ... وهكذا الأمر في كل موضوع قد قال فيه الكتاب المقدس قوله الفصل، سواء أكان يمس الحياة الشخصية، أو يتعلق بالعقائد الدينية، فهنا يتحتم الطاعة لكلمة الله إن كنت تريد أن تسير في نور قيادته، ولأجل هذا قال السيد له المجد "إن شاء أحد أن يعمل مشيئته يعرف التعليم هل هو من الله أم أتكلم أنا من نفسي" يو 7: 17

تجدد أحد الشبان في اجتماع ما، وظل يواظب على هذا الاجتماع أكثر من سنة، فتقدم إليه الراعي وسأله: هل أنت متجدد؟ أجاب: نعم، بنعمة الله. سأله: ولماذا لم تشترك على مائدة الرب؟ أجاب: لأن الله لم يرشدني!! ابتسم الراعي وقال: اسمع يا ولدي الطيب، إن الله لا يرشدنا بأشياء أعلن مشيئته فيها في الكتاب، لا تتوقع هذا إطلاقاً، إنه قال "اصنعوا هذا لذكري" لوقا 22: 19 وليس علينا إلا أن نطيع.

وما دمنا بصدد الحديث عن القيادة بالكلمة المقدسة، فلا بد لنا أن ننبر عن ضرورة درس الكتاب المقدس دراسة شخصية بفهم وإدراك، فبدون هذه الدراسة الدائمة، كيف يتسنى للرب قيادتنا في موكب مشيئته؟ بحق قال أحد القديسين "يوجد أعظم رجاء لأعظم خاطيء يقرأ الكتاب المقدس، ويوجد أعظم خطر على أعظم قديس يهمل دراسة الكتاب المقدس" فطوبى للإنسان الذي في ناموس الرب مسرته وفي ناموسه يلهج نهاراً وليلاً.

2- الواسطة الثانية للقيادة الإلهية هي صوت الروح القدس:

تكلم رب المجد لتلاميذه قائلاً "إن لي أموراً كثيرة لأقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن، وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية" يو 16: 12 و 13، ومن كلمات ربنا نتعلم أن الروح القدس يقودنا ويرشدنا في أمور الحياة كما يقول بولس الرسول "لأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله" رو 8: 14 لكننا ينبغي أن ننتبه إلى حقائق هامة بخصوص قيادة روح الله ... وأول هذه الحقائق هي أن الروح القدس لا يقودنا بشيء ضد كلمة الله، فالقياس الوحيد الذي به نميز إرشاد الروح القدس هو كلمة الله وفي سفر الملوك الأول قصة رائعة لتوضيح هذا الحق الثمين، فقد أرسل الرب نبياً من يهوذا إلى بيت إيل للتنبؤ ضد يربعام، فأوصاه ألا ينتظر في بيت إيل ولا يأكل خبزاً ولا يشرب ماء، ولا يرجع في الطريق الذي جاء فيه، وبعد أن أتم النبي الذي من بيت إيل مهمته، سمع القصة نبي شيخ كان ساكناً هناك، فأسرع وراء النبي الذي من بيت يهوذا حتى إذا وجده قال له "سر معي إلى البيت وكل خبزاً ... فقال لا أقدر أن أرجع معك ولا آكل خبزاً ولا أشرب ماء في هذا الموضع لأنه قيل لي بكلام الرب لا تأكل خبزاً ولا تشرب هناك ماء ولا ترجع سائراً في الطريق الذي ذهبت فيه" 1 ملو 13: 15 – 17 لكن النبي الشيخ قال له "أنا نبي مثلك وقد كلمني ملاك بكلام الرب قائلاً ارجع به معك إلى بيتك فيأكل خبزاً ويشرب ماء. كذب عليه فرجع معه وأكل خبزاً في بيته وشرب ماء" 1 ملو 13: 18 و 19 فماذا كانت نتيجة عصيان كلمة الرب التي أعطاها لنبي يهوذا وتصديقه للكلام الكاذب الذي قاله النبي الشيخ باسم الرب؟؟ لقد كانت النتيجة مخيفة بالنسبة للنبي الذي من يهوذا فقد جاءه كلام الرب قائلاً "من أجل أنك خالفت قول الرب ولم تحفظ الوصية التي أوصاك بها الرب إلهك فرجعت وأكلت خبزاً وشربت ماء في الموضع الذي قال لك لا تأكل فيه ... لا تدخل جثتك قبر آبائك" ... وانطلق النبي العاصي فصادفه أسد في الطريق وقتله 1 ملوك 13: 39 – 24 فلنحذر إذن من أي إعلان يقال إنه من الروح القدس وهو يخالف الكتاب المقدس، لأن الروح القدس لا يمكن أن يخالف المكتوب فلنتمسك بكلمة الرسول يوحنا "أيها الأحباء لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم" 1 يو 4: 1، ولنسمع وصية الرسول بولس "إن بشرناكم نحن أو ملاك من السماء بغير ما بشرناكم فليكن أناثيما (أي محروماً)" غلا 1: 8

وهناك حقيقة ثانية بخصوص قيادة الروح القدس وهي أن هذه القيادة تطلب جواً خاصاً يستطيع فيه الروح أن يقودنا ويرشدنا، ونحن نقرأ في سفر الأعمال هذه الكلمات "وبينما هم يخدمون الرب ويصومون قال الروح القدس افرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه فصاموا حينئذٍ وصلوا ووضعوا عليهما الأيادي ثم أطلقوهما فهذان إذ أرسلا من الروح القدس انحدرا إلى سلوكية" أع 13" 2 – 4 ونتعلم من هذا كيف يقود الروح القدس أولاد الله قيادة حكيمة واضحة، وكما أفرز برنابا وشاول للخدمة كذلك يفرز اليوم خداماً أمناء لخدمته، لكنه يتطلب جواً مقدساً حتى يتمكن من قيادتنا، وهذا الجو هو جو الخدمة الأمينة "بينما هم يخدمون الرب"، وهو جو الصوم والبعد عن العالم والأفكار العالمية وتركيز العقل في الرب "ويصومون"، في هذا الجو السماوي يهمس الروح القدس همساته الإلهية ويرشد شعبه بحكمته التي لا تخطيء، لكن السر في عدم تمتع أولاد الله وبناته بقيادة الروح، هو كثرة مشغولياتهم واهتماماتهم العالمية، وتعجلهم للأمور، وعدم إدراكهم أهمية الهدوء في محضر الله حتى تصدر الإشارة الإلهية بالعمل ....

وتوجد حقيقة ثالثة بخصوص قيادة الروح القدس، هي أن الروح القدس قد يمنعنا من أعمال مقدسة لم يحن وقت عملها ونحن نقرأ في سفر الأعمال هذه الكلمات "وبعد ما اجتازوا في فريجية وكورة غلاطية منعهم الروح القدس أن يتكلموا بالكلمة في آسيا فلما أتوا إلى ميسيا حاولوا أن يذهبوا إلى بثينيه فلم يدعهم الروح" أع 16: 6 و 7، فالتكلم بالكلمة أمر مقدس ولكن الروح منعهم أن يتكلموا بالكلمة في آسيا، والذهاب إلى بثينية أمر مقدس لكن الروح لم يدعهم يذهبون، لأن وقت الكلام، ووقت تبشير بثينية لم يحن بعد. فقيادة الروح تتطلب إحساساً ممتازاً وتوجيهاً للعقل نحو الله وكما يوجه المرء مؤشر جهاز الاستقبال إلى المحطة المطلوبة بتدقيق كذلك يجب أن نوجه قلوبنا بإخلاص إلى الله حتى يمكن أن نسمع هذا الصوت المنخفض الخفيف وإلا فلن نسمع سوى ضوضاء أصوات العالم.

والكتاب المقدس مليء بالحوادث التي تؤكد حقيقة قيادة الروح، فقد قاد الروح فيلبس أن يكلم الخصى الحبشي "فقال الروح لفيلبس تقدم ورافق هذه المركبة" أع 8: 29، ولما أطاع فيلبس وجد نفساً مستعدة، ووجد فصل الكتاب الذي يبدأ منه رسالته الخلاصية لهذه النفس، وكما أرشد الروح فيلبس كذلك أرشد بطرس لمعرفة قلب حنانيا وسفيرا فلما دخل الرجل وقال كذبته الرهيبة قال له بطرس "لماذا ملأ الشيطان قلبك لتكذب على الروح القدس وتختلس من ثمن الحقل" أع 5: 3، ولما دخلت سفيرا وكذبت هي الأخرى قال لها "ما بالكما اتفقتما على تجربة روح الرب" وهكذا يقود الروح القدس أبناء الله بطرق متنوعة وعجيبة.

حدثتنا الأخت أبيجايل لوف عن اختبار مثير يؤكد قيادة الروح القدس قالت " كنت حاضرة في اجتماع صباح الأحد لكسر الخبز وكان حضور الرب واضحاً عميقاً وقد شبعت به النفوس، وفي وسط الهدوء الذي يسود الحجرة التي عقد فيها الاجتماع سمعت صوتاً منخفضاً خفيفاً يهمس داخلي قائلاً: أبيجايل اذهبي إلى البيت واحضري كل ما عندك من مال، فأنا أريدك أن تعطي الكل. كنت أضع في حقيبتي دولارين، وكان عندي في البيت ثلاثة دولارات وكان الصوت واضحاً أن أذهب وأحضر الباقي، تعجبت في نفسي لماذا يطلب الرب هذا الطلب؟! ولكنني تعودت أن أطيعه، ولذلك غادرت الاجتماع في هدوء وذهبت في سيارة من السيارات العامة إلى منزلي وأحضرت كل ما عندي وخرجت لأعود إلى الاجتماع ....

وقفت في الطريق أنتظر السيارة، وإذا بي أرى سيدة مسنة متعبة تقف في ذلك الصباح البارد في ظلال أحد الأبواب، وقد أغمضت عينيها كأنما هي ترفع صلاة إلى الله ... تقدمت إليها وقلت لها: إنك تبدين متعبة يا أماه، فما الذي أخرجك في هذا اليوم البارد المطير؟ أجابت: لقد كنت مريضة يا ابنتي لكنني قد أصبحت الآن أحسن حالاً مما كنت. سألتها: هل تعرفين الرب يسوع المسيح كمخلص شخصي لك؟ أجابت: بكل يقين يا ابنتي ولقد وقفت في ظلال هذا الباب حتى أستطيع أن أصلي إلى أن تأتي السيارة التي ستقلني. سألتها: ولأي شيء كنت تصلين؟ أجابت: لو أخبرتك يا ابنتي لاعتقدت إنني أسألك إحساناً!! قلت: حاشا يا أماه. وشرعت السيدة العجوز تحدثني بقصتها، لقد مات زوجها وتركها فقيرة مسكينة ولها ابنة تقطن في بلد بعيد، وقد أرسلت إليها أن تبيع أثاث منزلها وتسافر بثمنه إليها لتعيش معها، ولكنها بعد أن باعت الأثاث وجدت أن القيمة المطلوبة تنقص خمسة دولارات ... وسكتت العجوز لحظة ثم استطردت "وقد وقفت في هذا المكان أطلب إلى مخلصي أن يرسل لي الخمسة دولارات".

قفزت من فرط الفرح، وأخبرت الأم الطيبة كيف قادني الروح القدس بصوته الهادئ أن أخرج من الاجتماع لأحضر باقي ما عندي من مال، وكيف تعجبت من طلب الرب لكنني أطعته وها هو يريني لماذا قادني!! ... ثم سلمتها الخمسة دولارات ومضيت في طريقي أطفر من فرط السرور ....

3- الواسطة الثالثة للقيادة الإلهية هي الظروف المجهزة من الله:

عندما ذهب عبد إبراهيم ليحضر زوجة لاسحق، وصلى للرب، وفقه الله بكيفية واضحة، وقاده إلى بيت إخوة سيده، وإلى الفتاة المعينة، وسارت الظروف سهلة هينة بلا تعقيد، حتى أنه لما أراد أهل الفتاة أن يبقوها أياماً قال لهم العبد التقي "لا تعوقوني والرب قد أنجح طريقي". أجل! فلما تكون مشيئة الله في جانبنا تسير الأمور في هوادة وسهولة ويسر.

حدثنا الأخ لانج قال: حدث مرة أن وعدت مسيحياً حديث ألسن بمساعدته في أمر صعب، ولكنني في صباح اليوم الموعود مرضت بالحمى، وكان يجب أن أبقى في البيت، إلا أنني لم أشأ أن أخذل ذلك الصديق. كما لم أكن قد تعودت أن أجعل جسدي يتحكم فيّ، ولذا تحاملت على نفسي وخرجت حسب الموعد، وبدا لي أن كل شيء يسير على ما يرام، فقد نجحت في تدبير الأمر، ولكن لم يمض طويل وقت حتى ندمت جداً إذ تبينت أن ذلك الشاب لم يكن أهلاً للمساعدة، وأصابني لوم كبير لأنني تصديت لمعونته. فلو أنني كنت مرهف الحس، لأدركت أن ذلك المرض الفجائي الذي ألم بي، كان صوتاً إلهياً يمنعني من الخروج لهذا العمل. لقد قال أرمياء النبي "سيج طرقي بحجارة منحوتة" مرائي 3: 9 وإذا كان الرب قد سيج الطريق بالحجارة فمن الغباء أن نتسلق هذا الطريق!

ويلذ لنا ونحن بصدد الحديث عن الظروف المجهزة من الله، أن ننتبه إلى حقيقة هامة، وهي أن هذه الظروف لا تكون من الله إلا إذا اتفقت مع نور كلمته الوضاح، وقيادة روحه في إقناع صريح، أما إذا انفتح الباب ضد المكتوب، وضد قيادة الروح القدس، فهو إذن إغراء من الشيطان للإيقاع بنا، فالباب المفتوح ليس دليلاً دائماً على إرادة الله وقيادته، ونجد في سفر صموئيل الأول 24: 4 حادثة تعيننا على فهم هذا الفكر الجليل، فقد طارد شاول داود أشد المطاردة وفي أثناء مطاردته جاء إلى صير الغنم التي في الطريق، وكان هناك كهف فدخل شاول لكي يغطي رجليه وداود ورجاله كانوا جلوساً في مغابن الكهف .... ونام شاول، نام نوم المتعب المكدود "فقال رجال داود له هوذا اليوم الذي قال لك عنه الرب ما أنا ذا ادفع عدوك ليدك فتفعل به ما يحسن في عينيك فقام داود وقطع طرف جبة شاول سراً" قطع طرف جبة الملك لكنه لم يرض بأن يقتله ويعتلي عرشه، ومع أن الباب فد فتح أمام داود، والظروف بدت مرتبة للتخلص من الملك الذي يطارده، والذي تسبب في هزيمة بلاده وعارها، ومع أن الأغلبية التي مع داود نصحته بأن يقضي عليه، وكان من الممكن أن يعتبر داود أن الباب المفتوح هو دليل قاطع على قيادة الله، وأن يخضع لرأي الأغلبية التي معه، لكن داود كان رجلاً متصلاً بالرب، وكان يتلقى أوامره من الأعالي لا من أصوات أصدقائه أبناء الأرض، ولذا قال لرجاله "حاشا لي من قبل الرب أن أعمل هذا الأمر بسيدي بمسيح الرب فأمد يدي إليه لأنه مسيح الرب هو" 1 صم 24: 6 قال هذا الكلام دون أن يخشى غضب الأغلبية، أو يندم على الفرصة التي أتيحت له للخلاص من عدوه واعتلاء العرش بدلاً عنه. ولذا فقد جاء وقت الرب، ومات شاول منتحراً، واعتلى داود العرش وهو طاهر اليد نظيف الماضي ... فحاذر أن تجري وتدخل من الباب المفتوح إلا إذا وثقت أن الله هو الذي رتبه لك، فقد فتح نبوخذ نصر باب النجاة أمام الفتية الثلاثة، وطلب إليهم أن يسجدوا للتمثال، لكنهم وجدوا أن هذا الباب ضد المكتوب فقالوا للملك "يا نبوخذ نصر لا يلزمنا أن نجيبك عن هذا الأمر" ومن ا لناحية الأخرى نجد يونان يركب السفينة التي وجدها أمامه وهو يطمئن نفسه بالهروب، ولكن سهولة وجود السفينة لم يكن دليلاً على قيادة الله، ولذا قضى في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال حتى تعلم درس الطاعة لصوت الله.

4- الواسطة الرابعة للقيادة الإلهية هي الرؤى السماوية:

نقرأ في سفر أيوب هذه العبارات "لكن الله يتكلم مرة وباثنتين لا يلاحظ الإنسان. في حلم في رؤيا الليل عند سقوط سبات على الناس في النعاس على المضجع حينئذ يكشف آذان الناس ويختم على تأديبهم" أيوب 33: 14 – 16 ونتعلم من هذه الكلمات أن الله يكلم الناس بالرؤى، ويرشدهم بالأحلام، ونرى هذا الحق في ثنايا الكتاب المقدس بشكل ظاهر، فنقرأ عن حلم يعقوب، وأحلام يوسف ابنه، وكذلك نقرأ عن أحلام يوسف رجل مريم العذراء فقد قاده الرب بالأحلام أربع مرات (اقرأ متى 1: 20، متى 2: 13، 19: 22)، وفي سفر أعمال الرسل نقرأ أنه بعد أن منع الروح القدس بولس من الذهاب إلى بثينية "ظهرت لبولس رؤيا في الليل رجل مكدوني قائم يطلب إليه ويقول أعبر إلى مكدونية وأعنا فلما رأى الرؤيا للوقت طلبنا أن نخرج إلى مكدونية متحققين أن الرب قد دهانا لنبشرهم" أعمال 16: 9 و 10، وهكذا قاد الرب خادمه عن طريق رؤيا واضحة، وكذلك إذ أراد السيد أن يقنع بطرس بالذهاب مع رجال كرنيليوس أراه رؤيا سجلها لنا سفر الأعمال في هذه الكلمات "ثم في الغد صعد بطرس على السطح ليصلي نحو الساعة السادسة، فجاع كثيراً واشتهى أن يأكل. وبينما هم يهيئون له وقعت عليه غيبة فرأى السماء مفتوحة وإناء نازلاً عليه مثل ملاءة عظيمة مربوطة بأربعة أطراف ومدلاة على الأرض وكان فيها كل دواب الأرض والوحوش والزحافات وطيور السماء وصار إليه صوت قم يا بطرس اذبح وكل فقال كلا يا رب لأني لم آكل قط شيئاً دنساً أو نجساً فصار إليه أيضاً صوت ثانية ما طهره الله لا تدنسه أنت وكان هذا على ثلاث مرات ثم ارتفع الإناء إلى السماء" أع 10: 9 – 16، وبواسطة هذه الرؤيا، ذهب بطرس إلى بيت كرنيليوس وكان سبب بركة في بيت ذلك القائد المشتاق على معرفة النور.

على أنه يجدر بنا ونحن نتحدث عن الرؤى الإلهية أن نحترس من الرؤى الزائفة فقد قيل في سفر إشعياء "الكاهن والنبي ... ضلا في الرؤيا" إش 28: 7، وقيل أيضاً في سفر إرمياء "بالكذب يتنبأ الأنبياء بأسمى ... برؤيا كاذبة" إرمياء 14: 14، فإذا كانت بعض الرؤى صادقة فالكثير من الرؤى كاذب زائف، ومحك صدق الرؤيا هو اتفاقها مع كلمة الله، ومع قيادة روحه، فإذا كانت صادقة فهي إذن من الرؤى التي قال عنا حبقوق "لأن الرؤيا بعد إلى الميعاد إن توانت فانتظرها لأنها تأتي أتياناً ولا تتأخر" وإن لم تتفق الرؤى مع كلمة الله وقيادة روحه فهي أضغاث أحلام، منبعثة من العقل الباطن، أو من تعب الأعصاب وكثرة التفكير.

ومع كل ما ذكرناه من وسائط للقيادة الإلهية، نقول أن الله قد يقود أولاده بواسطة الملائكة كما قاد كرنيليوس قائد المئة "فلا تنسوا إضافة الغرباء لأن بها أضاف أناس ملائكة وهم لا يدرون".

نتائج طاعة قيادة الله
الصفحة
  • عدد الزيارات: 15091