Skip to main content

خاتِمَة "صناعَةُ شخصِيَّةٍ هامَّة من شَخصِيَّةٍ نَكِرَة" - أجمَلُ الأعداد في الكِتابِ المُقدَّس

الصفحة 3 من 4: أجمَلُ الأعداد في الكِتابِ المُقدَّس

أجمَلُ الأعداد في الكِتابِ المُقدَّس

تأكَّدُوا من أن تُلاحِظُوا أنَّهُ عندَما إعتَرَفَ بُطرُس بأنَّ محَبَّتَهُ لِرَبِّهِ هي مُجَرَّدُ صدَاقَة، أجابَ الرَّبُّ، "إذاً، إرعَ غَنَمِي يا بُطرُس." أعتَقِدُ أنَّ هذا هُوَ واحِدٌ من أَجمَلِ الأُمُور في كلمةِ الله. وأعتَقِدُ أنَّ الرَّبَّ يقُولُ لِبُطرُس، "يا بُطرُس، أُريدُ شخصاً مثلَكَ ليَرعَى غَنَمِي. أُريدُ شخصاً مثلكَ يعرِفُ معنى الفَشَل. ولا أُريدُ شخصاً كمالِيَّاً مِثالِيَّاً، يَضَعُ مُتَطَلِّباتٍ غير واقِعيَّة على خِرَافِي. أُريدُ شخصاُ مَكسُوراً ومُنسَحِقاً – أُريدُ شَخصاً يرعى الخراف التي مُتُّ لأجلِها. أُريدُ شخصاً عَطُوفاً، يَهتَمُّ بآلامِ الخرافِ التي أحبَبتُها أنا كثيراً، ويُعالِجُ فشلَها. أُريدُ شخصاً مِثلَكَ ليَرعَى خِرافي الغالِيَة والعَزيزة يا بُطرُس."

المرَّةُ الثَّانِيَة، طَرَحَ فيها الرَّبُّ السُّؤال، "يا بُطرُس، أتُحِبُّني حقَّاً؟" وهُنا أيضاً إستخدم يُوحَنَّا كلمة "آغابِّي." المرَّةُ الثَّانِيَة التي أجابَ بها بُطرُس بأنَّهُ يُحِبُّ الرَّبّ، إقتَبَسَ يُوحَنَّا قولَ بُطرُس وهُوَ يُجيبُ ثانِيةً بِكلمة "فِيلِيُو." رَدَّاً على هذا الإعتِرافِ الثَّانِي لِبُطرُس، يذكُرُ يُوحَنَّا جوابَ يسُوع لِبُطرُس مُستَخدِماً العبارَة اليُونانيَّة التي تَعني: "إذاً إرعَ غَنَمي، يا بُطرُس." ولكنَّ جَوهَرَ ما تعنيهِ هذه الكلمات هُوَ: "إذاً، إهتَمَّ بِخِرافِي. فأنا أُريدُ شخصاً مثلكَ يا بُطرُس ليَهتَمَّ بِحاجاتِ خِرافي." (يُوحَنَّا 21: 16)

وتَصِلُ هذه الدَّراما الحاسِمَة لهذا الحوار الدينامِيكيّ بينَ يسُوع وبُطرُس إلى ذُروَتِها، عندما يسألُ الرَّبُّ في المرَّةِ الثَّالِثَة، "يا بُطرُس، أَتُحِبُّني؟" المرَّةُ الثَّالِثَةُ يستَخدِمُ يُوحَنَّا كلمة "فيليُو" للتَّعبِيرِ عن كلمة محبَّة. هذا يعني أنَّ يسُوعَ كانَ يسألُ هذا القائِدَ المُستَقبَلِيّ للكنيسة، "يا سِمعانُ بنَ يُونا، هل أنتَ حَتَّى صَديقِي؟"

عندما نفهَمُ هذه الكلمات اليُونانِيَّة، نُدرِكُ لماذا حَزِنَ بُطرُس بسبِبِ الطريقة التي بها طرحَ الرَّبُّ السُّؤالَ ثالِثَةً. وكذلكَ نحنُ نُثَمِّنُ إنكسارَ بُطرُس المُمَثَّل في هذا الجوابِ الأخير من بُطرُس على أسئِلَةِ يسُوع الثَّلاثة: "يا رَبُّ، أنتَ تَعرِفُ قَلبِي. أنتَ تعلَمُ كُلَّ شَيء. أنتَ تعلَمُ أنَّني على الأقَلّ لديَّ هذا المقدار من المحبَّة. أنتَ تعلَمُ بالتأكيد أنَّي على الأقل صديقُكَ" (يُوحَنَّا 21: 17).

وكما أشَرتُ سابِقاً، أجمَلُ جُزءٍ في هذا الحِوار بينَ يسُوع وبينَ هذا الرَّسُول، الذي أنكَرَ رَبَّهُ ثلاثَ مرَّاتٍ، هو أنَّهُ عندما إعتَرَفَ بُطرُس بإنكِسارِهِ، كانَ جَوابُ الرَّب الأخير لهُ هُوَ: "إذاً إرعَ غَنَمِي، يا بُطرُس!" أعتَقِدُ أنَّ هذا في غايَةِ الرَّوعة. فإن كُنتَ قد خَيَّبتَ آمالَ الرَّبِّ مَرَّةً، عليكَ أن تُفَكِّرَ أيضاً بأنَّ كلمات يسُوع الأخيرة هذه لبُطرُس هي من أجمَلِ ما كُتِبَ في الكِتابِ المُقدَّس.

فكلماتُ التَّثبيت هذه التي قالَها يسُوعُ لبُطرُس – والتي كرَّرَها الرَّبُّ ثلاثَ مرَّاتٍ – تعني أنَّ يسُوعَ المسيح الحَيّ المُقام لا يُريدُ أشخاصاً كَمالِيِّين، يُدافِعُونَ عن أُسطُورَة كمالِيَّتِهم، ويطلُبُونَ تَوَقُّعاتٍ غير واقِعيَّة منَ الخراف. لقد كانَ الفَرِّيسيُّونَ الوحيدينَ الذين أثارُوا مشاعِرَ الغَضَب عندَ ذلكَ الذي كانَ "الله معنا." أحدُ أسباب غَضَب الرَّب منَ الفَرِّيسيِّين كانَ أنَّهُم وضَعُوا مُتَطَلِّباتٍ غير واقِعيَّةَ على شَعبِ الله. (متَّى 23: 13).

قالَ لي أحدُ أساتِذَتي: "أنتَ لستَ الله، لذلكَ إسمَحْ لِنَفسِكَ بأن تفشَلَ، وإسمَحْ للآخرينَ بما تَسمَحْ بهِ لنَفسِكَ بِواقِعيَّة. فالأشخاصُ الذين يَرفُضُونَ أن يسمَحُوا بالفَشَل لذواتِهِم وللآخرين، سوفَ يَقُودُونَ أنفُسَهُم والآخرينَ نحوَ اليأس." وقالَ لي أُستاذٌ آخر من أساتِذَتي أنَّهُ عندما كانَ يُودِّعُ زوجَتَهُ ماضِياً لأوَّلِ يومٍ عمَلٍ كقَسِّيسٍ لِمَجلِسِ الشُّيوخ الأميركي، قالَ لِزَوجَتِهِ: "كُلُّ يَومٍ عِشتُهُ أعَدَّني لهذا اليوم."

هذا الحِوارُ بينَ يسُوع وبُطرُس يلمِسُ قُلُوبَنا عندما نُدرِكُ أنَّ يسُوعَ يُقنِعُ بُطرُس – ويُقنِعُكَ ويُقنِعُني – بأنَّ إنتِصاراتِنا وسقطاتِنا هي أدواتٌ يستَخدِمُها الرَّبُّ ليُطَوِّرَ شَخصِيَّاتِنا الرُّوحِيَّة، ولِيُقنِعَنا بالحقيقَةِ الدِّينامِيكيَّة التي علَّمَ بها في الخُلوَةِ المسيحيَّةِ الأخيرة. فعندَما علَّمَ يسُوعُ رُسُلَهُ مثلَ الكرمة، علَّمَهُم وإيَّانا أنَّنا بِدُونِهِ لا نستَطيعُ أن نعمَلَ شَيئاً، لا قَليل ولا كثير، بل لا شَيءَ البَتَّةَ! (يُوحَنَّا 15: 5) وبينما نتبَعُ يسُوع، كُلُّ ما يحدُثُ لنا يُمكِنُ أن يكُونَ جزءاً من كُلِّيَّةِ اللاهُوت، والدِّراسَةُ في كُلِّيَّةِ اللاهُوتِ هذهِ لا تَنتَهي أبداً.

لماذا أظهَرَ يسُوعُ المسيحُ المُقامُ قُوَّةً عظيمَةً يومَ الخمسين من خلالِ هذا الرَّجُل بُطرُس؟ أعتَقِدُ أنَّنا عندَما نفهَمُ ديناميكيَّاتِ مُقابلَة يسُوع معَ بُطرُس على الشَّاطِئ، صبيحَةَ ذلكَ اليوم، نَجِدُ الجوابَ على هذا السُّؤال.

لقد كان الرَّبُّ يُعَلِّمُ بُطرُس ثلاثَةَ دُرُوسٍ يحتاجُ رِجالاتُ اللهِ أن يتعلَّمُوها، قبلَ أن يُصبِحُوا أدواتٍ يستَخدِمُها اللهُ بيدَيهِ بِقُوَّة. الدَّرسُ الأوَّل هُوَ: "أنتَ لا أحد ذُو شَأن." الدَّرسُ الثَّانِي هُوَ: "أنتَ أحَدٌ ذُو شأن." الدَّرسُ الثَّالِثُ هُوَ: "دَعني الآن أُظهِرُ لكَ ماذا أستَطيعُ أن أعمَلَ من خلالِ شَخصٍ تعلَّمَ أنَّهُ لا أحد ذو شأن." في كُتَيِّبي عن سفرِ الخُروج، أظهَرتُ هذه الدُّرُوس الثَّلاثَة من خلالِ حياةِ وإختِبارِ مُوسى. (الكُتَيِّب رَقَم 1). سوفَ تَجِدُونَ اللهَ يُعَلِّمُ هذه الدُّرُوس الثَّلاثَة لأشخاصٍ يستَخدِمُهُم عبرَ الكتابِ المُقدَّس. وسوفَ تكتَشِفُونَ أيضاً أنَّ اللهَ يُعَلِّمُ هذه الدُّرُوس الثَّلاثَة لأُناسٍ اليوم. فعندما يُريدُ اللهُ أن يستخَدِمَكَ، سوفَ يُعَلِّمُكَ هذه الدُّرُوس الثَّلاثَة نفسَها.

طَريقَةٌ أُخرى لتَلخيصِ هذه الدُّرُوس الثَّلاثَة هي بالقَول أنَّ أشخاصاً مثل مُوسى وبُطرُس، اللذينِ تعلَّما هذه الدُّرُوس الثَّلاثة، إكتَشَفا البَرَكَةَ النَّاتِجَة عن معرِفَةِ هذه الأسرارِ الرُّوحِيَّةِ الأربَعة:

"لا يَهُمُّ من أو ما أنا، بل المُهِمُّ من هُوَ وما هُوَ الله. ما يَهُمُّ هُوَ ليسَ ما أستَطيعُ أو لا أَستَطيعُ عملُهُ، بل ما يَستَطيعُ وما يُريدُ الرَّبُّ أن يعمَلَهُ. لهذا فالمُهِمُّ هُوَ ليسَ ما أنا أُريد، بل ما هُوَ يُريدُ." عندما أتَعَلَّمُ هذه الأسرار الرُّوحيَّة الأربَعة، عندما بإمكانِي أن أنظُرَ إلى الوراء، حيثُ إستَخدَمَني المسيحُ، وأن أقُول، "عندما أُفَكِّرُ بِقيمَةِ حياتِي، أُدرِكُ أنَّهُ لم يَكُنِ المُهِمُّ ما أنا عمِلتُ، بل ما عَمِلَهُ الرَّبُّ من خِلالِي، ذلكَ هُوَ ما سيكُونُ لهُ نتائج أبديَّة لا تَزُول. فقط عندَما إختَبَرتُ هذه الحقائِق الرُّوحيَّة، فقط عندَها أنتَجَتْ حياتِي ما دَعاهُ يسُوعُ، "الثَّمَر الذي يَدُوم." (يُوحَنَّا 15: 16)

أعرِفُ شابَّاً كانَ يُحَقِّقُ إنجازاتٍ جَبَّارَة، قبلَ أن يتعلَّمَ هذه الأسرار الرُّوحيَّة الأربَعة، ولكنَّهُ سُرعانَ ما تعلَّمَها ولَخَّصَها بالتَّالِي: "يسُوع المسيح + أي شَيء = لا شَيء؛ يسُوع المسيح + لا شَيء = كُلّ شَيء."  والرَّبُّ يستَخدِمُهُ بِقُوَّةٍ اليوم كمُبَشِّرٍ مَعرُوفٍ عالَمِيَّاً، لأنَّهُ تعلَّمَ ماذا يستطيعُ اللهُ أن يعمَلَهُ من خلالِ شَخصٍ تعلَّمَ أنَّهُ لا أحد.

أنا مُتَيَقِّنٌ أنَّ المسيحَ الحَيَّ المُقامَ إختَارَ أن يستَخدِمَ بُطرُس يومَ الخمسين، لأنَّ بُطرُسَ تعلَّمَ أنَّهُ لا أحد ذو شأن. فعلى الشَّاطِئ صبيحَةَ ذلكَ اليوم، أقنَعَ يسُوعُ بُطرُسَ أنَّهُ أصبَحَ شخصاً ذا شأنٍ وبإمكانِ اللهِ أن يستَخدِمَهُ، لأنَّهُ تعلَّمَ أنَّهُ لم يَكُن أحداً ذا شأن. فيوم الخمسين، إكتَشَفَ العالَمُ أجمَع والكنيسة بأسرِها ماذا يستَطيعُ أن يعمَلَهُ المسيحُ الحَيُّ المُقام، من خلالِ شَخصٍ تعلَّمَ أنَّهُ لا أحد. (أعمال 2: 32، 33).

مَشيئَةُ اللهِ لِحَياتِكَ
الصفحة
  • عدد الزيارات: 10311