Skip to main content

الفَصلُ الثَّانِي "لِقاءٌ معَ الرَّسُول بُولُس" - الوصفُ الذَّاتِيُّ المُثَلَّث لبُولُس الرَّسُول

الصفحة 3 من 3: الوصفُ الذَّاتِيُّ المُثَلَّث لبُولُس الرَّسُول

الوصفُ الذَّاتِيُّ المُثَلَّث لبُولُس الرَّسُول (13- 16)

في القِسمِ الثَّانِي من تحيَّتِهِ، يبدأُ بُولُس بالفِعل رسالَتَهُ العميقَة، الشَّامِلَة والمُوحاة التي هي بِمثابَةِ تقديمٍ لإنجيلِ الخلاص، وذلكَ برَبطِ الضمير المُتكلِّم المُفرَد "أنا" برسالَةِ الإنجيل ثلاثَ مرَّاتٍ. كتبَ بُولُس يَقُولُ، "أنا مَديُونٌ لِليُونانِيِّين والبَرابِرَة، لِلحُكَماءِ والجُهَلاء." (14) وهُوَ يُعلِنُ أنَّهُ مَديُونٌ لكُلِّ شَخصٍ يلتَقيه.

في تلكَ الحضارة، كانَت تُلصَقُ سُمعَةٌ سَيِّئة بكُلِّ شَخصٍ مَديُون. وكانَ الدَّيْنُ يُشكِّلُ مُشكِلَةً خطيرة، لأنَّهُ كانَ قد يَقُودُ المَديُونَ إلى السِّجن. فلم يَكُنِ الدَّينُ مُخجِلاً فحَسب، بل إذا عجِزَ مَديُونٌ عن سَدِّ دَينِهِ، كانَ يُعتَبَرُ الدَّينُ جريمَةً يُعاقِبُ عليها بالسِّجنِ أُولئكَ المَديُونِينَ الذين لا يستطيعُونَ أن يُوفُوا بِدُيُونِهم. وفي إطارِ تلكَ الحضارَة، كانَ بُولُس يَقُولُ لقُرَّائِهِ أنَّهُ إتَّخَذَ الخيارَ الطَّوعِيّ بأن يجعلَ نفسَهُ مديُوناً لِكُلِّ كائنٍ بَشَرِيٍّ يلتَقيهِ، بمعنَى أنَّهُ سيخدُمُ هذا الشَّخص بأيَّةِ طريقَةٍ مُمكِنَة، ليتمكَّنَ من تقديمِ الإنجيلِ لهُ.

ثُمَّ كتبَ يَقُولُ، "فهكذا ما هُوَ لي مُستَعَدٌّ لِتَبشِيرِكُم أنتُم الذين في رُومية أيضاً." (رُومية 1: 15) الكلمة "مُستَعَدٌّ" تعني "مُتَشَوِّقٌ"، ويشرَحُ بُولُس لماذا كانَ مُتَشَوِّقاً ليكرِزَ بالإنجيلِ في رُوما. فلقد كانَ بُولُس قد أعلنَ بِشارَةَ الإنجيل وأحرزَ نتائجَ خارِقَة للطَّبيعة في أماكِنَ عدَّة، ولا سِيَّما في مُدُنٍ فاسِدة مثل أفسُس، فيلبِّي، وكُورنثُوس. ونتيجَةً لإعلانِهِ الجريءِ للإنجيل، كانَ قد أسَّسَ كنائِسَ قَويَّة في تلكَ المُدن. لهذا كانَ مُتَشَوِّقاً للكرازَةِ بالإنجيل في رُوما أيضاً، لأنَّهُ كانَ مُقتَنِعاً أنَّ الرُّوحَ القُدُسَ سوفَ يُجَدِّدُ خُطاةً في رُوما، عندما سيسمَعُونَ الإنجيل، تماماً كما رأى الرُّوحَ القُدُسَ يُحَقِّقُ هذه المُعجِزَة في عواصِمَ أُخرى منَ العالَمِ الأُمَمِيّ.

يَقُودُنا هذا إلى تصريح بُولُس الثَّالِث الذي يحتَوي على الضَّمير "أنا." قالَ بُولُس: "لأنِّي [أنا] لَستُ أستَحي بإنجيلِ المسيح، لأنَّهُ قُوَّةُ اللهِ للخَلاص لِكُلِّ من يُؤمِن، لِليَهُودِيّ أوَّلاً ثُمَّ لِليُونانِيّ." (رومية 1: 16)

إذا إستَطلَعتَ العهدَ الجديدَ معي، ستَتَذَكَّرُ أنَّهُ بِمقارَنَةِ مقطَعٍ من سِفرِ الأعمال معَ بضعَةِ أعدادٍ من رِسالَةِ بُولُس الرَّسُول إلى أهلِ كُورنثُوس، نتعلَّمُ أنَّهُ في مدينَةِ كُورنثُوس، إجتازَ بُولُس في إختِبارٍ غَيَّرَ جذرِيَّاً فلسَفَتَهُ لِلكِرازَةِ بالإنجيل. فإذ كانَ على وَشَكِ البَدءِ بالكرازَةِ بالإنجيل في مَدينَةِ كُورنثُوس، ظهَرَ لهُ الرَّبّ.

ولقد قالَ الرَّبُّ لبُولُس، بطريقَةٍ أو بأُخرى، "لا تَخَفْ يا بُولُس، فلدَيَّ نُفُوسٌ كثيرَةٌ في هذه المدينة. أنتَ فقط أعلِن الإنجيلَ بِشجاعَة، وسوفَ تكتَشفُ من هي تلكَ النُّفُوس." (أعمال 18: 9 و10؛ 1كُورنثُوس 2: 1- 5؛ 15: 1- 4) من تلكَ المَرحَلَة فصاعِداً في وعظِهِ التَّبشِيرِيّ، أعلنَ بُولُس بِبَساطَةٍ حقيقَتَينِ عن يسُوع المسيح، اللَّتَينِ تُشَكِّلانِ الإنجيل. ولقد شارَكَ أيضاً بماذا يعنيهِ الإيمانُ بهاتَينِ الحقيقَتين بالنِّسبَةِ لهُ عندما طبَّقَهما على إيمانِهِ الشَّخصِيّ وعلى حياتِه ِالشَّخصِيَّة في المسيح. ثُمَّ آمنَ بأنَّ الرُّوحَ القُدُسَ سيُحَرِّكُ أُولئكَ الذينَ سَمِعُوا الإنجيل ليُؤمِنُوا ويختَبِرُوا الخلاص.

وبينما كتبَ هذا الرَّسُولُ ثلاثَة مرَّاتٍ عن نفسِهِ، "أنا"، أخبَرَ بِذلكَ المُؤمنينَ في كنيسةِ رومية عمَّن هُوَ. إنَّهُ عبدُ يسُوع المسيح، وعبدُ كُلّ شَخصٍ يلتَقيهِ في هذه الحياة، لأنَّهُ كانَ مأخُوذاً بِشِدَّة بإعلانِ الإنجيل، وبِقيادَةِ الناسِ الذين يلتَقيهِم في هذه الحياة للخلاص. لقد كانَ مُتَشَوِّقاً ليَكرِزَ بالإنجيل في رُوما، وهُوَ لا يستَحي بإنجيلِ المسيح، لأنَّهُ رأى كيفَ تُغَيِّرُ نعمَةُ اللهِ العجائِبيَّة حياةَ الناس، عندما يُكرَزُ بالإنجيل فيُؤمِنُ الخُطاة.

الصفحة
  • عدد الزيارات: 8653