Skip to main content

الأصحاح الثاني - عدد 22-23

الصفحة 20 من 20: عدد 22-23

فقالت نعمي لراعوث كنتها إنه حسن يابنتي أن تخرجي مع فتياته لئلا يقعوا بك في حقل آخر. فلازمت فتيات بوعز في الالتقاط حتى انتهى حصاد الشعير وحصاد الحنطة وسكنت مع حماتها ( ع 22،23).

ربما لم تستطع راعوث أن تميز بين فتيات بوعز وفتيانه، فكلا الفريقين يجمع بينهما الكثير، كلاهما ينتمي إلى بوعز، وكلاهما يعمل في حقل بوعز. أما بوعز فكان يعلم الفرق جيداً، ويا ليت راعوث تبعت صوت بوعز وحده، فالطاعة للرب تقود إلى أسمى البركات، كما أنها تسر قلبه. ولكن راعوث أصغت إلى صوت حماتها ومشورتها، التي لم تدرك - كراعوث - الفرق بين الفتيان والفتيات جيداً، وأنَّي لها ذلك وهي التي هجرت بيت لحم زماناً، وفقدت الشركة مع بوعز، فرأت أن الأفضل لراعوث أن تبقى في صحبة الفتيات. ولم لا، ألم تتبارك كثيراً في صحبتهن ذلك اليوم. ولكن يجب أن نفهم أن الكنيسة في حالة انحرافها عن المسيح لم يعد لها سلطان علينا. فكلمة الله تعلمنا أن «من له أذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس» (رؤ 7:2،11،17،29؛ 6:3،13،22). صحيح أنه حسن أن يطيع الأحداث صوت من هم أكبر سناً، الذين لهم خبرة أطول. ولكن متى كانت مثل هذه المشورة تتعارض مع قول الرب فليس هناك سوى مبدأ واحد أمامنا وهو «ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس».

أطاعت راعوث قول نعمي بدلاً من أن تعمل حسب قول بوعز، وكأنه يقول لها «يا صديق ارتفع إلى فوق» (لو 10:14)، ولكنها بقيت في مكانها المتأخر، تلتقط مع فتياته، وتسكن مع حماتها. وإن كانت في جوانب أخرى أكثر طاعة لبوعز، فظلت تلتقط في حقله حتى انتهاء حصاد الشعير وحصاد الحنطة، حتى ولو أنها لم تمسك بمكان البركة الذي عينه لها بوعز، إلا أنها أدركت ملء حصاد الله.

في نهاية الأصحاح الأول رأينا حزمة أول الحصيد تفتتح حصاد الشعير عقب الفصح مباشرة، ورأينا فيها قيامة الرب يسوع بعد موته الذي يتكلم عنه الفصح. ورأينا أنه في ذلك الوقت تحديداً وصلت نعمي وراعوث إلى بيت لحم، وهذا بلا شك يشير إلى أنه لا رجوع إلى الله إلا على أساس موت وقيامة ربنا يسوع.

أما الأصحاح الثاني فينتهي باكتمال حصاد الحنطة، الذي كان يتم في يوم الخمسين بعد سبعة أسابيع من تقديم حزمة الباكورة (اقرأ خر22:34، لا 15:23-21، تث 9:16-12). ولعل السبب في أن يوم الخمسين كان لابد أن يأتي بعد انتهاء حصاد الحنطة هو أنه لم يكن مطلوباً تقديم سنابل خضراء فيه كما في يوم الباكورة، بل كان يقدم فيه رغيفين، وهذا كان يستلزم اكتمال الحصاد. هذا علاوة على أنه كان على كل ذكر أن يصعد إلى أورشليم ليعيد عيد الأسابيع، ولم يكن ممكناً أن يأمرهم الله بذلك خلال أيام الحصاد.

معنى ذلك أن أحداث الأصحاح الثاني وقعت في السبعة الأسابيع ما بين الفصح والخمسين، بين عمل الرب على الصليب وقيامته وبين انسكاب الروح القدس في (أع 2) حين تكونت الكنيسة (1كو 13:12) واتحدت برأسها السماوي (أف 20:1-23). وكان على كل يهودي أن يحسب هذه الأسابيع السبعة (تث 9:16). وهكذا حسبها التلاميذ كما نقرأ في الأصحاحات الأخيرة من الأناجيل وفي الأصحاح الأول من سفر الأعمال. فكانت تلك الأسابيع مرحلة نمو روحي كما نفهم من لوقا 26:24،27،45-49،يوحنا 17:20-23، أعمال 2:1-4،9-11. فكانت كمدخل لأن يعطيهم الرب اختبار أعمال2.

وهكذا يريدنا الرب أن نحسب تلك الأسابيع السبعة، إذ هو يريد أن يقود كل مؤمن من يوم رجوعه إلى أن يصل إلى مركز المسيحي الكامل، ألا وهو الاتحاد معه كالإنسان الممجد في السماء، وبالله الروح القدس، الساكن على الأرض في الكنيسة، وفي كل مؤمن فردياً. ولاشك أن هذا هو مركز كل من يؤمن بالإنجيل، ولكننا لا نستطيع أن نتمتع عن إدراك بهذا المركز إلا على قدر ما نفهمه ونمتلكه روحياً. لقد ضاع من المسيحية إدراك هذا المركز، ففي ثياتيرا اغتصبت إيزابل مكان الكنيسة، وفي ساردس غابت تماماً حقيقة الكنيسة وما هي كجسد الإنسان السماوي وكمسكن لله في الروح، وصار أسمى ما يستطيع أن يصل إليه الإنسان هو أن يعرف أن خطاياه قد غفرت، وحتى هذا الحق لم يستطع أن يدركه سوى القليلين.

ولكن في فيلادلفيا نرى الروح القدس يعمل لكي يستحضر البقية الباقية في الكنيسة إلى يوم الخمسين مرة أخرى، إلى حيث مكان الكنيسة الصحيح. ففي راعوث 1:2-21 رأينا حصاد الشعير، الذي يمثل الرجوع إلى المسيح المقام والممجد في السماء، وفيه نرى تناول الطعام من الرب مباشرة، وكيف ينبغي أن نقدر البركات السماوية، ولكن في ع23 رأينا حصاد الحنطة، الذي يشير إلى القديسين وقد صاروا مشابهين تماماً لربنا يسوع (يو 24:12، 1كو 48:15). وهذا هو أساس وحدة الكنيسة مع الإنسان الممجد في السماء. وهذه هي أسمى صفات الكنيسة.

وفي الأصحاحين التاليين سوف نرى يوم الخمسين.

الصفحة
  • عدد الزيارات: 32904