Skip to main content

الإصحاح الحادي والعشرون: جواب أيوب لصوفر - الدينونة لا تظهر إلا في أولادهم

الصفحة 4 من 9: الدينونة لا تظهر إلا في أولادهم

(ع17-21) الدينونة لا تظهر إلا في أولادهم.

"كم ينطفئ سراج الأشرار". هنا يشير أيوب إلى الناحية اللامعة التي كان الأصحاب الثلاثة يتفنون بها في حياة الأشرار والتي كانوا يتطلعون إليها دون سواها، ولكن لمع سراج في حياة الأشرار أحياناً فكم من مرة ينطفئ بغتة ذلك السراج بل وكم من مرة "يأتي عليهم بوارهم" أو دمارهم! فهناك حالات كثيرة من هذا النوع. ولقد عرف أيوب الكثير منها ورآه بعينه، بحيث أنها لا تحتمل المناقشة أو الجدل.

ونحن نرى من هذا أن ما كان يؤكده صوفر والآخرون لا يمثل في الواقع إلا نصف الحق. ونصف الحق لا يقدّس أطلاقاً. فالنصف الذي نتركه قد يفوق في الأهمية، أو في القليل قد يساوي في الأهمية النصف الذي تذكره. وهنا الفرق بين أيوب وأصحابه. فأيوب مع كل ما فيه من نقص. كان متمسكاً بالحق وكان ينظر إلى الحق بقلب أكبر وبضمير أكثر تدرباً.

فهناك قوم ينطقون بالمواعظ في كلامهم، ولكن ذلك لا يصدر عن قلوبهم، فهم ينطقون بأقوال صحيحة حسب أفكار الناس فقط، ولكنها ليست لغة الإيمان على الإطلاق. أما لغة الإيمان حقاً رغم كل ما خالطها من نقص. لنسمعه يقول عن الأشرار. "يكون كالتين قدام الريح وكالعاصفة التي تسرقها الزوبعة. الله يخزن إثمه لبنيه. ليجازه فيعلم، لتنظر عيناه هلاكه". وهنا يعترف أيوب بأن المجازاة قد تأخذ مجراها في العائلة "ومن حمة القدير(أي غضب القدير) يشرب. فما هي مسرته في بيته بعده، وقد تعين عدة شهوره". ومعنى ذلك أن الأنانية ومحبة الذات هي هدف وغرض جميع أولئك الأشرار الذين ينجحون في العالم، حتى أن أولادهم وفلذات أكبادهم لا يعتبرون غرضاً يمكن مقارنته بعدد شهورهم التي يعيشونها على الأرض فهذا هو كل ما يبتغونه أن يعيشوا في هذه الدنيا لطول مدة ممكنة.

وفي هذا الجزء يسلم أيوب بأنه لابد من استعلان خطية الأشرار، لكن غالباً ما لا يتم فيهم بل في بنيهم، وماذا يعنيهم من أمر بنيهم بعدهم؟(ع22). وهو يواجه صوفر بما يناقض كلامه حين يذكره بأنه "ما اقل ما ينطفئ سراج الأشرار"(ع17). ما أندر أن تقع عليهم الكارثة أو يصيبهم البوار. ومع أنه صحيح ما يقرره المرنم من أن الأشرار "كالعصافة التي تذريها الريح" فأنه أيوب يذكّر سامعيه بأن هذا قلما يحدث في الحياة الحاضرة، إذ هو محتفظ به للدينونة. ومن (العددين19، 20) نفهم حقيقتين: أحداهما أن الله يخزّن إثم الأشرار للبنين "يفتقد ذنوب الإباء في الأبناء". لكن من الجهة الأخرى فإن الشرير سيرى أخيراً نتيجة شره ولو تأخر اليوم.

تشكيلة من اختبارات الأشرار
الصفحة
  • عدد الزيارات: 18054