Skip to main content

الإصحاح التاسع والعشرون: إحساناته تمدحه - الكرامة في الخارج

الصفحة 3 من 7: الكرامة في الخارج

(ع7-10) الكرامة في الخارج.

"حين كنت أخرج إلى الباب في القرية وأهيئ في الساحة مجلسي. رآني الغلمان فاختبأوا والأشياخ قاموا ووقفوا".

كل ذلك كان شيئاً مرضياً جداً لأيوب. ونحن معرضون لأن نفكر نفس التفكير، فالناس يقولون أنه لا يوجد شيء ينجح مثل النجاح ولكنه قول خبيث وبعيد كل البعد عن طريق الله وتفكيره. فهو قول فيه إنكار للحقيقة الإلهية وهي أننا الآن في مكان الألم وفي مكان الاحتقار والرفض من أجل المسيح ولكنه على كل حال قول عالمي وهو أمر يفتخر به العالم ويجد فيه لذّته، فالناس يمدحونك إذا كنت تصنع حسناً لنفسك، أي إذا كنت ناجحاً. تصنع ثروة، تقيم حفلات وولائم وسهرات سمر وغير ذلك. "العظماء أمسكوا عن الكلام ووضعوا أيديهم على أفواههم".

ومن صفات أيوب الجميلة أنه لم يزعم أنه عظيم أو نبيل ولم يسع لأن يكون من العظماء أو النبلاء، لقد كان كملك في عظمته ونبل أخلاقه، أي ما يجب أن يكون عليه الملك. كان نبيلاً حقاً في صفاته وتصرفاته، وكل ذلك يكون جميلاً وعجيباً لو لم يتحدث عنه أو يفكر فيه لأن هذه هي النقطة المهمة "لا تعرّف شمالك ما تفعله يمينك". ليس معنى أن الناس الآخرين لا يعرفونه ولكن الخطأ هو أن شمالنا تعرف ما تفعله يميننا. أن أننا يجب أن لا نفكر فيه فمهما فعلنا إنما نفعله لله وما هو في الحقيقة إلا إرجاع لفائدة ضئيلة جداً لرأس المال العجيب. رأس المال الروحي الذي أودعه الرب في سلطاننا. أما هنا فالحال لم يكن كذلك. فأيوب كان مسروراً للغاية وكان فخوراً جداً بتفكير الناس فيه.

وبعد ما ألقى نظرة على رخائه الماضي في بيته، يتنقّل بذاكرته من خلال أبوابه، ليأخذ مكانه المرموق بين أصحابه. ومن المؤسف حقاً أن نستمع إلى رجل عظيم بحق، وهو يصف تفوقه على الآخرين.

يومئذ كان الغلمان يختبئون، والأشياخ يقومون ويظلّون وقوفاً حتى يجلس. أو لم يكن هذا الإحساس بعظمته ليغذي فيه الكبرياء التي جعلت سقوطه نوعاً من معادلة الله لابدّ منه؟ لقد كان أمير الأمراء، الشرفاء ران الصمت عليهم في حضوره فهو يصف مكانته بين مستشاري المدينة، حيث كان رئيسهم وزعيمهم.

إحساناته تمتدحه
الصفحة
  • عدد الزيارات: 14380