الإصحاح الثلاثون: هوان الحاضر
يا للمباينة بين هذا الإصحاح والإصحاح السابق! إن أيوب الذي كان مغموراً بالكرامة ويتمتع بشعبية كبيرة. يجد نفسه فجأة محتقراً ومداساً بالأقدام، إن العالم مرائي وخائن.
والمؤمنون الذين كانوا يظنون أن في استطاعتهم منحه ثقتهم عاجلاً أو آجلاً هذا الاختبار المؤلم. القلب البشري يجد سروره في بلايا الآخرين. ألم يبتهج بمكر بإتضاع الرب يسوع؟ (قارن ع9 مع مزمور 69: 12). إن بركات أيوب الأرضية بادت هكذا. أما بركات المؤمن فهي على العكس "روحية في السماويات في المسيح" (أفسس 1: 3). ولا يمكن للشيطان ولا للعالم ولا الموت نفسه أن تنزعها منه... إن أيوب الذي كان يظن أن تقواه تعطيه الحق في النجاح، يذهب لدرجة أن يشتكي من الله. هل نحن متأكدون أن هذا لا يحدث لنا أبداً؟.
ولأسباب أقل بكثير من أسباب أيوب: "إليك أصرخ فما تستجيب لي" (ع20). هذه كلمات (مزمور 22: 2) ولكن ما أعظم الفارق بين مرارة أيوب التي تنسب لله مشاعر الجفاء والاضطهاد (ع21) وبين خضوع الرب يسوع الكامل إذ لم يتخلى لحظة قط عن ثقته في الله.
ليتأمل أيوب في ماضيه ما شاء له أن يتأمل، فها هو الآن وفي آخر المطاف يُرغم على التحول إلى الحاضر بما ينطوي عليه من مفارقة بائسة.
* * *
هذا الإصحاح يمكن أن ينقسم إلى سبعة أجزاء، وفي دلالة هذا الرقم (7) نجد فكرة التعاسة التامة، التي تزيد على عظمته السالفة.
(ع1-8) المستهزئون به التاعسون.
(ع9-12) هو أغنيتهم وأضحوكتهم.
(ع13-15) اضطهادهم.
(ع16-19) آلامهم.
(ع20-23) لا عون من الله.
(ع24-27) نصرة التعاسة.
(ع28-31) ويلٌ تام.
- عدد الزيارات: 16863