على طريق دمشق
هو شاول المتكبّر والصارم الكتوم والجريء والعميق جدا في أفكاره، وهو المدافع عن عقيدة شعب الله بحسب رأيه، شدّ العزم ذاهبا نحو دمشق ليقتل من هم من أهل الطريق أي أتباع المسيح، وهناك وقبل أن يصل إلى تلك المدينة التي كانت تحمي تحت جناحيها المؤمنين الذين اختبروا غفران المسيح من خلال توبتهم وإيمانهم، هناك فاجىء المسيح شاول برهبته وجبروته وقداسته، فكان الحدث العجيب يسوع يظهر لشاول:
بنوره العجيب: "وفي ذهابه انه اقترب إلى دمشق فبغته أبرق حوله من السماء"(أعمال 3:9)، ما من أحد استطاع أن يوقف ذلك الشاب القوي المملوء حقدا وضغينة على أتباع المسيح، فالجميع خائف في دمشق من هذا الآتي، ولكن المسيح الذي وعد أولاده بأنه سيكون معهم إلى انقضاء الدهر هو ظهر بنور رهيب جعل شاول يسقط من شدة بريقه، هناك كان اللقاء التاريخي بين المسيح الإله السيد على الكل وبين شاول مضطهد الكنيسة.
بصوته الخارق: "فسقط على الأرض وسمع صوتا قائلا له شاول شاول لماذا تضطهدني" (أعمال 4:9)، هو صوته كمياه جارفة وكعاصفة قوية لا يستطيع احد الوقوف في وجهها. هكذا نزل صوت المسيح بشدة وعزم ليخرق قلب شاول المتحجّر والقاسي والمتكبّر، فأسقطه أرضا، صوته هزّ كيانه وجعله كأنه يقف من دون أساس أو كأنه في رمال متحركة فكل تلك الشخصية النادرة التي تمتّع فيها شاول لم تنقذه، فشعر بالضعف الكبير وصمت بإنسحاق.
بإعلان هويته: "فقال من أنت يا سيد. فقال الربّ أنا يسوع الذي أنت تضطهده، صعب عليك أن ترفس مناخس" (أعمال 5:9)، وهنا كان الحسم فالصراع غير سهل، شاول منسحق على الأرض والله نفسه موجود وهيبته وقداسته تملىء المكان، وبكل وضوح وشفافية المسيح أعلن هويته "أنا يسوع" فكانت المفاجئة الكبرة لشاول لأنه عرف بأنه ذاهب ليضطهد الله نفسه في دمشق، خجل من نفسه ونكّس رأسه أمام الخالق وقال له " ... ماذا تريد أن أفعل".
بدعوته للخدمة: لأن هذا لي إناء مختار ليحمل اسمي أمام أمم وملوك وبني اسرائيل" (أعمال 15:9)، وبعد هذا الحوار بين المسيح وشاول حوّلت هذه المقابلة نحو الخدمة، فشاول بعد أن فتحت عيناه أصبح بولس الرسول الذي أخذ عهدا على نفسه أن يقدم المسيح للجميع وهكذا حمل شعلة الإيمان وخرق آسيا ومن ثم أوروبا وقد تحمّل كل شيء من أجل مجد اسم المسيح، فهذا اللقاء على طريق دمشق بدّل كل شيء من شاول إلى بولس ومن مضطهد الكنيسة إلى أن يكون مقدام شيعة الناصريين.
صديقي القارىء: إذا كنت لم تلتق بعد مع المسيح، فهو دائما فاتحا ذراعيه ومستعد لكي يحملك وحتى لو كنت متمردا قبلا أو غريقا في الخطية، تعال بتوبة صادقة وإيمان جديّ لكي يتحول هذا اللقاء إلى عرس للخلاص والفداء. "وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه" (يوحنا 12:1).
- عدد الزيارات: 6696