الفصل الثاني: آلهة مستوردة
قلت: "لقد ذكرتَ لي أنك كاهن أوزيريس، فما شأنك وهذه الآلهة؟".
أجابني: "إنها آلهة تستحق التكريم وتقديم القرابين. ونحن نحتاج إليها خصوصاً إذا كنا نعيش في منطقتها. ولكني أقدّم للإله "أوزيريس" الولاء الأكثر لأني أعيش في طيبة". وسألت: "وهل يختلف "أوزيريس" عن غيره من الآلهة؟ هلاّ أخبرتني عنه؟ لقد قلتَ لي إن آلهة مصر لم تكفِكم فاستوردتم آلهة من البلدان الأخرى... هل يولي المصريون الولاء لهذه الآلهة كما يولون آلهتهم؟". قال: "إننا بالطبع نولي آلهتنا التفضيل. وان كنا نقدم بعض القرابين لهذه الآلهة، فذلك لأننا نخشى أنها تغضب علينا، فنتقي شرها بالعطايا ونسترضيها.
من فلسطين جاءنا "بعل "و "ملكوم" وهي آلهة مخيفة لا تقبل منا إلا الذبائح البشرية. وكذلك لا تقبل ألا أن نجيز أولادنا وبناتنا في النار". ثم قال بارتعاب: "وقد جاءتنا من الهند "الالاهة كالي" وهي لا ترضى إلا ببحور الدماء. شكراً للآلهة! إن آلهتنا في مصر لا تطلب منا ذبائح دموية. إنها تطلب منا تقدمات وبخوراً، واله النيل يطلب منا أن يتزوج من بناتنا عروساً جميلة مجهزة بالحلي والجوهر، فيفيض علينا بكل الخير "!!
قلت: "فهل هناك آلهة أخرى؟"وأجاب: "نعم. هناك آلهة اليونان وآلهة الرومان. كلها لها مكانها من التقدير. على أن آلهتنا أرأف من أية آلهة أخرى...
وهل أجسر أن أقول إنها أكثر قداسة وطهارة... ان آلهتنا ليس فيها من عدو للناس إلا ست. وسأحدثك عنه في حديثي عن "أوزيريس". أما الآلهة الأخرى في اليونان مثلاً ويتزعّمها أماأ
"زفس" إله الآلهة والناس، فانه متزوج. نعم فان الآلهة يتزوجون ويحبون ويلدون. وزوجة زفس "هيرا" ومع ما لزفس من عظمة فقد امتلأ قلبي بالاحتقار له. بالطبع لم أستطع أن أعلن رأيي للكاهن، بل حاولت أن أخفي رأيي عن نفسي. كان "زفس" متزوجاً "هيرا" ولكنه تزوج أو أحب نساءً أخريات، أو كما يقولون الاهات أخريات. زوجته "هيرا" وقد ولد منها "أثينا" آلهة الحكمة وابنه "أبولو" الذي يحسن ويسيء، واله النار الأعرج الذي تزوج من أخته "افروديت "وقد ولَّدها "زفس" من زوجته "ديون"- ومن أبناء زفس أيضاً "أرطاميس" آلهة أفسس و "أريس" المحارب الصنديد- ولزفس ابن آخر هو "ديونيسيوس" من زوجته "سميل"، و "هريس" وقد ولدته عشيقته "ماية"- ولزفس أخوان "بوسيدون"- إله البحر-و"هريس"- إله العالم السفلي. قلت في نفسي: هل هذه آلهة؟ وكيف تستطيع أن تحاسب الناس وهي منغمسة في أحط الرذائل؟!!
لكن!!!
لكن لماذا لا نتركها ونعيش في بلادنا الجزء الجنوبي بعيدين عنها، طالما أن سلطانها لا يمتد إلا إلى الأماكن التي توجد فيها. وقلت للكاهن: "هلم بنا إلى الجنوب لنحيا بالقرب من طيبة لنسمع منك عن أعمال الآلهة وعن انتظاراتها، ولنسمع أخبار هذه العائلة المقدسة عائلة "أوزيريس".
- عدد الزيارات: 3296