الدرس الرابع ارمیا
( تنبأ من عام ٦٣٦ - ٥٨٦ ق .م )
إننا نعرف عن حياة إرميا الشخصية أكثر مما نعرفه عن أي نبي آخر من أنبياء العهد القديم ، وذلك بفضل جهود صديقه وتلميذه الكاتب باروخ الذي دوَّن نبواته وعلَّق عليها.
والمعروف ان ارميا وُلد في قرية عناثوث القريبة من أورشليم . وكان والده كاهن تلك القرية ، ولذلك نجد ارميا ينشأ في محيط ديني وهذا بالطبع يترك اثراً في حياته. ومنذ صغره اطلع على تقاليد شعبه ومراسيم دينه . وكان إرميا بفطرته صاحب خيال ونزوعاً الى الدين . وانتقل ارميا الى اورشليم وسكن في جبل موريا بجوار الهيكل . وكثيراً ما كان يشاهد خارياً يعمل على دولابه بالقرب من مسكنه . وعندما بدأ يتنبأ استشهد ارميا بحالة الفخاري ليفهم الشعب موقفه من الله فقال لهم : " هوذا الطين بيد الفخاري هكذا انتم بيد الله . . " ولما رأى ارميا شعبه يساير الاشوريين في عبادتهم ، هب داعياً اياهم ان يرتدوا فوراً عن ذلك وان يتوبوا وأن يرجعوا الى الله .
وبدأ ارميا ينشر رسالته في ربوع اليهودية بعد ظهور إشعياء بمئة سنة .
وكانت دولة الشمال قد سقطت . ودولة الجنوب يتهددها خطران : خطر من دولة مصر في الجنوب، وخطر من دولة بابل من الشمال. وفي ذلك الموقف المتأزم ترى الشعب يتخذ سياسة ملتوية و مواربة، إذ هم أهملوا الله ولم يعودوا يتطلعون إليه كمرشد لهم . لذلك نجد ارميا يشدد في كلام نبواته بان لا يتطلع زعماء قومه الى ممالك الجنوب او الشمال بل ليجعلوا اعتمادهم على الله وحده . ولاقى ارميا اضطهاداً ومقاومة من أبناء قومه شأنه شأن كثير من الأنبياء . وعندما احتل البابليون أورشليم خير بان يذهب الى بابل أو يبقى في بلاده . فآثر أن لا يترك أبناء قومه في محنتهم ، لذلك بقي في أورشليم ولكنه وجد أن الذين بقوا في أورشليم كانوا من الأردياء. في حين ان الأخيار حملوا إلى الخارج . وأمانة هذا النبي جعلته عرضة لمشقات كثيرة، وعرَّضت حياته الى الاخطار، لأنه عاش في جيل شرير فاسق، وأقامه الله ليوبخ الشعب على خطاياهم ولينذرهم بأحكام الله .
واشتهر ارميا بكثرة المراثي التي تركها لنا ، وفيها نتلمس الحزن الذي آلمه من جراء انحراف بني قومه في تيار الرذائل والمعاصي . وان تتابع الاضطهادات التي وقعت عليه من شعبه تركته في الحزن والنوح والبكاء . فهو لذلك يضع نفسه في مراثيه في مرتبة واحدة مع أبناء شعبه، فآلامهم هي آلامه واحزانهم هي احزانه . ولنستمع إلى بعض أقواله الشهيرة المستقاة من المراثي " عيني تسكب مياهاً لأنه قد ابتعد عني المعزي . صار بني هالكين لأنه قد تجبر العدو . انه من احسانات الرب اننا لم نفن لان مراحمه لا تزول هي جديدة كل صباح . . طيب هو الرب للذين يترجونه للنفس التي تطلبه"  وتراه في الرسم المدرج على الصفحة السابقة يضع النير على كتفه دلالة على عظم الأثقال التي هي امام الناس.
و مضمون سفره رسائل توبيخ و انذارات كان يبلغها النبي الى الشعب بروح المحبة. وذهب ارميا في أواخر حياته مع قافلة الهاربين من انتقام نبوخذ نصر إلى مصر. ورافقه باروخ كاتبه الذي ظل يصغي الى كلامه ويدون نبواته . وأهمية سفر إرميا هو أنه يظهر حكم الله على الخطية فهو يبين أن الخطية تؤدي الى هلاك صاحبها، وإن قلب الله مجروح بسبب خطايا العالم . واستمرت حياة إرميا في الجهاد إلى أن انتهت بشيخوخة متعبة فمات في مصر حوالي ٥٨٦ ق.م. مات وهو يعلن كلمة الله ويأمر بها .
اسئلة
(۱) امتاز ارميا بالبساطة والشجاعة . استشهد على ذلك من وقائع حياته .
(۲) لماذا دعي ارميا بالرجل الباكي ؟
(۳) صف حالة البلاد السياسية في زمن إرميا والمخاطر التي كانت تهددها ؟
(٤) لماذا نعرف عن حياة إرميا أكثر مما نعرفه عن غيره من الأنبياء ؟
 (٥) صف اواخر ایام ارمیا
(٦) اقرأ المختارات التالية من سفر إرميا واحفظ بعضها غيباً . (ارميا ٥:٢٣ و ارميا ٦ و ارميا ١١:٢٩ - ارميا ١٤ وارميا ٣١:٣١ - ٣٤ )
- عدد الزيارات: 48