الدرس الثامن والثلاثون الدكتور كويوهيكو كاغاوا ( Kagawa )

( من عام ۱۸۸۸ - . . .)
دخل كاغاوا القصر الإمبراطوري في اليابان عام ١٩٤٦ وخاطب الامبراطور بلغة الروح فقد تناول الكتاب المقدس وقرأ له تلك الآية الخالدة : " من أراد أن يكون فيكم عظيماً فليكن لكم خادماً " . . . وختم مقابلته لابن السماء بقوله : " انك لا تستطيع أن تحتل مكانة في قلوب رعيتك إلا عن طريق خدمتهم " . وهذه الرسالة التي نطق بها كاغاوا امام الامبراطور كانت الرسالة نفسها التي نادى بها طيلة الأربعين سنة من سني جهاده . ولطالما سمعها الالوف والملايين من الناس في اليابان وخارجها.

ويتولى الدكتور كاغاوا الزعامة الاخلاقية والدينية في بلاد اليابان . وأنه ليبرز على مسرح التاريخ الحديث ليترجم في حياته المثالية المبادئ المسيحية الحية . فهو رسول المحبة وصديق البؤساء ونصير المظلومين وقد صرف خمساً وعشرين سنة بين الطبقات الفقيرة يعمل بينهم كمرشد وصديق وخادم . وقد أخذ هذه الروح عن التعاليم المسيحية التي تلقاها عن يد المرسلين المسيحيين . وكان أثناء دراسته للاهوت أن لاحظ بأن الطلاب يهتمون كثيراً بالعقائد والمراسيم والدروس النظرية فرغب في أن يفهمهم بأن الدين المسيحي هو حياة يقترن فيها الإيمان بالعمل . وعلى ضوء هذا كنت تراه مكرساً حياته لزيارة المرضى ومواساة البؤساء وخدمة المساكين .
وسرعان ما أصبح كاغاوا صديقاً لرعاع القوم وعامة الناس . ولم يدع فرصة تمر به دون أن ينتهزها للدفاع عنهم والعطف عليهم والعمل على رفع مستواهم الديني والأدبي والاجتماعي ، وعندما طغت الحضارة الآلية على بلاد اليابان ظهرت مشكلة العمال الفقراء الذين يعيشون في أكواخ ضيقة خانقة ، فتولدت فيه الرغبة لخدمهتم خدمة عملية . لذلك نجده عام ١٩٠٩ ينقل امتعته الى كوخ حقير في مدينة شينكاوا ليعيش فيه . وهناك صرف ١٥ عاماً عائشاً بين طبقات الفقراء والمنبوذين ، وبالرغم من سوء صحته فإنه يشعر بانه اسعد الناس ، فهو دوماً يقابل المصائب بابتسامة الظفر والسلام الداخلي.
ونشر كاغاوا بعض الكتب التي أثرت كثيراً على الرأي العام الياباني لانه طالب فيها بالعدالة الاجتماعية وضرورة إعطاء العمال حقوقهم . واستطاع كاغاوا من ربيع كتبه أن يمول بعض المشاريع التي اقدم عليها . وقد لاقى كتابه " اجتياز خط الموت" رواجاً كبيراً ، فهو ملخص سيرة حياته . وقد بيع منه ١٥٠٠ ألف نسخة في الأسابيع الأولى من صدوره. ورغم شهرة هذا الزعيم فانه ما برح يعيش عيشة الفقر، و يشاطر أبناء الشعب شظف العيش وحالات الفقر .
واهتم بالمزارعين وألف لهم النقابات. وفي عام ١٩٣٥ كان معظم الفلاحين في اليابان البالغ عددهم الخمسة ملايين ونصف أعضاء في شبكة النقابات التي ألفها كاغاوا . كذلك اشترك في حركة العمال وظهر كمصلح اجتماعي لهم . والتف عدد كبير منهم حوله وكنت تسمعهم يهتفون : قدنا يا كاغاوا ونحن على استعداد لتلبية أوامرك .
وشكَّل عام ۱۹۲۸ عصبة دعاها عصبة المقاومين للحرب، وعندما هاجمت اليابان الصين في الحرب العالمية الثانية التجأ الى الصين . وعند نهاية الحرب هبّ لجمع شتات الكنيسة اليابانية ، وبذل الجهود للعناية بالمشردين والأيتام . وبدأ يتجول في البلاد ليقوم بجملة تبشيرية إصلاحية . وها هو لمدّة تزيد عن الاربعين عاماً يخوض معارك الانسانية بسلاح الخدمة والمحبة . وكانت رسالته العظمى للناس ان :" ابذلوا حياتكم في سبيل الآخرين لأن من يبذل نفسه من أجل غيره يجدها ".
واسمعه يتحدث عن المحبة فيقول : " إن المحبة وحدها تستطيع أن تخضع العالم كله. وها هم الذين عملوا على تأسيس إمبراطورية عالمية عن طريق السيف قد اخفقوا ... واني اقف في وجه كل المؤسسات والحكومات التي ترفض المحبة . واني احتج على كل كنيسة تكرز بالإيمان وتقصير عن إظهار المحبة. ولا تعجبوا من هذا فالمحبة هي التي تعرفني بالله . والمحبة ضرورية للحياة في المعمل والمكتب والشارع والبيت . وعندما نحصل على المحبة نستطيع ان نذهب أينما نزيد في هذا العالم . ولنذكر دوماً أنه حيث تكون المحبة فهناك يكون الله ايضاً ".
فكاغاوا هو صديق الفقراء الذي حمل أثقال الحياة فقد فقد ثلاثة أرباع بصره وأصيب جسده بأكثر من مرض واحد في سبيل خدمته . وقال عن نفسه : " لا حاجة الذهاب بعيداً في طلب العجائب فحياتي بجملتها اعجوبة" . وقد بقي رغم كل هذه المصائب والاثقال والامراض بشوش الوجه نشيطاً يملأ قلبه سلام الله الذي يفوق كل سلام . وقد صدر عن جمعية نشر المعارف المسيحية كتاب بقلم الاستاذ حبيب سعيد بعنوان " الزعامة في الشرق " وفيه تناول الكاتب بتفصيل سيرة هذا الزعيم الياباني، وحياة هذا المصلح الاجتماعي ، وخدمات هذا القائد المخلص الأمين .

أسئلة
(۱) كيف تجلَّت جرأة كانا وا عند مقابلته لامبراطور اليابان ؟
 (٢) كيف قرّن كاغاوا حياة الإيمان بالعمل ؟
(۳) ما هي الخدمات التي قدمها كاغاوا لليابان ؟
(٤) اذكر اسماء بعض الاشخاص الذين تفانوا في خدمة مجتمعهم ؟
 (ه) كيف يستخدم كاغاوا ريع كتبه وكيف قوبل كتابه " اجتياز خط الموت عند صدوره " ؟