الدرس السابع والثلاثون فلورنس نايتنجيل (Nightingale)
( من ۱۸۲۳ - ۱۹۱۰ )
اجتمع ذات يوم نفر من الجنود الذين اشتركوا في حرب القرم في إحدى نوادي الجنود بلندن . واخذوا يتبادلون أطراف الحديث ويسترسلون في سرد قصص
البطولة واقترح أحدهم أن يكتب كل منهم اسم الشخص الذي يذكره التاريخ بأنه من الذين خدموا أكثر من غيرهم في حرب القرم . وعندما جمعت الأوراق كانت الدهشة عظيمة إذ لم يفز احد من القواد او اعاظم الرجال بل كانت الفائزة هي فلورنس نايتنجيل .
ويرى الداخل إلى مستشفى القديس توما في لندن تمثال فلورانس نايتنجال وهي تحمل مصباحاً . وقد أقيم لها ذلك التمثال اظهاراً لفضلها في تخفيف آلام الجرحى في حرب القرم التي اشتركت انكلترا فيها بالحرب ضد روسيا. وفعلا فقد حاربت هذه السيدة معارك الانسانية وأعمال الرحمة بمصباحها المنير . فقد حملت النور الى ارجاء الامبراطورية ساعة عملت على تحسين حالة المرضى وخدمتهم . فهي كانت الرائدة في فن التمريض إذ شجعت على اقامة المؤسسات الخاصة بتعليم فن التمريض ، وفتح الباب أمام الفتيات للتطوع في عمل التمريض ، ولخدمة المرضى في المستشفيات . وكانت الحالة محزنة جداً اذ ان الكثيرين من الجنود كانوا يموتون من عدم الاعتناء بهم أو لقلة وسائل التمريض المتوفرة لديهم . فالجريح كان يمرّض الجريح أو هم يتركون تحت رحمة الأقدار ..
كان والد فلورنس من أصحاب الثروة، وفيما كان في عام ١٨٢٠ يقضي مع زوجته فصل الشتاء في مدينة فلورنس الإيطالية وضعت الأم طفلة سموها فلورنس ذكرى للبلدة التي ولدت فيها ابنتهما . وقيّض الله لهذه الطفلة أن تخلد سجلات التاريخ وتعرف كمؤسسة لفن التمريض الحديث . ومنذ الصغر وهذه الفتاة تظهر عطفاً على كل ذي حياة . وكثيراً ما ما كانت ترى وهي  تطعم الحيوانات الأليفة بما خبأته في جيوبها من حبوب وطعام . وكثيراً ما كانت تزور بيوت المرضى والفقراء حاملة بذراعها سلة من الزهور ، وما طاب من المأكل لتقدمها لهم . ويبدو أن الله اعدَّها منذ حداثتها لهذا العمل العظيم - فخلقها لأن تكون ممرضة تعطف على المتألمين ، وتخدم المرضى والمعوزين .
درست فلورنس على يد والدها العلوم العالية ، لأن تعليم البنات في تلك الأيام لم يكن امراً عمومياً. وبرعت في الموسيقى وسافرت إلى بلاد عديدة وتجولت في بلدان العالم. وكانت تزور الملاجئ والمستشفيات التي تعنى بالمنكوبين . وفي حرب القرم تطوعت للعمل هناك ، فسافرت الى خط القتال ورافقت الجنود في الخنادق ، وخدمت جرحاهم ، ونظمت المستشفيات النقالة لهم . وعندما انتهت الحرب لم تعد لبلدها مع بقايا الحملة خشية أن يحتفي بها الشعب المعجب بها بمظاهرات و استقبالات ، فظلت متوارية في احد المستشفيات مدة من الزمن ومن ثم غادرته دون أن يعلم بها أحد .
وقدم لها الشعب الانجليزي مبلغاً من المال لينفق على بناء مستشفى يحمل اسمها. وألّفت بعض الكتب في فن التمريض ، ونشر عام ١٨٥٨ كتابها الذي لا يزال يعتبر مرجعاً في هذا الفن، وهو يحوي نصائح للمرضى وإدارة المستشفيات ، ودروسًا عن حكمة الله في معاملة الإنسان . وسيظلّ الناس يذكرون هذه السيدة كواضعة لأساس فن التمريض الحديث ولخدمتها الإنسانية الممتازة .
ومن تصريحاتها التي تعبّرعما آمنت به قولها : تشجيع المريض من أفضل الوسائل لشفائه . وهكذا كانت حياة هذه السيدة التي قرنت علمها وايمانها بالعمل سبباً في تخفيف ويلات الكثيرين . انها انارت قلوباً مظلمة وكانت بالحقيقة نوراً يسطع وسط الظلمات. فحق للشاعر الأميركي لونغفلو (Longfellow) أن يدعوها " السيدة حاملة المصباح" ( The Lady with the amp) وستظل الإنسانية تذكر فلورنس نايتنجيل كرسولة للرحمة وكأم المرضى.
اسئلة
(۱) ماذا تعرف عن حرب القرم ولماذا يقترن اسم فلورنس بهذه الحرب؟
 (۲) لماذا دعيت فلورنس " السيدة حاملة المصباح "
(۳) استشهد من حياة فلورنس بما ظهر منها من روح التواضع والخدمة.
(٤) أعط رأيك بالتمريض. وهل هو مهنة شريفة يجب أن تشجع الفتيات عليها ؟
(ه) اذكر بعض المؤسسات التي يتسنى للفتيات فيها دراسة فن التمريض.
 (٦) لماذا تعتبر فلورنس نايتنجيل المؤسسة لمن التمريض ؟
- عدد الزيارات: 7