Skip to main content

جسد المسيح الواحد

إن الخطاب الذي أريد بعون الرب أن أتكلم فيه هو الجسد الواحد أي جسد المسيح. على أنني لست أريد أن أتكلم عن الجسد الواحد كتعليم خطير وضعه الروح القدس في ثنايا رسائل العهد الجديد فحسب، بل أريد أن نقف على النتائج العملية لهذه الحقيقة، وتأثيرها على شركة وصفات كل عضو في الجسد – أي كل مسيحي.

وحتى نوضح المميزات الخاصة بجسد المسيح يجدر بنا أن نبين الفرق بين هذه المميزات وبين ما أعلنه الله أو وضعه للتدابير الماضية، إذ لا يخفى أن كان على الأرض أناس أحبهم تعالى، ولو أن الله كان أبداً يعمل فيهم بروحه القدوس، أجل – ومع أن الإيمان كان عاملاً لبركة النفوس – غير أنه توجد فوارق مهمة جداً، لو أن أحدنا تناساها إذن لخسر كثيراً، وأضعف شهادته أمام الآخرين، وفوق الكل: يقصر عن إدراك أعز شيء لدى قلب الله وهو مجده الخاص في المسيح.

وإذا ما تصفحنا العهد القديم فإننا نرى بوضوح أنه لما سقط الإنسان في الخطية تنازل الله فأعطى إعلانات خاصة للبركة، ترتكز جميعها على شخص الرب يسوع. وهذه الحقيقة نلمسها من بدء سفر التكوين: فلما دخلت الخطية لم يتعقبها القصاص العادل فقط بل تداخل النعمة أيضاً. ولما سقط أبوانا كان الله هناك، وعلى مسمع منهما، ونكاية بالحية، تكلمت رحمة الله عن ذلك الشخص المبارك الذي سنقرأ عن أمجاده العظيمة فيما بعد. وفي الوقت المناسب أعطى الله بصورة بارزة شخصية، بركات خاصة بإبراهيم وبنسله. غير أن إبراهيم لم ينل فقط مجرد إعلان الرحمة، بل امتلك وعداً صريحاً له ولنسله. أما في جنة عدن فقد كانت الحالة تختلف عن حالة إبراهيم. ففي الجنة سقط الإنسان – وواضح أن الإنسان الساقط لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يصبح موضوع وعد الله. وإن كان قد حصل على وعد بالبركة إلا أنه لم يكن موضوع ذلك الوعد. وهناك فرق في حالة كل من إبراهيم وآدم عندما قبلا الوعد كل في يومه. فإبراهيم لم يكن – عند قبوله الوعد – مجرد إنسان ساقط، بل بالحري إنساناً مؤمناً، إذ قد كان الشخص المختار، المدعو، الأمين، الذي جعله الله مستودع الوعد. أما في حالة آدم فنرى أن الرحمة تداخلت، وبغض النظر عن حالة الإنسان واستحقاقاته قد أعلنت النعمة في شخص المسيح، وذلك عندما سقط آدم، وقبل أن تجري النعمة عملها فيه، لما فصل نفسه هو وحواء فصلاً تاماً عن الله. ويقدم لنا الكتاب نسل المرأة كمن له القدرة على إبادة ذاك الذي سبب تلك الغلطة العديمة الإصلاح. على أنها عديمة الإصلاح من وجهة المخلوق، أما من وجهة الله فقد قدمت له تعالى فرصة لإظهار نعمته الخاصة في مجد ذاك الذي سحق نفسه ليسحق رأس الحية.

  • عدد الزيارات: 3809