Skip to main content

تاريخ الكنيسة

الصفحة 1 من 2

"وها أنا معكم كل الأيام إلي انقضاء الدهر" (مت 28: 20)

خطة الرب يسوع لكنيسته هي أن تستمر تعمل بنجاح عبر التاريخ. سجل الكنيسة ممتلئ بحالات من الارتفاع والهبوط، تتقدم أحيانا وتتراجع أخري. لكن الكنيسة سوف تنتصر في النهاية وإن لم تكن في حالة انتصار علي طول الخط عبر التاريخ. ولقد قاومتها قوي الشر الموصوفة بأبواب الجحيم ( مت 16: 18) وكانت الكنيسة متغربة وتمكن المؤمنون من الثبات والغلبة في حياتهم واجتماعاتهم

امتحن الله الكنيسة في أمانتها وثمرها وكان لابد لها أن تواجه الامتحان وتنجح بقوة الله. لم تكن إرادة الله أن يجعل طرقها سهلة و يسحق المقاومة. لكننا نستفيد من الهزيمة والضعف. عاشت الكنيسة ونشرت سلطانها في العالم رغم كل العقبات.

لكن الجزء الأصعب في شهادة الكنيسة هو أن الكثيرين ممن يحملون اللقب مسيحي في العالم ليسوا ممثلين حقيقيين للمسيح. وقد تعارضت المسيحية الاسمية مع طبيعة المسيح وكلمته ولا يستطيع العالم أن يميز بين المؤمن الحقيقي والمسيحي بالاسم، بين الحقيقي والزائف.

بدأت الكنيسة في عيد الخمسين اليهودي(أع 2) وتكونت من عمل الروح القدس الحقيقي بتعميد المؤمنين في جسد المسيح (1كو 12: 13) أتحد كل من اليهود والأمم للمرة الأولى في جسد واحد (أف 2: 11- 16) صار المسيح هو حجر الزاوية الذي رفضه اليهود. هو راس الكنيسة ( مت21: 42، 1بط2: 7-9) كانت الكنيسة سرا غير معروف في العهد القديم (أف 3: 3-6) لكن هذا السر أعلن بعد قيامة المسيح. سجل سفر الأعمال وباقي أسفار العهد الجديد تاريخ الكنيسة الأصلى. لكن الكنيسة تطورت عبر التاريخ.ويمكن توضيح هذا التطور في فترات متميزة تماما.

1- العصر الرسولي ( 33م ــ100م)

بدا تكوين الكنيسة في أورشليم بعد عظة بطرس عندما قبل المسيح نحو3000 شخص يهودي

(أع2) وتابعتهم آلاف أكثر. انتشر الإنجيل بسرعة.تحول التأكيد الكتابي من ناموس موسى إلي الإنجيل- الأخبار السارة عن الرب يسوع، صلبه وقيامته (أع 8:4) أطلق علي المسيحيين”الذين

فتنوا المسكونة”( أع 17: 6). قدم الرسل الشهادة لليهود أولا ثم للأمم (رو1: 16، 2: 9).

حاول البعض خلط الطقوس اليهودية بالإيمان المسيحي فطلبوا من المؤمنين الختان وممارسات أخري طقسية ( أع 15: 1-29، غل2: 11- 3: 12) كانت فكرة التغيير عظيمة في عصر الناموس- بواسطتها صار الأمم متساوين مع اليهود.حتى الرسول بطرس نفسه لم يتقبل هذا الأمر بسهولة إلي أن أعطاه الله إعلانا خاصا( أع 10: 9-16، 45-48) زادت مقاومة المجمع اليهودي فتحول بولس الرسول في رسالته التي كانت تتركز علي اليهود أساسا إلي الأمم ( أع 13: 42، 18: 6).

حمل الرسل الإنجيل إلي أقصي الشرق كما إلي أوربا. يقول التقليد أن توما ذهب إلي الهند. خرج المؤمنون الأوائل يكرزون بالمسيح في كل العالم..حذر بولس المؤمنين من الذئاب الخاطفة –المعلمين الكذبة- الذين سيدخلون إلي الرعية( أع20: 29، يهوذا ) بدأ الانقسام العقائدي في الداخل استشهد بطرس وبولس في روما بين عامي 60م و70م نفي يوحنا إلى جزيرة بطمس. لقد استشهد جميع الرسل ماعدا يوحنا. مع هذا كانت الكنيسة تنمو حتى دخلت بيت قيصر (في4: 22) يتطابق هذا العصر المبكر إلى حد ما مع كنيسة أفسس (رؤ2:1-7).

2- الكنيسة المضطهدة (101- 312م)

قاسي المؤمنون من المقاومة والاضطهاد قى القرن الأول في عهد الإمبراطور نيرون كما قاسوا من القادة اليهود مثل شاول الطرسوسي. كانت هذه مجرد بداية لفترة طويلة من الاضطهادات التى استمرت لمدة 200 سنة لاحقة. من عصر تراجان في مطلع القرن الثاني إلى نهاية عصر دقلديانوس عام 305 م، عاني المسيحيون من هجمات شرسة متتالية تخللتها فترات قصيرة من التوقف. صلب المؤمنون، طرحوا للوحوش المفترسة، احرقوا أحياء، عذبوا إلى درجة لا يصدقها العقل. استشهد بوليكاربوس تلميذ يوحنا الرسول في سميرنا ( ازمير- تركيا حاليا) حوالي عام 155م، يتفق هذا مع الرسالة إلي كنيسة سميرنا (رؤ2:8-11). الكنيسة المتألمة التي كان لها ضيق عشرة أيام. تمثل هذه الأيام حقبا الاضطهاد العشرة من نيرون ودومتيان في القرن الأول ثم تتضمن ثمانية آخرين في القرنين التاليين.

في نفس الوقت كانت الكنيسة تنمو بشدة وامتدت في أوربا إلي بريطانيا وإلي جنوب أفريقيا ثم إلي مناطق العالم غير المعروف. وفي الحقيقة" كان دم الشهداء هو بذار الكنيسة" قصدت جهود الشيطان تحطيمها لكنها جاءت بنتائج عكسية. ازدهرت الكنيسة. في هذه الفترة جمعت الأناجيل وانتشرت عام 150 م. ثم تم إقرار باقي أسفار العهد الجديد عام 170م فيما عدا رسالة بطرس الرسول الثانيةـ رفضت الكنيسة الأسفار الزائفة واعتبرت أسفارا أخري معينة ليس موحى بها. لم يفقد أي سفر من الكتاب المقدس. قبل المؤمنون الأسفار التي يدعمها الوحي من حيث طبيعتها ومن حيث كاتبها قبل انعقاد أى مجمع مسكوني. تطور اتجاه آخر في هذه الفترة وهو ظهور فكرة الأساقفة الذين عملوا في كل كنيسة. نادي بهذا الاتجاه اغناطيوس أسقف إنطاكية. لم يكن كل شىء نموذجيا ونمت حركة الاكليروسية ( تقسيم المؤمنين إلي اكليروس – رجال دين- وعلمانيين ) نموا كبيرا في هذه الفترة. وواجهت الكنيسة ضلالات عديدة حول شخص المسيح. منها حركة الدوستية التي أنكرت حقيقة تجسد الرب واستبعدت أن يصير الله إنسانا.

3- الكنيسة المتساهلة 313 –600م

كانت بداية هذا العصر مثيرة. علي حافة موقعة عظيمة بالقرب من روما. رأى قسطنطين الصليب في السماء ومعه هذه الكلمات” بهذه العلامة تنتصر" وضع جيش قسطنطين علي دروعهم علامة المسيح وهزموا عدوا قويا. اقتنع الإمبراطور أن اله المسيحيين أعطاه نصرا وايده كإمبراطور في روما. توقفت الدولة عن الاضطهاد وبدأت تحمي الكنيسة. اعتنق كل الأباطرة اللاحقين المسيحية الاسمية فيما عدا واحد. دخل حشد من الوثنين و الهايكل الوثنية إلى داخل الكنائس المسيحية. وتعمد الجنود جماعات. وبقوة تزوجت الكنيسة الدولة ثم العالم.

ترمز كنيسة برغامس وتعني"المتزوجة كثيرا إلى هذه الفترة"(رؤ2: 12-17). كان لهذه الكنيسة كل تعاليم النيقولاويين” قاهر الشعب، العلمانية". ونفوذ بلعام” النبي الأجير (يه11، عد22، 23، 24، 31: 8)وصار نفوذ النيقولاويين شاملا. ( الذين كانوا ينتمون إلي رجل اسمه نيقولا يمارس الدعارة)

أصبحت هذه الكنيسة المساومة متصلة بالدولة. ترأس الإمبراطور أول مجمع كبير في نيقية عام 325 م وأصبح لأسقف روما مكانة تسمو كراسي الإسكندرية، أورشليم وإنطاكية. نمت فكرة سيادة أسقف روما علي باقي الأساقفة وظهر التعليم بان بطرس هو أول الباباوات وأنه تسلم سلطة القائد الأعلى وسلمها بدوره للأساقفة اللاحقين في روما، وانه ينبغي أن تظل روما سائدة إلى الأبد. تم فصل الاكليروس عن العلمانيين. وصار رجال الدين كهنوتا خاصا. تبع ذلك تغيرات أخري في الكنيسة مثل : عبادة القديسين الموتي 394م – عبادة العذراء مريم 431م –اختلاف ملابس الكهنة عن ملابس العلمانيين 500م – عقيدة المطهر 593م – تلاوة القداس باللاتينية في الدول الغربية 600م – رفع صلوات للعذراء مريم 600م – وصار لكل هذه مراسيم كنسية تدعمها سلطة الدولة. نتيجة لهذا انحدرت الكنيسة عن النموذج الكتابي.

كانت النتيجة الرئيسية لمجمع نيقية هي الوقوف في وجه عقيدة اريوس الذي نادي بأن ابن الله مخلوق وليس الإله السرمدي المساوي للأب في الجوهر. عقدت مجامع لاحقة في القسطنطينية ( عاصمة الإمبراطورية الشرقية والكنيسة الشرقية فيما بعد) في أفسس وخلقيدونية. صدرت فيها مراسيم تدين الضلالات التي كانت تهاجم التثليث، طبيعة المسيح، اللاهوت والناسوت. كان أوغسطينوس أكبر قائد لها ولا تزال كتاباته تؤثر في الكنيسة في الوقت الحاضر. خرج المرسلون إلى روسيا والصين وأماكن أخرى بعيدة يحملون رسالة الإيمان، علي أن هذه الأحداث المشرقة اكتسحها تحول مأساوى في الاتجاه المضاد. صارت الكنيسة أقل روحانية واقل صدق لله عن الكنيسة المضطهدة.

4- الكنيسة الوثنية 601- 1516م

الوثنية معناها عبادة الأصنام، حياة مصحوبة بمتعة جسدية ومادية، حياة الفساد والنجاسة. في هذه الفترة المحزنة من تاريخ الكنيسة انحدرت المسيحية الاسمية وارتدت كثيرا.اتحدت سلطة الحكام المسيحيين مع سلطة بابا روما الكنسية.ولطخت المبادئ الكتابية.قاومت الكنيسة الشرقية هذا التيار إلى حين.وكانت هذه الكنيسة تمتد من بلاد ما بين النهرين إلى آسيا في شكلها الأرثوذكسى.

سمى ذلك العصر بالقرون الوسطى. وسمى القرنان 10 و 11 بعصر الظلام و الجهل،

الخرافات،والفساد..وصار من الواضح أن الله سمح بأن تزال الكنيسة المسيحية في شكلها المنظور من الشرق الأوسط. كانت القوة المستخدمة هي الإسلام الذي أسسه محمد(570 –632)بالرؤيا والإعلان بأنه أحد أنبياء الله. أحتل المسلمون بالقوة العسكرية كل أراضى الكتاب المقدس، أسبانيا،شمال أفريقية شبه القارة الهندية وجنوب شرق أوروبا، قبل أن يوقف في فيينا. كان كل ذلك عقابا إلهيا على الوثنية، الطقسية الفارغة والسلوك المشين الذي حدث في مراكز القوى المسيحية ومؤسساتها سقطت القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية الشرقية في أيدى المسلمين 1453م.ثم جاءت جهود مضللة لتحرير الأراضى المقدسة بالقوة العسكرية التى سميت بالحروب الصليبية(1096-1214م ). ظهرت الكراهية الواضحة من أولئك الذين وضعوا الصلبان على ملابسهم الحربية فكانوا أمثلة أخلاقية محزنة.

بدأ شرلمان(767-814) جهوده في إعادة توحيد أوربا كسلطة سياسية مسيحية. سميت مملكته بالإمبراطورية المقدسة مع أنها لم تكن مقدسة. كانت أعظم من ألمانيا أعظم من روما. بقيت المراكز الدينية في فساد شامل وانحدرت البابوية. على أن القادة المسيحيين الحقيقيين وقفوا ضد التيار.أكدوا سلطان الكتاب المقدس في أمور الإيمان ضد سلطة الكبيسة المرتدة. ترجم ويكليف01324-1384) في بريطانيا الكتاب المقدس إلى الإنجليزية وانتقد الكنيسة الاسمية في عدم اتباعها تعاليم الكتاب. بعد موته حطم قادة الكنيسة عظامه وحرقوها. وعظ جون هس (1369-1414) في بوهيميا صد فساد الكنيسة فحرق مشدودا في خازوق.أستشهد سافونا رولا وآخرون في إيطاليا لوقوفهم ضد المد.وصل الفساد قمته في انتشار بيع صكوك الغفران من الكنيسة لكي تبني كنيسة القديس بطرس في روما.ادعت هذه الصكوك أنها تمنح غفرانا تاما للخطايا مقابل مبلغ من المال. أثارت هذه الأمور غضب مارتن لوثر الراهب الكاثوليكى الأوغسطيني فاحتج ضد الكنيسة في 95 موضوع رئسى وسمر الاحتجاج على باب كنيسة وتتبرج، ألمانيا 1517م.بدأ الإصلاح وانتهت الفترة السابقة...

.يرمز إلى هذه الفترة عامة بكنيسة ثياتيرا ( سفر الرؤيا2 : 18 – 29) إنها الكنيسة التى احتملت التعليم الفاسد وغير الصحيح بينما كانت تتمسك بالتدين الظاهري ومظاهر العظمة.

5-الكنيسة المصلحة(1517-1700م)

قادت حالات الفساد في الكنيسة الرسمية، جماعة المستنيرين روحيا إلى البحث عن الإصلاح.

كانت البداية الرسمية هي اعتراضات لوثر الذي لم يكن يقصد الانفصال عن روما في كنائس ألمانيا، سو يسرة وأماكن أخري كثيرة.لذلك سميت هذه الكنائس بالبروتستانت. مع مرور الوقت نسيت ما كانت تحتج عليه. كانت الحركة محاولة للرجوع إلى المسيحية الكتابية وأثمرت في تنقية رسالة الخلاص وسلطان الكتاب المقدس على التقليد الكنسي.

كانت هناك ثلاث مبادئ أساسية في الإصلاح:-

أولا:بدأت بالسؤال”ماذا أفعل لكي أخلص؟" وكان الجواب هو أن التبرير أمام الله هو بالإيمان بعمل المسيح الكامل،وليس أى أعمال أخرى.وكان السؤال الثانى”ما هي السلطة النهائية في أمور الإيمان المسيحى؟"والجواب هو الكتاب المقدس وحده.ولا تقوم السلطة في التقليد أو أحكام الكنيسة فيصبح الكتاب في مرتبة ثانوية.وكان السؤال الثالث هو" من يقود شعب الله؟"ليس كهنوت بشرى خاص ليس له سلطان على ضمير المؤمن بل آن سلطانه يتجاهل المكتوب. ليس الكهنة المعينون من الناس سادة على ميراث الله.( 1بط 5 :3 ) رأي المصلحون أن الكنيسة الرومانية لا تعمل بحسب تعاليم العهد الجديد في العقيدة، الأجلاف،والقيادة.

كان هناك عدد كبير من شخصيات الإصلاح القيادية.بالإضافة إلى مارتن لوثر في ألمانيا، كان هناك هلدرتش زوينجلى (1484-1534) جون كلفن (1509—1564)اللذان خدما في سويسرة.واجه المصلحون أ خطاء الكنيسة الرومانية بكلمة الله.لم يهرب الإصلاح تماما من كل العناصر غير الكتابية في العقيدة الكاثوليكية. إلى حد ما لم ير المصلحون أن اشتراك الحكومة في الكنيسة خطأ.ولم يدركوا مشاكل التمييز بين رجال الدين والعلمانيين. استمروا في تعميد الأطفال واضطهدوا الذين قاوموهم (الأنابابتست وغيرهم) وقبلوا فكرة ضمان خلاص الأطفال بالمعمودية.وكما فعلت الكنيسة الكاثوليكية، قتل البروتستانت الذين يخالفون تعاليمهم.

دفعت حركة الإصلاح القوية الكنيسة الكاثوليكية إلى القيام بإصلاحاتها الخاصة،تنقت بعض الأعمال البابوية، لكن استمر الاعتماد على التقليد بلا تغيير.وفي نقس الوقت أصبحت كنائس الدولة العديدة هي الأداة للمصلحين الخماسينيين.ظهرت الكنائس اللوثرية في ألمانيا الإنجيليكانية في إنجلترا. وسيطرت الدولة على الكنيسة في جنيف،سويسرة. كان كثير من الناس يعتقدون أنهم مسيحيون لأنهم اعتمدوا لكنيسة الدولة. وصاروا بمرور الوقت يعتنقون ديانة وطنهم كعادة قومية أو عرقية، مثلما حدث في الكنائس الأرثوذكسية الوطنية في الشرق.

ولقد صار من المحتم أن تحمل الكنيسة المسيحية في داخلها بذور انحدارها.فقدت كنيسة الدولة حياتها ولا تزال هكذا حتى الآن في حاجة إلى يقظة، كان اختراع جوتنبرج للطباعة المتحركة 1462م هو أحد الأمور المعينة في النهضة مما ساعد على تدفق الكتب المقدسة في أيدي عامة الناس فيما بعد. تمثل كنيسة ساردس الضعف الروحى بعد الإصلاح( رؤ3 :1-6) كانت الكنيسة التى لها اسم أنها حية وهي ميتة. يحتاج الأعضاء أن يتذكروا قول المخلص"أذكر كيف أخذت وسمعت واحفظ وتب"

6-الكنيسة الساهرة (1701—1900م)

إذا ما تخلى أصحاب العقيدة السليمة(الأرثوذكسية) عن إيمانهم ماتوا روحيا. حدث هذا في لوثربة ألمانيا وفي كنائس أخرى.أنقذت الكنائس من هذا الضعف بالحركة التطهيرية (التقوية) بقيادة فيليب سبنير(1635—1705) لقد عانى المؤمنون كثيرا من كبرياء الكهنوت وفساد الخدام وأعضاء الكنائس، فجاء الطهوريون يؤكدون التوبة، اتجاه القلب، دراسة الكتاب المقدس والاشتراك في العمل الروحى من جميع المؤمنين. أغضب هذا الإتجاه العاملين في الكنيسة الرسمية واتهموهم”بالكماليين".

وكان للحركة التطهيرية نفوذ قوي في القرن الثامن عشر.وامتد نفوذها خارج ألمانيا. كان زنزندورف يجتمع مع جماعته المخلصة في مكان صغير يسمي”هيرنهت" ومعناه (ساعة الرب) يصلون 24 ساعة اليوم بعد اليوم.واستمرت الصلاة بعدهم نحو 200 سنة.كان تكريس هذه الجماعة للمسيح نموذجيا. وإذ سمعوا عن انتشار وبأ في الهند، أرسلوا المرسلين للمعونة. وأرسلوا المرسلين الأخرين إلى كل مكان في العالم. وهكذا بدأت الحركة المرسلية في العالم.كانت الكرازة المرسلية هي أكبر هدف عند زنزندورف،

ثم جاء الواعظ الأمريكي الشهير يوناثان إدواردز (1703— 1734 ) ليقود النهضة الكرازية مبتدئا من نورثمبتون—ماسوشتس 1734م.قاد جون وتشارلس ويسلى مع جورج هوايتفيلد نهضات عظيمة امتدت من انجلترة إلى أمريكا في القرن 18. حمل الوسليون الإنجيل إلى الخلاء وإلى المناطق الصناعية. ذهب الوعاظ المتجولون إلى كل مكان. نادوا بالعدالة الاجتماعية، فألغى الرق، أصلحت السجون وقدمت المعونات للفقراء والمتحاجين.

برزت جمعيات الإرساليات المستقلة في العالم الناطق بالإنجليزية لتملأ الاحتياج الذي أغفلته المنظمات الكنسية، كما برزت أسماء مشاهير التاريخ المسيحي الذين ضحوا بأنفسهم بتجديد الوثنين. ذهب وليم كاري إلي الهند، ادونيرام جادسون إلي بورما، هادسون تايلور إلي الصين وديفيد ليفنجستون إلي أفريقيا. قاموا بأعمال بطولية ومهدوا الطريق للآلاف الذين جاءوا بعد ذلك. زرعت الكنائس في أماكن لم يكن يوجد بها كنائس. كانت هذه الجهود الكرازية مختلفة تماما عن العمل الإلزامى الذي قام به الكهنة الكاثوليك – اتباع الجنود الأسبان-- بين الهنود في أمريكا الوسطي والجنوبية، المكسيك، وساحل كاليفورنيا. حمل الإنجيليون الإنجيل الصحيح بلا إكراه فتكاثر عدد المؤمنين.

قامت جمعيات الكتاب المقدس بترجمة الكتاب إلي لغات عديدة. طبعت مئات الملايين من النسخ لتوزيعها بالمجان. فظهرت الكنائس المسيحية في الوجود. صار من أبرز التعاليم انتظار مجىء الرب لاختطاف المؤمنين وملاقاته في الهواء( 1تث 4: 17). كانت الكنيسة الأولي تنتظر هذا المجىء باستمرار، صارت نفس هذه الروح لكنيسة ذلك العصر. كان مؤمنو العصر يعيشون ويعظون عن الفرح.، يجتمعون باسم الرب وحده، يمارسون عشاء الرب بطريقه بسيطة مع بعضهم البعض. انتعشت الكنيسة وصاروا يطلقون علي أنفسهم اسم (الاخوة) الذين بدأ أصلهم في بليموث – إنجلترا ثم انتشروا في كل العالم.

تنتمي هذه الفترة إلي كنيسة فيلادلفيا (رؤ 3: 7-13) كلمة فيلادلفيا تعني المحبة الأخوية.لم تسمع هذه الكنيسة تحذيرا من الرب. لها الباب المفتوح – باب الكرازة بالإنجيل كان لها إعلان الرب يسوع”ها أنا آت سريعا" وصارت تنتظر الرب طول ذلك العصر.

7- الكنيسة الحالية( 1901- الوقت الحاضر).

في القرن الماضي زرع اللاهوتيون الألمان – لسوء الحظ – بذور الشر في الكنيسة. لم يكن هؤلاء اللاهوتيون مؤمنين. جاء النقد الأكاديمى للكتاب المقدس ليهز إيمان طلبة معاهد اللاهوت، إيمان المثقفين أولا ثم عامة الشعب. انتشر النقد العالي أو العقلانية الألمانية أو الثقافات العصرية. افترض النقد انه في الإمكان الشك في الأسفار. أعلن أنها قد تكون زائفة. انتقد ما كان يراه في الظاهر تناقضا. أنكر المعجزات. تسائل عمن هو في الحقيقة يسوع التاريخ بالمقارنة مع يسوع الكتاب. أعاد النقد فحص كل شىء باستخدام نفس المصطلحات. كان هذا النقد قاتلا ومخادعا تماما.

تخللت هذه الأفكار معظم الكنائس البروتستانتية أعلن التابعون لها سيادة الكنيسة الرسمية ومعاهدها. عرفت هذه الكنائس بالتحررية أو العصرية، مع أنها اعترفت بحاجاتها إلي الاعتدال. هاجمت هذه الكنائس التحررية الجماعات المحافظة ووصفتهم بالأصوليين (المتطرفين). لأنهم رأوا فيهم التمسك بالأصول الكتابية. قام صراع كبير بين المؤمنين المحافظين وأولئك المتشككين. تضاعف الصراع بشعارات مثل” الأرثوذكسية الحديثة" ( التي لم تكن أرثوذكسية)” والإنجيلية الحديثة” (ولم تكن إنجيلية تماما)” والمسكونية” التي تعني تعاون وتماسك منظمات الكنيسة تحت مظلة منظمة واحدة. فسروا صلاة المسيح من أجل وحدة الكنيسة بتكوين منظمات داخل الطوائف. تراجع كثير من المؤمنين من وراء هذه المنظمات ذات السيادة الليبرالية.

تزايدت العضوية في الكنيسة العامة وفي منتصف عام 1980 كان هناك اكثر من بليون ونصف بليون شخص من المسيحيين الاسميين. منهم 300 مليون إنجيليين لكن ليس جميعهم تابعين حقيقيين للرب. كما تزايد عدد الكنائس ذات الإدارة المستقلة التي تخضع للكتاب المقدس وشخص الرب يسوع كالسلطان المطلق. زاد أيضا في هذا الوقت اتخاذ قرارات من أجل المسيح أكثر من أى عصر مضي. أصبح بيلي حراهام أعظم كارز في العالم في اجتماعات تجذب مئات الآلاف من البشر. ضاعف الراديو والتليفزيون في نشرة هذه الحركة القوية. لكن، في نفس هذا الوقت كانت هناك سطحية في الحياة، فساد أخلاقي بين عدد كبير من هذه الجموع. تراجع عدد آخر من المرسلين من الميدان. قرضت المادية وخططها حيوية الكنيسة. طهر في بداية هذا القرن في توبيكا كانساس ثم في لوس أنجلوس كاليفورنيا بداية ما يسمي (حركة الألسنة الحديثة). تطورت هذه” الحركة الخمسينية الكريزماتية” وصار لها نفوذ عظيم تكونت من هذه الحركة كنائس خاصة ثم بدأت هذه المبادئ تتخلل صلب الكنائس الأخرى. أكدت الحركة علي المعجزات، الشفاء، الآيات والعجائب كوسيلة تؤيد أن الخدمة هي من الله. انقسمت هذه الحركة إلي مجموعتين – الممتلئين بالروح ( الذين لهم نفس العقيدة) و غير الممتلئين. تسبب هذا في انقسامات عديدة داخل الكنائس. كان هناك مؤمنون كثيرون مخلصون في هذه الحركة كما كان هناك آخرون لهم غيرة المنتانيين في الكنيسة الأولى الذين تمسكوا بنفس الأفكار. كانت هناك أساليب تضليل واضحة في بعض الإعلانات، اكتشفت عندما تعرضت للفحص العام.

وكان للجماعة قبول عظيم من الذين :

1-كانوا في خوف شديد بسبب نقص الحياة الروحية في كنائسهم

2- كان لهم أساس فقير في معرفة الكلمة

وفي السنوات الأخيرة من هذه الفترة صارت الكنيسة في حالة فتور في ولائها للمسيح. أصابتها عدوى المادية، الكبرياء والرضى الذاتى.تشبه هذه الكنيسة كنيسة سفر الرؤيا السابعة(رؤ 3 :14- 22) كنيسة لاودكية.ولا يزال يوجد شهود كثيرون للمسيح.فيها وقف المؤمنون ثابتين في المسيح,تحت الاضطهاد الشديد من الشيوعية في الصين والاتحاد السوفيتي وفي كل مكان.

الخاتمة والتطبيق

حدث في أيامنا الأخيرة انفجار شديد في الجهود الهادفة إلى الوصول إلى الملايين الذين لم يعرفوا المسيح بع .لهذا لم تقو أبواب الجحيم على الكنيسة. عاشت الكنيسة رغم أخطاء بعض القادة الساقطين. تحرك المؤمنون الحقيقيون بثبات نحو هدفهم لكي يملكوا مع المسيح إلى الأبد ( رؤ 20 :6، 22 ؛5 ) وبعد الاختطاف، سوف تحتفل الكنيسة بعشاء عرس الخروف ( رؤ 19 :6-9 )

أما مصير الكنيسة الرسمية التى يطلق عليها المسيحية الاسمية فهذا أمر آخر.مثل إسرائيل قديما ستستمر في الارتداد ( 1تى 14 :1-2، مت 13 :33 ) يطلق عليها بابل (البلبلة) بسبب تعاليم الضلال وبسبب امتزاجها الكامل وسوف يدينها الله ويحطمها في نهاية الأمر

( رؤ 17 :1-6، 18 :1-4 ) في دينونة الكنيسة الزائفة، سوف تتاح الفرصة لإسرائيل للاسترجاع القومى (رو 11 :11—26 ) ومثلما فقدت إسرائيل بركاتها بسبب ارتدادها منذ 2000 سنة وتحولت البركات للأمم، سوف تدهشنا عظمة سر إرادة الله بتحقيق مقاصده في المسيح.

المرشد
الصفحة
  • عدد الزيارات: 20221