Skip to main content

طرق للعمل الفردي

بعد أن سمعنا عن العمل الفردي كأفضل وسيلة فعالة لربح النفوس وعن إهمالنا الفظيع لهذا العمل العظيم وعن الاستعداد الثلاثي للقيام به فلنبدأ في الحال في ممارسة هذا العمل الجليل وقد بقي لنا أمر أخير وهو السؤال الخطير كيف نربح النفوس فردياً؟ ولكي نجيب على هذا السؤال العملي فأول خطوة نتقدم إليها هي:

أولاً: أن نختار الشخص الذي ترغب ربحه للمسيح

يجب أن يكون أمامك شخص معين محدود فيوجد كثيرون الذين يشتاقون لربح النفوس ولكن لأنهم لم يختاروا نفساً واحدة ليربحوها فلذا لم ينجحوا في مسعاهم فكيف إذا نختار هذا الشخص المعين ولكي نحسن الاختيار

أ-اطلب إرشاد الله كما يقول يعقوب 1: 5 "إن كان أحد تعوزه حكمة فليطلب من الله الذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعير فسيعطي له" وحينئذ يرشدك الروح إلى من تذهب إليه وتتحدث معه عن المسيح له.

ب-اختر شخصاً يسهل الوصول إليه. فأين الأشخاص الذين يسهل الوصول إليهم- أليسوا هم أولاً أفراد عائلتك من أخوة وأخوات وبنين وبنات وأزواج وزوجات وآباء وأمهات فاقرأ عن أندراوس لما وجد المسيح قيل عنه "هذا وجد أولاً سمعان" وعن الشاب المجنون لما شفي قال له المسيح "اذهب إلى بيتك وخبر بكم صنع بك الرب ورحمك" فواضح من هذا أن قصد الله هو أن نربح أولاً أفراد عائلتنا ثم بعد ذلك أصدقاءنا وزملاءنا في مكتب العمل أو من يحترف ذات الحرفة التي نعمل بها فالمحامي يربح نفس محام آخر وهكذا الطبيب والمهندس والطالب والتاجر والمزارع والصانع والعامل ولنلاحظ أن من نعمل في وسطهم يكونون من ذات العمر فالصبي يسهل عليه أن يربح نفس صبي آخر وهكذا الشاب والكهل والشيخ فليت روح الله يرشدنا اليوم إلى أشخاص معينين لنربحهم للفادي.

ثانياً: والخطوة الثانية هي كيف تربح هذا الشخص المعين الذي أرشدك الله إليه.

إن داود في مزمور 126: 6 يلقي علينا نوراً لامعاً في كيفية العمل الفردي الذي نجني من ورائه حصاداً وافراًً فيقول "الذاهب ذهاباً بالبكاء حاملاً مبذور الزرع مجيئاً يجئ بالترنم حاملاً حزمه".

كيف تذهب لربح الفرد؟

(1) اذهب إلى هذا الفرد وفي يدك كلمة الله: "حاملاً مبذر الزرع" كما ذهب فيلبس إلى الوزير الحبشي وفي يده الكتاب فالبذار هنا هي كلمة الله فإن أردنا حصاداً وافراً لنزرع البذار الصالحة وإن رغبنا في ربح النفوس لنقدم لها كلمة الله وكلمة الله لا ترجع إليه فارغة فهي كمطرقة تحطم الصخر وكنار تحرق أشواك الخطية في القلب وكسيف ماض ذي حدين نافع في حالتي الدفاع والهجوم يخترق مفرق النفس والروح ويميز أفكار القلب ونياته فتوجد واسطة واحدة فقط التي عينها الله لتبكيت الناس على الخطية ولجعلهم يروا حاجتهم إلى مخلص وأن يسوع هو هذا المخلص وعنده الواسطة هي كلمة الله- مولودين ثانية لا من زرع يفنى بل مما لا يفنى بكلمة الله الحية الباقية إلى الأبد 1بطرس1: 23

قرأت عن شابة التي لم تكن تعرف سوى آية واحدة من الكتاب وهي "استعد للقاء إلهك" عاموس4: 12 وقد استعمل الروح القدس هذه الآية الواحدة على فم هذه الشابة لربح كثيرين إلى المسيح. لقد ذهب القس جريك الأميركي حاملاً مبذر الزرع إلى زعماء النازي في ألمانيا فرجع مترنماً فرحاً لأنه ربح نفوس أغلبهم فقد تأثروا بشدة بالآيات التي تتحدث عن الصليب ودم المسيح فخذوا سيف الروح الذي هو كلمة الله معكم في عملكم الفردي بين غير المسيحيين فتجدونه حاداً قاطعاً بتّاراً.

(2) اذهب إليه وعلى فمك صلاة: إن عكاز أليشع لم يحدث حركة في جسم الصبي المائت ابن الشونمية فعصا التعاليم الدينية لا تؤثر في إحياء الخطاة الأموات في الذنوب والخطايا بدون مرافقتها بالصلاة ولذا لم يكتف أليشع بوضع العكاز على وجه الصبي ولكنه جاء ودخل إليه وأغلق الباب وصلى إلى الرب. فصلِّ قبل أن تكلم الخاطئ ليرشدك الله إلى ما تقول ثم صل معه منفرداً ثم صلِّ لأجله بعد أن تتركه ويجدر بكل عامل فردي أن يدون أسماء الأشخاص الذين يصلي لأجلهم في دفتر خاص يدعى بدفتر "عرش النعمة" وعليه أن يصلي لأجل كل اسم حتى ينال الخلاص ولتحوِ قائمة الأسماء أشخاصاً كثيرين من غير المسيحيين فما أقوى الصلاة في ربح النفوس فليلة واحدة قضاها القس جريك في الصلاة كانت سبباً في ربح نفوس زعماء النازي الذين سبقت الإشارة إليهم فالصلاة الغالبة تفتح القلوب المغلقة وتحمي النفوس الجامدة.

(3) اذهب إليه وفي قلبك حرارة الحيوية: اعلم أنك تذهب إلى شخص ميت كما ذهب أليشع إلى الصبي المائت وعليك أن تهب بقوة روح الله هذا الشخص المائت الحياة فالخاطئ ميت روحياً ويحتاج إلى القيامة الحياة.

إن احتكاك جسم أليشع الحي الحار بجسم الصبي الميت البارد كان واسطة في يد الله في إعادة الحياة ففم الصبي البارد قد مس فم النبي الحار وعينا أليشع ويداه الدافئتان قد مستا عيني ويدي الصبي الباردتين فسخن جسم الولد وهنا أليشع لم يكتف بأن يسخن جسد الصبي بل بأن ينال الحياة فعاد وتمشى في البيت تارة إلى هنا وتارة إلى هناك وصعد وتمدد عليه فعطس الصبي سبع مرات ثم فتح الصبي عينيه 2مل4: 35 فلا تكتف أيها العامل بالتأثيرات الروحية الخارجية بل يجب أن ينال الخاطئ التجديد والحياة فلنذهب عدة مرات إلى الخاطئ إلى أن يحصل على الخلاص فلا تفشل كالصياد الذي يلقي صنارته في البحر عدة مرات إلى أن تصطاد.

لو كان أليشع جثة باردة فما نفع احتكاك جثة باردة بجسم ميت بارد فلا ترجى من وراء ذلك حياة هكذا لا ترجى فائدة من مجهوداتنا الفردية مع الخطاة الأموات إذا كنا فاترين روحياً فهل بيننا اليوم خادم كجيحزي الذي يحمل فقط عصا التعليم الباردة بدون حرارة روح الحياة وقوة الصلاة فكما كان أليشع ممتلئاً بالروح فاستعمله الله لإحياء الصبي هكذا يملأنا الله بروح الحياة حتى نحيي الآخرين ونربح الهالكين وهل ننتصر إن كنيسة فاترة باردة يستعملها الله لإحياء العالم الذي كجثة باردة فيجب أن الكنيسة بأعضائها وخدامها تلتهب بنار الروح لتبعث الحياة في عالم ميت ولنسمع المسيح يخاطب الكنيسة في هذا المؤتمر قائلاً "أنا عارف أعمالك إنك لست حاراً أو بارداً ولكن لأنك فاتر أنا مزمع أن أتقيأك من فمي- لك اسم أنك حي وأنت ميت".

فلنصل إلى الله بكل حرارة وإيمان أن يلهب الكنيسة بنار الروح والانتعاش فتربح العالم للمسيح.

(4) اذهب إليه وفي عينك دمعة المحبة والبكاء: "الذاهب ذهاباً بالبكاء" فلا يكفي أن تذهب وفي يدك كلمة الله وعلى فمك صلاة وفي قلبك حرارة روح الحياة بل اذهب وفي عينك دمعة المحبة والبكاء اذهب وقلبك مشتعل غيرة لخلاص الخطاة فتفيض عينك بالدموع حزناً على هلاكهم فلا توجد قوة فعالة في جذب النفوس سواء نفوس المسيحيين أو غيرهم نظير قوة المحبة فهي أبلغ من قوة اللسان وفصاحة البيان وبدونها لا يحدث تأثير كما يقول بولس "إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة ولكن ليس لي محبة فقد صرت نحاساً يطن أو صنجاً يرن" فالمحبة تربح وتنجح بينما كل شيء آخر يسقط ويفشل ولكن المحبة لا تسقط أبداً. قيل أن شخصاً بارزاً في بلاد العجم في طهران ربح للمسيح بواسطة دموع أحد المرسلين الغيورين فلغة الدموع الصامتة لهي أفصح من العظات البالغة والبراهين المقنعة القاطعة. ألم يذهب المسيح إلى أورشليم وفي عينه دمعة على الخطاة وألم يذهب إرميا إلى شعب إسرائيل وفي عينه ليس دمعة فقط بل ينبوع من الدموع وهل وصلنا إلى اختبار بولس الذي قال "اسهروا متذكرين أني لمدة ثلاث سنين لم أفتر عن أن أنذر بدموع كل واحد وأن لي وجعاً وحزناً عظيماً لا ينقطع من أجل إخوتي أنسبائي حسب الجسد".

قيل أن توري في أحد اجتماعاته بمدينة شيكاغو قابل شخصاً غيوراً عاملاً قص عليه كيف تجدد فقال "لما كنت في شيكاغو ترددت على الكنيسة التي أنت راعيها الآن وكنت أذهب لأنتقد الحاضرين فأسمعهم يصلون في الكنيسة وخارجاً يسلكون ضد صلواتهم وكان هذا سبباً في قساوة قلبي ويوماً ما أصبت بمرض وقد قطع الأطباء كل رجاء في شفائي وقد زارني في المستشفى أحد القسوس المتقاعدين وطلب إلي إن كان يقرأ لي فصلاً من الكتاب فأجبته لا مانع وبعد نهاية القراءة طلب إلي إن كان يصلي معي فقلت نعم كما تريد ولما ركع القس يصلي كنت أراقبه من زاوية عيني فرأيت لدهشتي دمعة تنحدر على وجهه فقلت في نفسي هنا شخص لا يعرفني وأنا غريب عنه وها هو يبكي على نفسي الهالكة فهذه الدمعة كان لها تأثير بالغ في نفسي دفعني إلى قبول المسيح كمخلص" فهل اختبرنا صدق هذه الحقيقة في خدمتنا "إن الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالابتهاج".

(5) اذهب إلى المؤمنين وليس فقط إلى الخطاة. فكم يوجد من المؤمنين الفاترين الذين يحتاجون أن نعمل معهم عملاً فردياً لإنعاش حياتهم وإرجاع غيرتهم الأولى فربح النفس ليس عملاً أفضل أو أهم من أن تقود مؤمناً إلى شركة أعمق مع المسيح وليس العبرة بعدد الجنود الجدد ولكن بعدد الجنود المدربين العاملين فالحاجة في الكنيسة اليوم ماسة ليس إلى ربح نفوس أكثر فقط ولكن إلى تحسين حياة الأعضاء الروحية وتقويتها وإنعاشها فلنبدأ عملاً فردياً مع أعضاء الكنائس الذين فترت محبتهم وانطفأت غيرتهم والمطلوب اليوم في خدمة المسيح ليس أشخاصاً أكثر عدداً ولكن شخصيات أكثر تكريسا ًللمسيح.

(6) إن كنت لا تستطيع الذهاب إلى بعض الأفراد فاستعمل البريد كطريقة من طرق التبشير فيمكنك أن ترسل خطابات روحية لأصدقائك فقد ربح كثيرون من زعماء المسيحية بواسطة خطابات كهذه فترمبل زعيم العمل الفردي قد قبل المسيح مخلّصاً بواسطة رسالة من صديق له كان لها وقع شديد في نفسه فلنكرّس أقلامنا للرب وما أعظم قوة القلم المكرّس فربما خطاب يؤثر في نفس أكثر مما تؤثر فيها المواعظ وقد تعبر عن أفكارنا بالقلم أكثر مما نعبر باللسان وتوجد طريقة أخرى للوصول إلى النفوس البعيدة وهي إرسال النبذ الدينية الخلاصية وبعض الأجزاء من الكتاب المقدس فقد خلص بهذه الكيفية كثيرون من المسيحيين وغيرهم فلنستعمل كل الطرق التي تؤدي إلى ربح النفوس.

(7) وأخيراً درّب أعضاء كنيستك على الذهاب فلا تذهب أيها الخادم بنفسك فقط ولكن درّب آخرين معك. قال مودي: "إنه أفضل أن يقوم عشرة أشخاص بعمل ما من أن يقوم شخص واحد بعمل هؤلاء العشرة" فواحد يطرد ألفا واثنان ربوة. ابدأ حلقة في كنيستك للصلاة والعمل الفردي ولتجتمع هذه الحلقة بمنزل الراعي مرة كل أسبوع للصلاة ودرس الكلمة على ضوء العمل الفردي وليستخدم الراعي هؤلاء المتطوعين بعد كل خدمة صباح أحد أو بعد مدرسة الأحد أو بعد خدمات المساء أو الاجتماعات الانتعاشية في مقابلة الأفراد المتأثرين وربحهم للمسيح فإن كل عظة يجب أن تتبع بالعمل الفردي لتكون منتجة مؤثرة لا في النفوس.يقول اسبرجن إن أغلب الذين يخلصون في كنيسته هم الذين يحادثهم أعضاء المكرّسون للخدمة حديثاً فردياً بعد كل عظة يلقيها وكان يحث أعضاء كنيسته على الدوام على العمل الفردي وهنا اختبار آخر للواعظ توري يؤيد تلك الحقيقة وهو أنه بعد ما ألقى عظة في سدني باستراليا على جمهور يبلغ عدده نحو خمسة آلاف وكان بين السامعين رجل مثقف معه زوجته لم يتأثرا من عظته التي استغرقت نحو الساعة إن شخصاً من الحاضرين ومن طبقة العمال رآهما وهما يخرجان من الكنيسة فقال في نفسه يجب أن أكلّم هذين الشخصين عن الخلاص وبعد أن تردد في نفسه قليلاً ذهب إليهما وقلبه يتقد غيرة على ربح نفسيهما وفي مدة عشر دقائق سلّما قلبيهما للمسيح فهل يوجد بين أعضاء كنائسنا من لهم هذه الغيرة الوقادة والاستعداد الروحي لربح النفوس وهل لنا في كنائسنا فرقة مدربة للعمل الفردي أو هل نعمل وحدنا دون مساعدة الأعضاء فنفشل في كثير من الأحيان ولا توجد طريقة بها تنتعش الكنائس الفاترة إلا بتدريب أعضائها على العمل الفردي وبذلك تصبح الكنيسة عاملة ومبشرة وألا تموت. قدم رجل عجوز نصيحة ثمينة لشاب فقال له "إن أردت أن تحفظ حياتك الروحية في إنعاش مستمر فكلّم الله كل يوم بالصلاة مدة ربع ساعة ودع الله يكلمك كل يوم ربع ساعة بمطالعة الكلمة وكلّم الآخرين كل يوم عن الله مدة ربع ساعة".

نادي الصيادين

في زيارتي لأميركا منذ بضعة أعوام زرت كنيسة إنجيلية بمدينة شيكاغو وبعدما طفت بقاعة الكنيسة والغرف المحيطة بها قال لي الراعي هلم فأريك نادي الصيادين فقلت له مندهشاً وماذا تقصد بنادي الصيادين فأجابني سوف تراه الآن وهنا تقدم بكل شجاعة نحو اثني عشر شاباً إلى المنبر وتكلم كل واحد منهم بكل غيرة وحماس عن النفوس التي ربحها الشهر الفائت من بين السكيرين والمقامرين والفجّار والأشرار وهنا قال لي هذا هو نادي الصيادين وهذا هو شعاره "هلم ورائي فأجعلكما تصيران صيادي الناس". فهل تؤسس في كنائسنا بالبلاد العربية نواد كهذه للخلاص عوضاً عن نوادي الهلاك المنتشرة في بلادنا للمسكر ولعب القمار الفتاك.

  • عدد الزيارات: 6599