المسامحة في المسيح
الإصحاح الخامس
في هذا الاصحاح ، استأنف الرسول كلامه الذي اختتم به الأصحاح السابق: "كما سامحكم الله أيضاً في المسيح". فاتخذ من كلامه هذا، باعثاً إيجابياً، يحمل المكتوب إليهم على السلوك في جدّة الحياة، باعتبار كونهم"أولاد أحبّاء الله" الذي "سامحهم أيضاً في المسيح".
إن هذه المحبة القدسية المضحية التي وجهها إلينا الآب السماوي ، في شخص المسيح المصلوب لأجل خطايانا، والمقام لأجل تبريرنا، هي مبعث التسامح بين المؤمنين، وهي أقدس حافز لهم على قداسة الحياة:وحياة القداسة. وهي النار التي تلهب قلوبهم في الخدمة، إذا هم أعيوا في مسالكها الوعرة، وهي النور الذي يلهم بصائرهم فيهديهم في جهاد الحياة المحفوف بالمكاره. هي" همزة الوصل" بين المؤمنين إذا انقطعت بينهم صلات المودة، وهي" همزة القطع " بينهم وبين"إنسانهم" العتيق الفاسد!
في نهاية الأصحاح السابق، ناشد الرسول المكتوب إليهم، أن يخلعوا الإنسان العتيق، ويقلعوا عن أعماله. فكان كلامه منصباً بنوع خاص،على الخطايا التي تثير عوامل الشحناء والبغضاء بين المؤمنين، فنفسد عليهم تضامنهم، وتعبث بوحدانيتهم المقدسة التي هي مركز الدائرة في هذه الرسالة.
لكنه في هذا الإصحاح، حضّهم على نبذ الخطايا التي تدنّس دعوتهم المقدسة، وتمتهن الاسم الشريف المقدس الذي دعي عليهم باعتبار كونهم أبناء الله القدوس. فمن أقدس واجباتهم، أن يكونوا قديسين "كما أن أباهم الذي في السموات هو قدوس"، فذكرنا الرسول بتلك الكلمة الخالدة التي فاه بها مخلصنا المجيد: "فكونوا أنتم كاملين، كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل" (متى5: 48).
فكأنه في ختام الإصحاح السابق، حضهم على نبذ الخطايا التي تؤثر في صلتهم ببعضهم البعض كمؤمنين. وفي مطلع هذا الإصحاح حرضهم على ترك الخطايا التي تمس سمعتهم ومقامهم، لدى العالم الخارجيّ، مردّداً جوهر كلمة قالها في مناسبة أخرى "اسلكوا بحكمة من جهة الذين هم من خارج".
- عدد الزيارات: 4197