Skip to main content

جو الحياة الممتلئة بالروح

(5: 21-19)

"مكلمين"..."شاكرين"..."خاضعين".

في كلمات ثلاث عبر الرسول عن الجو الذي يجب أن يسود حياة الامتلاء بالروح

-ا- الفرح المتبادل: "مكلمين..." –ب- الشكر المسيحي: "شاكرين..." –ج- الخضوع المتبادل: "خاضعين".

عدد19:

19مُكَلِّمِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً بِمَزَامِيرَ وَتَسَابِيحَ وَأَغَانِيَّ رُوحِيَّةٍ، مُتَرَنِّمِينَ وَمُرَتِّلِينَ فِي قُلُوبِكُمْ لِلرَّبِّ.

-ا- الفرح المتبادل: "مكلمين بعضكم بعضاً بمزامير....". إن الشعور الحي الراقي يرحب بكل فرصة شريفة ليعبّر بها عن وجوده وحقيقته. وإلا قضى عليه في مهده. ومن المهم أن نذكر أن روح الانقباض والعبوس ليس روح المسيح، بل روح العالم. لكن روح المسيح هو روح الانشراح، لأنه روح الظفر- والظافر فرح. ألم يقل بولس في رسالة معاصرة لهذه: "إن ثمر الروح..فرح؟" (غلاطية5: 22).

شعر لوثير مرة بأن الشيطان يهاجمه بشدة، ففتح نافذة غرفته، وحدّق ببصره نحو السماء المتألقة بالنجوم من فوق، ثم التفت إلى الأحراش الكثيفة المظلمة من حوله، وأخيراً اتجه بقلبه وببصره إلى الله قائلاً: "يا إلهي! إني أرى السموات ثابتة وهي ليست ثابتة على أعمدة، لأنها قائمة بقوتك الضابطة الكل". ثم أغلق نافذة غرفته وترنم قائلا: "إن الشيطان متجهّم الوجه لأنه يكره الموسيقى التي يحبها الله. لأن الموسيقى نور، والشيطان ظلام"

-ا- قيمة الفرح المتبادل: "مكلمين بعضكم بعضاً" إن أيام الابتهاج المقدس هي أيام الظفر. فأسوار أريحا سقطت بعد هتاف الظفر. والعلامة المميزة لخيام الصديقين هي "صوت الترنم والهتاف". والنهضات السياسية القوية قامت على الأناشيد الوطنية الحماسية. والانتعاشات الفعالة، كانت تغذيها الترنيمات المنعشة الشجية. وميلاد المسيح كان مصحوباً بترنيم جند السماء. وأمنيته لكنيسته هي: "ليكون فرحي كاملاً فيهم".و"فرح الرب هو قوتنا". (أعمال2: 41و 46، 5: 41، 8:8، 9:30، 4: 41).

إن قوله : "مكلمين بعضكم بعضاً، ليس مقصوراً بالضرورة على اجتماعات المؤمنين للعبادة العامة، لكنه يتناول أيضاً اجتماعات المحبة والصفاء، التي كان يعقدها المؤمنون للسمر والإيناس ، لتمكين روابط المودة والإخاء بين بعضهم البعض، وهي التي حلت محل أعيادهم الوثنية التي كانوا يبدونها قبلاً، فطلب إليه الرسول أنهم متى اجتمعوا لهذه الأغراض الشريفة، فليبدأ أحدهم بمزمور ويجاوبه الآخر بتسبيحة، فيرد عليهما الثالث بترنيمة روحية، فترتفع أصواتهم العبرة عن عواطفهم المتبادلة ، في ذلك الجو الموسيقي البديع، وتتصاعد في الفضاء ، فتتجاوب معها أصوات تسبيحات أرواح الأبرار المكملين في السماء، وتبلغ محضر الله القدوس الساكن وسط تسبيحات القديسين!!.

-ب- أداة الفرح المتبادل: "بمزامير، وتسابيح، وأغاني روحية"

مزامير: هذه كلمة عبرية الأصل، من مصدر"زمر" وهي تعني الترتيل المصحوب بآلة موسيقية، كالمزمار وسائر الآلات الموسيقية – أمثال مزامير داود، وآساف، وسائر الترنيمات الموحى بها .

تسابيح: هذه تعني الترنيمة المرفوعة إلى الله حمداً وتسبيحاً وتمجيداً وهي قطعة مقتطفة من مزمور، أو منظومة من سائر أجزاء الموحى. والتسبيحة بنوع خاص موجهة إلى الله رأساً.

أغاني روحية: هذه أناشيد معبرة عن قوة الإحساس الروحي الذي يملك على الإنسان مشاعره، عند امتلائه بالروح القدس، فيتدفق منه الكلام كما يتدفق الماء من النبع الفياض. وهي ليست بالضرورة وحياً.

"مترنمين ومرتلين في قلوبكم للرب"- هذه العبارة تصف طريقة التعبير عن الأغاني الروحية. فالمزامير والتسابيح ترنّم عادة بصوت مسموع، أما الأغاني الروحية التي هي تعبير عن الإحساس الشخصي، فمن المستحسن أن يترنم بها الإنسان في قلبه بصوت غير مسموع إلا لنفسه ، وبعاطفة عميقة قلبية يقدرها الله وحده، لأن مآلها إلى الله وحده.

ويجوز أن نعتبر هذه العبارة: "مترنمين ومرتلين في قلوبكم للرب"، وصفاً لتعير الإنسان عن شعوره الروحي الخاص، متى كان في عزل عن العالم الخارجي، أو فيما إذا كان موجوداً مع قوم لا يلذ لهم أن يشاطروه هذا الإحساس، فليترنّم في قلبه. ويكفيه مشجعاً أن الرب يرى ويسمع. لأن مآل ترنيمه- سواء أكان سراً أم جهرا ً- ليس للناس بل للرب. فالترنيم ليس مجرد لذة روحيّة شخصيّة ،لكنه عبادة. وكما تكون الصلاة تارة جهريّة، وطوراً سريّة كذلك الترنيم: قد يكون تارة جهريّاً "مكلمين بعضكم بعضاً". وطوراً سريّاً: "مترنمين في قلوبكم للرب".

  • عدد الزيارات: 4301