الفَصلُ الثَّامِن عِظاتٌ عظيمَةٌ أُخرى لِمُوسى
الآن، وبعدَ أن كنا ننظرُ إلى عظة موسى العَظيمة عن النعمة في الإصحاح التاسِع، أصبَحنا جاهِزِينَ لنَتأمَّلَ بِعِظَتِهِ عن تجاوُبِنا مع نعمة الله في الإصحاح العاشر. "فالآن يا إسرائيل ماذا يطلب منك الربُّ إلهُكَ إلا أن تتَّقيَ الربَّ إلهَك لتسلُكَ في كُلِّ طُرُقِهِ وتُحبَّهُ وتعبُدَ الربَّ إلهك من كلِّ قلبكَ ومن كُلِّ نفسك. وتحفظَ وصايا الرب وفرائضَهُ التي أنا أُوصيكَ بها اليومَ لخَيرِك. هوذا للربِّ إلهِكَ السماواتُ وسماءُ السماوات والأرضُ وكُلُّ ما فيها. ولكن الرب إنما التصقَ بآبائكَ ليُحبِّهُم فاختارَ من بعدِهم نسلَهُم الذي هو أنتُم فوقَ جميعِ الشعوب كما في هذا اليوم. فاختِنوا غُرلةَ قُلوبِكم ولا تُصلِّبوا رقابَكُم بعد."
التشديدُ هُنا هو كيفَ ستتجاوبُ مع نعمةِ الله؟ ونعمةُ الله تعني أن اللهَ يُحبُّنا، حتَّى عندما نفشَلُ أو نسقُط فلا يُوجَدُ شَيءٌ يُمكِنُنا أن نعمَلَهُ، الذي بنَتِيجتِهِ يُمكِنُنا أن نكسَبَ محبَّةَ اللهِ، لأنَّ محبَّتَهُ لا تُكتَسَبُ ولا تُفقَدُ بناءً على أدائِنا.
لا يُوجَدُ شَيءٌ نعمَلُهُ يُمكِنُهُ أن يُوقِفَ اللهَ عن محبَّتِهِ لنا. فمحبَّةُ الله ليست مشروطةً. فمَحَبَّةُ اللهِ غَيرُ المَشرُوطَة تُغَذِّي رحمَتَهُ ونعمَتَهُ. هذا ما تعنيهِ كلمة "نعمة." فالنِّعمَةُ هي بمثابَةِ سَيفٍ ذي حَدَّين، وهي تقطَعُ منَ الجِهَتَين. أوَّلاً، إنَّها تجعَلُ التَّصريحَ القائِلَ أنَّ محبَّةَ اللهِ وبَرَكَتَهُ ليسَت مبنِيَّةً على حُسنِ أدائِنا. فعندما نفهَمُ معنى النِّعمة، الرَّحمة، والمحبَّة، كما تُعَبِّرُ عن شخصِيَّةِ وطبيعَةِ الله، سوفَ نُدرِكُ أنَّهُ ليسَ علينا أن نسعى لنكتَسِبَ محبَّةَ اللهِ. فهُوَ سيُحِبُّنا على أيَّةِ حال، بسببِ جوهَرِ رحمَتِهِ ونعمَتِهِ ومحبَّتِهِ.
فليسَ بإمكانِكَ أن تخسَرَ رحمَةَ اللهِ ونعمَتَهُ ولا محبَّتَهُ بسببِ أدائكَ السَّلبِيّ. فاللهُ لا يُحِبُّكَ لأنَّكَ صَالِحٌ، ولن يتوقَّفَ عن محبَّتِكَ إذا كُنتَ سَيِّئاً. فاللهُ يُحِبُّكَ، ويسُوعُ يُحِبُّكَ عندما تَكُونُ صالِحاً، وعندما تعمَلُ ما يُفتَرَضُ بكَ أن تعمَلَهُ. ويسُوعُ يُحِبُّكَ أيضاً عندما تَكُونُ سَيِّئاً، رُغمَ أنَّ هذا يُحزِنُهُ كثيراً. يسُوعُ يُحِبُّكَ على أيَّةِ حال. هذه هي رسالَةُ الكتابِ المُقدَّس بكامِلِهِ، وهذه هي رسالَةُ سفرِ التَّثنيَة.
كيفَ تتجاوبُ مع رحمَةِ ونعمَةِ ومحبَّةِ الله؟ أو بكلماتٍ أُخرى، "بأيِّ مِقدارٍ تُحِبُّ اللهَ؟" قالَت إمرأَةٌ تَقِيَّةٌ عاشَت في قَرنٍ آخر، "أُفَضِّلُ أن أذهَبَ إلى الجَحيم على أن أُحزِنَ الرُّوحَ القُدُسَ مرَّةً أُخرى." علينا أن نرغب بمحبة هذا الإله الذي يُحبُّنا على أيَّةِ حال، وعلينا أن لا نُحزِنَ اللهَ أبداً لأنَّهُ يُحِبُّنا. وهذا يدفعنا لنطهِّرَ حياتَنا من كل ما لا يُرضيه، ومن ثم لِنَخدُمَهُ ونُعبِّرَ عن شُكرنا له بعرفان الجميل وبالعبادة.
بعدَ أن يُخبرَنا الرسولُ بولس الكثيرَ عن نعمة الله وعن خلاصِنا، يقولُ لنا في 2كورنثوس 6: 1 "نطلُب أن لا تقبلوا نعمة الله باطِلاً." فإن كان مُجرَّد النطق باسمه باطلاً خطية، فكم بالأولى تكون خطية قبول نعمة الله بالباطل. فإن كان اللهُ يُحبُّنا ويُغدِقُ كلَّ بركاتِهِ علينا بنعمَتِهِ، فإن أخذنَا كل هذه النِّعمة باطِلاً، فبدون أن نفعلَ أي شيءٍ حيالَها، يُحسَبُ هذا علينا خطيَّةً مثل النُّطقِ بإسمِ اللهِ بالباطِل. إنَّ عِظَةَ مُوسى العظيمة في تثنية الإصحاح العاشر هي تحذيرٌ لنا على عدم قبولِ نعمةِ اللهِ بالباطِل.
يتبعُ هذا عِظَةٌ حولَ موضوع الإرتداد (الإصحاح 13). ويعني الإرتداد، "الإبتعاد عن وضعٍ سبقَ واتخذتَهُ مع الله." قالَ مُوسى لِشعبِ اللهِ آنذاك، "إذا حاولَ ابنُكَ، ابنتُكَ، زوجتُكَ، قريبُكَ، أو صديقُكَ أن يُبعِدَكَ عن الله، أسلِم هؤلاء للموت وللقتل. لا تُشفِق عليهم. إذا ارتدَّت مدينةٌ عن الله، اذهبْ ودمِّر هذه المدينة إلى الأرض واقتُلْ كلَّ من فيها." يبدو هذا في مُنتَهى القساوَة، ولكن إذا دَرَستُم نتائجَ الإرتداد، والسبي البابِلي والأشوري، سوفَ ترون لماذا كان اللهُ يتكلَّمُ بهذه القساوة عندما أظهَرَ لمُوسى كيفَ ينبَغي أن يتعاملَ معَ مُشكِلَةِ الإرتِداد.
ألقَى مُوسى عظةً أُخرى تتعلَّقُ بالعُشُور في تثنية 14: 22- 28. وكلمةُ عُشر تعني عشرة بالمائة. تُعلِّمُ هذه العظة أنهُ علينا أن نُعطِيَ اللهَ عُشرَ كلّ ما لنا. إن القصدَ من العُشور هو أن تُعلِّمَنا أن نضعَ اللهَ أوَّلاً في حياتِنا باستمرار. فاللهُ لا يحتاجُ 10% من مدخولنا. لقد أمرَ اللهُ بِتقديمِ العُشُر، لأنَّ تقديمَ العُشُورِ هي طريقَةٌ تُعطِيَنا قياساً لتعهُّدِنا أو التزامِنا تجاهَ الله. فالحقيقَةُ الهامَّةُ التي يُعَلِّمُنا إيَّاها اللهُ عنِ تقديمِ العُشُور، نتعلَّمُها عندما نفهَمُ أنَّ العُشورَ كانت العُشرَ الأوَّل مِمَّا كانَ شعبُ اللهِ يُحَصِّلُهُ بينما كانَ اللهُ يَسُدُّ إحتياجاتِهم. فاللهُ يعرِفُ ما إذا كانَ الأوَّلَ في حياتِنا أم لا، ولكنَّنا أحياناً نحنُ لا نعرِفُ ذلكَ. لهذا أمرَنا اللهُ أن نُظهِرَ أنَّهُ أوَّلُ أولَويَّاتِنا، بِتَقديمِنا لهُ العُشرَ الأوَّلَ من محصُولِنا.
اللهُ يُريدُ العُشرَ الأوَّل. فعندما دخلَ الشعبُ أرضَ كنعان، أول مدينة دخلوها كانت أريحا. وكان ينبغي تكريسُ كل غنائم أريحا لله، لأنها أول مدينة يحتلُّونَها. هُناكَ كَلِمتانِ تُلَخِّصانِ جوهَرَ أسفارِ وإصحاحاتِ وأعدادِ الكتابِ المُقدَّس، ألا وهُما: اللهُ أوَّلاً. إنَّ وضعَ اللهِ أوَّلاً ليسَ بالأمرِ السَّهل، ولكنَّ وضعَ اللهِ أوَّلاً ليسَ بالأمرِ المُعقَّد. نحنُ نُعَقِّدُ البَسيطَ ونُبَسِّطُ المُعقَّد. نحنُ نُعَقِّدُ ما يعنيهِ أن نضعَ اللهَ أوَّلاً، لأنَّنا لا نُريدُ أن نضعَ اللهَ أوَّلاً. إنَّ تقديمَ العُشُورِ يَجعَلُنا واقِعيِّينَ معَ نُفُوسِنا، ولنَقيسَ مقدارَ وضعِنا اللهَ أوَّلاً في حياتِنا.
في الإصحاح الخامِس عشَر من سفرِ التَّثنِيَة، يُعطينا مُوسى عظةً رائِعَةً عن أهمِّيَّةِ العمل الصالح أو الإحسان تجاهَ الفُقراء. هُناكَ تَشديدٌ قَوِيٌّ جدَّاً على العملِ الصَّالِحِ في نامُوسِ مُوسى وفي العهدِ القَديم. فمُوسى يُوصِي بعدَّةِ طُرُقٍ يُمكِنُ من خلالِها تَوزيعُ عُشُورِ شَعبِ الله. فينبَغي أن تُعطى أجزاءٌ منها للاوِيِّين – الذي يُعتَبَرُ الأساسَ الكِتابِيَّ لدفعِ أجرٍ لِرِجالِ الدِّين. وينبَغي دفعُ أجزاءٌ للمُتَغَرِّبِينَ في الأرض الذين يُعانُونَ ويتألَّمُون. ولقد أُمِرَ بنُو إسرائِيل بأن يُعطُوا الأرامِلَ والأيتام بينَهُم.
عندما تكلَّمَ مُوسى معَ شَعبِ اللهِ المُختارِ عن مَوضُوعِ العملِ الصَّالِح، قالَ لهُم، "أنتُم شعبٌ عنيدٌ وصُلبُ الرقبَة." لقد حذَّرَهُم مُوسى منَ التَّذَمُّرِ من مُشارَكَةِ مالهم معَ المُحتاجِين (تثنية 15: 1- 11). ولقد وعظَ قائِلاً أنَّهُ سيُوجَدُ دائماً فُقَراءُ بينَهُم، ومن هُنا كانت تنبُعُ أهَمِّيَّةُ هذهِ الوَصِيَّة.
لقد كان موسى نبيَّاً، وهكذا فهوَ تنبَّأَ بكلمةِ الله عندما أعلَنَ كلمةَ الله. لم يكُن لشعبِ إسرائيل مَلِكٌ بعد. ولم يكُنْ سيُصبِح عندهم ملك حتى بعد مرور حوالي خمسائة عام من تاريخِ مُوسى. سوفَ نقرأُ تفاصِيلَ تتويجِهم لأوَّلِ مَلِكٍ، عندما سندرُسُ معاً سِفرَ صَمُوئيل الأوَّل. ولكنَّ موسى قالَ لِبَني إسرائيل أنَّ اللهَ سوفَ يمنَحُهم مَلِكاً يوماً ما. ولكنَّ موسى أعطاهُم وَصِيَّةً نَبَويَّةً في أسفارِ النُّامُوس المُوحى بها، أنَّهُ عندما سيحصَلُونَ على مُلُوكٍ، ينبَغي على كُلِّ مَلِكٍ أن ينسخَ هذه النواميس من الكتاب الذي يحفظُهُ اللاويون الكهنة. وعليهِ أن يقرأَها كل يوم في حياتِه لكي يتعلَّمَ أن يحترمَ الربَّ إلهَهُ بإطاعةِ وصاياهُ. إن هذه القراءة المُستمرَّة من كلمةِ الله سوفَ تُجنِّبُهُ من أن يظنَّ أنهُ أفضلُ من باقي المواطِنين. وسوفَ تُجنِّبُهُ أيضاً من الإبتعادِ عن نواميسِ الله في أصغرِ الأُمور، وسوفَ تضمنُ لهُ مُلكاً طويلاً راسِخاً.
أعطانا داود في مَزمُورِهِ الأوَّل، صُورَةً عن الرجل المُبارَك من الله، لأنَّهُ يؤمِنُ بكلمةِ الله، ويحبُّها ويتلذَّذُ بها ويتأمَّلُ بها نهاراً وليلاً. ثُمَّ يُعَدِّدُ كُلَّ البَرَكاتِ التي يتمتَّعُ بها هذا الرَّجُل لكَونِهِ يتلَذَّذُ بكلمةِ اللهِ ويسلُكُ بالمَشُورَةِ التي يَجِدُها في نامُوسِهِ. وبما أنَّ داوُد كانَ الملكَ الثَّانِي في إسرائيل، كانَ عليهِ أن يُطِيعَ هذه الوصِيَّة النَّبَويَّة التي أعطاها مُوسى. إنَّ بَركاتِ الرَّجُلِ المُبارَك الذي يُشيرُ إليهِ داوُد في المَزمُورِ الأوَّل، هِيَ بِمثابَةِ سيرَةِ حياة داوُد الرُّوحيَّة. الأسبابُ التي يُعطيها مُوسى لتقديمهِ هذه النَّصيحة تحقَّقَت حرفِيَّاً في حياةِ داوُد.
في الإصحاح الثامِن عشر نجدُ عِظَةً قَوِيَّةً عن موضوع السحر والتنجيم. فاللهُ لا يُسرُّ بقارئي الكفِّ والوُسَطَاء الروحانيين مثلاً. تَقُولُ هذه العِظَة:
"لا يُوجدُ فيكَ..من يَعرِف عِرافَةً ولا عائفٌ ولا مُتفائلٌ ولا ساحِر. ولا من يرقي رُقيةً ولا من يسألُ جاناً أو تابِعَةً ولا من يستشيرُ الموتى. لأن كلَّ من يفعلُ ذلكَ مكروهٌ عندَ الرب. وبسبب هذه الأرجاس الربُّ إلهُكَ طارِدُهُم من أمامِك. تكونُ كامِلاً لدى الرب إلهك. إن هؤلاء الأُمَم الذين تخلفُهُم يسمعون للعائفين والعرَّافين. وأما أنتَ فلم يسمَح لكَ الربُّ إلهُكَ هكذا." (تَثنِيَة 18: 9- 14)
قالَ أحدُهُم أنَّ ما بينَ السماءِ والأرض أكثرَ مما يحلُمُ الإنسان. لاحِظُوا أن الكتاب المقدَّس لا يُكذِّب هذه الأُمور، ولا يُنكِرُ وجودَها، بل يُحظِّرُ التعاطي بها. والسببُ الذي من أجلِهِ يُحظِّرُ الكتابُ المقدَّسُ التعاطي بهذه الأُمور، هو أنَّ مصدرها ليسَ من الله. هُناكَ أرواحٌ في المجالِ الروحي ليست مُقدَّسة ولا من الله. فعندما تتورَّطُ في العِرافَةِ والشعوذةِ والسحر وما شابَه، فأنتَ تتعاملُ مع أرواحٍ ليست من الله. لهذا، ومن خلالِ مُوسى، حظَّرَ اللهُ شعبَهُ بِصَرَامةٍ من التورُّطِ في التعامُلِ مع المجال الروحي السلبي. إنَّ الفِكرَةَ الجوهَريَّة التي ينَقُلُها اللهُ من خلالِ مُوسى، هي أنَّ لدَينا الرُّوح القُدُس ليَقُودَنا إلى مجالِ الأرواحِ السماوِيَّة. لهذا، فمِنَ الخَطِيَّةِ أن نسأَلَ أُولئكَ الذين يتعامَلُونَ معَ الأرواحِ السَّلبِيَّةِ لتَقُودَنا، تُرشِدَنا، أو تمنَحَنا أيَّ نَوعٍ من أنواعِ القُوَّةِ الرٌُّوحيَّة.
توجدُ عظةٌ عظيمةٌ في الإصحاح الثامن عشر من سفر التثنية عن النبي المسياوي. تُعتَبَرُ هذه إحدى أعظم نُبوَّات موسى. قال موسى، "يُقيمُ لك الربُّ إلهُكَ نبيَّاً من وسطِكَ من إخوتِكَ مثلي. لهُ تسمعون. حسبَ كُلِّ ما طلبتَ من الرب إلهكَ في حوريب يومَ الإجتماعِ قائلاً لا أعودُ أسمعُ صوتَ الربِّ إلهي ولا أرى هذه النار العظيمة أيضاً لئلا أموت. قالَ لي الرب!ُ قد أحسنوا في ما تكلِّموا. أُقيمُ لهُم نبياً من وسطِ إخوتِهم مثلَكَ وأجعلُ كلامي في فمِهِ فيُكلِّمُهُم بكلِّ ما أُوصيهِ به." (تَثنِيَة 18: 15- 17) ولقد أخبَرَ مُوسى أُمَّةَ إسرائيل أنَّ اللهَ سَمِعَ صَلاتَهُم وأنَّهُ سيُرسِلُ نَبِيَّاً إلى العالم، وسيتكلَّمُ من خلالِهِ.
فأعطاهُمُ اللهُ كلمةً مكتوبةً، ولكن اللهَ أرادَ أن يتكلَّمَ مع شعبِهِ بطريقةٍ أعمَق من الكلمةِ المكتوبَة. فلقد تكلَّمَ اللهُ لشعبِهِ برحمتِهِ ومحبَّتِهِ من خِلالِ نبيّ. وكان هذا النبي هو المسيَّا الذي سيكُونُ نبيَّاً، كاهِناً، وملكاً. بالطبعِ كان هذا هو يسوعُ المسيح.
وهُناكَ عظاتٌ رائعةٌ في الإصحاح التاسع عشر عن حُكمِ الإعدام. إن التشديد في سفر التثنية هو ليسَ على المُجرِم، ولا على ضرورةِ الشفقة عليهِ. في أقوالِ مُوسى المُوحَى بها منَ اللهِ حولَ مَوضُوع حُكم الإعدام، نَجِدُ تَشديداً على ضحايا هذا المُجرِم. يُخبِرُنا هذا السِّفرُ الكِتابِيُّ أنَّ حُكمَ الإعدامِ سيُطَهِّرُ شعبَ إسرائيل القَديم منَ الشَّرّ.
في الإصحاح عشرين، نجدُ عظةً عظيمةً عن الإيمان. وسيُطَبِّقُ جِدعَون هذا المقطع، عندما سيَقُودُ جَيشاً ضِدَّ المِديانِيِّين الذين ضايَقُوا شعبَ إسرائيل القَديم (قُضاة 7: 1- 7).
"إذا خرجتَ للحربِ على عدوِّكَ ورأيتَ خيلاً ومَركَباتٍ وقوماً أكثر منكَ فلا تخفْ منهُم لأنَّ معك الربَّ إلهَك الذي أصعدَكَ من أرضِ مصر... الإيمانُ هُوَ حاجَتُكَ عندما تُهاجِمُ هؤُلاء الأعداء الذين هُم أعظَم منكَ." (تَثنِيَة 20: 6- 8)
لقد التقينا بعبارة "نعمة" تُقدَّمُ مراراً وتكراراً في سفرِ التثنية. أيضاً نلتقي بِمَفهُومٍ آخر هُوَ مفهُومُ الفِداء. إن قانون الولي الذي يفدي في تثنية 25، هُوَ صورةٌ جميلةٌ عن مُخلِّصنا يسوع المسيح. أول ما نلتقي مع مفهوم الفداء، نجدُهُ كقانونٍ لتنظيم الأعمال في لاويين، وكقانون لتنظيمِ العائلات في تثنية. فإذا فهمنا هذا العبارات الناموسية المُسمَّاة "فداء"، فسوفَ نفهم المفهوم الروحي أو اللاهوتي للفداء عندما يُطَبِّقُ العهدُ القَديمُ والعهدُ الجَديدُ هذا المَفهُومَ على مَوتِ يسوع المسيح على الصَّليب. هذا المقطع الصغير في تثنية 25، الذي يُعطينا قانُونَ الوَلِيِّ الفادِي، هوَ مفتاحٌ يُوجِدُ معنىً وتطبيقاً لسفرِ راعُوث.
في خاتمةِ كُلٍّ من سفرِ التَّثنِيَة، اللاوِيِّينَ ويشُوع، سوفَ تجد حضَّاً على طاعة كلمة الله، كما في خاتمة لاويين ويشوع. هذا هو تشديدُ سفر التثنية. أعظم المواعظ التي سمعَها العالمُ مُطلَقاً، موجودةٌ في الإصحاحات الأخيرة من سفر التثنية حيثُ وعدَ موسى ببركةِ الله على الشعبِ العِبري إذا أطاعوا كلمةَ الله، وبلعنةِ الله عليهم إذا لم يُطيعوا كلمةَ الله. ختمَ موسى الوعظ الدِّيناميكيّ بالقَول، "وضعتُ أمامكَ الحياةَ والموت. فاخترْ الحياة لِكَي تحيا أنتَ وأولادُكَ." (تَثنِيَة 30: 19)
- عدد الزيارات: 3043