Skip to main content

الفَصلُ السَّادس مَلَكُوتُ الله - مَلَكُوتُ اللهِ في العهدِ الجَديد

الصفحة 3 من 3: مَلَكُوتُ اللهِ في العهدِ الجَديد

مَلَكُوتُ اللهِ في العهدِ الجَديد

إن القيمةَ العظيمة لقراءة الأسفار التاريخية لأدب المملكة، هي أنَّها تُساعدُ على فهمِ وتقدير مفهوم ملكوت الله عندما نجدُهُ في العهد الجديد. تاريخيَّاً، بعدَ أن رَجَعَ اليَهُودُ إلى أرضِهِم ليَبنُوا هيكَلَهُم ومَدينَتَهُم، ما يُسمَّى بالأربعمائة سنة الصامِتة، بعدَ موتِ نحميا والنَّبيّ ملاخِي. في هذه الحقبة لم يحدث شيء، وتوقَّفَ الله عن مُخاطبةِ شعبِه من نهايةِ التاريخ العِبري في سفر نحميا إلى مرحلة العهدِ الجديد.

في هذه المرحلة، عادَ بنو إسرائيل وأُخضِعوا ثانيةً، ولكن هذه المرَّة من قِبَل الرومان الذين إستعبدوهم بقسوة بالغة. وبدَأَ هذا الفَصلُ الجديدُ منَ التَّاريخِ العِبريِّ عندما بدأَ كُلٌّ من يوحنا المعمدان ويسوع المسيح المسيَّا كرازتهما، ليخرُقا بذلكَ صمتاً خيَّمَ أربعمائة سنة، فكرزاَ برِسالةِ الله. وبماذا كرزا؟ لقد كرزا بالخبر السار عن ملكوت الله.

قالَ يسوع أنَّهُ لم يَكُن يكرِزُ بملكوتٍ جُغرافِيٍّ، وطَنِيٍّ، أو تاريخيّ، لأنَّ الشَّعبَ سبقَ ورفضَ هذا النَّوع منَ الملكوت منذُ زمَنٍ بَعيد. بل أرادَ أن يعرفَ النَّاسُ أنَّ اللهَ كانَ يُريدُ مُجدَّداً أن يكُونَ مَلِكاً عليهِ، ولكن هذه المرَّة على صعيدٍ فَردِيّ. فهذه المرَّة، ملكوتُ اللهِ سوفَ يكُونُ داخِلَهُم (لُوقا 17: 20- 21) هل تعلَمُونَ ماذا يعني هذا؟ يعني أن أيَّ رجلٍ أو إمرأة، شابٍّ أم فتاة، الذين يُتيحون لله أن يغرسَ رايةَ الإستسلام البيضاء في قلوبِهم، فيقولون لله، "أُريدُكَ أن تكونَ مَلِكِي وأُريدُ أن أكون تحتَ مُلكِك،" فهذا جزءٌ من ملكوت الله. هَؤُلاء يكُونُونَ قد رأوا ملكوت الله ودخلوا إلى ملكوت الله.

أَخبرَ يسوعُ مُعَلِّمَ نامُوسٍ إسمُهُ نيقوديموس أنَّهُ إن لم يُولَد من فَوق، لن يستطيعَ أن يرى ملكُوتَ الله. فبالنِّسبَةِ ليَسُوع، فقط عندما يُولدُ الناسُ ثانيةً ستكونُ لهم عيونٌ ليَرَوا أن اللهَ يُريدُ أن يكونَ ملِكُهم (يُوحَنَّا 3: 3- 5؛ 1كُورنثُوس 12: 3)، فقط بعدَ أن يكونوا قد رأوا ملكوتَ الله، يستطيعون عندها أن يدخلوا هذا الملكوت. نسمَعُ الكثيرَ عن الولادَةِ الجديدة، وهذا حَقٌّ. ولكن في هذا المقطع، المَوضُوعُ الأساسِيُّ ليسَ الولادَةَ الجديدة، بل مَلَكُوتُ الله. فالولادَةُ الجديدة ليسَت غايَةً بِحدِّ ذاتِها، بل هي طَريقَةٌ للوُصُولِ إلى الغايَة النِّهائِيَّة – وهذه الغاية هي ملكوتُ الله.

هل تَذكُرُ نِظامَ القِيَم الذي شارَكَهُ يسُوعُ معَ تلاميذِهِ في المَوعِظَةِ على الجَبَل؟ فما هُوَ الشيء الذي قالَ عنهُ يسُوعُ أنَّهُ ينبَغي أن يَكُونَ الشَّيءَ الأكثَر أهمِّيَّةً في حياتِنا؟ أن نطلُبَ ملكُوتَ الله: "أطلُبُوا أوَّلاً ملكُوتَ اللهِ وبِرَّهُ، وكُلُّ تلكَ الأشياء تُعطَى لكُم وتُزاد." (متَّى 6: 33).

فبناءً على كيفيَّةِ صَرفِكَ لوقتِكَ، لمالِكَ، ولطاقَتِكَ، ما هِي أولَويَّاتُكَ؟ إنَّ القَصدَ من الولادَةِ الجديدة هو أن تأتِيَ بنا إلى ملكوتِ اللهِ، حيثُ يملِكُ اللهُ على حياتنا. صَوِّرْ أولويَّاتِكَ وكأنَّها هدَفٌ من دائِرَةٍ حمراء في الوسط، تُحيطُ بها عشرة دوائِر مُتَّسِعة حولها. بالنِّسبَةِ ليسُوع، ملكوتُ اللهِ وما يُرينا هُوَ أنَّهُ حَقٌّ، هذه الأُمُور هي في المَركَز، وكُلُّ أولويَّاتِكَ تحتاجُ أن يتمَّ تعريفُها وكأنَّها الدَّوائِرُ المُتَّسِعة حولَ المركز. نحتاجُ أن نعتَرِفَ بالرَّبِّ وأن نخدِمَهُ كمَلِكِنا، وأولويَّاتُنا سوفَ تعكِسُ مقدارَ إخلاصِنا في عملِِ ذلكَ. صلواتُنا أيضاً تحتاجُ أن تعكِسَ ما علَّمنا بهِ يسُوع: "أبانا الذي في السَّماواتِ، ليَتَقَدَّس إسمُكَ. ليأتِ ملكُوتُكَ. لتِكُنْ مَشيئَتُكَ، كما في السماءِ كذلكَ على الأرض. أعِطِنا خُبزَنا كفافَنا يَومِنا..." (متَّى 6: 9- 11)

لاحِظْ أنَّهُ قبلَ أن يَقُولَ لنا يسُوعُ أن نُصَلِّيَ قائِلين، "أعطِنا"، قالَ لنا ثلاثَ مرَّاتٍ أن نضعَ اللهَ أوَّلاً. ولقد أخبَرنا أن نُصَلِّيَ قائِلينَ، "يا الله، إسمُكَ، مَلكُوتُكَ، مَشيئَتُكَ. هذا ما يأتي في مُقدِّمَة أولويَّاتِي." عندَها وعندَها فقط يحِقُّ لنا أن نُصَلِّيَ، "أعطِنا." بإمكانِنا أن نحصلَ على الأمُور بطَريقتِنا الخاصَّة، كما فعلَ بنُو إسرائيل في القَديم؛ ولكن إذا فعلنا ذلكَ، علينا أن نستَعِدَّ للجُلُوس على مائِدَةِ العواقِب المُرَّة والوخيمة التي تنتُجُ عن وضعِ نُفُوسنا وأولوَيَّاتنا الشَّخصيَّة قبلَ الرَّب.

ينبَغي أن نُبقِيَ هذا نصبَ أعيُنِنا، بينما ندرُسُ ملكُوتَ الله عبرَ أدبِ المملكة للأسفارِ التَّاريخيَّة. إذا إستَوعبنا هذا المفهوم في العهدِ القَديم، سوفَ ينزِلُ علينا كالوَحيِ المُعلَن عندما نَصِلُ إلى العهدِ الجديد! لنَتَذَكَّرْ أنَّ القَصدَ منَ الولادَةِ الجديدة هي أن نرى وندخُلَ إلى ملكوتِ الله. فهل سبقَ لكَ ورأيتَ ملكُوتَهُ؟ وهل دخَلتَهُ؟ وهل وُلِدتَ ثانِيَةً؟

الصفحة
  • عدد الزيارات: 7839