Skip to main content

الفَصلُ الثَّالِث الحَلّ

عندَما يُرفَعُ السِّتارُ عنِ الفَصلِ الثَّالِث، نرى أيُّوبَ وأصدِقاءَهُ الثَّلاثَة لا يزالُونَ مُتَحَلِّقِينَ في دائِرةً معاً، ولكن هُنا نجِدُ بينَهُم شخصاً آخر إسمُه أَلِيهُو، الذي كانَ أصغَرَ سِنَّاً من أيُّوب ورِفاقِهِ. ولقد تكلَّمَ هذا الرَّجُلُ الشَّابُّ وقالَ أنَّهُ إمتَنَعَ عنِ الكلامِ، لأنَّهُ صَغيرُ السِّنّ بالنِّسبَةِ لأيُّوب ورِفاقِهِ. ولكنَّهُ قرَّرَ أن يكسُرَ الصَّمتَ ويتكلَّمَ لِسَبَبَين. أوَّلاً، أدرَكَ أنَّ الحِكمَةَ تأتي منَ الرُّوحِ القُدُسِ بِغَضِّ النَّظَرِ عن السِّنّ. والسببُ الثَّاني الذي جعلَهُ يتكلَّمُ هُوَ أنَّهُ أدرَكَ أنَّهُم لن يَجِدُوا حَلاً لمُعضِلَتِهِم، لكَونِهِم يطرَحُونَ الأسئِلَةَ الخَطأ.

فَحَلُّ مُعضِلَةِ ألَمِ أيُّوب مَوجُودٌ في خُطابِ أَليهُو، وفي جوابِ أيُّوب على هذا الخُطاب. ففي قلبِ خُطابِهِ، قالَ أليهُو لأيُّوب أن ينظُرَ إلى فَوق ويرى ألَمَهُ من وُجهَةِ نظَرِ الله. فبالنِّسبَةِ لهذا الشَّاب الذي أخذَ رأيَهُ من وَحيِ الله بِوضُوحٍ، كانَ ذلكَ السُّؤالُ الذي طَرَحَهُ أيُّوبُ على زوجَتِهِ، كانَ سُؤالاً مغلُوطاً، لأنَّهُ وضعَ يَدَ أيُّوب في وسطِ قَضِيَّةِ ألَمِهِ. فإستَبدَلَ ألِيهُو هذا السُّؤالَ المغلُوط بسُؤالٍ صَحيح: "أتَحسِبُ هذا حَقَّاً. قُلتَ أنا أبَرُّ منَ الله. لأنَّكَ قُلتَ ماذا يُفيدُكَ بماذا أنتَفِعُ أكثَرَ من خَطِيَّتي. أنا أرُدُّ عليكَ كلاماً وعلى أصحابِكَ معَكَ. أُنظُرْ إلى السماواتِ وأَبصِرِ الغمامَ إنَّها أعلى مِنكَ. إن أخطَأتَ فماذا فعلتَ بهِ وإن كَثَّرَتَ معاصِيكَ فماذا عَمِلتَ لهُ. إن كُنتَ بارَّاً فماذا أعطَيتَهُ أو ماذا يأخُذُ من يدِكَ." (أيُّوب 35: 2- 7)

أن تضعَ يدَكَ المَفتُوحَة في وسطِ آلامِكَ، وأن تطرَحَ السُّؤال، "ماذا سَيَضَعُ اللهُ في يَدِي؟"، هُوَ سُؤالٌ منَ الخَطَأِ أن نطرَحَهُ، وهُوَ ذهنِيَّةٌ مغلُوطَةٌ في علاقتِنا معَ الله. فغايَةُ الإنسان الأساسيَّة هي تمجيد الله. هذا يعني أنَّهُ علينا أن نضعَ يدَ اللهِ المَفتُوحَة في وَسَطِ آلامِنا، وحياتِنا، وأن نسألَ قائِلين: "ماذا أَضَعُ أنا في يَديِّ الله؟"

تَذَكَّرْ أنَّ إتِّهامَ الشَّيطان ضدَّ أيُّوب هُوَ أنَّهُ كانَ مُؤمِناً نَفعِيَّاً. فَمِثلُ أُولئِكَ الذين تَبِعُوا يسُوعَ بسببِ الخُبزِ والسَّمَك، هكذا كان أيُّوبُ فاتِحاً يَدَهُ بينما كانَ يَعيشُ حياةٌ بارَّة. لقد طَرَحتُ سابِقاً السُّؤال، "لِماذا كَرِهَ أيُّوب نفسَهُ عندما رأى الله؟" و"عمَّ تابَ أيُّوب عندَما رأى اللهَ؟" أعتَقِدُ أنَّ أيُّوبَ أدرَكَ، مِن خِلالِ كلامِ ألِيهُو، أنَّهُ كانَ يَضَعُ يَدَهُ المَفتُوحَة في وَسَطِ علاقَتِهِ معَ الله. ولكنَّهُ لم يَكُنْ مُدرِكاً لذلكَ، إلى أن إستَخدَمَ اللهُ الألَمَ ليُعلِنَ لهُ ذلك. فعندما رأى أيُّوبُ أنَّهُ كانَ يستَخدِمُ اللهَ لِمَنفَعَتِهِ، كرِهَ نفسَهُ وتابَ في المُسُوحِ والرَّماد.

رُغمَ أنَّ أيُّوب إختَلَفَ بِشِدَّةٍ معَ أقوالِ مُعَزِّيهِ، لكنَّهُ لم يُخالِفْ أقوالَ هذا الشَّاب. بل فعلَ ما نصَحَهُ بهِ الشَّابُّ ألِيهُو. نظَرَ إلى فَوق، وعندما فعلَ، رأى اللهَ في العاصِفَة.

وهكذا نشأَ حِوارٌ بينَ أيُّوب والله لِفَترَةٍ ما، وبعدَ هذا الحِوار معَ الله، قالَ مُندَهِشاً: "ها أنا حَقيرٌ فماذا أُوجاوِبُكَ. وضَعْتُ يَدي علي فَمي. مَرَّةً تكَلَّمتُ فلا أُجِيبُ ومَرَّتَينِ فلا أَزِيد... بسمعِ الأُذُن سمعتُ عنكَ، ولكن الآن رأتكَ عيني، لذلكَ أرفُضُ وأندَمُ في التُّرابِ والرماد." (أيُّوب 40: 4 و5؛ و42: 5 و6).

بَعدَ تَوبَةِ أيُّوب، وبَّخَ اللهُ أصدِقاءَهُ. وعندَما حَدَثَ هذا، صَلَّى أيُّوبُ لأَصدِقائِهِ. وعندما صَلَّى أيُّوبُ لأصدِقائِهِ، ضاعَفَ اللهُ مُمتَلَكاتِهِ. وعندما يُسدَلُ السِّتارُ على الفصلِ الثَّالِث، نَجدُ اللهَ وقد ضاعَفَ غِنَى أيُّوب، وأعطاهُ مُجدَّداً سبعَةَ بَنين وثلاثَ بناتٍ.

  • عدد الزيارات: 3024