Skip to main content

نَشِيدُ سُلَيمان - مُتوازِياتٌ تعبُّدِيَّةٌ علاقاتِيَّةٌ في نَشيدِ الأنشاد

الصفحة 3 من 3: مُتوازِياتٌ تعبُّدِيَّةٌ علاقاتِيَّةٌ في نَشيدِ الأنشاد

مُتوازِياتٌ تعبُّدِيَّةٌ علاقاتِيَّةٌ في نَشيدِ الأنشاد

يأخذُ العريسُ في سِفرِ نَشيدِ الأنشادِ عَرُوسَهُ إلى خِبائِهِ (1: 4) ثم إلى بيتِ وليمتِه (2: 4). هذا يعني تطبيقيَّاً أنَّهُ ينبَغي أن تَكُونَ علاقَتُنا معَ المسيح حميمَةً، قبلَ أن تَكُونَ شَعبِيَّةً عامَّة. لقد ركَّزَ الربَّ يسوع على هذا في عظتِهِ على الجبل. فلقد إنتَقَدَ يسُوعُ أُولئِكَ الذين يُقَدِّمُونَ الصَّلاةَ العَلَنِيَّة، ويُمارِسُونَ أعمالَ الخَيرِ العلنيَّة، لأنَّ صَلَواتِهِم وعطاءَهُم قُدِّمَت لأجلِ الإنسان ولسَ لأجلِ الله. (متَّى 6: 5- 7)

كانَ تَشديدُ يسُوع على أنَّ صَلواتِنا ينبَغي أن تُصَلَّى أمامَ اللهِ في الخَفاء، وأنَّ عَطاءَنا ينبَغي أن يُقدَّمَ كما للهِ وبِدُونِ إسمٍ المُعطِي. كتبَ مارتِن لُوثِر ترنيمةً ميلاديَّة تُشدِّدُ على الموضُوعِ نفسه: "يا يسوعُ القدُّوس، الطفل الوديع، إتَّخِذْ لنَفسِكَ مهداً ناعِماً طاهِراً في قلبي، ليكونَ مخدَعاً مُخصَّصاً لك." فهل قلبُكَ هو مخدَعٌ هادئٌ مُخصَّصٌ لِيَسوع؟

في كُلِّ مَرَّةٍ إنقَطَعَت فيها العلاقَةُ أوِ الإتِّحادُ بينَ هذينِ الحَبِيبَين في سفرِ نَشيدِ سُليمان، فإنَّ اتِّحادَهم هذا لم يُكسَرْ أبداً بإرادةِ العريس. هذه صُورَةٌ تنطَبِقُ على علاقَتِنا معَ المسيح. وهذا يُشيرُ إلى كونَ علاقتِنا مع يسوع المسيح ينبَغِي أن تكونَ إتِّحاداً مُستمرَّاً، ولكن عندما تنقَطِعُ هذه العلاقَة، يحدُثُ هذا لأنَّنا نَكُونُ نحنُ المسؤُولينَ عن قَطعِها، وليسَ المسيح. فإنقطاعُ الشَّرِكَة معَ المسيح لا يَكُونُ أبداً لأنَّ المسيحَ خانَنا، بل لأنَّنا نحنُ خُنَّاهُ وكُنَّا غيرَ أُمناء لهُ.

عندما يَزُورُ العَريسُ في نَشيدِ سُليمان غُرفَةَ العَرُوس، يُترَكُ واقِفاً ينتَظِرُ في الخارِج، أما العروس فتَتلهَّى بوضعِ الأطيابِ على نفسِها. أمَّا العَريسُ فَيُتابِعُ القرعَ باستمرار. عندما تنتَهِي العروسُ من نضحِ جسدِها بالطيب، تذهبُ وتفتَحُ الباب، ولكنَّها تجدُ العريسَ قد ذهب. (5: 1- 6) غالِباً ما ننشَغِلُ بِمَسحَةِ الرُّوحِ القُدُس، أو بِمواهِبِ الرُّوحِ القُدُس، ونتغافَلُ عن علاقَتِنا معَ مُعطِي هذه البَركاتِ الرُوحيَّة. وفي إنشِغالِنا بمظاهِرِ مواهِبِ الرُّوح القُدُس الرَّائِعة، نترُكُ عَريسَنا واقِفاً خارِجاً، وهُو الذي يُريدُ أن يبنِيَ علاقَةً حَميمَةً معنا.

إنَّ العَرُوس في نَشيدِ سُليمان تفهَمُ عملَ عَريسِها: "لِنُبَكِّرَنَّ إلى الكُرُومِ لِنَنظُرَ هل أزهَرَ الكَرمُ هل تفتَّحَ القُعَالُ هل نَوَّرَ الرُّمَّانُ؟" (7: 12) بحَسَبِ قَولِ يسُوع لِبُطرُس في إنجيلِ يُوحَنَّا، بإمكانِنا نحنُ أيضاً أن نُعَبِّرَ عن محبَّتِنا لِيَسُوع، وذلكَ بإظهارِ إهتِمامِنا برَعِيَّتِهِ، وبرِعايَتِنا لِخِرافِهِ، وبمحبَّتِنا للخِرافِ التي يُحِبُّها هُوَ كَثيراً (يُوحَنَّا 21: 15- 17)

ما هُوَ التَّطبيقُ الأساسيُّ لهذا الشِّعرِ الجميل؟ إنَّ نشيدَ الحُبِّ لِسُليمان يتكلَّمُ عن لُغَةِ القَلب، وعن أهمِّ عاطِفَةٍ، ألا وهِيَ المحبَّة. وهُوَ يَصِفُ أهَمَّ علاقَةِ محبَّة يُمكِنُ أن نحصَلَ عليها – علاقَتنا معَ المسيح – بإيضاحِ محبَّتِهِ لنا مجازِيَّاً، وتجاوُبنا نحنُ معَ مَحَبَّتِهِ.

لِكَي نفهَمَ علاقَةَ المحبَّة الفَريدَة هذه، علينا أن نبدَأَ بِمحَبَّةِ الله. هُناكَ مكانانِ في العهدِ الجَديد حيثُ نجِدُ محبَّةَ اللهِ مُحَلَّلَةً ومَعرُوضَة. في إصحاحِ المحبَّةِ الذي كتبَهُ بُولُس الرَّسُول، وإصحاحِ المحبَّةِ الذي كتبَهُ يُوحَنَّا الرَّسُول، نَجِدُ محبَّةَ اللهِ تُمَرَّرُ عبرَ عَدَسَةِ أذهانِهما البَشَريَّة المُوحاة، وتخرُجُ منَ الطَّرَفِ الآخر كعُنقُودٍ منَ الفَضائِل (1كُورنثُوس 13؛ 1يُوحنَّا 4: 7- 21). يُخبِرُنا كُلٌّ من يُوحنَّا وبُولُس عمَّا هِيَ محبَّةُ الله: لا تُوصَف، لا بَديلَ لها، لا مَثيلَ لها، لا تفسُد، غير مشرُوطة، لا تُقاوم، مُوحِيَة، رُوحيَّة، أبديَّة، وخارِقَة للطِّبيعة.

عندما نُحِبُّ بهذه النَّوعِيَّة منَ المَحبَّة، تُصبِحُ لدَينا الإمكانِيَّة لنُحِبَّ زوجاتِنا، أولادِنا، أهلنا، وأُولئكَ الذين نلتَقيهم في حياتِنا والذين تصعُبُ محبَّتُهُم. يُعَلِّمُنا نَشيدُ سُليمان أنَّ المحَبَّةَ التي نتشارَكَها معَ المسيح هي محبَّةٌ شَخصِيَّةٌ، حميمَةٌ، مُرَكَّزة، غير أنانِيَّة، مُتبادَلَة، مُشبِعَة، بَانِيَة، غير مُهدِّدَة، مُثمِرة، ولا تنضُب أَبَدَاً.

الصفحة
  • عدد الزيارات: 11945