Skip to main content

الفصلُ الثامِن نُبُوَّةُ حزقِيال "روائع عجيبةٌ وغريبة" - مأمُوريَّةُ حزقِيال

الصفحة 4 من 5: مأمُوريَّةُ حزقِيال

مأمُوريَّةُ حزقِيال

مُعظَمُ عِظاتِ حزقِيال أتَتهُ بشكلِ رُؤىً، نجدُ الكثيرَ منها في سفرِ الرُّؤيا. أوَّلُ واحدةً من رُؤَى حزقِيال تبدأُ كالتالي: "فنظرتُ وإذا بِريحٍ عاصِفَةٍ جاءَت من الشِّمَال. سحابةٌ عظيمةٌ ونارٌ مُتواصِلةٌ وحَولَها لَمَعانٌ ومِن وسطِها كَمَنظَرِ النُّحاسِ اللامِع من وسطِ النار. ومن وسطِها شِبهُ أربَعَةِ حيواناتٍ وهذا منظَرُها. لها شِبهُ إنسان. ولِكُلِّ واحِدٍ أربعَةُ أوجُهٍ ولِكُلِّ واحِدٍ أربعةُ أجنِحَة... أمَّا شِبْهُ وُجُوهِها فوجهُ إنسانٍ ووَجهُ أسدٍ لليَمينِ لأربَعتِها ووجهُ ثورٍ من الشِّمال لأربَعَتِها ووجهُ نسرٍ لأربَعَتِها... فنظرتُ الحيواناتِ وإذا بَكَرَةٌ واحِدَةٌ على الأرض بِجانِبِ الحيواناتِ بأوجُهِهَا الأربَعة... لأنَّ رُوحَ الحيواناتِ كانت في البَكَرات." (حزقِيال 1: 4- 6، 10، 15، 21).

إنَّ الحيوانات الأربَعة هي مركزُ الإهتمام في هذه الرُّؤيا. وسوفَ تجدُ يُوحنَّا أيضاً يذكُرُ هذه المخلوقات نفسَِها في سفرِ الرُّؤيا، عندما يُفتَحُ البابُ للسَّماء. وحولَ العَرش رأى أربعةَ حيوانات. الأوَّلُ هُوَ مثلُ أسد، والثاني مثل ثور، والثالث مثلُ إنسان، والرابِع مثل نَسر. (رُؤيا 4: 6، 7).

يعتقِدُ الكثيرونَ أنَّ هذا هو تَلخِيصُ الإعلانِ عنِ اللهِ في الكتابِ المقدَّس. فعندما أعلنَ اللهُ نفسَهُ أوَّلاً للإنسان في جبلِ سيناء، كانَ صوتُ اللهِ يُشبِهُ زمجرةَ الأسد. الطريقةُ التالية التي أعلنَ بها اللهُ عن نفسِهِ كانت من خِلالِ النظامِ الذبائحي الذي اكتشفناهُ في سفرِ اللاويين. فالثورُ يُشيرُ إلى الحيوانات التي كانت تُقدَّمُ كذبائح عن خطايا الشعب.

والإنسانُ من بينِ هذه الكائنات الأربعة يأخُذُنا في إعلانِ اللهِ المُتقدِّم إلى نقطةَ الأناجيل حيثُ أصبَحَ اللهُ إنساناً. لقد عاشَ اللهُ معنا لمُدَّةِ ثلاثٍ وثلاثِينَ سنة. يقولُ البعضُ أن النسرَ يُشيرُ للأُلوهَة. هذا الإنسان الذي عاشَ بينَنا، كانَ إنساناً حقَّاً من إنسانٍ حَقّ وإلهاً حقَّاً من إلهٍ حقّ،" كما يقولُ قانونُ الإيمان. إنَّ تجسُّدَ يسوع المسيح كانَ قمَّة إعلان الله عن نفسِهِ لهذا العالم.

والبكراتُ أو العجلاتُ مُمكن أن تُشيرَ إلى إعلان الله المُستَمِرّ، الذي يتضمَّنُ الأنبياء الذي كَرَزوا بالإعلان، بما أنَّ رُوحَ الكائِنات الحيَّة كانت في العجلات أو البَكَرات. هذه هي بعضُ التفسيرات المُحتمَلَة لهذه الرُّؤيا الأُولى لحزقِيال.

عندما إستَلمَ حزقِيالُ مأمُوريَّتَهُ من الله (الإصحاح الثاني)، إستلَمَها بعدَ أن رأى هذه الرُّؤيا. لهذا يُمكِنُ أن نُسمِّي هذه الرؤيا "بإختِبارِ دُخولِ حزقِيال إلى حضرةِ الرب." هل تذكُرونَ إختِبارَ دُخُولِ إشعياء إلى حضرةِ الربّ؟ إن جميعَ أنبِياء ورجالات الله العِظام في العهدِ القديم كانت لهُم إختباراتُ الدخول والخُروج. بعضُ هذه الإختِبارات وصَلت بِهم إلى الدخُولِ إلى حضرةِ الله، وعندها كانت لهُم إختِباراتُهم بالخُروجِ من أجلِ الله.

إن أنبِياء ورجالات الله في العهدِ القديم كان لديهم إختِبارُ دُخولٍ إلى محضَرِ الله إستمرَّ أحياناً لعدَّةِ سنوات، كما كانت الحالُ معَ مُوسى. كانت لدى مُوسى ثمانونَ سنةً من إختِباراتِ الدخُولِ و أربعُونَ سنةً من إختِباراتِ الخروج. لِهذا كانت سنواتُ خُروجِهِ لأجلِ الله ديناميكيَّةً جداً، لأنَّ الأربعين سنة من الخُروج سبقتها ثمانُونَ سنةً من الدُّخول.

في الإصحاحِ الأوَّل، كانت رُؤيا حزقِيال للمخلُوقات الأربعة وللعجلات إختِبارَ حزقِيال بالدخُولِ إلى حضرةِ الله. في وقتِ إعطاءِ المأمُوريَّة لحزقِيال، كانَ شعبُ يهوّذا قد فقدُوا رُؤيتَهُم لله. لم يعُدْ لديهِم أُورشَليم، ولم يعُدْ لديهم الهيكل، ولم يعُدْ لديهم كلمةُ الله، ولم يُعدْ لدَيهِم أيَّةُ مُساعِداتٍ في العِبادة. لِهذا إحتاجَ القائِدُ الرُّوحيُّ في تلكَ الحقبة، أي حزقِيال، إحتاجَ إلى رُؤيا فوق طبيعيَّة لله.

لقد أعطى اللهُ حزقِيالَ رُؤيا عن ذاتِهِ الإلهيَّة بعدَّةِ طُرُق. أوَّلاً، قالَ حزقِيالُ مراراً وتِكراراً، "صارت إليَّ كلمةُ اللهِ قائلة." وهذا يصِحُّ علىالأنبِياء كافَّةً. وقالَ حزقِيالَ أيضاً، "إن يدَ اللهِ عليَّ." عُرِفَ حزقِيالُ كنبيِّ الروحِ القُدُس، لأنَّهُ أشارَ إلى الروحِ القُدُس أكثَرَ من أيِّ نَبِيٍّ آخر. ولكن الذي جعلَ من حزقِيال فريداً بينَ الأنبِياء كانَ أنَّ السماءَ إنفتَحَت لهُ ورأى فِعلاً مجدَ الربّ.

لقد أعطاهُ اللهُ هذه الرُّؤيا عن ذاتِهِ الإلهيَّة، لكي يحفظَ شعبَهُ من الفناء. وكذلكَ كان القصدُ من هذه الرُّؤيا من اللهِ لحزقِيال هي ليستطيعَ أن يخدُمَ كنَبِيٍّ في ذلكَ الزمان الصعب والمكانِ الصعب، أي في مُخيَّماتِ الأشغالِ الشاقة في سبي بابِل.

الرقيبُ الرُّوحيّ
الصفحة
  • عدد الزيارات: 12194