Skip to main content

الفصلُ الرَّابِع نُبُوَّةُ عُوبَديا - التطبيقُ التعبُّدي

الصفحة 3 من 3: التطبيقُ التعبُّدي

التطبيقُ التعبُّدي

عَبْرَ كُلِّ الكِتابِ المقَدَّس، نجدُ مُقارنَةً بينَ الإنسانِ التقي والإنسان الشرِّير (المزمُور 1؛ متى 7: 13- 27؛ 1كُورنثُوس 2: 14- 16). فإن كُنَّا نعرِفُ قِصَّةَ يعقُوب وعيسُو في سفرِ التكوين، وما قالَهُ بُولُس الرَّسُول عن هذا القصَّة، لن يصعُبَ علينا أن نُدرِكَ أن هذه النُّبُوَّة القصيرة لِعُوبَديا تُقارِنُ مجازِيَّاً بين حياةِ الإنسان الروحي والإنسان الطبيعي غير الرُّوحي (تكوين 25: 29- 34؛ 27؛ رُومية 9: 10، 11). إن حياةَ يعقُوب هي نمُوذَجٌ للإنسان الرُّوحي، لأنَّهُ من كُلِّ قلبِهِ طلبَ الله وسعى وراءَ القِيَم والبَركات الرُّوحيَّة.

نقرأُ في سفرِ التكوين أنَّهُ عندما "تصارَعَ" يعقوبُ معَ ملاكِ الرب، تغيَّرَ إسمُهُ ليُصبِحَ إسرائيل: "لا يُدعَى إسمُكَ فيما بعد يعقُوب بَلْ إسرائيل. لأنَّكَ جاهَدتَ معَ اللهِ والناسِ وقَدَرت" (تكوين 32: 28). أما عيسُو، فهُوَ صُورَةٌ عن الإنسان الطبيعي غير الرُّوحي. وكونُهُ باعَ بُكُوريَّتَهُ (أي ميراث الإبن الأكبَر)، بِصحنِ عدَس، كشفَ عيسو بذلكَ عدم نُضجِهِ وتصدُّعَ أولويَّاتِهِ الرُّوحيَّة. ولا ينبَغي أن نستَغرِبَ أن قِيَمَ وأُسلوبَ حياة عيسو يقودُ إلى شعبِ أدوم، تلكَ الأُمَّة الشديدة العداوة لشعبِ وقِيَمِ ومقاصِد الله.

عندما نسمَعُ أوَّلاً عن يعقوب وعيسو، نجدُهُما في رَحِمِ أُمِّهِما رِفقة. إن التطبيقَ المجازي لهذا الأمر هو أن إمكانِيَّةَ طبيعة كُلٍّ من يعقُوب وعيسو تُوجَدُ في كُلِّ واحدٍ منَّا.

يُظهِرُ لنا بُولُس هاتَين الطبيعَتين بشكلٍ رائِع في رسالتِهِ إلى الغلاطيِّين. كتبَ يقولُ أنَّ الروحَ والجسد يتصارَعانِ معاً بسبب تناقُضِهما. وعندما يستخدِمُ بُولُس كلمة "جسد" يعني "الطبيعة الإنسانية بدونِ مُساعدة الله." إن الروحَ القُدُس يمنحُنا الإمكانِيَّة لنكونَ روحِيِّين مثل يعقُوب، ولكن عندما يأتي الروحُ القُدُسُ ليمكُثَ فيها، فإن جسدنا، أي طبيعتنا البشريَّة، لن تُلغَى. بل هُناكَ شخصٌ مُصمِّمٌ على جعلِنا رُوحِيِّين، أُضيفَ على أجسادِنا. هذا هو ما يُعطينا الإمكانِيَّتان (يعقُوب وعيسُو). إن نُبُوَّةَ عُوبديا الدينامِيكيَّة تتحدَّانا بالسُّؤالِ التالي: أيَّةُ إمكانِيَّةٍ أو طبيعَةٍ من الإثنين سوفَ نُغذِّي؟

الصفحة
  • عدد الزيارات: 8386