Skip to main content

الفصلُ السادِس نُبُوَّةُ ميخا - عِظَةُ ميخا الثانِيَة

الصفحة 3 من 5: عِظَةُ ميخا الثانِيَة

عِظَةُ ميخا الثانِيَة (3: 1- 5: 15)

يُوجِّهُ ميخا عظتَهُ الثانِيَة إلى ثلاثَةِ أنواعٍ من قادةِ شعبِ الله: الكهنة، الأنبِياء، والقادة السياسيِّين. ومُهمَّةُ الكاهن الرئيسيَّة كانت أن يُعلِّم، ومُهمَّةُ النبيِّ الرئيسيَّة كانت أن يحُثَّ الشعبَ على الطاعة، ومُهِمَّةُ الحاكِم الرئيسيَّة كانت أن يضعَ قوانين الله الأخلاقيَّة موضِعَ التنفيذ. في أيَّامِ ميخا، المُشكِلَة العقَبَة التي كانت تُعيقُ عملَ الله كانت أنَّ المُستَويات الثلاثة لهذه الأنواع الثلاثة من القادة كانت مضروبَةً بالفساد.

فبدَلَ أن يُعلِّمَ الكهنَةُ ويُكمِّلونَ نامُوسَ الله الأدبي أمامَ الشعب، إختَارَ هؤلاء الكهنة أن يُعلِّمُوا لِكَسبِ المال، أي أنَّهُم كانُوا "يعِظونَ لأُجرَة" (3: 1). لقد جعَلُوا من دعوةِ الكهنوت مِهنَةً، وأصبَحَ إهتِمامُهم الأوَّل المال الذي يكسَبُونَهُ. فإنـزعَجَ ميخا من جعلِ الكهنُوت عالَميَّاً دُنيويَّاً، إذ كانَ تعليمُ الكهنة لأُجرَة قد جعلَ منهُم مِهَنِيِّينَ مُرتَدِّين.

ثُمَّ يُوبِّخُ ميخا القادَةَ الأخلاقِيِّين، أي الأنبياء، لأنَّهم يتنبَّأونَ من أجلِ المال؛ "أنبِياؤُها يعرِفُونَ بالفِضَّة" (3: 11). فهُم لم يُحوِّلوا دعوةَ النبُوَّةِ إلى مهنَةٍ فقط، بل إلى شَعوَذة. فكانُوا يكرِزونَ بأحلامِهم الخاصَّة، بدل الإعلانات النَّبَويَّة، وكانُوا يستَخدِمُونَ شُهرَتَهُم كأنبِياء ليُحصِّلوا رِبحاً مادِّيَّاً. فإذا دُفِعَ لهُم القليلُ من المال، كانُوا يتنبَّأونَ بالدينُونَةِ الرهيبة على الناس، وإذا دُفِعََ لهُم الكثيرُ، كانُوا يتنبَّأُونَ بأُمورٍ حسنةٍ للذين إستأجروهم.

ولقد كانَ القادَةُ المدَنيُّونَ فاسِدينَ أيضاً، "رُؤساؤُها يقضُونَ بالرَّشوَة" (3: 11). فبِحَسَبِ كميَّة الرشوَة التي كانت تُدفَعُ لهؤلاء القادة المدَنيِّين، كانُوا يُطلِقونَ أحكامُهُم القضائيَّة. إن فساد القادة  المدنيِّين كانَ ولا يزالُ ظاهِرَةً بارِزة في العالم، حتَّى في أيَّامِنا.

كانَ إهتِمامُ ميخا الرئيسيّ هو، بما أن الكهنة كانوا يُعلِّمونَ من أجلِ أُجرة، فإن شعبَ اللهِ بالنتيجة تشوَّشُوا لأنَّهُم لم يسمعُوا كلمةَ الله. وبما أنَّ الأنبِياء كانُوا يتنبَّأونَ من أجلِ المال، فإن شعبَ اللهِ لن يتسنَّى لهُ أن يسمَعَ كلمةَ الله. وبما أنَّ القادَةَ المدنيِّين كانُوا فاسِدين، فإنَّ الشعبَ خابَ أملُهُ وفقد ثقتَهُ بحُكُومتِهِ، قانُوناً ونِظاماً.

شدَّدَ ميخا على حقيقَةِ أنَّ اللهَ أوكَلَ مُهمَّةَ الحُكُمِ للشعب، ولكنَّ الحُكُومَةَ المُعيَّنَةَ من الله تستطيعُ أن تنجَحَ فقط إذا كانَ المسؤولونَ عن تسييرِها مُنسَجمينَ معَ خُطَّةِ الله للقادَةِ الرُّوحيِّين والسياسيِّين على هذه المُستويات الثلاثة. فإن كانَ القادَةُ على هذا المُستوياتِ الثلاثَة فاسِدين، فإنَّ مقاصِدَ الله للحُكمِ ستسقُطُ. وبما أنَّ القادَةَ الرُّوحِيِّينَ والسياسيِّين في أيَّامِ ميخا لم يكُونوا مُنسَجِمينَ معَ مقاصِدِ الله، ألقى عليهم ميخا ملامَةَ الإنحطاط الأخلاقي والرُّوحي في الشعب.

حَلُّ اللهِ النِّهائي
الصفحة
  • عدد الزيارات: 11236