الفصلُ السَّابِع نُبُوَّةُ ناحُوم
الخلفِيَّةُ التَّارِيخيَّة
الأنبِياءُ الذي كتبُوا أسفارَاً نبويَّةً في العهدِ القديم، يأتُونَ على ذِكرِ إحتِلالِ أربَعِ مُدُن: أورشَليم، السامِرَة، بابِل، ونينَوى. كانت أورشَليم عاصِمَة مملكة يهُوَّذا الجنُوبيَّة، والسامِرة عاصِمة مملكة إسرائيل الشماليَّة. أمَّا بابِل ونينَوى، فكانتا عاصِمَتَي الأعداء. وكما رأينا، فإنَّ وعظَ يُونان أدَّى إلى توبَةِ وخلاصِ نينَوى. ونُبُوَّةُ ناحُوم تُعلِنُ الويلَ والإبادة على مدينَة نينَوى نفسها. جاءَ ناحُومَ بعدَ يُونان بحوالي مائة وعشرينَ سنةً.
بينما يتكلَّمُ سفرُ يُونان عن توبَةِ نينَوى، التي كانت عاصِمَةَ ألدِّ أعداءِ إسرائيل، بعدَ سِتِّينَ سنَةً من توبَةِ نينَوى نتيجَةً لبِشارَةِ يُونان، زحفَ أهلُها الأشُوريُّونَ على مملكة إسرائيل الشماليَّة واحتلُّوها وأخذُوا الأسباط العشرة في السبي إلى أشُّور. وبعدَ حوالي ستَّينَ سنةً من السبي الأشُّوري، تنبَّأَ ناحُوم عن الدينونة الآتِيَة على نينَوى لإبادَتِها. إنَّ هذه النُّبُوَّات الرهيبَة التي نطقَ بها ناحُوم تحقَّقَت بحذافِيرِها بعدَ ثلاثٍ وعشرينَ سنةً من كِتابَتها.
لقد قامَ الأشوريُّونَ بإحتلالِ واستعبادِ شُعوبِ العالمِ المعروف آنذاك بقسوةٍ وفظاظةٍ لا مثيلَ لها. ولم يسبِقهم أحد بمثلِ بربَريَّتِهم ووحشيَّتِهم مما جعلَ منهم قُوةً عُظمى يخشاها العالَمُ بأسرِهِ. لقد كانت نينَوى عاصِمَةُ الأمبراطُوريَّةِ الأشُّوريَّة، مدينةً عظيمةً، وكانت تُدعَى ملكةُ مُدُنِ الأرض. فتنبَّأَ ناحُومُ عن إبادَةِ هذه المدينة عن وجهِ الأرض.
- عدد الزيارات: 12029