الفصلُ الرابِع عشَر الخاتِمَة
(مَلاخي 3: 16- 4: 4)
إذا درسنا بِعنايَة المقطَعَ المُشار إليهِ أعلاه، سوفَ نرى أنَّ عظةَ ملاخي إختُتِمَت بالعَدد 15 من الإصحاحِ الثالِث. وبقيَّةُ نُبُوَّة ملاخي كانت خاتِمةً وصفت التجاوُبَ معَ وعظِ ملاخي العظيم من قِبَلِ المُؤمنين البارِدي القُلوب، الذي تخَلُّوا عن علاقتِهم معَ الله، لا بل تخلُّوا عن إيمانِهم، وكذلكَ تجاوُب الأشخاص الذين كانُوا يخافُونَ الله ولم يتخلُّوا لا عن علاقتِهم بالله ولا عن إيمانِهم.
عبرَ نُبُوَّةِ ملاخي سمِعنا أجوبَةَ الله على إستنكاراتِ الكهنة وشعب يهُوَّذا، ذوي القُلُوب البارِدة تجاهَ الله. في هذه الخاتِمة الجميلة، نسمَعُ تجاوُبَ الله المُحِبّ معَ شعبِ اللهِ الحقيقي. أولئك الذين خافُوا وأحبُّوا الرَّبَّ، أكَّدُوا على عظمةِ كِرازَةِ ملاخي. هؤلاء كانُوا شعبَ الله الذين لم يتخلُّوا عن محبَّتِهِم الأُولى، أو الذين تابُوا ورجعوا إلى محبَّتِهم الأُولى للرَّب من خِلالِ وعظِ ملاخي.
نقرأُ: "حِينئذٍ كَلَّمَ مُتَّقُو الرَّبِّ كُلُّ واحِدٍ قريبَهُ والربُّ أصغى وسَمِعَ وكُتِبَ أمامَهُ سفرُ تذكَرَةٍ للذين إتَّقُوا الرَّبَّ ولِلمُفكِّرين في اسمِه."
إنَّ هدَفَ مُهِمَّة ملاخي كانَ ترميمَ علاقة المحبة بين الله وشعبِهِ من خِلالِ نهضَةٍ رُوحيَّة. يُختَمُ سفرُ ملاخي بإخبارِنا أنَّ ملاخي تمَّمَ هدفَهُ لأنَّ هذه الكلمات تَصِفُ نهضةً.
سَجَّلَت الخاتِمة أيضاً تجاوُباً جميلاً من الله تجاهَ موقَف الأُمناء من الكهنة وشعبِ الله. يُقدِّمُ ملاخي مجيءَ المسيح ثانِيَةً، عندما ستُشرِقُ الشمسُ والشِّفاءُ في أجنِحَتِها للمُؤمن، بينما تأتي الدينُونَةُ القاسِية على باردي القلوب، الذين ركَّزَت عليهِم هذه النُّبُوَّة. يُخبِرُ ملاخي هؤلاء بشُعُورِ اللهِ حيالَ النِّسبيَّةِ الأخلاقية.
نُبُوَّةٌ خِتامِيَّة (4: 5، 6)
يختُمُ ملاخي وعظَهُ الدِّيناميكيّ بإخبارِهِ عن مجيءِ نبيٍّ شبيهِ بإيليَّا، الذي سوفَ يسبِقُ يسوع المسيح ويُمهِّدُ لهُ الطريق. وسوفَ يذكُرُ يسوعُ صراحةً أنَّ يُوحنَّا المعمدان كانَ هذا النَّبيّ (متى 11: 7- 14). ولئلا يظُنَّ أحدٌ ما أنَّ يُوحنَّا المعمدان كانَ تجسُّداً آخر لإيليَّا، أنكَرَ يُوحنَّا هذا بصراحَةٍ ووُضُوح (يُوحنا 1: 21).
كانَ مُمكِناً أن يختُمَ مَلاخي نُبُوَّتَهُ بالكلمات التالية، "يتبَع – بعدَ حوالي أربعمائة سنة." فبعدَ أربعمائة سنة من السنوات الصامتة، عندما لم يكُن لهؤلاء اليهود لا نَبيٌّ ولا كلمةٌ منَ الله، جاءَ يُوحنَّا المعمدان يكرِزُ بالرُّوح وبِقُوَّةِ إيليَّا. ولقد قضَى الكهنةُ والقادَةُ الرُّوحيُّون وشعب يهُوَّذا ساعاتٍ طِوال وهُم يُصغُونَ لأعظمِ رجُلٍ بينَ الأنبِياء.
عندما وعظَ يسوعُ نفسُهُ، أصغى هؤلاء القادة الدينيُّونَ أنفُسُهم لساعاتٍ طِوال للمسيَّا. حاوَلَ بعضُهم رجمَهُ، والبعضُ الآخر قالَ مُتعجِّباً، "قد وجدنا المسيَّا" وآمنُوا بهِ، وتبِعوهُ، وأصبَحُوا رُسُلَهُ.
لقد كانَ من دواعي سُرورنا أن ندرُسَ معاً العهدَ القديم، وأختُمُ بوضعِ هذينِ التحدِّيَين أمامكُم: 1) ماذا ستعمَلُونَ بما تعلَّمتُمُوه؟ هل سَتَرجُمونَ المسيَّا وتطرُدونَهُ خارِجَ حياتِكُم، أم أنَّكُم ستتبَعُونَهُ؟ 2) وهل ستُتابِعُونَ دِراسةَ الكتاب المقدَّس معنا، بينما نبدأُ بدراسةِ العهدِ الجديد؟
- عدد الزيارات: 6942