Skip to main content

الفصلُ الأوَّل "أفضَلُ أسفارِ الكتابِ المُقدَّس" - عمَّا تتكلَّمُ الأناجيلُ

الصفحة 4 من 5: عمَّا تتكلَّمُ الأناجيلُ

عمَّا تتكلَّمُ الأناجيلُ

كُلُّ ما نُؤمِنُ بهِ ينبَغي أن يبدأَ بأعظَمِ إعلانٍ للحقيقة التي أعطاها اللهُ لهذا العالم، والتي هي حياةُ وتعاليمُ يسوع المسيح. يُخبِرُنا واحِدٌ من الأناجيل الأربَعة بالقول، "اللهُ لم يرَهُ أحدٌ قَطّ، الإبنُ الوَحيدُ الذي في حُضنِ الآب [أي أنَّهُ كانَ في علاقَةٍ حَمِيمَةٍ معَهُ] هُوَ خبَّر." "يُوحنَّا 1: 18). إن الكلمة اليُونانيَّة المُتَرجَمة "هُوَ خَبَّر" هي نفس كلمة "فسَّرَ وإستخرَجَ الحقيقة." أن نُفسِّرَ عدداً من كلمة ِالله يعني أن نستخرِجَ من هذا العدد كُلَّ الحقيقة المَوجُودة  فيهِ.

يقُولُ لنا هذا العدد أنَّ يسوع المسيح إستخرَجَ من وِحدَتِهِ الحَميمَة مع الله كُلَّ الحقيقة التي يُمكِنُنا أن نفهمَها عن الله. هذا يعني أنَّ يسوع المسيح كانَ أعظَمَ إعلانٍ للحقيقة سبقَ للعالم أن أخذَهُ من الله. فكُلُّ ما كانَهُ، وكُلَّ ما عمِلَهُ، وكُلُّ ما قالَهُ، "فسَّرَ الله." الأناجيلُ هي الأسفارُ الأكثَرُ أهمِّيَّةً في الكتابِ المقدَّس، لأنَّهَا تُخبِرُنا عن يسوع، الذي أعلَنَ اللهَ بِشكلٍ كامِل.

هُناكَ عددٌ آخَر في إنجيلِ يُوحنَّا يُخبِرُنا عن جوهر ما تتكلَّم عنهُ الأناجيلُ الأربَعة. يكتُبُ يوحنَّا قائِلاً، "في البدءِ كانَ الكلمة (أي يسوع)، والكلمة كانَ عندَ الله، وكانَ الكلمة الله." (1: 1) ثُمَّ يُتابِعُ يُوحنَّا في نفسِ الإصحاحِ قائلاً، "والكلمةُ صارَ جسداً وحَلَّ بينَنا." (14)

من أجلِ إيضاح هذا العدد العظيم، أدعُوكَ لتَستَخدِمَ مُخَيِّلَتَك. تخَيَّلْ أنَّ لدَيكَ مُشكِلَة كبيرة معَ النَّمل. فعِندَما تَترُكُ السكاكِرَ على الطاوِلة، وترجِعُ فيما بعد إلى المنـزلِ في المساء، تجدُ طاوِلتَكَ مليئةً بالنَّمل. إفتَرِضْ أنَّكَ قرَّرتَ أن تحُلَّ المُشكِلة. وكُنتَ قد إكتَشفتَ أنَّ النملَ يأتي من وكرٍ كبيرٍ خلفَ منـزلِكَ. ولكَي تتخلَّصَ من النمل، تسكُبُ البنـزين على الوِكر وتُشعِلُ فيهِ النار، فترتفِعُ لُهُبُ النَّارِ إلى أعلَى، وينـزلُ النَّملُ إلى أسفل. وعندما تخمدُ النار، يرجِعُ النملُ مُجدَّداً ليزحفَ إلى داخِلِ منـزلِك.

كيفَ يُمكِنُكَ أن تجدَ حلاً لمُشكِلَةِ النمل هذه؟ إنَّ مُشكِلَتَكَ ليست أنَّكَ تكرَهُ النَّمل، بل أن النملَ يُغطِّي مائدتكَ حيثُ تتناوَلُ الطعام. فلو كانَ بإمكانِكَ أن تتفاهَمَ معَ النمل، لكُنتَ تقول، "إسمَعوا، أنا لا أكرَهُكُم. ولكن كُلَّ ما في الأمر هو أنَّي لا أُريدُ أن أراكُم على مائدةِ الطعام. سوفَ أتركُ لكُم كميَّةً كبيرَةً من الطعام في الخارِج قُربَ وِكرِكُم، إن كُنتُم تُوافِقونَ على البَقاءِ خارِجَ منـزلي." إنَّ مُشكِلَتَكَ الكُبرى هي أنَّكَ لا تستطيعُ التفاهُمَ معَ النَّمل. فأنتَ كائِنٌ بَشَريٌّ، وهُنَّ مُجرَّدُ نملاتٍ، وليسَ بإمكانِ الناس التفاهُمَ معَ النمل.

إستَخدِم الآن المزيد من مُخيِّلتِكَ. فإن كُنتَ تُحِبُّ النَّملَ بِشكلٍ كافٍ ممَّا يُزوِّدُكَ بالقوَّة لتفعلَ أيَّ شيءٍ أرتَهُ من أجلِ النمل، قد تُقرِّر أن تُصبِحَ نملَةً، وتنـزلَ إلى وكرِ النَّمل وتقول، "إسمعنَ أيَّتُها النملات. قد أبدو لَكُنَّ وكأنَّني نملة، ولكنَّني لستُ كذلك. أنا هُوَ الشخصُ الذي يعيشُ في المنـزل الكبير فوق، ولديَّ إقتِراح أُقدِّمُهُ. فأنا راغِبٌ بأن أقومَ بتضحِيَة من أجلِكُنّ إذا توصَّلنا إلى إتِّفاق. سوفَ أترُكُ لكُنَّ كميِّةً كبيرةً من الطعام قُربَ وِكرِكُنَّ إذا وافقتُنَّ على البقاء خارِجَ منـزلي."

أنا أعرِفُ أنَّ هذا إيضاحٌ مُضحِك، ولكن هل ترى ما أُحاوِلُ قولَهُ؟ فالكلمة هي وسيلَةُ نقلِ الفكرة. فاللهُ لديهِ حقيقَة أرادَ أن يُشارِكَها معنا، وعهدَ خَلاص أرادَ أن يُقيمَهُ معنا. لقد أحبَّنا أبونا السماويّ لدرجةِ أنَّهُ قامَ بِتضحِيَةٍ عظيمَةٍ بتركِهِ السماء لكي يتفاهَمَ معنا. ولكنَّهُ اللهُ، ونحنُ مُجرَّد بَشر. وأفضَلُ طريقَة لإيصالِ فكرةٍ هو بوضعِها في شخص. لهذا سمَّى اللهُ إبنَهُ "الكلمة"، ومن ثمًَّ قالَ لنا أنَّ الكلمة صارَ جسداً وحلَّ بينَنا لمدَّةٍ ثلاثٍ وثلاثِينَ سنةً.

إن صيرُورَةَ إنسانٍ نملَةً لكي يتفاهَمَ معَ النمل هو تنازُلٌ كبير يقومُ بهِ الإنسانُ من أجلِ خيرِ النمل. ولكن عندما يُخبِرُنا الكتابُ المقدَّس أنَّ اللهَ أصبَحَ جسداً إنسانيَّاً، لكَي يتمكَّنَ من الإتِّصالِ معنا ولِكَي يُخلِّصَنا من خطايانا، كانَ هذا أعظَمُ تنازُلٍ عرفَهُ العالم.

يسوعُ آتٍ! يسوعُ أتَى!
الصفحة
  • عدد الزيارات: 11948