Skip to main content

الفصلُ التاسِع "مأمُوريَّةُ المُلتَزِم"

ليسَت لدينا فكرَةٌ عن عدد التلاميذ الذين حضَروا الخُلوةَ المَسيحيَّةَ الأُولى. وكما لاحظتُ سابِقاً، بعدَ أن ختمَ يسُوعُ تعليمَهُ على الجبل بوقتٍ قصير، مُستَخدِماً تِلكَ الدَّعوة، كلَّفَ إثني عشرَ تلميذاً ليكُونُوا رُسُلَهُ. من الواضِح أنَّ يسُوعَ جنَّدَ هؤلاء الرُّسُل في الخُلوة، ومن ثمَّ كلَّفَهُم لاحِقاً ليُشارِكُوهُ رسالتَهُ – ليكُونُوا جزءاً من ستراتيجيَّتِهِ للوُصُولِ إلى العالَمِ أجمَع بالخلاص الذي أتى بهِ إلى هذا العالم.

وكما سألتُ سابَقاً، لو عرفتَ أنَّ لَدَيكَ ثلاث سنوات فقط لتَعيشَ وتُتَمِّمَ رِسالتَك، ماذا كُنتَ ستفعلُ؟ لقد عرفَ يسُوعُ بالتأكيد  أنَّهُ كانَ لديهِ ثلاث سنين، ولهذا كلَّفَ وفوَّضَ هؤلاء الرُّسُل ليُحقِّقُوا رغبَتَهُ بإيصالِ الخلاص إلى العالم. ولقد نشرَ تلاميذُهُ الخبرَ السارَّ بأمانَة خِلالَ حياتِهم. بعدَ خمسة قُرُون من تكليفِهِ لهُم بهذه المأمُوريَّة، لم يعُدِ الإنسانُ قادِراً أن يحصَلَ على وظيفَةٍ في الأمبراطُوريَّة الرُّومانيَّة إن لم يكُن يعتَرِف بأنَّهُ مَسيحيّ. بنفسِ الطريقة، علينا أن نكُونَ أُمَناء لنَشهدَ بالمسيح لعالمِنا، بينما نُعلِنُ الإنجيل للعالم الذي نعيشُ فيه.


إلتَقِ بالرُّسُل الإثني عشَر

قضى يسُوعُ ليلَةً بكامِلِها في الصلاة، قبلَ أن يُكلِّفَ تلاميذَهُ الإثني عشَر (لُوقا 6: 12، 13). الرُّسُل الأربَعة الأوائِل المَذكُورون في متى هُم مجمُوعَتان من الأشقَّاء: بطرُس وأندراوُس، ويعقُوب ويُوحنَّا. هؤلاء الأربَعة كانُوا يعمَلُونَ مَعاً في مِهنَةِ صيدِ السمك.

ذُكِرَ فيلبُّس وبَرثُولماوُس دائِماً معاً، وكذلكَ الأمرُ بالنسبَةِ لتُوما ومتَّى. كانَ فيلبُّس رجُلَ أعمال يعمَلُ في حقلِ النقلِ بواسِطَةِ الخَيل. ولربَّما كان سيعمَلُ في مهنَةِ السيَّارات لو عاشَ في أيَّامِنا. عندما نُقارِنُ لوائِحَ التلاميذ المذكُورة في الأناجيل الأربَعة المُختَلِفة، علينا أن نستَنتِجَ أنَّ برثُولماوُس كانَ معرُوفاً كنثنائِيل.

كانَ تُوما مُفكِّراً، ذا عقلٍ باحِث. اليوم نُسمِّي هكذا شخص "تُوما المُشكِّك." كانَ متَّى جابِي ضرائِب، أو عشَّاراً، الذي كانَ يجمَعُ الضرائِبَ لروما من أهلِ شعبِهِ اليهود، ممَّا يعني أنَّهُ كانَ خائِناً لِشعبِه. سوفَ تُلاحِظُ أنَّ الأناجيل تذكُرُ "خُطاةً وعَشَّارِين." هذا لا يعني أنَّ العشَّارينَ لم يكُونُوا خُطاةً. بل يعني أنَّ العشَّارينَ كانُوا طبقَةً مُمَيَّزَةً من الخُطاة بحدِّ ذاتِها. ولقد كَرِهَ الشعبُ اليهوديُّ العشَّارينَ بشدَّة. ومن المُثيرِ للإهتِمام أنَّ يسُوعَ إختارَ عشَّاراً ليكُونَ واحداً من الإثني عشر.

الأسماء الأربَعة الأخيرة على اللائحة هي أسماءٌ تتكرَّرُ في لائحةِ الإثني عشر. مثلاً، كانَ هُناكَ سِمعان، بالإضافَةِ إلى سِمعان بطرُس. سِمعانُ الآخر هذا كانَ يُسمَّى "الكَنعانِيّ" أو "الغَيُور." هذا يعني أنَّهُ كانَ نَقيضَ رجُلٍ مثل متَّى. ولقد إنتَمَى إلى الغَيُورين، الذين كانُوا بمثابَةِ ميليشيا من المُحارِبينَ الذين كانُوا يُقاوِمُونَ رُوما، رُغمَ أنَّ اليهودَ كانُوا يخضُعونَ لرُوما. اليوم، قد نُسمِّي شخصاً مثل هذا بالثَّوريّ. يعتَقِدُ المُفسِّرونَ أنَّ ثلاثَةً أو لرُبَّما أربَعَةً من الرُّسُل كانُوا من الغَيُورين.

طالَما تساءَلتُ عن أيَّة مُحادَثَة كانت تدُورُ بينَ سِمعان الغَيُور ومتَّى العشَّار – هذا إذا كانا يتكلَّمانِ معَ بعضِهما البعض – بينما كانا يسيرانِ معَ يسُوع في الجليل واليهُوديّة وأورشَليم والسامِرة. تصوَّر الدراما عندما أخبَرَ يسُوعُ متَّى العشَّار وسمعان الغَيُور أن يغسِلا أرجُلَ بعضِهما البعض ويُحِبَّا بعضُهُما البعض (يُوحنَّا 13: 34، 35).

هُناكَ يعقُوبٌ آخر في لائحةِ الإثني عشر، والذي يُدعَى "يعقُوب بنُ حَلفَى." يعقُوبُ هذا يُشارُ إليهِ أيضاً "بيعقُوب الصغير"، الذي يعني أنَّهُ كانَ أقصَرَ أو أصغَرَ عُمراً من الباقِين (مرقُس 15: 40). كانَ هُناكَ أيضاً رجُلانِ على اللائِحة يجمِلانِ إسم يهُوَّذا. فهُناكَ "يهُوَّذا أخو يعقُوب،" والذي يُدعَى أيضاً "تدَّاوُس" أو "لَبَّاوُس،" وهُناكَ يهُوَّذا الإسخريُوطيّ الذي خانَ يسُوع. كانَ على التلاميذ أن يكرِزُوا بالإنجيل ويُبَرهِنُوا ملكُوتَ الله من خِلالِ الآياتِ والمُعجِزات. كانَ عليهِم أن يشفُوا المَرضَى، يُطهِّرُوا البُرص، يُخرِجوا شَياطِين، ويُقيمُوا المَوتَى. كانَ عليهِم أن يكرِزُوا بالإنجيل ويُقدِّمُوهُ مجَّاناً للناس بدونِ أن يطلبُوا أيَّ شيءٍ من أيٍّ كان، مُستَسلِمينَ للهِ ليَسُدَّ إحتِياجاتِهم، عائِشينَ بالإيمان.

حذَّرَ يسُوعُ الرسُلَ بأنَّهُم لن يكُونُوا مَوضِعَ ترحيبٍ. حذَّرَهُم قائِلاً، "ها أنا أُرسِلُكُم كغَنَمٍ في وسطِ ذِئاب." (متى 10: 16). كانَ يُحذِّرُهم قائِلاً، "العالَمُ لن يُريدَ لكُم الخَير عندما تُطيعُونَ مأمُوريَّتِي وتُطبِّقُونَ ستراتيجيَّتِي." ولا يزال هذاُ صحيحاً اليوم.


واجِبٌ دِراسِيّ

لا بُدَّ أنَّكُم ستستنيرونَ وتتبارَكُون إذا أجبتُم على هذه الأسئلة السِّتَّة عن هؤلاء الرِّجال الإثني عشَر، الذين قضى معهُم يسُوعُ ثلاثَ سني خدمتِهِ العلنيَّة، والذين إستَودَعَهم رسالتَهُ إلى هذا العالم:

ماذا كانَ يعمَلُ هذا الشخص عندما إلتَقى بِيَسُوع؟

كيفَ تغيَّرَ هذا نتيجَةً للِقائِهٍِ معَ يسُوع؟

أينَ كانَ هذا التلميذ عندما مات؟

من خِلالِ ما تستطيعُ تعلُّمَهُ من كلمةِ اللهِ ومصادِر أُخرى، كيفَ ماتَ؟

لماذا اختارَ يسُوعُ هذا الشخص بالتحديد ليَكُونَ رسُولاً؟

لقد طالَبَ يسُوعُ بمُستوىً رفيعٍ من الإلتِزام عندما قدَّمَ الدَّعوَةَ على قِمَّةِ الجبل، لأنَّهُ عرفَ أنَّ هؤلاء الرُّسُل سوفَ يتألَّمُونَ ويمُوتُونَ من أجلِه. فما هُوَ مُستَوى الإلتِزام الذي إتَّخذتَهُ أنتَ تِجاهَ يسُوع؟ وهَل أنتَ تلميذهُ الحقيقيّ؟ وهل ترغَبُ بأن تتَّخِذَ إلتزاماً ليسُوع مثل الإلتِزام الذي يظهَرُ مِثالُهُ في حياةِ الرُّسُل؟

  • عدد الزيارات: 8691