الفَصلُ السادِس مواهِبُ الرُّوحِ القُدُس
(1كُورنثُوس 12: 7- 11)
يَصِفُ هذا المقطَعُ المَواهِبَ الرُّوحيَّة المُختَلِفَة في الكنيسةِ المَحَلِّيَّة، التي هي جسدُ المَسيح. نقرَأُ: "فإنَّهُ لِواحِدٍ يُعطَى بالرُّوحِ كلامُ حِكمة." (8) أنا مُقتَنِعٌ بأنَّ هذا يعني موهِبَةَ الوعظِ والتعليمِ بكلمةِ الله، معَ بَصيرَةِ تطبيقِ وإيضاحِ ما تعنيهِ كلمةُ اللهِ لنا.
وكتبَ بُولُس أيضاً أنَّهُ للبَعضِ في الجسد، يُعطِي اللهُ "مواهِبَ شِفاءٍ بالرُّوحِ الواحِد." (9) لا تُفكِّرُوا فقط فيما يتعلَّقُ بالشِّفاءِ الجَسدِيّ عندما تقرأُونَ هذا. تذكَّرُوا أنَّ المجالَ الرُّوحِي للكائِنِ البَشَريّ هُوَ ذُو قيمَةٍ أعظَم من المجال الجسديّ، لأنَّ المجالَ الرُّوحِيَّ أَبَدِيٌّ، أمَّا المَجالُ المَنظُور والجسدي عندَ الرَّجُلِ والمرأة فهُوَ زَمَنيّ. لهذا، فإنَّ الشِّفاءَ الرُّوحِيّ الدَّاخِليّ هُوَ ذُو قيمَةٍ أعظم من الشفاءِ الخارجِيّ الجسديّ.
نقرَأُ أيضاً في العدد 10: "ولآخَر نُبُوَّة." النَّبِيُّ هُوَ الشخصُ الذي يتكلَّمُ اللهُ من خلالِهِ. وأنا مُتَيَقِّنٌ أنَّهُ عندما يَعِظُ الرُّعاةُ والمُعَلِّمُونَ أو المُبَشِّرُونَ، بمسحَةِ الرُّوحِ القُدُسِ عليهم، فإنَّهُم يتنبَّأُونَ لأنَّ اللهَ يتكلَّمُ من خلالِهم.
ثُمَّ كتبَ بُولُس يَقُول: "ولآخر تمييزُ أرواح." (10) لقد أَشارَ بُولُس في الأعدادِ الإفتِتاحِيَّة من هذا الإصحاح، إلى أنَّهُ قبلَ أن يتوبَ هؤُلاء ويُؤمِنوا بالمسيح، كانُوا خاضِعينَ كُلِّياً لسيطَرَةِ الأرواحِ الشِّرِّيرة التي لها علاقَةٌ بعبادةِ الأصنام. كيفَ نعرِفُ إن كُنَّا تحتَ سيطَرَةِ الرُّوحِ القُدُس، وليسَ تحتَ سيطَرَةِ رُوحٍ شِرِّير؟ الجوابُ هُوَ أنَّنا نحتاجُ إلى كلمةِ اللهِ وإلى موهِبَةِ التمييز في جسدِ المسيح.
ثُمَّ كتبَ في العدد 10: "ولآخَر أنواعُ ألسِنَة." عمَّ يتكلَّمُ بُولُس هُنا؟ نعرِفُ أنَّهُ في يومِ الخَمسين، حدَثَت ظاهِرَةٌ رُوحِيَّةٌ عجائِبِيَّة، عندما تحطَّمَت الحواجِزُ اللُّغوِيَّة بينَ الناس. فعندما ألقَى بُطرُس عظتَهُ العظيمة، وسبَّحَ الرُّسُلُ الله، كانَ هُناكَ لِسانٌ واحِدٌ يُتَكَلَّمُ بهِ. ولقد فَهِمَهُ الجميعُ، بِغَضِّ النَّظَر عمَّا كانت لُغَتُهُم الأمّ. كانَ هذا الأمرُ مُعجِزَةً عظيمةً. وكانت العظةُ التي ألقاها بطرُس والرُّسُل مُوجَّهَةً لآذانِ الناس. لهذا دُعِيَت "نُبُوَّةً" من قِبَلِ النَّبِيِّ يُوئيل ومن قِبَلِ كاتِبِ سفرِ الأعمال (يُوئيل 2: 28؛ وأعمال 2: 17، 18).
لديَّ المَزيد لأَقُولَهُ عن الألسِنة عندما نَصِلُ إلى الإصحاحِ الرَّابِع عشَر من هذه الرِّسالة، حيثُ يَبدَأُ بُولُس ذلكَ الإصحاح بالقولِ أنَّ الذي يتكلَّمُ بألسِنَةٍ لا يتكلَّمُ إلى النَّاس بل إلى الله. ويُخبِرُنا أنَّ النَّاسَ لا يُمكِنُهُم أن يفهَمُوا هذه الألسِنة، لأنَّهُم في رُوحِهم يتكلَّمُونَ بألغازٍ، ليسَ بِلُغاتٍ بل بألغازٍ (14: 2). ولكن ليسَ هذا تماماً ما حدَثَ يومَ الخَمسين. فهُناكَ نوعانِ من الألسِنة يُوصَفانِ، من قِبَلِ لُوقا في سفرِ الأعمال، ومن قِبَلِ بُولُس في رسالتِهِ إلى أهلِ كُورنثُوس.
أنظُرُوا إلى لائحةِ المواهِب من الأعداد 7 إلى 10، وحاوِلُوا أن تحفَظُوها وتَتآلَفُوا معها. وبينما تنظُرُونَ إلى المَواهِبِ الرُّوحيَّة المَذكُورة في كُورنثُوس الأُولى الإصحاح 12، عليكُم أن تُحاوِلُوا أن تكتَشِفُوا أيَّ نوعٍ من المواهِبِ الرُّوحيَّة قد أعطاكُم الرُّوح القُدُس. ثُمَّ علَيكُم أن تُفَتّشُوا عن طُرُقٍ لمُمَارَسَةِ المواهِب التي تظُنُّونَ أنَّ الرَّوحَ أعطاكُم إيَّاها.
يختُمُ بُولُس تعليمَهُ حولَ هذه المواهِب الرُّوحيَّة بالقَول: "ولكِنَّ هذه كُلَّها يَعمَلُها الرُّوحُ الواحِدُ بِعَينِهِ قاسِماً لِكُلِّ واحِدٍ بِمُفرَدِهِ كما يَشاء." (11). هكذا يعمَلُ الرُّوحُ القُدُسُ. إنَّهُ يمنَحُ مواهِبَ مثلَ هذهِ لأشخاصٍ في الجسد، فيُؤهِّلُهم لِخدماتِهم.
- عدد الزيارات: 4786