Skip to main content

الفَصلُ التاسِع عشَر الغالِبُون الأربَعة

(1كُورنثُوس 15: 12- 22)

إبتداءً من العدد 12، يُخبِرُنا بُولُس أنَّ قيامَةَ المُؤمِن ترتَبِطُ حيويَّاً بقيامَةِ يسُوع. إن كانَ لدينا الإيمانُ لِنُؤمِنَ بمُعجِزَةِ قيامَةِ المسيح، عندها علينا أن نُؤمِنَ بأنَّهُ من المُمكِنِ لنا أن نقُومَ من الموتِ يوماً ما. ولكن، لو لم يَقُمِ المسيحُ من المَوت،  لما كانَ هُناكَ قِيامَةٌ لأيٍّ من الأموات. حاوِلْ دائماً أن تَتْبَعَ منطِقَ بُولُس الرَّسُول. كتبَ يقُولُ: "ولكن إن كانَ المَسيحُ يُكرَزُ بهِ أنَّهُ قامَ من الأمواتِ فكيفَ يَقُولُ قَومٌ بينَكُم إنْ ليسَ قيامَةُ أمواتٍ. فإن لم تَكُنْ قيامَةُ أمواتٍ فلا يكُونُ المسيحُ قد قام. وإن لم يكُنِ المسيحُ قد قام فباطِلَةٌ كِرازَتُنا وباطِلٌ أيضاً إيمانُكُم. ونُوجَدُ نحنُ أيضاً شُهُودُ زُورٍ للهِ لأنَّنا شَهِدنا من جِهَةِ اللهِ أنَّهُ أقامَ المسيحَ وهُوَ لم يُقِمْهُ إن كانَ المَوتَى لا يقُومُون."

"لأنَّهُ إن كانَ المَوتى لا يقُومُون فلا يكُونُ المسيحُ قد قام. وإن لم يكُنِ المسيحُ قد قام فباطِلٌ إيمانُكُم. أنتُم بعدُ في خطاياكُم. إذاً الذين رقَدُوا في المسيحِ أيضاً هلَكُوا. إن كانَ لنا في هذه الحياةِ فقط رجاءٌ في المسيح فإنَّنا أشقى جَميعِ النَّاس." (1كُور 15: 12- 19)

هل تَتَتَبَّعُ حُجَّةَ بُولُس المُوحَاة؟ هاتانِ القِيامَتانِ مُرتَبِطَتانِ حَيَويَّاً. فقيامَةُ يسُوع كانت البُرهان على إمكانِيَّةِ قيامَةِ المُؤمن. ومُعجِزَةُ قيامَتِنا ستَقُودُنا إلى البُعدِ الأبَدِيّ.

ثُمَّ ينتَقِلُ بُولُس إلى تعليمٍ أعتَبِرُهُ مُدهِشاً. كتبَ يَقُول: "فإنَّهُ إذِ المَوتُ بإنسانٍ واحِدٍ بإنسانٍ أيضاً قيامَةُ الأموات. لأنَّهُ كما في آدَم يمُوتُ الجَميعُ هكذا في المسيحِ سيُحيا الجَميع." (1كُورنثُوس 15: 21- 22)

كتبَ بُولُس بشِكلٍ مُوسَّع عن هذه الحقيقة نفسِها في مقطَعٍ وجَّههُ إلى أهلِ رُومية، الذي نُسمِّيهِ، "الغالِبُونَ الأربَعة". (رُومية 5: 12- 21) إنَّهُ يُظهِرُ أربَعةَ أُمُورٍ تَغلِبُ. يُمكِنُ أن تتصوَّرَ وكأنَّ هذه الأُمور الأربَعة هي أربَعةُ مُلُوك. أوَّلاً، قالَ أنَّ هُناكَ الملك خَطيَّة. دخَلتِ الخَطيَّةُ إلى هذا العالم وفاضَت إلى أن غَلَبَت. ثُمَّ سادَتِ الخطيَّةُ في العالم.

يُخبِرُنا بُولُس أنَّ المَلكَ مَوت جاءَ مُباشَرَةً بعدَ الخَطيَّة. عندما دخلَ الموتُ إلى هذا العالم كعاقِبَةٍ للخَطيَّة، فاضَ الموتُ إلى أن غلبَ وسَادَ على كُلِّ البَشَريَّة. المَوتُ هُنا يعني المَوت الحَرفي، جسديَّاً ورُوحيَّاً، كما جاءَ في رُومية 6: 23، "أُجرَةُ الخَطيَّةِ هي مَوتٌ." فعاجِلاً أم آجِلاً، سيغلِبُ الموتُ كُلَّ واحدٍ منَّا، والسببُ الوحيدُ لذلكَ هُوَ أنَّ الخَطِيَّةَ غلَبَتنا جميعاً. أوَّلُ ما يُبرِزُهُ بُولُس في كلماتِهِ العميقة لأهلِ رُومية هُو، "الأخبارُ السَّيِّئة."

ولكنَّهُ يُخبِرُنا فيما بعد بالأخبارِ السَّارَّة.  إنَّهُ يكتُبُ أيضاً أنَّ المَلِكَ يسُوع دخلَ هذا العالم وبَقِيَ في هذا العالم إلى أن غلبَ ومَلَكَ، الأمرُ الذي مكَّنَنا أن نملِكَ في الحياةِ  من خلالِ علاقَتِنا معَهُ. فالمَلِكُ الثالِثُ هُوَ يسُوع، والملكُ الرَّابِعُ هُوَ أنتَ وأنا. بإمكانِكَ أن تدخُلَ الحياةَ، وأن تفيضَ في الحياةِ في المَسيح (يُوحَنَّا 10: 10) بإمكانِنَا أن نملِكَ في الحَياةِ من خلالِ يسُوع المسيح، وأن نَكُونَ أعظَمَ من غالِبين أو مُنتَصِرينَ من خلالِهِ (رُومية 5: 17؛ 8: 37). كُلُّ هذا يُعبِّرُ بشكلٍ مُوَسَّعٍ عمَّا يقُولُهُ بُولُس في العددين 21 و22.

إنَّ هاتَين الكَلِمَتَين، "في المسيح"، هُما من أجمَلِ كلماتِ العهدِ الجَديد. يستَخدِمُ بُولُس هاتينِ الكلمتينِ "في المسيح،" سبعاً وتِسعينَ مرَّةً في كتاباتِهِ. فماذا يعني أن تكُونَ في المسيح؟ أن تَكُونَ في المسيحِ يعني أكثَر من أن تكُونَ في الكَنيسة، وأكثَر من أن تَكُونَ في الخِدمة. أن تَكُونَ في المسيح يعني أن تَجِدَ موقِعِكَ في شخصٍ، وأن تبنِيَ علاقَةً معَ شَخصٍ، تماماً كما يرتَبِطُ الغُصنُ بالكرمة. يسُوعُ المسيحُ حيٌّ نتيجَةً لِقِيامَتِهِ. من المُمكِن لنا أن نمكُثَ في المسيح الحَيِّ المُقام كأغصانٍ لهُ، وهُوَ كَكَرمَتِنا (يُوحَنَّا 15: 1- 16).

يُخبِرُنا بُولُس الرَّسُول في كِتاباتِهِ أنَّهُ كانَ في المسيحِ. فكُلُّ ما عمِلَهُ، عملَ ذلكَ في المسيح، بالمسيح، وللمَسيح. لقد أصبحَ المسيحُ مركَزَ حياتِهِ. وهذا ما يقصدُهُ عندما كتبَ قائلاً: "في المسيحِ سيُحيا الجميعُ." لن نختَبِرَ الحياةَ الحقَّة إلى أن نُصبِحَ في المسيح.

  • عدد الزيارات: 3018