Skip to main content

الفَصلُ الثَّانِي "الكَلِمَةُ الحَيَّة" - بالإختِصار

الصفحة 3 من 3: بالإختِصار

بالإختِصار

بَينما يُخبِرُنا يُوحنَّا في مُقَدِّمَتِهِ عمَّا سيقُولُهُ لنا، يُخبِرُنا أنَّ يسُوعَ كانَ الكلمة، وكونِه الكلمة، كانَ عندَ اللهِ الآب، وكانَ الكلِمَةُ الله. وصارَ جسداً وحلَّ بينَنا، حتى لا نعُودَ نقرَأُ عنِ اللهِ فقط على صَفحَةٍ مُقَدَّسَةٍ، بل أرادَنا أن نرى كيفَ يبدُو الله، وعاشَ بينَنا في حياةٍ إنسانِيَّة. الكَلِمَةُ اليُونانِيَّةُ المُتَرجَمَةُ "حَلَّ" هي كَلِمَةٌ تَعني "نصبَ خيمَتَهُ بينَنا." فعندما صارَ اللهُ إنساناً، أعلنَ ما هُو َاللهُ، وأظهَرَ لنا كُلَّ الحقِّ الذي بإمكانِنا أن نفهَمَهُ عنِ الله (يُوحَنَّا 1: 1، 14، 18).

ويُخبِرُنا يُوحنَّا أيضاً في هذه الأعداد الإفتِتاحِيَّة التي نُسمِّيها المُقدِّمَة، أنَّهُ "كانَ في العالَم وكُوِّنَ العالَمُ بهِ ولم يَعرِفْهُ العالم. إلى خاصَّتِهِ (أي الشَّعب اليَهُودِيّ) جاءَ وخاصَّتُهُ لم تقبَلْهُ. وأمَّا كُلُّ الذينَ قَبِلُوهُ فأعطاهُم سُلطاناً أن يَصِيرُوا أولادَ الله، أي المُؤمِنُونَ بإسمِهِ. الذين وُلِدُوا ليسَ من دَمٍ ولا من مشيئَةِ جسدٍ ولا من مَشيئِةِ رَجُلٍ بَل من الله." (يُوحَنَّا 1: 12، 13)

وبينما يُخبِرُنا هذا الرَّسُولُ المَحبُوبُ عمَّا سيقُولُهُ لنا، يُعبِّرُ عن ذلكَ كالتَّالِي: عندما أصبَحَ الكَلِمَةُ جسداً وَحَلَّ بينَنا، جاءَ إلى النَّاس في هذا العالم. جاءَ إلى خاصَّتِهِ، الشعب اليَهُودِيّ. مُعظَمُ اليَهُودِ لم يقبَلُوه، خاصَّةً رِجالُ الدِّينِ بينَهُم. ولكنَّ الذي قَبِلُوهُ، أصبَحُوا مَولُودِينَ من جَديد."

الكلمة "يقبَل" تعني أنَّهُم لم يُؤمِنُوا بهِ. فعندما كانَ يسُوعُ موجُوداً هُنا في الجَسَد، لم يَطلُبْ الناس أن يحنُوا رُؤُوسَهُم ليطلُبُوا منهُ أن يدخُلَ قُلُوبَهم، لأنَّهُ كانَ معَهُم في الجَسَد. لم يكُنِ العَرضُ أن يقبَلُوهُ بهذا المعنى. لأنَّ هذا كانَ سيأتي لاحِقاً. ولكنَّ كَلِمَة "يقبَل" هي رَديفٌ لكلمة "يُؤمِن." كانَ في هذا العالم وكُوِّنَ العالَمُ بهِ ولم يعرِفْهُ العالم." صُلِبَ على صَليبٍ من الخشَب، وخلقَ التَّلَّةِ التي نُصِبَ صَليبُهُ عليها،" كما قالَ المُرنِّم. لَم يَكُنِ اليَهُودُ الشَّعبَ الوحيدَ الذي رَفَضَ المسيح. يَقُولُ أحدُ المُرَنِّمينَ السُّود في إحدَى ترنيماتِ الميلاد التي نظَمها، "لم نعلَم أنَّ ذاكَ كانَ أنت، يا رَب! لم نعلَم أنَّكَ أنت."

ولكنَّ الأخبارَ السارَّةَ تقُولُ: قَبِلَهُ البَعضُ، مثل التَّلاميذ الإثنَي عَشَر. كَثيرُونَ لم يُدرِكُوا أنَّ التلاميذَ الإثنَي عشَر كانُوا جَميعُهُم يَهُوداً.  بَعضُ اليَهُودِ آمنُوا، ولأُولئكَ الذين آمنُوا "أعطاهُم سُلطاناً أن يَصِيرُوا أولادَ الله، أي المُؤمنُونَ بإسمِهِ."

بكلماتٍ أُخرى، جاءَ من أجلِ الناس. ومُعظَمُ الناس لم يُؤمِنُوا بهِ عندما أخبَرَهم من كانَ هُوَ بالحقيقة. ولكنَّ البَعضَ آمنُوا بهِ، وعندما فعلُوا، أعطاهُم سُلطاناً أن يَصيرُوا كما أرادَهُم اللهُ أن يكُونُوا – أي أبناءَ الله. أُولئكَ الذين آمنُوا، أخذُوا منهُ السُّلطانَ ليُصبِحُوا أبناءَ الله، فاجتازُوا في إختِبار. كانَ هذا الإختِبار وكأنَّهُ ولادَةٌ ثانِيَة.

فجميعُهم كانُوا قد وُلِدُوا جسديَّاً. أي أنَّهُم وُلِدُوا من دمٍ، من مَشيئةِ جسدٍ، أو من مَشيئةِ رَجُلٍ. جميعُهم إختَبَروا ولادَةً جسديَّةً. ولكن عندما قَبِلُوا من يسُوع السُّلطان ليُصبِحُوا أبناءَ الله، إختَبَروا ولادَةً لم تكُنْ من الجَسَد. لقد إختَبَرُوا ولادَةً رُوحيَّة. يُخبِرُنا يُوحنَّا أنَّهُم "وُلِدُوا منَ الله"، أو "وُلِدُوا من فَوق." في الإصحاح الثَّالِث من هذا الإنجيل، سوفَ يُسَمِّي يسُوعُ هذا الإختِبار "بالولادَةِ الثَّانِيَة."

كما يقُولُ يُوحنَّا، "ليسَ من دَمٍ، ولا من مَشيئَةِ جسدٍ، ولا من مَشيئَةِ رجُلٍ، بل من الله." لقد وُلِدُوا من الله. في يُوحَنَّا الإصحاحِ الثالِث، يُخبِرُنا يسُوعُ أنَّهُم وُلِدوا ثانِيَةً.

بينما تقرأُونَ هذا الإنجيل، لاحِظُوا أنَّهُ بعدَ أن يُخبِرَنا يُوحنَّا بما سيقُولُهُ لنا في هذه المُقدِّمة، سيبدَأُ بوصفِ مُقابلاتٍ أجراها يسُوعُ معَ أنُاسٍ وُلِدُوا من جَديد، لأنَّهُم تجاوَبُوا معَهُم بالطريقَةِ الصَّحيحة. أوَّلُهُم كانُوا أُولئكَ الذين أصبَحُوا فيما بعد رُسُلَهُ. ثُمَّ إلتَقى معَ آخرين، مثل مُعَلِّم النَّامُوس نيقُوديمُوس الذي أخبَرَهُ يسُوع أنَّهُ عليهِ أن يُولَدَ من جَديد.

في الإصحاحِ 4 يتكلَّمُ يسُوعُ معَ إمرأَةٍ عندَ بِئرٍ في السامِرة. ولقد وصفَ يسُوعُ لها إختِبارَ الولادةِ الجديدة بِلُغةٍ مُختَلِفَةٍ تماماً. لقد تكلَّمَ معها عن الشُّرب – وعن ماءٍ إذا شَرِبتْ منهُ سيُروي ظمأَها إلى باقي حياتِها. وسوفَ يتقابَلُ معَ رَجُلٍ أمامَ بِركَةٍ في الإصحاحِ الخامِس، وسيتكلَّمُ معَ شخصٍ أعمى في الإصحاحِ التَّاسِع. وسيتكلَّمُ معَ أشخاصٍ مُختَلِفين، في لِقاءاتٍ أجراها خِلالَ حياتِهِ معَ أناسٍ إلتقى بهم عبرَ هذا الإنجيل. ولكن ماذا تُخبِرُناهذه المُقابَلاتُ معَ هؤلاء الناس؟

يُخبِرُنا يُوحنَّا صراحَةً ما تقُولُهُ لنا. عندما ذهبَ يسُوعُ وإلتَقى بالناس ولم يُؤمِنُوا بهِ، لم يحدُثْ شيءٌ. ولكن عندما آمنُوا، أعطاهُم سُلطاناً أن يَصِيروا أبناءَ الله، فأختبَرُوا أمراً مُمَيَّزاً. لقد وُلِدوا من الله. هذا ما سيُخبِرُنا بهِ يُوحنَّا، بِحَسَبِ هذه المُقدِّمة. في كُلِّ هذه الإصحاحات واللِّقاءات التي تتبَعُ، هذا بالتحديد ما سيُظهِرُهُ لنا يُوحنَّا، وما سيُخبِرُنا بهِ.

عندما وصلَ يُوحنَّا إلى نهايَةِ إنجيلِهِ، أخبَرنا ما قالَهُ لنا بإعطائِنا هدفَهُ المُعلَن من كتابَةِ الإنجيل. أخبَرنا أنَّ هُناكَ أُمُوراً كَثيرَةً عمِلَها يسُوع. فهُوَ يقُولُ في نهايَةِ الإصحاح 20، "وآياتٍ أُخَرَ كثيرة صنعَ يسُوعُ قُدَّامَ تلاميذِهِ لم تُكتَبْ في هذا الكتاب. وأمَّا هذهِ فقد كُتِبَت لِتُؤمِنُوا أنَّ يسُوعَ هُوَ المَسيح إبنُ الله ولِكَي تَكُونَ لكُم إذا آمنتُم حياةٌ بإسمِه."

الصفحة
  • عدد الزيارات: 9139