Skip to main content

الفَصلُ الثَّانِي "في حِصادِهِ"

الصفحة 1 من 3

أَوَدُّ الآنَ أن أنظُرَ إلى الأعدادِ التي تَصِفُ الطريقة التي بِها تمَّ التَّجاوُبُ بها معَ هذه المُقابَلَة معَ المرأةِ السَّامِريَّة، من قِبَل يسُوع ومن قِبَلِ تلاميذِهِ (يُوحَنَّا 4: 27- 42) نقرَأُ إبتداءً منَ العدد 27، "وعندَ ذلكَ جاءَ تلاميذُهُ وكانُوا يتعجَّبُونَ أنَّهُ يتكلَّمُ مع إمرأَة. ولكنْ لم يَقُلْ أحَدٌ ماذا تطلُبُ أو لِماذا تتكلَّمُ معَهَا. فتَرَكَتِ المرأَةُ جرَّتَها ومَضَتْ إلى المَدينة وقالَت لِلنَّاس: هَلُمُّوا أنظُرُوا إنساناً قالَ لي كُلَّ ما فعَلتُ. أَلَعَلَّ هذا هُوَ المسيح. فَخَرَجُوا منَ المَدينَةِ وأتَوا إليهِ.

"وفي أثناءِ ذلكَ سألَهُ تلاميذُهُ قائِلينَ يا مُعَلِّمُ كُلْ. فقالَ لهُم أنا لي طَعامٌ لِآكُلَ لَستُم تعرِفُونَهُ أنتُم. فقالَ التلاميذُ بعضُهم لِبَعض أَلَعَلَّ أحداً أتاهُ بِشَيءٍ ليأكُلَ. قالَ لهُم يسُوعُ طعامي أن أَعمَلَ مشيئَةَ الذي أرسَلَني وأُتَمِّمَ عملَهُ. أما تقُولُونَ إنَّهُ يكُونُ أربَعَةُ أشهُرٍ ثُمَّ يأتي الحصاد. ها أنا أقُولُ لكُم إرفعُوا أعيُنَكُم وانظُرُوا الحُقُولَ إنَّها قدِ إبيَضَّت للحصاد. والحاصِدُ يأخُذُ أجرَةً ويجمَعُ ثمراً للحياةِ الأبديَّة، لكَي يفرَحَ الزَّارِعُ والحاصِدُ معاً. لأنَّهُ في هذا يصدُقُ القَولُ إنَّ واحِداً يزرَعُ وآخرُ يحصُدُ. أنا أرسَلتُكُم لِتَحصُدُوا ما لم تتعبُوا فيهِ. آخرُونَ تَعِبُوا وأنتُم قد دخلتُم على تعبِهم.

"فآمَنَ بهِ من تِلكَ المدينَةِ كَثيرُونَ من السَّامِريِّين بِسَبَبِ كلامِ المرأة التي كانت تشهَدُ أنَّهُ قالَ لي كُلَّ ما فعَلتُ. فلمَّا جاءَ إليهِ السامِريُّون سألُوهُ أن يمكُثَ عندَهُم. فمكَثَ هُناكَ يومَين. فآمنَ بهِ أكثَرُ جداً بسببِ كلامِهِ. وقالُوا للمرأَةِ إنَّنا لسنا بعدُ بِسببِ كلامِكِ نُؤمِنُ. لأنَّنا نحنُ قد سَمِعنا ونَعلَمُ أنَّ هذا هُوَ بالحقيقَة المسيحُ مُخلِّصُ العالم."

عندما رجعَ التلاميذُ إلى يسُوعَ من رحلتِهم الصغيرة لكَي يحصَلُوا على الطَّعام، تعجَّبُوا عندما رأَوهُ يتكلَّمُ معَ إمرَأَة، خاصَّةً إمرأَةً سامِريَّةً، ولم يتجرَّأْ أحدٌ أن يسأَلَهُ، "ماذا تَفعَلُ؟" أو "لماذا تتكلَّمُ معَها؟" لدينا هُنا مِثالٌ عن كيفَ كانَ يسُوعُ يتمتَّعُ بالتمييزِ الكامِل، عندما إلتقى في مُقابَلاتٍ خاصَّة معَ أشخاصٍ مثل نيقُوديمُوس ومعَ المرأة السامريَّة.

لاحِظُوا تمييزَ يسُوع، وتمييزَ الرُّسُل. ماذا رأى الرُّسُلُ؟ إمرأَةً سامِريَّةً؛ كانَ هذا كُلّ ما رأَوهُ. لقد رأوا إمرأَةً جاهِلَةً، خاطِئةً، ذاتَ سُمعَةٍ سَيِّئة. ولكن ماذا رَأَى يسُوعُ؟ رأى إمرَأَةً عطشَى؛ رأى يسُوعُ إمرَأَةً كانت مُستَعِدَّةً أن تقبَلَ إختِبار الولادة الجديدة. رأى يسُوعُ إمرأةً كانَ بإستطاعَتِها أن تُخبِرَ كُلَّ السامِرَةِ عنهُ، بعدَ أن يكُونَ قدِ إجتازَها.

عندما طلَبَ التلاميذُ من يسُوعَ أن يأكُلَ، قدَّمَ هذه التصريحات العظيمة، "لي طَعامٌ لآكُلَ لستُم تعلَمُونَهُ أنتُم." فأخذَ التلاميذُ كلامَهُ على محمَلِ الجدِّ بالمعنى الحَرفِي، وظَنُّوا أنَّ أحدَهُم جاءَهُ بِشَيءٍ ليأكُلَ. فتابَعَ يسُوعُ تصريحَهُ العَظيم قائِلاً، "طَعامي أن أعمَلَ مَشيئَةَ الذي أرسَلَني وأُتَمِّمَ عمَلَهُ."

في إنجيلِ يُوحَنَّا، نجدُ يسُوعَ رجُلاً ذا رِسالَة، وهُوَ يعرفُ رسالتَهُ. لاحِظوا كم كانَ يُشيرُ إلى الأعمال التي أرادَهُ الآبُ أن يعمَلَها. ففي الإصحاحِ التاسِع والعدد الرابِع يقُول: "ينبَغي أن أعملَ أعمالَ الذي أرسَلَني ما دامَ نهارٌ. يأتي ليلٌ حِينَ لا يستطيعُ أحدٌ أن يعمَلَ." وهُنا نجدُهُ يقُول، "طعامي أن أعمَلَ مَشيئَةَ الذي أرسَلَني وأُتَمِّمَ عملَهُ." (4: 34)

في بُستانِ جُثسَيمانِي، عندما كانَ يسُوعُ يُشارِفُ على نهايَةَ حياتِهِ على الأرض، وبعدَ أن كانَ مُنشَغِلاً بعملِ الأعمال التي أرادَهُ الآبُ أن يُتمِّمَها، صلَّى تلكَ الصلاة التي جعلَتْ عرقَهُ يتصبَّبُ دَماً على الأرض. قالَ، "أنا مَجَّدتُكَ على الأرض. العمل الذي أعطَيتَني لأعمَلَ قد أَكمَلتُهُ." (17: 4) وعندما حقَّقَ خلاصَنا على الصَّليب، نقرَأُ في يُوحنَّا 19: 30 أنَّ كَلِماتِهِ الأخيرة على الصليب كانت صَرخَةً عظيمَةً، "قد أُكمِل!"

إنَّ التصريحات الإرساليَّة هذه التي صرَّحَ بها ربُّنا يسُوع، ينبَغي أن تُشجِّعَنا لكَي نُنهِيَ يوميَّاً الأعمال التي أعطانا إيَّها أبانا ومُخَلِّصُنا لنعمَلَ، بحسبِ إرادَتِهما لحياتِنا. أعمَقُ تصريحٍ قدَّمَهُ يسُوعُ عن ديناميكيَّةِ التبشير والخِدمة المُعطاة لنا كتلاميذِهِ، نجدُهُ في الأعداد التي تَلِي لِقاءَهُ الحَيويّ معَ المرأَةِ السَّامِريَّة عندَ بِئرِ يعقُوب، عندما إجتازَ السَّامِرَة. 

الزَّرعُ والحَصاد
الصفحة
  • عدد الزيارات: 8428