Skip to main content

رُومية الإصحاح الثَّامِن: الإنتِصار! - المبدأُ الرُّوحِيُّ الرَّابِع: مبدأُ

الصفحة 3 من 4: المبدأُ الرُّوحِيُّ الرَّابِع: مبدأُ

المبدأُ الرُّوحِيُّ الرَّابِع: مبدأُ "الذّهنيَّة" أو طريقَةِ التَّفكير

نحنُ بِبَساطَةٍ لا نعرِفُ كيفَ نُطَبِّقُ نعمَةَ الله – أو هذا المبدأ الرُّوحيّ الثَّالِث، إن كُنَّا لا نفهَمُ المبدأَ الرُّوحِيَّ الرَّابِع الذي وضَعَهُ هذا الرَّسُولُ العَظيم. فَتِّشُوا عن هذا المبدأ الرُّوحِيّ الرَّابِع بينما تقرَأُونَ هذه الأعداد مُجَدَّداً: "فإنَّ الذين هُم حَسَبَ الجَسَد فَبِما لِلجَسَدِ يَهتَمُّون، ولكنَّ الذينَ حَسَبَ الرُّوح فَبِما لِلرُّوح. لأنَّ إهتِمامَ الجَسَد هُوَ مَوتٌ ولكنَّ إهتمامَ الرُّوح هوَ حياةٌ وسلام. لأنَّ إهتِمامَ الجَسَد هُوَ عَداوَةٌ لله، إذ ليسَ هُوَ خاضِعاً لِنامُوسِ الله لأنَّهُ أيضاً لا يَستَطيع. فالذين هُم في الجَسَد لا يَستَطيعُونَ أن يُرضُوا الله." (رُومية 7: 5- 8).

مَفهُوم الذِّهنيَّة، أو طريقَة التَّفكير، بالِغُ الأهمِّيَّةِ بالنِّسبَةِ للأبطالِ الرِّياضِيِّين وللفِرَق الرِّياضِيَّة. فغالِباً ما تفشَلُ أفضَلُ الفِرَق الرِّياضِيَّة بالفَوزِ بكأسِ الألعابِ الأولمبيَّة الذَّهبِيّ. الفِرَقُ التي تَفُوزُ أو الأفرادُ الذين يَفُوزُون، هُم أولئكَ الذين يتمتَّعُونَ بأفضَلِ ذِهنِيَّة.

الدِّبلُوماسِيُّون الذين لدَيهم تحدِّياتٍ صَعبة يُواجِهُونَها، من تجنُّبِ الحَرب بإقناعِ القُوَى العُظمى بأنَّ السَّلامَ أفضَلُ من الحَرب، عليهِم أن يُطَوِّرُوا ذهنِيَّةً صَحيحَة قبلَ أن يدخُلُوا في مُفاوضاتِهِم الصَّعبَة. مُدراءُ المَبيعات، الأطِبَّاءُ الذين يُجرُونَ عمليَّاتٍ جِراحِيَّة تُقَرِّرُ مَوتَ أو حياة المريض، وآخرُونَ ينتَمُونَ لكُلِّ مهنَةٍ أو تِجارَةٍ أو عمَلٍ، ويسلُكُونَ في الحياةِ، ينبَغي أن يَكُونَ لدَيهِم ذهنِيَّة صَحيحَة لكَي ينجَحُوا.

بالتَّأكِيد، مهما كانت الذِّهنيَّة أو طريقَة التَّفكير عمليَّةً لِلغايَة، ولكن ليسَ لها مكانٌ في إنتِصارِنا على الخَطيَّة – أم يا تُرى سيَكُونُ لها مكانٌ؟ في المقطَعِ الذي إقتَبَسنا منهُ أعلاهُ، بينما يُخبِرُنا عنِ المبدأ الرُّوحِيّ الرَّابِع، الذي هُوَ الجزءُ الخَطِر من إنتِصارِنا على سُلطَةِ الخطيَّة، يُشيرُ بُولُس خمسَ مرَّاتٍ إلى الذهنيَّة أو طريقَةِ التَّفكير.

هل أعلَنَ نامُوسُ اللهِ نامُوسَ الخَطيَّة في حياتِكَ؟ وهل إكتَشَفتَ الأخبارَ السَّارَّة المُعجِزيَّة عن نامُوسِ رُوحِ الحياة في المسيح يسُوع؟ وهل تُحَلِّقُ فوقَ سُلطَةِ الخطيَّة؟ وهل تنتَصِرُ على قانُون "الجاذِبيَّة الرُّوحيّ" بواسِطَةِ "قُوَّةَ الدَّفع النَّفَّاثَة الرُّوحِيَّة؟" أم أنَّكَ لا تزالُ تَتسابَقُ معَ "مُحَرِّكاتِ طيرانِكَ" الرُّوحِيَّة على مدرَجِ الحياة، بِدُونِ أن تتوصَّلَ إلى الإقلاعِ رُوحيَّاً؟ إن كانَ جوابُكَ على هذا السُّؤال هُوَ "نعم"، فأنتَ بِحاجَةٍ ماسَّةٍ إلى هذا المبدأ الرُّوحِيِّ الرَّابِع منَ الرَّسُول بُولُس: نامُوس الذِّهنيَّة.

بِحَسَبِ بُولُس، عندما يَكُونُ لدَينا نامُوس رُوح الحياة في المسيح يسُوع مُتَوفِّراً لنا، بسببِ كَونِ المسيحِ الحَيِّ المُقام يحيا فينا، يَكُونُ لدَينا خَيارَان: بإمكانِنا أن نختارَ أن نَحيا ونَسلُكَ بِحَسَبِ الجَسَد (أي طبيعتنا البَشَريَّة بِدُونِ مُساعَدَةِ الله)، أو بإمكانِنا أن نختارَ أن نحيا ونسلُك بِخُضُوعٍ لسَيطَرَةِ الرُّوحِ القُدُس (غلاطية 5: 16- 23).

كتبَ بُولُس يَقولُ لاحِقاً أنَّهُ ليسَ في الجَسدِ بل في الرُّوح، وأضافَ هذا التَّحذير: إن كانَ الرُّوحُ لا يسكُنُ فينا، لا نَكُونُ لهُ ولا نَكُونُ ننتَمِي لله. هذا ليسَ التَّعليمَ نفسَهُ كالعَيشِ بِحَسَبِ الجسد، والسُّلوك في الجَسَد، أو جعل الذِّهنيَّة بِحَسَبِ الجَسَد.

يقسِمُ بُولُس العائِلَة الإنسانِيَّة بِكامِلِها إلى مَجمُوعَتَين: الأشخاص الرُّوحِيِّين والأشخاص غير الرُّوحِيِّين. الشَّخصُ الذي لا يزالُ في الجَسد، هُوَ الإنسان غير الرُّوحِيّ أو الإنسان الطَّبيعيّ الذي يتكلَّمُ عنهُ بُولُس عندما يُخاطِبُ الكُورنثُوسِيِّين. بِحَسَبِ بُولُس، هذا الإنسان الطَّبيعيّ لا يَستطيعُ أن يستوعِبَ المفاهِيم الرُّوحيَّة؛ فهِيَ جهالَةٌ بالنِّسبَةِ لهُ، لأنَّ الأشخاصَ الرُّوحِيِّينَ وحدَهُم يستَطيعُون أن يَفهَمُوا الحقيقَةَ الرُّوحِيَّة (1كُورنُثُوس 2: 9- 16).

عندما يكتُبُ هذا الرَّسُولُ عن العيش بِحَسَبِ الجَسد، يقصُدُ شيئَاً مُختَلِفاً تماماً عمَّا يُعَلِّمُ بهِ عندما يستَخدِمُ العِبارَة "في الجَسَد." يُعلِنُ بُولُس هُنا أنَّ أُولئكَ الأشخاص الرُّوحِيِّين، الذين يختارُونَ بأن يَعِيشُوا بِحَسَبِ الجَسَد، يُرَكِّزُونَ أفكارَهُم على الجَسَد كخَيارٍ طَوعِيّ، وأُولئكَ الأشخاصُ الرُّوحِيُّون الذين يختارُونَ أن يعيشُوا بِحَسَبِ الرُّوح، يُرَكِّزُونَ أفكارَهُم على الرُّوح كخيارٍ طَوعِيٍّ عاقِلِ.

يُعلِنُ بُولُس أنَّهُ حتَّى الأشخاص الرُّوحِيِّين، الذي إتَّخَذُوا هذا الإلتِزام بأن يَكُونُوا أتباعَ المسيح، لا يَستَطيعُونَ أن يُرضُوا اللهَ عندما يعيشُونَ بِحَسَب ِالجَسَد. وهُوَ يُضيفُ أنَّ الأشخاصَ الرُّوحِيِّين سيكتَشِفُونَ أيضاً أنَّنا عندما نُرَكِّزُ أذهانَنا على الجَسد، سوف نجدُ أنَّ الخَطِيَّةَ دائماً تلقَى عقابَها أو أُجرتَها. وهذه الأُجرة هي تلكَ المائِدَة منَ العواقِب السَّلبِيَّة الوخيمة التي يصِفُها بكَونِها "المَوت." (رُومية 6: 23؛ 8: 2) ولا يَقصُدُ بُولُس بالمَوتِ المَوتَ الحَرفِيّ أو الأبديّ، بل المَوت بمعنَى الإنفِصال عنِ الله، والإنفِصال عن تلكَ النَّوعيَّة منَ الحياة التي تنتُجُ عن معرِفَةِ الله (يُوحَنَّا 17: 3).

الأشخاصُ الرُّوحِيُّون لدَيهم خَيارٌ لا يَملِكُهُ الأشخاصُ غَيرُ الرُّوحِيِّين. فأن نُرَكِّزَ ذِهنَنا على الرُّوح، يُؤَدِّي إلى حياةٍ رُوحيَّة – الأمرُ الذي يَصِفُهُ بُولُس بكَونِهِ "الحياة الفَيَّاضَة، أو حياة أفضَل." (يُوحَنَّا 10: 10). الرَّسُول يُوحَنَّا لَخَّصَ هذه الحقيقَة عندما كتبَ: "هذه هي الشَّهادَة: أنَّ اللهَ أعطانا حياةً أبديَّةً، وهذه الحياة هي في إبنهِ. الذي لهُ الإبن لهُ الحياة، والذي ليسَ لهُ إبنُ اللهِ ليسَت لهُ الحياة." (1يُوحَنَّا 5: 11، 12).

علَّمَ يسُوعُ أنَّهُ إن كانَ ذِهنُنا بَسيطاً، أو سَليماً، فجسَدُنا كُلُّهُ سيُكُونُ مُنيراً، ولكن إن لم يَكُنْ ذِهنُنا بَسيطاً، فجسدُنا كُلُّهُ سيَكُونُ مُظلِماً. بِحَسَبِ يسُوع، الفَرقُ بينَ الحياةِ المملُوءَة بالنُّور (أي السَّعادَة) وبينَ الحياة المملوءَة بالظُّلمَة (أي عدَم السَّعادَة)، يكمُنُ في الطَّريقَة التي ننظُرُ بها إلى الأُمُور (متَّى 6: 22، 23). لقد كانَ يسُوعُ يُصدِرُ تحذيراً صارِماً ضِدَّ ما يُمكِنُ تسمِيَتُهُ "الإنفِصام الرُّوحِيّ في الشَّخصِيَّة"، أو "الرُّؤية الرُّوحِيَّة المُزدَوِجَة." نقرأُ في يعقُوب 1: 8 أنَّ رَجُلاً ذُو رأيين هُوَ مُتَقَلقِلٌ في جَميعِ طُرُقِهِ، وهُوَ مُتَرَدِّد، مُشَكِّكٌ، لا يُعتَمَدُ عليهِ، وغير مُتأكِّد من كُلِّ ما يُفَكِّرُ بهِ، وما يشعُرُ بهِ وما يُقَرِّرُهُ. يُصدِرُ بُولُس هذا النَّوع نفسَهُ منَ التَّحذير في الإصحاحِ السَّادِس، السَّابِع والثَّامِن من رِسالَتِهِ إلى أهلِ رُومية.

يسُوع، بُولُس، وباقي الرُّسُول والأنبياء، وَصَفُوا هذه الذّهنيَّة الرُّوحيَّة غير السَّليمَة بعدَّةِ طُرُقٍ بَليغَة. النَّبِيُّ إيليَّا تحدَّى شعبَ اللهِ في زمانِهِ قائِلاً: "إلى متَى تُعَرِّجُونَ بينَ الفِرقَتَين؟ إن كانَ الرَّبُّ هُوَ الله فإتبَعُوه." (1ملُوك 18: 21).

ولقد سجَّلَ الرَّسُول يُوحَنَّا رِسالَةً مفتُوحَةً منَ المسيحِ الحَيِّ المُقام إلى كنيسةِ أَفَسُس. كانَ يأخُذُ الوحيُ بآخِرِ سفرٍ من أسفارِ العهدِ الجديد، منَ المسيح المُقام، بينما كانَ مَنفِيَّاً بِسَبَبِ إيمانِهِ على جَزيرَةِ بطمُس. وكانَ يَقُولُ جَوهَرُ الرِّسالَة: "كُنتُ أوَدُّكَ أن تَكُونَ حارَّاً. ولكن إن لمَ تَكُنْ حارَّاً، فكُنْ بارِداً. ومهما فعلتَ، لا تَكُنْ فاتِراً. فهذا يجعَلُني أشعُرُ بالغَثَيانِ في مِعدَتي، وبأن أرغَبَ بأن أتقيَّأَكَ من فَمي." (رُؤيا 3: 15- 16).

ولقد كانَ يعقُوب، إلى جانِبِ بُطرُس وبُولُس، واحداً من عُظماءِ القادَة في الجيلِ الأوَّل من كنيسةِ العَهدِ الجَديد، ولقد علَّمَ المُؤمنينَ أن يطلُبُوا الحِكمَةَ منَ اللهِ عندما يَصِلُونَ إلى مرحَلَةٍ لا يعلَمُون فيها ماذا يفعَلُون. وكجزءٍ حيويٍّ من ذلكَ التَّحريض، شَجَّعَهُم يعقُوب، كما يُشَجِّعُنا نحنُ اليوم، على أن لا نتقلَّبَ بإيمانِنا، عندما يطلُبُونَ حِكمَةً منَ الله. فلا يُفتَرَضُ بنا أن نَكُونَ كمَوجِ البَحر، حيثُ تتقاذَفُنا الأمواجُ يمنَةً ويَسرَة. ولقد أسمى هذه المُشكلة التي تكلَّمَ عنها يسُوع وبُولُس وإيليَّا ويُوحَنَّا، بِقولِهِ: "رَجُلٌ ذُو رأيين، هُوَ مُتَقَلقِلٌ في جميعِ طُرُقِهِ."

التَّطبيقُ الشَّخصِيّ
الصفحة
  • عدد الزيارات: 9436