Skip to main content

رُومية الإصحاح الثَّامِن: الإنتِصار! - التَّطبيقُ الشَّخصِيّ

الصفحة 4 من 4: التَّطبيقُ الشَّخصِيّ

التَّطبيقُ الشَّخصِيّ

سَمِعتُ مرَّةً عالِمَ نَفسٍ عِلمانِيّ يُسمِّي هذه المُشكِلَة، "أقسامُ المنطِق الضَّيِّقَة". فهُوَ يقُولُ لنا أن ننظُرَ إلى عُقُولِنا وكأنَّها حلقَة. في داخِلِ هذه الحلقَة لدَينا فِكرَة، التي هي فِكرَة إيجاِبيَّة، كأن أقُول: لَدَيَّ إيمانٌ، ولن أقلَقَ بِشأنِ أيِّ أمر. ثُمَّ لدينا فِكرة أُخرى، التي هي صِراعٌ مُباشَر معَ فِكرَتِنا الأُولى. عندما تتصادَمُ هاتانِ الفِكرتانِ في عُقُولِنا، تُسَبِّبانِ قَرحَةً في المِعدَة، وإرتِفاعاً في ضَغطِ الدَّم، بالإضافَةِ إلى مشاكِلَ صِحِّيَّة أُخرى، التي تُواجِهُنا معَ الحقيقَةِ التي لن نتمكَّنَ من إنكارِها، وهي أنَّنا قَلِقُونَ لا بل أنَّنا نتراكَضُ بِهَلَعٍ وخوف!

لِكَي نَعيشَ معَ هذه الأفكارِ المُتناقِضَة، نبني جداراً خَيالِيَّاً في وسطِ عُقُولِنا، ونعِزلُ هذه الأفكار في قِسمَين ضَيِّقَين منَ المَنطِق. وبينما نقلَقُ، لا نَسمَحُ لِنُفُوسِنا بأن نُفَكِّرَ بأنَّهُ لدينا إيمان. بل نَقُولُ لِنُفُوسِنا ولجميعِ الآخرين أنَّنا لا نَقلَقُ حيالَ أيِّ أمرٍ، لأنَّ لدينا إيمانٌ.

عندما نُؤَكِّدُ إيمانَنا ونَقُولُ لِنُفُوسِنا أنَّنا لا نَقلَقُ حيالَ أيِّ أمر، لا نَسمَحُ لفِكرَةِ إعتِرافِنا بأنَّ لدينا أعراض جسديَّة مَرَضِيَّة، الأمرُ الذي يجعُلُ نُكرانَ هذا القَلق مُستَحيلاً علينا. عندَها، يُمكِنُ لعَقلِنا بأن يُشارَ إليهِ بحلَقَةٍ معَ إشاراتٍ سَلبِيَّة وإيجابِيَّة، مُنفَصِلَة كُلٌّ منها عن الأُخرى بخَطٍّ صَغير – أي ذاكَ الجدار الخَيالِيّ في عُقُولِنا – الذي نرسُمُهُ وسطَ تلكَ الدَّائِرَة.

ويُضيفُ هذا البروفسُّور أنَّ كُلَّ فِكرَةٍ لدَينا تمُرُّ عبرَ خزَّاناتِ الذَّاكِرَة اللاواعِيَة، وتخلُقُ مُستَودَعاً منَ النِّزاع والصِّراع، الذي عادَةً ما يتسبَّبُ بعوارِضَ جسديَّة، التي هي بالتَّحديد رسائِل يُوجِّهُها عقلُنا اللاواعِي إلى عَقلِنا الواعي، بأنَّهُ منَ الأفضَل لنا أن نَجِدَ حلُولاً لهذه المشاكِل.

ثُمَ يُشَجِّعُ أُولئكَ الذين كانُوا يتدرَّبُونَ ليُصبِحُوا مُرشِدِين ليُزِيلُوا بِعنايَةٍ ذلكَ الجدار الخَيالِيّ الذي كانَ يفصِلُ ويعزِلُ الأفكارَ المُتضارِبَة عندَ الذين كانُوا يُقدِّمُونَ لهُم الإرشاد. ويُحَذِّرُهُم من أنَّ الاشخاصَ المُتَدَيِّين يحتاجُونَ إلى هذا النَّوع منَ الإرشادِ والمُعالَجة، أكثَر من أيِّ شَخصٍ آخر، لأنَّ الكَثرينَ منهُم لدَيهِم تعايير سامِيَة جدَّاً وغير واقِعيَّة عنِ الإستِقامَةِ، التي لا يَقدِرُونَ على العَيشِ عَلى مُستَواها في حياتِهِم اليَوميَّة. ويختُمُ مُحاضَرَتَهُ بإعلانٍ أنَّ أُولئكَ الذينَ يُعَلِّمُونَ تلكَ المُطلَقاتِ الأخلاقِيَّة، يجعَلُونَ الناس مرضَى عقلِيَّاً.

علَّمَ يسُوعُ أنَّ كَلِمَةَ اللهِ هي حَقٌّ، وأنَّنا علينا أن نقرَأَ كلِمَةَ اللهِ باحِثينَ عنِ الحَقّ. وعلاوَةً على ذلكَ، علينا أن نتَّخِذَ الإلتزام بأنَّنا عندما نَكتَشِفُ الحقّ في كَلِمَةِ الله، سنُطَبِّقُ هذا الحقّ على حَياتِنا الشَّخصِيَّة (يُوحَنَّا 17: 17؛ 7: 17؛ 13: 17). هذه النَّظرَة التي عبَّرَ عنها الرَّبُّ يسُوع، شكَّلَت وصاغَت كُلِّيَّاً وجذرِيَّاً نظرَتي إلى كلمةِ الله. لقد إكتَشَفتُ – وسوفَ تكتَشِفُونَ أنتُم أيضاً – أنَّ هذه هي الطَّريقَة لنُبرهِنَ أنَّ كَلِمَةَ اللهِ هي مُوحاةٌ.

علَّمَ يسُوعُ أيضاً أنَّ كَلِمَتَهُ هي مثل الخمر الذي لم يختَمِرْ بعد. ولقد حذَّرَ من أنَّهُ إذا سُكِبَ خَمرُ تعليمِهِ في قِربَةٍ جِلديَّةٍ قديمَة، وتخمَّرَ هذا الخمرُ، فسوفَ يتمدَّدُ ويُشكِّلُ ضغطاً كبيراً على جِلدِ القِربَة. وإذا لم يتحمَّلْ جلدُ القِربَةِ ضغطَ الخمرِ المُتخمِّر، فإنَّ هذه القِربَة سوفَ تتمدَّدُ وتنفَجِر. هذا سيَعني أيضاً أنَّ النَّبِيذ سوفَ يُتلَفُ ويضيع (لُوقا 5: 37، 38).

كانَ يَسُوعُ يُحَذِّرُ أُولئكَ الذين سَمِعُوا تعليمَهُ من أنَّهُ إذا لم يقبَلُوا كَلِمَةَ اللهِ معَ الإلتِزامِ بتطبيقِ وطاعَةِ الحقّ الذي كانَ يُعلِّمُهُ، فإنَّ كلِمَتَهُ سوفَ تُدَمِّرُ عقُولَهُم. لقد شارَكتُ هذا المَثَل الذي قدَّمَهُ يسُوعُ، معَ بروفسُّور علم النَّفس. فكانَ جَوابُهُ، "هل تُخبِرُونَ النَّاسَ في كَنائِسِكُم عمَّا علَّمَهُ يسُوعُ في هذا المَثَل؟" فأكَّدتُ لهُ أنَّ هذا هُوَ ما نفعَلُهُ. لقد شارَكتُ هذا المَثل ليسُوع لحوالي عشرة عقُود منَ الزَّمن، وليسَ فقط في كنيستِي، بل وأيضاً معَ عدَّةِ عُلماءِ نفسٍ يُؤمِنُونَ أنَّ أُولئكَ الذين يُعَلِّمُونَ كلمَةَ اللهِ، يجعَلُونَ النَّاسَ مرضَى نفسِيَّاً.

خلالَ إكتِشاف وطاعَة الحقّ الذي إكتشَفتُهُ في كَلِمَةِ اللهِ منذُ 1949، إستَنتَجتُ أنَّ الكتابَ المُقدَّس هُوَ بِجُملَتِهِ حقٌّ مُطلَق. ولكن، هُناكَ حقٌّ مُعلَن وحقٌّ مُكتَشَف. عندما يرى المُرشِدُونَ، القُضاةُ، الأطِبَّاء وآخرُونَ، عندما يَرونَ المئات منَ النَّاس في عَمَلِهِم، يكتَشِفُونَ الحَقَّ في حياةِ هؤُلاء الذين يلتَقُونَ بهِم في عملِهِم، سوفَ يكتَشِفُونَ أنَّ الكِتابَ المُقدَّس أخبَرَ مُسبَقاً بما إكتَشَفُوهُ، وأنَّ الكِتابَ المُقدَّس عَبَّرَ عن ذلكَ بطريقَةٍ أفضَل. بإمكانِنا القَول أنَّ الكتابَ المُقدَّس صحيحٌ لأنَّهُ مُوحَىً بهِ. بإمكانِنا أيضاً القَول أنَّ الكتابَ المُقدَّس مُوحىً بهِ لأنَّ الحقَّ الذي نَجِدُهُ فيهِ هَوَ حقٌّ مُطلَق.

الصفحة
  • عدد الزيارات: 9437