الفَصلُ السَّابِع محبَّةُ الخُطاة
لا نزالُ ندرُسُ نظامَ قِيَم يسُوع. في هذه الدِّراسة، نتأمَّلُ معاً بالقيمةِ التي أولاها يسُوعُ لمحبَّةِ الخُطاة. نجدُ هذه الكلمات الجميلة في العهدِ الجديد:
"وبعدَ هذا خرجَ فنظَرَ عشَّاراً [أي جابِي ضرائِب معرُفٌ بِالغِشّ] إسمُهُ لاوي [أو متَّى] جالِساً عندَ مكانِ الجِبايَة. فقالَ لهُ إتبَعني. فتركَ كُلَّ شَيءٍ وقامَ وتَبِعَهُ.
"وصنعَ لهُ لاوي ضِيافَةً كَبيرَةً في بيتِه. والذين كانُوا مُتَّكِئينَ معَهُم كانُوا جَمعاً كَثيراً من عَشَّارِينَ وآخَرين. فتذمَّرَ كتبَتُهُم والفَرِّيسيُّون على تلاميذِهِ قائِلين لِماذا تأكُلُونَ وتَشرَبُونَ معَ عَشَّارِين وخُطاة. فأجابَ يسُوعُ وقالَ لهُم لا يحتاجُ الأصِحَّاءُ إلى طَبِيب بَلِ المَرضَى. لم آتِ لأدعُوَ أبراراً بَل خُطاةً إلى التَّوبَة." (لُوقا 5: 27- 32)
وكما سبقَ وتعلَّمنا في هذه الدِّراسة، عبَّرَ يسُوعُ عن محبَّةِ ديناميكيَّة في كُلِّ تعامُلاتِهِ معَ الناس. والأشخاصُ الذين إلتَقوا بيسوع كانَ بإمكانِهم أن يرَوا المحبَّةَ في عينيهِ وحركاتِهِ، ممَّا إستأسَرَ قُلُوبَهم.
عندما كُنتُ في الجامِعة، كُنتُ أعمَلُ كبَوَّابٍ لبعضِ الصَّفُوف لكي أَسُدَّ مَصارِيفي، وذاتَ ليلة جِئتُ لأُنظِّفَ إحدى قاعاتِ الصُّفُوف، حيثُ كانَ أحدُ مشاهِيرِ القادة الرُّوحيِّين قد أنهى مُحاضَرَتَهُ للتَّوّ. وكُنتُ أحمِلُ دَلواً ومِمسَحَةً، وكُنتُ أَهِمُّ على البَدءِ بالتنظيف. فإلتَفَتَ هذا الرَّجُلُ المشهُور إليَّ وأمسكَ بيدي وقالَ لي، "أيُّها الشاب، ما إسمُكَ؟" وحدَّقَ بوجهي، وللحظَةٍ من الزمان، رُغمَ أَنَّني لم أَكُن سِوى ذلكَ التلميذ الذي كانَ سيُنظِّفُ غُرفَةَ الصَّفِّ، جعلَني أشعُرُ أنَّني أهمُّ شخصٍ في العالم على الإطلاق.
تصوَّرْ كيفَ كان سيكُونُ شعُورُكَ لو إلتَفَتَ إليكَ يسُوعُ بكامِلِ إهتِمامِهِ وأحبَّكَ! لا بُدَّ أنَّ إلتَفاتاتِهِ هذه أثَّرَت كثيراً على الناس الذين أحبَّهُم! فلماذا إنجذبَ إليهِ الخُطاةُ والعَشَّارُونَ إلى هذا الحدّ؟ أعتَقِدُ أنَّ سببَ ذلكَ هُوَ أنَّهُ كانَ يَشُعُّ بالمحبَّةِ غير المَشرُوطة، وبالقُبُول، وفي تقاسِيمِ وجهِهِ وحركاتِهِ، كانَ بإمكانِهم أن يروا أنَّهُ أحبَّهُم.
يَصِفُ لُوقا يسُوعَ وهُوَ يأكُلُ ويشرَبُ معَ العَشَّارِينَ والخُطاة. حضرتُ إحتِفالاتَ طعامٍ كثيرة غير مَسيحيَّة، حيثُ كانَ المُتكلِّمُونَ يقُصُّونَ نِكاتاً غير لائِقة، الأمرُ الذي أحرجَني كثيراً خاصَّةً أنَّ جميعَ النَّاس كانُوا يعرِفُونَ أنِّني قسِّيس. في هذا الجَو المُربِك، طرَحتُ على نفسي السُّؤال، "كيفَ أمكَنَ ليسُوع أن يحضَرَ هكذا ولائم طعام، دُونَ أن يُصبِحَ غَيرَ مرغُوبٍ به؟ أعتَقِدُ أنَّ الجوابَ هُوَ أنَّ يَسُوعَ أحَبَّ العَشَّارِينَ والخُطاة – وهُم عرَفُوا أنَّهُ أحبَّهُم.
إن كانَ يسُوعُ قد أحَبَّ العشَّارِينَ والخُطاة عندما عاشَ هُنا على الأرض، أفلا يُريدُ أن يُحِبَّهُم اليوم من خلالِكَ ومن خِلالي؟ لقد كانَ يسُوعُ صديقَ الخُطاة. فهل لدَيكَ أيَّ صَديقٍ خاطِئ؟ وهل تتعاطَى معَ أشخاصٍ من الواضِح أنَّهُم خُطاة؟ تأمَّل بعلاقَتِكَ معَ يسُوع المسيح، وأنظُرْ إن كانَ المسيحُ الساكِنُ فيكَ حُرَّاً وغيرَ مُقيَّدٍ ليكُونَ من وما يُريدُ أن يكُونَهُ للخُطاةِ الذين تلتَقيهم في حياتِكَ.
هل تعتَرِفُ بالقيمةِ التي أولاها يسُوعُ المسيحُ للمحبَّةِ للخُطاة، وذلكَ بأن تسعى وراءَهُم بشكلٍ واعٍ، وبأن تنقُلَ إليهِم محبَّةَ يسُوع المسيح؟
- عدد الزيارات: 4249